الشبكة السورية: مرسوم إلغاء الحجز الاحتياطي خطوة أولى تتطلب استكمالاً تشريعيًا في مسار العدالة الانتقالية
الشبكة السورية: مرسوم إلغاء الحجز الاحتياطي خطوة أولى تتطلب استكمالاً تشريعيًا في مسار العدالة الانتقالية
● أخبار سورية ٥ أغسطس ٢٠٢٥

الشبكة السورية: مرسوم إلغاء الحجز الاحتياطي خطوة أولى تتطلب استكمالاً تشريعيًا في مسار العدالة الانتقالية

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا قانونيًا تحليليًا جديدًا بعنوان: "تحليل قانوني للمرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025 بشأن إلغاء قرارات الحجز الاحتياطي: إجراء تصحيحي أولي يستلزم استكمالاً تشريعياً ضمن مسار العدالة الانتقالية"، يتناول بالتفصيل المرسوم الصادر عن الحكومة السورية الانتقالية في 10 أيار/مايو 2025، الذي ألغى قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة عن وزارة المالية خلال الفترة الممتدة من 2012 حتى 2024، والتي جرت غالبًا دون مسوغات قضائية وباستناد مباشر إلى أوامر أمنية، بموجب المرسوم رقم 63 لعام 2012.

التشريع في السياق الانتقالي: ضرورة تتجاوز الإلغاء
أشار التقرير في مقدمته إلى أن فعالية التشريع في مرحلة انتقالية لا تُقاس بمجرد إلغاء انتهاكات سابقة، بل بقدرته على إنتاج بيئة قانونية تمنع تكرارها، وتعيد الاعتبار لحقوق المواطنين، وتوسّع أثر العدالة ليشمل كافة الانتهاكات المتصلة بالحجز والمصادرة. وبيّن أن المرسوم الحالي، رغم أهميته الرمزية، لا يحقق التكامل التشريعي المنشود من حيث وضوح النص وشمول الأثر وفعالية التنفيذ.

ثغرات جوهرية في المرسوم
رصد التقرير عدة نواقص في بنية المرسوم، أبرزها "استثناء قرارات الحجز القضائية" الصادرة في ظروف استثنائية، والتي افتقرت للضمانات القانونية، وغياب أي معالجة للممتلكات المصادرة نهائيًا أو تلك التي تم تحويل الحجز الاحتياطي عليها إلى حجز تنفيذي، وعدم الإلغاء الصريح للمرسوم 63 لعام 2012**، رغم كونه الإطار القانوني الذي شرعن الحجز.

وتحدث عن انعدام آليات واضحة لجبر الضرر، سواء بإعادة الحقوق أو التعويض عنها، وإقصاء المتضررين المقيمين خارج مناطق الحكومة الانتقالية أو في بلدان اللجوء من أي آلية للاستفادة من المرسوم.

قاعدة بيانات توثق الانتهاك
اعتمد التقرير على قاعدة بيانات تراكمية وثقتها الشبكة منذ عام 2011، كشفت عن إصدار ما لا يقل عن 40,602 قرار حجز بحق ممتلكات وأموال تعود لنحو 320 ألف مواطن، وتنفيذ غالبية هذه القرارات دون إشعار مسبق أو إجراءات قضائية، وغالبًا بناءً على بلاغات أمنية، وتركّز الانتهاكات في المناطق التي شهدت احتجاجات أو كانت خارج سيطرة نظام الأسد، في مؤشر على البعد الانتقامي والسياسي لهذه الإجراءات.

المصادرة بدل الحجز: التحايل القانوني الأخطر
أوضح التقرير أن نظام الأسد البائد استخدم الحجز الاحتياطي كوسيلة تمهيدية لنقل الملكية بغطاء قانوني، عبر تحويله إلى حجز تنفيذي ومن ثم إلى مصادرة نهائية. وأكدت الشبكة أن مبدأ *الردّ*، أي إعادة الممتلكات لأصحابها، هو الخيار القانوني الأصيل لجبر الضرر، فيما يجب اللجوء للتعويض المالي فقط عند تعذّر الرد بقرار قضائي.

 خلاصات مركزية
خلص التقرير إلى عدة استنتاجات، أهمها "المرسوم يُشكل اعترافًا قانونيًا متأخرًا ببطلان سياسة الحجز الأمني، لكنه يعالج جزءًا ضيقًا من بنية الانتهاك، وأكد أنه لا يمكن لهذا المرسوم أن يُحدث أثرًا فعليًا دون إجراءات تشريعية تكميلية، تشمل تفكيك المنظومة القانونية المشرعِنة للمصادرة.

ولفت إلى أن تجاهل الضحايا الذين فقدوا ممتلكاتهم نهائيًا، يكرّس الظلم بدل معالجته، ويترك الباب مفتوحًا لانتهاكات مستقبلية، وضرورة إدماج المجتمع المدني، وضمان الشفافية والطعن القضائي، وإشراك خبرات دولية مستقلة في تنفيذ الإصلاحات.

توصيات تشريعية ومؤسساتية
دعت الشبكة إلى جملة من الإجراءات التصحيحية، أبرزها "الإلغاء الصريح للمرسوم 63 لعام 2012 وكافة التشريعات المرتبطة بالحجز الاستثنائي، ومراجعة قرارات الحجز القضائي الصادرة في ظل القوانين الاستثنائية أو بفعل الضغوط الأمنية، وسنّ قانون شامل لجبر الضرر يتضمن الرد والتعويض وآليات الطعن.

وشدد على ضرورة تجميد المعاملات العقارية الجارية على الممتلكات المصادرة حتى التحقق من مشروعيتها، ونشر قوائم المستفيدين من المرسوم، مع ضمان حق الاعتراض واسترداد الحقوق، وفتح مسار للمحاسبة الفردية والمؤسساتية بحق المسؤولين عن إصدار قرارات الحجز والمصادرة، علاوة عن توفير بدائل إجرائية للضحايا في الخارج، وتسهيل وصولهم لآليات الاسترداد.

مسار العدالة يبدأ بتفكيك البنية القانونية للانتهاك
أكدت الشبكة أن هذا التقرير يأتي ضمن سلسلة توثيقية تهدف إلى تفكيك الإرث القانوني لانتهاكات نظام الأسد، ولا سيما ما يتعلق بالحجز والمصادرة والتجريف الاقتصادي. وشددت على أن استرداد الحقوق، ومساءلة المتورطين، وبناء منظومة قانونية شفافة، هي شروط أساسية لأي عدالة انتقالية حقيقية تمهّد لبناء سوريا على أسس الحقوق والمساءلة.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ