
قرار حكومي بوقف استيراد خضروات أساسية يثير مخاوف من موجة غلاء جديدة
أثار قرار وزارة الاقتصاد السورية القاضي بوقف استيراد عدد من أصناف الخضروات الأساسية، جدلاً واسعاً بين الأوساط الاقتصادية، وسط تحذيرات من انعكاسه المباشر على أسعار السلع الغذائية في السوق المحلية، وتخوفات من تفاقم الأعباء المعيشية على المواطنين.
ووفقاً للقرار الصادر أمس الأربعاء، فإن استيراد كل من البندورة، الخيار، البطاطا، الكوسا، الباذنجان، البصل، والثوم سيتوقف بشكل كامل اعتباراً من 1 حزيران 2025، دون توضيحات مفصلة حول المدة الزمنية للإيقاف أو البدائل المتاحة.
تناقض مع التوجه نحو "الاقتصاد الحر"
الخطوة الحكومية فُسرت من قبل مراقبين اقتصاديين على أنها تتناقض مع التوجه المعلن للحكومة السورية نحو اقتصاد السوق المفتوح.
ووصف المحلل الاقتصادي "حازم الشعار" القرار بأنه "مفارقة صارخة"، إذ يأتي كإجراء حمائي في وقت يُفترض أن تشجع فيه الدولة التنافسية والانفتاح.
وقال الشعار في منشور على صفحته في "فيسبوك"، "نظرياً، لا يجوز إدراج مثل هذه الإجراءات ضمن سياسات اقتصاد حر حقيقي، لكن عملياً، قد تضطر بعض الحكومات، وخصوصاً في حالات استثنائية كالتي تمر بها سوريا، إلى اعتماد الحماية المؤقتة لحماية الإنتاج المحلي، أو توفير العملة الصعبة، أو دعم الأمن الغذائي."
ورغم تفهم بعض المحللين لدوافع القرار، إلا أن التخوف الأكبر يبقى متعلقاً بتداعياته المعيشية. فالمستهلك السوري، الذي أرهقته موجات الغلاء خلال السنوات الماضية، قد يواجه ارتفاعاً جديداً في أسعار الخضروات، خاصة أنها من المواد الأساسية على المائدة اليومية.
ويقول "الشعار" في ختام تعليقه إن القرار "يهدد بدفع أسعار هذه المنتجات للارتفاع مجدداً، ما يجعل المواطن الطرف الأكثر تضرراً في معادلة لم تتضح فيها بعد ملامح الجدوى أو البدائل".
ويطرح مراقبون تساؤلات عدة هل يمتلك السوق المحلي القدرة على تغطية حاجة المستهلك من هذه المنتجات؟ وما حجم الإنتاج الوطني مقارنةً بالاستهلاك؟ وهل ستقوم الحكومة بخطوات تكميلية لضبط الأسعار ومنع الاحتكار؟، وغيرها من التساؤلات.
وقالت مصادر اقتصادية إن أسعار الخضار هبطت لكن الجيوب فارغة ففي سوق الهال بدمشق، تعكس الأسعار مشهداً غير معتاد منذ مواسم حيث بلغ سعر كيلو البندورة 5,000 ليرة، والخيار 4,000 ليرة.
والباذنجان الأسود المستخدم للحشي وصل إلى 6,000 ليرة، بينما سُجّل الباذنجان البرشلوني عند 5,500 ليرة أما الكوسا، فانخفض سعرها إلى 3,500 ليرة للكيلو، في حين سجلت البطاطا أدنى سعر بين الأصناف بـ2,500 ليرة فقط.
وهبطت الفاصولياء الخضراء هبطت من 40 ألفاً إلى 12 ألف ليرة فقط، بينما تراجع سعر ورق العنب إلى 8,000 ليرة بعد أن لامس سابقاً حاجز الـ25 ألفاً. كما بلغ سعر كيلو الفليفلة الخضراء 5,000 ليرة، في حين حافظ الليمون المستورد من لبنان على سعره المرتفع نسبياً عند 10,000 ليرة للكيلو.
وشهدت أسعار الفواكه انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالمواسم السابقة، حيث وصل سعر كيلو المشمش في أفضل حالاته إلى 10,000 ليرة سورية، فيما بلغ سعر كيلو الموز المستورد نحو 15,000 ليرة. أما الكرز فتنوعت أسعاره بين 10,000 و25,000 ليرة حسب النوع، مع تأكيد بعض التجار أن الكميات الحالية تمثل بداية الموسم فقط.
ومع تغيرات الأسعار، يصر المواطنون على ضرورة تعزيز الرقابة على الأسواق ومحاسبة التجار الذين يستغلون الظروف الحرجة للاحتكار ورفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وفي تصريحات سابقة، أوضح "محمد العقاد"، نائب رئيس لجنة مصدري الخضار والفواكه، أن انخفاض الأسعار يعود لعدة أسباب، أهمها ارتفاع درجات الحرارة التي زادت من المعروض، وتراجع الطلب نتيجة الأزمة المالية التي تضغط على الأسر هذا الواقع دفع التجار لتخفيض الأسعار لتجنب تراكم البضائع وتلفها.