
سوريا وتركيا تطلقان مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية بتأسيس مجلس تعاون مشترك
شهدت العلاقات السورية التركية تطورًا لافتًا بإعلان تأسيس "مجلس التعاون الاقتصادي السوري التركي"، وتوقيع بروتوكول رسمي بهذا الخصوص بين وزير الاقتصاد والصناعة السوري الدكتور محمد نضال الشعار ونظيره التركي وزير التجارة عمر بولاط، وذلك خلال زيارة رسمية أجراها الوزير السوري إلى العاصمة أنقرة.
اتفاق اقتصادي شامل بديلاً عن اتفاقية التجارة الحرة
وفي إطار الزيارة، جرى توقيع مذكرة تفاهم إضافية في مجال التنمية الإدارية والحوكمة، فيما أكد الوزير التركي عمر بولاط أن الاتفاق الجديد يشكل بديلاً أكثر شمولًا لاتفاقية التجارة الحرة السابقة، التي توقفت منذ عام 2011، ويُتوقع أن يمهد الطريق لتسريع التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأضاف: "انطلاقًا من هذا البروتوكول، سنفتح صفحة جديدة من الشراكة مع سوريا على أسس محدثة وشاملة".
ملفات واسعة: إعادة الإعمار والطاقة والنقل
ناقش الوزيران ملفات اقتصادية متشابكة، شملت التبادل التجاري، الاستثمارات، مشاريع إعادة الإعمار، والبنى التحتية، إلى جانب تطوير قطاعي النقل والطاقة. وكشف بولاط عن توقيع بروتوكولين إضافيين: الأول خاص بإنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، والثاني يتناول التعاون في التنمية الإدارية وتطوير الحوكمة.
كما أعلنت أنقرة نيتها دعم المؤسسات السورية في مجالات الاقتصاد والتجارة والجمارك، ونقل الخبرات التركية في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى مشاريع البناء والتشغيل والتحويل BOT، والدعم الفني للمؤسسات العامة.
مؤشرات تجارية مشجعة وخط غاز جديد
أشار الوزير التركي إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 2.6 مليار دولار في عام 2024، ووصل إلى 1.49 مليار دولار حتى تموز 2025، مشيدًا بدور رجال وسيدات الأعمال السوريين في تعزيز العلاقات التجارية.
كما لفت إلى أن اتفاق النقل البري الموقع أواخر حزيران بين وزارتي النقل ساهم في تسهيل التبادل التجاري عبر الشحن البري والترانزيت، وجرى بالتوازي تدشين خط لتوريد الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا بدعم أذري-قطري، بطاقة يومية تبلغ 6 ملايين متر مكعب، ما يكفي لتوليد الكهرباء لنحو 5 ملايين أسرة سورية لمدة عشر ساعات يوميًا.
نحو تعاون مصرفي وتمويل إعادة الإعمار
أعلن بولاط أنه سيتم في إسطنبول توقيع اتفاق لتأسيس "مجلس الأعمال السوري التركي"، بحضور ممثلين عن القطاع الخاص من كلا البلدين، كما تستعد البنوك التركية للعودة إلى السوق السورية للمشاركة في تمويل مشاريع إعادة الإعمار والاستثمار.
وتقدمت أنقرة أيضًا بمقترح لإنشاء لجنة جمركية مشتركة، في وقت تعمل فيه على تحديث وتوسعة المعابر الحدودية السبعة القائمة لتلبية الطلب المتزايد على الحركة التجارية والبشرية.
سوريا: نحو شراكة اقتصادية متكاملة
من جانبه، أعرب وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار عن أهمية هذه الخطوة، مشيرًا إلى عمق الروابط التاريخية والجغرافية بين البلدين، ومؤكدًا أن تركيا كانت وطنًا ثانيًا لملايين السوريين خلال سنوات الحرب، ولا يمكن نسيان مواقفها الداعمة.
وأوضح أن دمشق تسعى إلى إقامة شراكة اقتصادية متكاملة تقوم على تبادل الاستثمارات وتكامل الأسواق، مضيفًا: "نحن لا نطلب فقط أن تأتي تركيا إلى سوريا، بل نسعى لأن نكون شريكًا متكاملًا في الإنتاج والتسويق والاستثمار".
آفاق واعدة للتكامل الاقتصادي
يشير الاتفاق إلى توجه واضح نحو إعادة بناء منظومة اقتصادية سورية تركية تقوم على التعاون المؤسسي والحوكمة الحديثة، وتعزز من فرص الاستقرار الاقتصادي في سوريا بعد سنوات من التراجع والانقطاع. وتُعد هذه الخطوات مدخلًا لتكامل استراتيجي إقليمي أوسع، خاصة مع الدعم الخليجي والطموح المشترك لإعادة الإعمار والتنمية.