
قائد قوى الأمن في درعا يدعو العشائر للوقوف إلى جانب الدولة وتحمل المسؤولية الوطنية
قال العميد شاهر جبر عمران، قائد قوى الأمن الداخلي في محافظة درعا، إن سوريا تمرّ بمرحلة عصيبة تتطلب من جميع مكونات المجتمع، وخاصة العشائر، الوقوف إلى جانب الدولة الجديدة وتحمل المسؤولية الوطنية.
وخلال مشاركته في اجتماع عشائر سوريا الذي عُقد في محافظة درعا، شدد العميد عمران على أهمية الدور المحوري للعشائر والقبائل في النسيج الاجتماعي السوري، مؤكدًا أن لها حضورًا ثقافيًا وروحيًا راسخًا، ودورًا فعالًا في تعزيز السلم الأهلي والمشاركة في المشهد السياسي.
ودعا عمران العشائر إلى الالتزام بقرارات الدولة الجديدة والتعامل بروح المسؤولية، معتبراً أن اللحظة الراهنة تتطلب أقصى درجات الحكمة والانضباط.
في السياق الميداني، أفادت مصادر محلية بحدوث انسحاب تدريجي لمقاتلي العشائر من أرياف محافظة السويداء باتجاه الريف الشرقي لمحافظة درعا، وسط حالة من الهدوء النسبي بعد أربعة أيام من المواجهات العنيفة.
وأوضحت المصادر أن قوى الأمن بدأت بالانتشار في ريف السويداء الشمالي والغربي، حيث أنشأت حواجز ثابتة لمنع عودة المسلحين إلى المدينة، مع فتح ممرات محددة لخروجهم.
كما نُقلت أعداد من المصابين والمدنيين من داخل السويداء إلى مراكز إيواء جُهزت مسبقًا في ريف درعا الشرقي، في حين أعلنت وزارة الطوارئ عن تجهيز 21 مركزًا إضافيًا، والاستعداد لافتتاح 20 مركزًا آخر تحسبًا لأي طارئ.
وكان أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، عن بدء انتشار قوى الأمن الداخلي في محافظة السويداء، تنفيذًا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه من قبل رئاسة الجمهورية.
وأوضح البابا أن التنسيق جارٍ مع قوى وطنية محلية داخل السويداء لضمان نجاح الاتفاق، وأن الإجراءات تشمل تأمين خروج المختطفين والمحتجزين، وفتح ممرات إنسانية للمدنيين، وتسهيل إدخال المساعدات، إضافة إلى إعادة تفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع العشائر المحلية لتثبيت الاستقرار.
ووفق ما نقلته مصادر إعلامية، فإن انتشار قوات الأمن شمل المناطق الخاضعة لسيطرة العشائر فقط، دون أن يشمل المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الشيخ حكمت الهجري، في حين لا تزال الاشتباكات مستمرة داخل المدينة.
الرئيس الشرع: السويداء واجهت تحولًا خطيرًا بفعل فراغ أمني
من جانبه، قال الرئيس أحمد الشرع إن ما شهدته محافظة السويداء مؤخرًا مثّل نقطة تحول خطيرة في المشهد الأمني والسياسي، محذرًا من أن الاشتباكات بين المجموعات المحلية كانت على وشك الانفجار بشكل غير قابل للسيطرة لولا التدخل السريع للدولة.
وأشار الشرع إلى أن التصعيد الإسرائيلي، من خلال قصف الجنوب واستهداف مؤسسات في دمشق، فاقم من تعقيد الوضع، ما استدعى تحركات دبلوماسية عربية ودولية لتطويق الأزمة ومنع انهيار أوسع.
وأوضح أن انسحاب مؤسسات الدولة من بعض مناطق السويداء خلق فراغًا أمنيًا استغلته مجموعات محلية لتنفيذ هجمات ضد أبناء العشائر، الأمر الذي دفع البدو إلى التحرك دفاعًا عن عائلاتهم، في ظل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
وأكد الرئيس السوري أن الدولة قدمت الدعم السياسي والإنساني لمحافظة السويداء منذ تحرير سوريا من نظام الأسد البائد، محذرًا من محاولات استغلال المدينة وتحويلها إلى أداة لخدمة أجندات إقليمية معادية.
تمسك بوحدة سوريا ودعوة إلى الصف الوطني
شدد الشرع على أن الدولة وحدها قادرة على حماية سيادة سوريا واستقلالها، داعيًا إلى رص الصفوف في مواجهة مشاريع الفوضى والتفتيت. كما ثمّن دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين لمواقف الدولة السورية ضد الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكدًا التزام الحكومة بحماية جميع المواطنين، ومن ضمنهم أبناء الطائفة الدرزية.
وأشار إلى أن التصرفات الفردية لا تمثل الطائفة، داعيًا إلى عدم إصدار أحكام جماعية تمس هذا المكوّن الأصيل في المجتمع السوري.
مواقف متباينة من الأطراف المحلية
في المقابل، أعلن "تجمع عشائر الجنوب" التزامه الكامل بوقف إطلاق النار، مؤكدًا أنه لم يكن من دعاة الحرب، لكن الاعتداءات المتكررة على أبنائه فرضت عليه الدفاع عن النفس. وطالب التجمع بإطلاق سراح جميع المحتجزين، وتأمين عودة النازحين، والدخول في حوار وطني يمنع تكرار المواجهات.
من جهته، عبّر القيادي في "تجمع رجال الكرامة"، ليث البلعوس، عن أسفه لما تمر به السويداء من مرحلة مؤلمة، مقدمًا تعازيه لعائلات الضحايا، ومحمّلًا المسؤولية لمن زجّ بأبناء الطائفة في مشاريع خارجية تهدف إلى ضرب وحدة السوريين.
وأكد البلعوس أن أبناء الطائفة الدرزية جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، داعيًا إلى معاملتهم على هذا الأساس، لا من منطلقات طائفية أو دينية، مطالبًا بفتح تحقيق عاجل في الانتهاكات التي طالت المدنيين وضمان سلامة الأهالي.
كما دعا البلعوس مجلس الأمن إلى اتخاذ مواقف واضحة لدعم وحدة سوريا واستقرارها، مشيدًا بمواقف وجهاء المحافظة الرافضين لخطابات العنف والانقسام.
واختتمت المواقف الرسمية والمحلية بالتأكيد على أن سوريا لن تكون ساحة لتجريب مشاريع التقسيم، وأن قوة الدولة السورية تستمد من وحدة شعبها وتماسكها الوطني، وهو ما شدد عليه الرئيس الشرع في أكثر من مناسبة.