بيئة العمل.. بين الدعم والإرهاق: توصيات لتحسين أداء الموظفين
تلعب بيئة العمل دوراً محورياً في تحديد أداء الموظف ودرجة ارتباطه بوظيفته، فهي التي تُسهم في رفع الإنتاجية أو تراجعها. فعندما يشعر الموظف بالاستقرار والاحترام والتقدير، ينعكس ذلك إيجاباً على عطائه وانتمائه للمؤسسة.
أما في ظل بيئة يسودها التوتر وغياب العدالة وقلة التقدير، فإن الأثر يكون سلبياً واضحاً، وقد يدفع الموظف إلى الانسحاب الصامت أو الاستمرار في عمله بلا دافع سوى تأمين لقمة العيش.
ماهي بيئة العمل؟
تمثل بيئة العمل الجو العام الذي يعيشه الموظف يومياً داخل مؤسسته، وتشمل أسلوب تعامل الإدارة، وطبيعة العلاقات بين الزملاء، ومستوى الدعم والتقدير الذي يشعر به الفرد. فهي ليست مجرد مكان يُنجز فيه الموظف مهامه، بل منظومة متكاملة تُحدد ما إذا كان سيبدأ يومه بحماسٍ ورغبةٍ في العطاء، أم بشعورٍ بالضغط والرغبة في الرحيل.
وتختلف بيئات العمل من مؤسسة إلى أخرى؛ فهناك جهات ترى في موظفيها شركاء في النجاح، وأخرى ما زالت تتعامل معهم كأرقامٍ في قوائم الحضور والانصراف، دون الالتفات إلى أثر تلك المعاملة على جودة الأداء واستقرار الكوادر.
بيئة العمل الإيجابية
وفي تصريح خاص لشبكة شام الإخبارية، تقول خلود مطر، العاملة في مجال المراقبة والتقييم في القطاع الإنساني منذ عدة سنوات، إن بيئة العمل الإيجابية هي التي تُشعر الموظف بالأمان والدعم والثقة.
وتوضح مطر أن من أبرز سمات هذه البيئة وضوح الأدوار والمسؤوليات، وفعالية التواصل، والاحترام المتبادل بين الزملاء، إلى جانب التقدير الحقيقي للجهود المبذولة، وتوفير فرص للتعلّم والنمو المهني. كما أنها تعزز روح الانتماء وتحفّز على الإبداع والإنتاجية.
وتضيف أن الموظف عندما يجد نفسه في بيئة إيجابية، يصبح أكثر استعداداً لتطوير مهاراته والمشاركة في اتخاذ القرار، ويسعى إلى توسيع خبراته دون خوف من الوقوع في الخطأ أو التعرض لتقييم سلبي. وتؤكد أن هذه الأجواء تسهم في بناء علاقات مهنية متينة، وتزيد من شعور العاملين بالرضا والاستقرار الوظيفي، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة العمل ومستوى الأداء.
سلبيات بيئة العمل السامة
وتشير السيدة خلود مطر لـ "شام" إلى أن بيئة العمل السامة هي تلك التي يسودها التوتر وسوء التواصل وضعف الثقة بين الأفراد. ومن أبرز سماتها: غياب العدالة والشفافية، والتقليل من جهود الموظفين أو تجاهل إنجازاتهم، وانتشار النميمة أو الصراعات الداخلية، والإدارة القائمة على التسلط بدل القيادة.
وتؤكد أن هذه البيئة تستهلك الطاقة النفسية للموظف وتحد من قدرته على الإبداع، كما أنها تؤدي إلى الإرهاق النفسي والمهني، ويشعر الموظف أحياناً بعدم التقدير أو جدوى جهوده. ومع مرور الوقت، يفقد الحماس والدافعية، وقد يتراجع أداؤه أو قراراته المهنية.
كما تنعكس هذه الضغوط على الصحة النفسية والاجتماعية للموظف، وتضعف ثقته بنفسه وبزملائه، ما يجعل الاستمرار في العمل تحدياً حقيقياً.
أهمية الحفاظ على التوازن النفسي
وتقترح خلود مطر، الحاصلة على إجازة جامعية في اللغة الإنجليزية، مجموعة من الحلول للتعامل مع بيئة العمل السامة. من أبرزها: الحفاظ على التوازن النفسي وعدم السماح للبيئة السامة بالتأثير على القيم أو الثقة بالنفس، ووضع حدود واضحة في التعامل، وتوثيق الأعمال والجهود بشكل مهني.
كما تؤكد على أهمية البحث عن مصادر دعم خارجية، مثل الأصدقاء أو الزملاء الإيجابيين، لتجاوز الضغوط. وفي حال استمرار التوتر دون تغيير، تشير مطر إلى أن الأفضل التفكير بخطة انتقال مدروسة إلى بيئة عمل أكثر صحة واحتراماً.
كيفية تحسين بيئة العمل
وفي ختام حديثها، أشارت خلود مطر إلى بعض الإرشادات التي تساعد على تحسين بيئة العمل. من أبرزها: أن تحسين البيئة يبدأ من القيادة الواعية التي تستمع وتحتوي موظفيها، وتضمن الشفافية في التواصل، وتقدير الجهود، وتطبيق مبدأ العدالة، وهي عوامل أساسية في خلق مناخ إيجابي، كما أن وجود آليات تغذية راجعة فعالة داخل المؤسسة يتيح للموظفين التعبير عن آرائهم ومشاكلهم دون خوف، ما يسهم في التطوير المستمر وتحسين بيئة العمل