صدمة عرنوس بجرائم حكومته ومحاولات التبرير والتملص في مقابلة مطولة 
صدمة عرنوس بجرائم حكومته ومحاولات التبرير والتملص في مقابلة مطولة 
● أخبار سورية ١ يونيو ٢٠٢٥

صدمة عرنوس بجرائم حكومته ومحاولات التبرير والتملص في مقابلة مطولة 

أجرى رئيس مجلس الوزراء في عهد نظام الأسد "حسين عرنوس" مقابلة مطولة تضمنت تصريحات مثيرة للجدل تتعلق بموقفه من الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة حكم بشار الأسد البائد، مدعياً صدمته من هذه الجرائم وعدم علمه بها سابقًا.

صرّح عرنوس بأنه فوجئ، مثل أي مواطن سوري، بالجرائم التي كانت تحدث في عهد نظام المجرم الهارب بشار الأسد، هذا التصريح أثار تساؤلات حول مدى اطلاعه على ما كان يجري خلال فترة توليه مناصب حكومية عليا لدى النظام البائد.

وحاول عرنوس طيلة اللقاء التنصل من المسؤولية عن دعم النظام البائد، مشيرًا إلى أن الحكومة كانت ذات صلاحيات محدودة، وأن القرارات الكبرى كانت تُتخذ خارج نطاق مجلس الوزراء.

وقوبلت بانتقادات واسعة، حيث اعتبرها البعض محاولة للتنصل من المسؤولية وتبرئة الذات من المشاركة في النظام البائد.

كما أشار آخرون إلى أن هذه التصريحات تأتي في سياق محاولات بعض المسؤولين السابقين لإعادة تلميع صورتهم بعد التغيرات السياسية في البلاد.

ويناقض حديث "عرنوس" بشكل صارخ موقعه في صلب نظام الأسد البائد، حيث شغل مناصب عليا منذ عقود، أبرزها وزير الموارد المائية (2013-2020) رئيس الوزراء (2020-2024) ومن غير المعقول أن يكون معزولًا عن تقارير الانتهاكات والجرائم التي كانت تصل مباشرة لمكتب رئاسة الحكومة، لا سيما التقارير الأمنية اليومية.

وحاول حسين عرنوس في المقابلة أن يقدم نفسه كضحية "نظام أكبر منه"، متجاهلاً دوره التنفيذي والسياسي لعقود داخل هذا النظام. وبدلاً من أن يقدّم اعترافًا واضحًا أو اعتذارًا حقيقيًا، لجأ إلى خطاب رمادي مليء بالتبريرات، دون أي نقد جريء أو مسؤولية واضحة.

وكذلك عمد الى التبرؤ من أن حكومته كانت أداة مباشرة لبشار الأسد، مدعيًا أن "القبضة" لا تعني الحكومة بل "صاحب القرار النهائي"، رغم أنه كان رئيسًا للوزراء في أوج القمع والانهيار الاقتصادي، كما روج ادعاء النقاش والحرية داخل الحكومة في عهد النظام البائد.

وروج رواية مفادها أن حكومته كانت "تنفذ الخطط" دون سلطة مطلقة، ليتهرب من أي مسؤولية جنائية أو سياسية، كما يعترف – ضمنيًا – بأن القرار النهائي كان بيد المجرم بشار الأسد، ما يعزز الحجة ضد رأس النظام نفسه، لكن يُظهر عرنوس كشريك خاضع، لا كمسؤول مستقل.

زعم "عدم وجود حرب" في فترة رئاسته: قال: "ما في معارك، ما في اقتتال، كان همنا الخدمات" هذا تشويه للواقع، إذ أن سنوات حكمه 2020–2024 كانت تشهد قصفًا مستمرًا على المناطق المحررة في الشمال السوري، فيما اعترف بتدمير البنية التحتية دون تحديد الفاعل.

وقال إن البلد كان مدمرًا عند تحريره، دون أن يُحمّل النظام المسؤولية عن ذلك التدمير، الذي كان في معظمه بسبب قصف الطيران والبراميل المتفجرة التابعة للحكومة التي كان يرأسها، وزعم أن الحكومة لا علاقة لها بالأمن، وأن رئيس الوزراء لا يعلم شيئًا عن التحقيقات، السجون، أو الانتهاكات.

تكرار مقولة "لا أعلم" بشكل مسرحي

قال: "نحن لا نعلم، نسمع مثلنا مثل أي مواطن".

هذا يثير السخرية كيف يمكن أن يكون رئيس حكومة ولا يعلم عن الجرائم التي تُرتكب داخل الدولة التي يترأس مجلس وزرائها، وتضمن حديثه شرعنة هيمنة الأجهزة الأمنية، التغطية على ملفات التعذيب والاعتقال، واستعرض سيرته المهنية وكأنه "رجل تقني"، متجاهلًا أنه كان جزءًا من منظومة تنفيذية أجرمت بحق السوريين.

وفي لقاء مطول تحدث رئيس الحكومة في عهد النظام البائد عم فضائح الاخير وعن طبيعة عمله التنفيذي، والعلاقة بين القيادة العليا ومجلس الوزراء، وكيف تتم عملية اتخاذ القرارات خلال الاجتماعات التي يرأسها الفريق الاقتصادي أو القيادة العليا.

أكد أن دوره كان تنفيذ القرارات التي تأتي من القيادة، مضيفًا أن الاجتماعات ليست مفتوحة للنقاش الحر، بل لمنح التعليمات الصادرة والتي يجب تنفيذها.

ولفت إلى أن اللقاءات في بعض الأحيان تهدف إلى "امتصاص نقمة الشارع" والتخفيف من الغضب الشعبي، عبر إصدار تصريحات أو إجراءات محددة بعد أيام من الاجتماعات.

حول التعامل مع الأزمات الاقتصادية، خاصة انهيار العملة الوطنية، أوضح أن هناك صعوبة كبيرة في إدارة الوضع، وأن النقاشات كانت مرهقة مع وجود "فردية قاتلة" في اتخاذ القرار، بمعنى أن القرارات كانت مركزية للغاية ولا تقبل النقاش الحقيقي داخل الحكومة، وفق تعبيره.

لم تغب في المقابلة الإشارات إلى أن عرنوس تعرض لضغوط كبيرة من دوائر داخل الحكومة ومن الجهات الأمنية التي تحاول إخفاء الحقائق أو تبريرها، ما جعله في وضع صعب بين الرغبة في الإصلاح والخضوع لنظام مركزي محكم.

هذا التوتر بدا واضحاً في نبرة حديثه ومحاولاته المتكررة لتخفيف المسؤولية الرسمية، مع تقديمه تفسيرات متعددة ومتضاربة أحياناً عن أسباب الانتهاكات.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ