
"رويترز" تتحدث عن تعثر الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل في لحظاته الأخيرة
كشفت وكالة «رويترز» نقلاً عن أربعة مصادر مطلعة أنّ جهود التوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل تعثرت في اللحظات الأخيرة، بعد أن أعادت تل أبيب طرح مطلبها بفتح ما سمّته «ممرًا إنسانيًا» إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، وهو ما اعتبرته دمشق خرقًا للسيادة الوطنية.
محادثات سرية في ثلاث عواصم
وبحسب الوكالة، اقترب الطرفان خلال الأسابيع الماضية من التوافق على الخطوط العريضة للاتفاق بعد مفاوضات دامت شهورًا في باكو وباريس ولندن بوساطة أميركية، وتسارعت وتيرتها قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع. وكان الاتفاق يستهدف إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوبي سوريا تشمل السويداء ذات الغالبية الدرزية.
مطلب إسرائيلي يثير الجدل
تقول «رويترز» وفق مانقل موقع "الجزيرة نت" إن إسرائيل، التي تضم أقلية درزية تقدر بنحو 120 ألف نسمة يخدم رجالها في الجيش، أعادت تقديم مطلبها في مرحلة متأخرة من المحادثات بفتح «ممر إنساني» يصلها بمحافظة السويداء رغم عدم وجود تواصل جغرافي مباشر بينهما، حيث تفصل محافظتا درعا والقنيطرة السويداء عن الأراضي الفلسطينية المحتلة. رفضت دمشق هذا المطلب بوصفه تعديًا على سيادتها، ما أدى إلى تجميد خطط إعلان الاتفاق هذا الأسبوع.
بنود مقترحة ومواقف متباينة
مصادر إسرائيلية وسورية وأخرى في واشنطن أكدت أن المطلب الجديد كان نقطة الخلاف الرئيسية. بينما كانت التسريبات السابقة قد تحدثت عن أن المقترح السوري للاتفاق الأمني يهدف إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في الأشهر الأخيرة، وإعادة المنطقة العازلة وفق اتفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974، ووقف الغارات الجوية والتوغلات البرية.
لكن هذه المحادثات لم تتناول وضع هضبة الجولان المحتلة منذ 1967، إذ قال مصدر سوري مطلع على موقف دمشق إن هذه المسألة «ستُترك للمستقبل».
خلفية التصعيد الإسرائيلي
منذ إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، اقتحمت القوات الإسرائيلية المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان واحتلت مزيدًا من الأراضي السورية، كما شنت مئات الغارات الجوية على مواقع عسكرية في أنحاء سوريا، وهو ما دانته دمشق مرارًا باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي واتفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974.
وساطة أميركية ومسار متعثر
قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، في تصريحات سابقة، إن الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه سيكون بمثابة الخطوة الأولى نحو تفاهم أمني أشمل بين دمشق وتل أبيب. لكنه أوضح أن ملفات حساسة –مثل مناطق منزوعة السلاح والضمانات الأمنية– ما تزال بحاجة إلى تسويات صعبة، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب «سعى شخصيًا» لإبرام الاتفاق لكن تأخر بعض الملفات وعطلة رأس السنة اليهودية أبطأ العملية.
رسالة دمشق
في المقابل، أكدت الخارجية السورية الأسبوع الماضي أنها تعمل مع واشنطن على التوصل إلى تفاهمات أمنية مع إسرائيل بشأن جنوبي سوريا في إطار خريطة طريق اعتمدتها دمشق بدعم من الولايات المتحدة والأردن لحل أزمة السويداء واستقرار الجنوب.
وكان قال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، أمس الخميس، إن المفاوضات بين دمشق وتل أبيب وصلت إلى مراحل متقدمة، مؤكداً أن “الكرة الآن في ملعب إسرائيل” بشأن الاتفاق الأمني المزمع.
وأوضح علبي في مقابلة مع قناة “العربية/الحدث”، أن النقاشات مع الولايات المتحدة مستمرة حول الاتفاق الأمني مع إسرائيل، مبيناً أن ملف السويداء مطروح أيضاً ضمن المحادثات مع واشنطن.
وأضاف أن اللقاءات التي أجراها الرئيس أحمد الشرع مع نظيريه الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت مثمرة.
دلالة التعثر
يعكس تعثر المحادثات حساسية الملفات المطروحة، خصوصًا في ظل تمسك دمشق برفض أي إجراءات تمس سيادتها أو تُظهر تنازلات في القضايا المرتبطة بوحدة الأراضي السورية، مقابل محاولة إسرائيل استثمار مخاوفها الأمنية لحماية الطائفة الدرزية جنوب سوريا وإعادة رسم قواعد الاشتباك.