
قصة الناجي غازي محمد المحمد: من سجون الأسد إلى الحج في مكة المكرمة
عاش المعتقلون في سجون الأسد فترات قاسية التهمتها السجون من عمرهم، واختلفت مصائرهم؛ منهم من أُعدم بدون رحمة، ومنهم من استُشهد تحت التعذيب، وغيرهم من نجا، ومن بين الناجين غازي محمد المحمد، من محافظة إدلب ريف المعرة، من قرية الغدفة، الذي كان مصيره الإعدام، لكن تحرير البلاد من رجس الأسد المجرم أنقذه في اللحظات الأخيرة.
في مقابلة مع "تلفزيون سوريا يروي الناجي قصته قائلاً: "اعتقلت في نهاية الشهر السابع في عام 2024، كنت في لبنان، ثم ذهبت إلى مقر عملي في سوريا كي أصلح خطأ باسم الأب في جواز سفر ابنتي، في أول يوم خرجت ثم دخلت الحدود بشكل مباشر، ثاني يوم تفاجأت بدورية عسكرية دخلت وطوّقت المستودعات والمكتب من كل الجهات".
وأضاف أنهم اعتقلوه بطريقة لو أن الذي أمامهم مجرم، لما قبضوا عليه بمثلها، ثم قضى في المعتقل خمسة أشهر ونصف تقريباً، وكان في فرع الجوية وعاش نوعاً من العذاب، ثم صار يلاحظ قبل التحرير بأيام تغييرات حوله، ازدادت قسوة جنود الأسد المخلوع، ولم يحصل حينها تغيير في السجانين المناوبين في الحبس، مما جعله يشعر بأن هناك أمراً غير طبيعي.
وقال: "إنه سمع أصوات طلقات متفرقة، مع أن مطار المزة مربع أمني، وضرب الرصاص يدلُّ على وجود أمر عظيم، فشعرت أن هناك تغييراً عظيماً لكن لم أعرف ما هو، وعندما كنت في المعتقل شاهدتُ رؤية أنني في الحج".
ولفت إلى أن المفارقة حصلت معه قبل التحرير بساعات، الفرع كان هادئاً بشكل غير طبيعي، فدخل من كانوا يسمونهم مكافحة الإرهاب مسلحين وبلباسهم العسكري، وهؤلاء عبارة عن شبيحة بامتياز، وكل السوريين يعرفونهم، والسجانين فقط معهم هراوات وعصي حديد، فدخلوا دون أن يطلبوا من المساجين استدارة وجوههم للخلف.
وتابع أنهم أخرجوهم من الزنزانات وربطوهم مع بعضهم بجنزيرين، فصاروا يتشاهدون لأنهم ظنوا أنهم سيُقتلون. ثم صار المسلحون يتلقون مكالمات على أجهزتهم، وحصلت خربطة غير طبيعية، مما يشير إلى وجود أمر ما، لا سيما أنهم قبل ذلك لم يكونوا يسمحون للمساجين بالاجتماع، وكان لديهم إجراءات صارمة خلال التحقيق وغيره.
وعلّقَ الحاج غازي على الأحداث التي تلت بقوله: "خرجوا كلهم، وأغلقوا الزنزانة". ثم بعد فترة جاء شباب ردع العدوان ودخلوا إلى السجن وحرروا المساجين، وكان سجن النساء أول من تم تحريره، والذي كان فيه نساء وأطفال. والآن الناجي غازي محمد يحج في مكة المكرمة، وكان سعيداً جداً بنجاته وبأن رؤيته في السجن تحققت.
قصة غازي محمد المحمد ليست مجرد سرد لمعاناة فردية، بل هي شاهد حي على قسوة النظام السوري وجرائمه بحق المعتقلين، وعلى قدرة الإنسان على التمسك بالأمل رغم اليأس. وهي أيضاً تذكير بواجب المجتمع الدولي تجاه العدالة والمساءلة، وحق كل معتقل وناجٍ في أن تُروى قصته وأن يُقتصّ له من جلاديه.