
سانا تُعلن انطلاقتها الجديدة من دمشق: تحديث شامل ورسالة إعلامية جديدة
شهد المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق، اليوم الأربعاء، حفل الإعلان عن الانطلاقة الجديدة للوكالة العربية السورية للأنباء "سانا"، بحضور وزراء وممثلين عن البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، إلى جانب اتحادات ونقابات ومؤسسات إعلامية محلية وإقليمية ودولية، إضافة إلى شخصيات ثقافية وفنية.
انطلاقة برؤية جديدة
قال المدير العام للوكالة زياد المحاميد في كلمته خلال الحفل إن هذه اللحظة تمثل "فجراً جديداً" لسانا، يعيد الاعتبار لرسالتها الصحفية الأصيلة بأن تكون وكالة وطنية مهنية تنقل الخبر بصدق، وتخاطب العالم بلسان "سوريا الحقيقية". وأكد أن المؤسسة ورثت فكراً صحفياً تقليدياً يعتمد على الإملاء، وبنية تحتية متداعية، لكن عملية التحول الأخيرة نقلتها من "مؤسسة عاجزة" إلى "منبر عصري حديث".
إصلاح داخلي وتدريب كوادر
استعرض المحاميد مسار الإصلاح الداخلي الذي بدأ بتحويل الصحفي من متلقٍ للتعليمات إلى صحفي ميداني يتحرى المعلومة وينقلها بمهنية، مشيراً إلى أن الوكالة أطلقت ورشات تدريبية لغرس قيم المصداقية والمسؤولية. وأضاف أن قاعة الفرقة الحزبية السابقة تحولت إلى قاعة تدريب حيّة بالشراكة مع مؤسسات محلية ودولية لتخريج جيل جديد من الصحفيين.
توسع لغوي وحضور عالمي
كشف المدير العام أن سانا أصبحت تخاطب جمهورها بخمس لغات رئيسة هي الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية، التركية، والكردية، مع سياسات تحريرية تراعي خصوصية كل جمهور. وأوضح أن الوكالة انتقلت من الحضور المحلي إلى شبكة واسعة من المراسلين داخل المحافظات السورية وشبكة دولية متنامية، مع خطط لفتح مكاتب في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا.
محتوى بصري وتقنيات حديثة
أعلن المحاميد إدخال خطوط إنتاج جديدة تشمل الفيديوهات عالية الجودة، الصور الاحترافية، والتقارير الإنسانية، إلى جانب استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتسريع العمل الصحفي مع الحفاظ على البعد الإنساني والمصداقية. وأكد أن هذه التحديثات انعكست بزيادة بنسبة 600% في زيارات الموقع، و400% في متابعة منصات التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الأخيرة.
اختتم المحاميد كلمته بتوجيه الشكر لوزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى، ولفريق سانا الذي عمل بلا توقف لإنجاز عملية التحديث. وأكد أن الوكالة في حلّتها الجديدة تسعى لأن تكون "بيتاً لكل السوريين ونافذة للعالم على سوريا جديدة حرة وصادقة".
وزير الإعلام في حفل انطلاقة سانا الجديدة: من أداة دعائية إلى منبر وطني مهني
في كلمة لوزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى، أكد فيها أن هذه اللحظة تمثل بداية صفحة جديدة في مسار الإعلام الرسمي السوري، بعد أن ارتبط اسم الوكالة طويلاً في الذاكرة الجمعية بمرحلة النظام البائد حين تحولت إلى أداة دعائية لتبرير القمع وتزييف الحقائق.
استعادة الدور الطبيعي
قال المصطفى إن "سانا" في حلّتها الجديدة تتعهد بالعودة إلى دورها الطبيعي كمنبر وطني مهني يعنى بخدمة الخبر ونقله بأمانة ومسؤولية، مشدداً على أن الوكالة ستعمل على أن تكون خدمة إخبارية وطنية شاملة ومرآةً للمجتمع ومصدراً للمعلومة الموثوقة محلياً وعالمياً.
بناء الثقة مع الجمهور
أوضح وزير الإعلام أن الحاجة إلى مصدر رسمي رصين وشفاف لم تعد ترفاً بل شرطاً أساسياً لبناء المجال العام واستعادة ثقة الجمهور، مؤكداً أن الوكالة ستعتمد على التراكم في الخبرات والالتزام بالمصداقية والشفافية لكسب ثقة السوريين من جديد بعد عقود من القطيعة القسرية.
أدوات جديدة وخطاب متجدد
لفت المصطفى إلى أن "سانا" تسعى لتنويع أدواتها الإعلامية عبر النص والصورة والتغطيات الميدانية، وصولاً إلى البث الرقمي والتفاعل المباشر مع الجمهور. وأكد أن إعادة إطلاق الوكالة يضعها في موقع "قاطرة الإعلام الرسمي" التي ستقود المؤسسات الإعلامية الأخرى نحو تجديد الخطاب وتطوير لغة مهنية وموضوعية أكثر حيوية.
شكر للرئيس وفريق العمل
اختتم وزير الإعلام كلمته بتوجيه الشكر لرئيس الجمهورية أحمد الشرع على ثقته ودعمه، ولأسرة الوكالة التي عملت بجد وبإمكانات محدودة لتصل إلى هذه اللحظة، مؤكداً أن التحديات المقبلة ستكون دافعاً لمزيد من التطوير والإبداع.
التأسيس والنشأة
تأسست الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) في عام 1965 بقرار رسمي من الحكومة السورية، لتكون المصدر الإخباري الرسمي للدولة وأداتها الإعلامية الأساسية لنشر الأخبار محلياً وخارجياً. ومنذ انطلاقتها، ارتبط اسمها بالإعلام الرسمي الذي عكس توجهات السلطة الحاكمة، حيث احتكرت طوال عقود مساحات واسعة من العمل الصحفي والإعلامي في سوريا.
الدور خلال حكم نظام الأسد
خلال عقود حكم عائلة الأسد، تحولت "سانا" إلى منصة دعائية أساسية للنظام، إذ لعبت دوراً محورياً في ترويج خطاب السلطة وتبرير سياساتها الداخلية والخارجية، كما اتُّهمت الوكالة مراراً بتزييف الحقائق وتجاهل تغطية الأحداث الميدانية الحقيقية، خصوصاً بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، حيث اقتصرت تغطياتها على الرواية الرسمية وتجاهلت انتهاكات واسعة النطاق ارتكبها النظام البائد.
البنية والتطور
تضم الوكالة مقرات رئيسة في دمشق، إلى جانب شبكة مراسلين محليين في المحافظات، ومكاتب خارجية في عدد من العواصم. وتنشر محتواها بعدة لغات، أبرزها العربية والإنكليزية والفرنسية، ثم توسعت لاحقاً لتشمل التركية والإسبانية، وفي عام 2025 أطلقت نسختها باللغة الكردية كخطوة رمزية لافتة، كما تمتلك "سانا" موقعاً إلكترونياً وأرشيفاً ضخماً من المواد المصورة والمرئية منذ تأسيسها.
بعد سقوط النظام البائد
مع سقوط نظام الأسد أواخر عام 2024، دخلت "سانا" مرحلة إعادة هيكلة شاملة، شملت بنيتها الإدارية والبشرية والتقنية، وجرى تقديمها كوكالة وطنية مهنية تسعى لتصحيح مسارها السابق، والانتقال من أداة دعائية إلى مؤسسة إعلامية حديثة تحاكي المعايير الصحفية العالمية.
اليوم تُقدَّم "سانا" بوصفها القاطرة الأساسية للإعلام الرسمي في سوريا الجديدة، ومن المتوقع أن تلعب دوراً محورياً في إعادة بناء الثقة بين الجمهور المحلي ووسائل الإعلام الوطنية، وفي تقديم صورة مختلفة عن سوريا إلى العالم بعد مرحلة طويلة ارتبطت فيها بالدعاية والتعتيم الإعلامي.