
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: هيئة المفقودين يجب أن تكون تحت مظلة "لجنة الحقيقة" تكاملا للمسارات
أكد "فضل عبد الغني" مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في مقال نُشر على موقع تلفزيون سوريا، أن "الاختفاء القسري" يُعد من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في سجل الانتهاكات التي شهدتها سوريا منذ عام 2011، مشيرًا إلى أن نظام الأسد البائد استخدم هذا الأسلوب كأداة لإرهاب المجتمع وتفكيك نسيجه الاجتماعي عبر استهداف الأفراد وعائلاتهم ومحيطهم.
وأوضح عبد الغني أن الشبكة السورية وثّقت ما لا يقل عن 177 ألف حالة اختفاء قسري على يد مختلف أطراف النزاع، ما يجعل هذا الملف من الركائز الأساسية لمسار العدالة الانتقالية بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، محذرًا من التعامل معه بشكل معزول أو إداري بعيد عن المسار المؤسسي الأشمل.
ولفت عبد الغني إلى أن المرسوم الرئاسي رقم 19 لعام 2025، الذي نصّ على إنشاء "الهيئة الوطنية للمفقودين"، يثير قلقًا حقيقيًا من ناحية البنية المؤسسية، إذ جاء بإنشاء كيان مستقل عن بقية هيئات العدالة الانتقالية، ما قد يؤدي إلى تضارب وظيفي وبيروقراطي يضعف فعالية الاستجابة الحقوقية المتكاملة.
وأوضح أن التعامل مع حالات الاختفاء القسري لا يقتصر على توثيق أسماء المفقودين أو تحديد مواقعهم، بل يتطلب ترابطًا مباشرًا مع آليات المحاسبة القضائية، ولجان التعويض، والإصلاح المؤسسي، وهي كلها أدوات لا يمكن فصلها عن مهام لجنة الحقيقة، وأكد أن هذا الفصل قد يُنتج فجوات معرفية ويُعيق تبادل البيانات والأدلة، ما يؤدي إلى ضعف التنسيق وتضارب التوصيات.
أوضح عبد الغني أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت قد طرحت، في نيسان الماضي، رؤية تنص على دمج هيئة المفقودين ضمن لجنة الحقيقة، معتبرًا أن هذا الخيار يُمثل ضرورة منهجية وعملية، بالنظر إلى الطبيعة المركبة لجريمة الاختفاء القسري، وما تتطلبه من معالجة شاملة تأخذ في الحسبان الأبعاد السياسية والقانونية والاجتماعية.
وأشار إلى أن وجود وحدة مختصة بالمفقودين ضمن لجنة الحقيقة يُعزز من كفاءة العمل المؤسسي، ويسهم في الاستفادة من الموارد القانونية والتقنية وآليات الإحالة والتوثيق، كما يُجنّب ازدواجية التمثيل ويُرسّخ الثقة لدى الضحايا وذويهم، ويُمهّد لمسار أكثر تكاملًا وعدالة.
اختتم عبد الغني مقاله بالتأكيد على أن ملف المفقودين يمثل اختبارًا لجدّية الدولة السورية الجديدة في التزامها بمبادئ العدالة والمحاسبة، موضحًا أن الانتصار لهذا الملف لا يكون فقط بالكشف عن الأسماء أو المصير، بل من خلال تصميم بنية مؤسسية موحّدة تُبنى على التنسيق والتكامل بين الجهات، بما يضمن الإنصاف، وجبر الضرر، وعدم التكرار.
وأشار الحقوقي إلى أن نجاح العدالة الانتقالية في سوريا مرهون بقدرتها على توحيد المسارات والجهود، لا بتفكيكها إلى كيانات متوازية، مؤكّدًا أن تجاوز إرث الغياب والإنكار لا يتحقق إلا عبر مقاربة جماعية تضع "الضحايا في قلب السياسات الجديدة"، وتضمن حقهم في الحقيقة، والعدالة، والكرامة.