
مندوب روسيا: حظر الأسلحة تعتمد قراراً لتسريع إغلاق ملف سوريا الكيميائي
أعلن الممثل الدائم لروسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية فلاديمير تارابرين أن المجلس التنفيذي للمنظمة اعتمد خلال دورته الـ110 قراراً جديداً من شأنه تسريع إغلاق ما يُعرف بـ"الملف الكيميائي السوري"، في خطوة وُصفت بأنها بداية عملية شاملة ومعقدة تتطلب موارد مالية وخبرة فنية كبيرة.
وقال تارابرين في تصريح نقلته وكالة “سبوتنيك” إن القرار يمثل تطوراً مهماً على طريق إنهاء هذا الملف المعقد، مؤكداً أن بلاده تشارك الحكومة السورية الانتقالية تطلعاتها في المساهمة إلى أقصى حد في تسريع عودة الحياة إلى طبيعتها داخل سوريا، مشدداً في الوقت ذاته على أن “الالتزام الدقيق بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية هو أساس النجاح في معالجة هذه القضية”.
تحول دبلوماسي في موقف المنظمة
ويأتي هذا التطور بعد إعلان وزارة الخارجية السورية ترحيبها بقرار المجلس التنفيذي، الذي وافق على المقترح المقدم من دمشق حول “التدمير المسرّع لأي متبقيات من الأسلحة الكيميائية داخل الأراضي السورية”، في خطوة وصفتها الخارجية بأنها “تحول مفصلي يؤكد التزام سوريا الكامل بالمعايير الدولية، ويطوي صفحة من إرث الحرب ومرحلة النظام السابق”.
وأُقر القرار خلال اجتماعات الدورة الـ110 للمجلس التنفيذي للمنظمة، بمبادرة سورية ورعاية مشتركة من 53 دولة، بينها قطر التي تمثل مصالح سوريا في المنظمة، وجاءت الموافقة بالتوافق الكامل بين جميع الأعضاء، في مؤشر واضح على تنامي الثقة الدولية تجاه الحكومة السورية الجديدة ونهجها القائم على الشفافية والانفتاح.
مضمون القرار: إزالة إرث الماضي وتعزيز التعاون
ينص القرار على تعديل تسمية برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا ليصبح “إزالة أي بقايا لبرنامج الأسلحة الكيميائية لحقبة الأسد”، في دلالة رمزية على طيّ ملف النظام السابق نهائياً، كما يدعو القرار الدول الأعضاء إلى مساندة سوريا في معالجة هذا الإرث الفني واللوجستي، وتقديم الدعم التقني الكامل لفرق التفتيش التابعة للمنظمة، من أجل تعزيز المساءلة والشفافية.
ويمنح القرار الحكومة السورية والمنظمة الدولية مرونة أوسع في التعامل مع أي بقايا محتملة للأسلحة الكيميائية، بما يتناسب مع الواقع الحالي، مؤكداً أن الهدف النهائي هو التخلص الكامل من هذه الأسلحة داخل الأراضي السورية وضمان عدم عودتها مستقبلاً.
إشادة بالدور القطري والسوري
وثمّن المجلس التنفيذي الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة السورية خلال الأشهر الأخيرة لتسهيل عمل لجان التفتيش الدولية، وتوفير المعلومات الدقيقة حول المواقع القديمة، كما أشاد بالدور البنّاء الذي قامت به بعثة دولة قطر داخل المجلس، إذ ساهمت في تقريب وجهات النظر وبناء مناخ من الثقة داخل المنظمة بعد أكثر من عقد من التوتر والقطيعة.
من جانبه، قال الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية لدى المنظمة الدكتور محمد كروب، في كلمته أمام المجلس، إن القرار “يمثل انتصاراً لمبدأ العدالة والشفافية، وتجديداً لالتزام دمشق بعدم تكرار أخطاء الماضي”، مؤكداً أن سوريا ستواصل تعاونها الكامل مع المنظمة لتجاوز التحديات وتعزيز العمل الدولي المشترك.
نحو استعادة الحقوق الكاملة في المنظمة
ويشجع القرار الدول الأعضاء على مراجعة قرار عام 2021 الذي علّق بعض حقوق سوريا في المنظمة، تمهيداً لرفع القيود عنها خلال مؤتمر الدول الأطراف المزمع عقده في نوفمبر المقبل، وهو ما يُعد تمهيداً لإعادة عضوية دمشق الكاملة وإغلاق الملف نهائياً.
ويرى مراقبون أن هذا القرار يشكل خطوة متقدمة نحو عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي كشريك مسؤول في المنظومة الدولية، ويعزز موقعها الدبلوماسي بعد الحرب، لا سيما في ظل انخراطها المتزايد في التعاون مع المنظمات الأممية، وتبنّيها سياسات قائمة على الانفتاح والمساءلة.
رسالة سياسية واضحة
ويعتبر محللون القرار أول اعتراف أممي صريح بالتغير السياسي والمؤسسي في دمشق بعد سقوط نظام الأسد، مشيرين إلى أنه يعبّر عن انتقال سوريا من مرحلة الاتهام والعزلة إلى مرحلة الشراكة الدولية الكاملة، وإلى أن التعاون بين دمشق ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يمهّد لطيّ أحد أكثر الملفات حساسية في تاريخ سوريا الحديث، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الثقة الدولية والعمل الدبلوماسي المتوازن.