روسيا تبدأ ابتزاز المجتمع الدولي برفض تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا
روسيا تبدأ ابتزاز المجتمع الدولي برفض تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا
● أخبار سورية ٢١ مايو ٢٠٢٢

روسيا تبدأ ابتزاز المجتمع الدولي برفض تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا

بدأت روسيا خطواتها الدبلوماسية، بابتزاز المجتمع الدولي لمرة جديدة، في سياق مساعيها لوقف تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية "عبر الحدود"، سبق ذلك سلسلة ضغوطات مارستها العام الماضي حول الآلية، لتعلن معارضتها لتمديد الآلية، وقالت إن المجتمع الدولي لا يبذل الجهود الكافية لدعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في هذا البلد.

جاء ذلك على لسان نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، وقال في معرض تعليقه على الآلية التي ينتهي تفويضها في يوليو القادم: "من المرجح أن نسمع اليوم كثيرا من التصريحات عن أهمية هذه الآلية بالنسبة للاجئين السوريين وضرورة تمديدها أو حتى توسيعها، وتعلمون أن موقفنا بهذا الشأن يختلف ولا يمكننا تجاهل الحقيقة المتمثلة في أن هذه الآلية، في حال تسمية الأمور بمسمياتها، تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها".

ولفت بوليانسكي إلى أن روسيا سمحت غير مرة بإقناعها بالموافقة على تمديد هذه الآلية إلى حين بدء إيصال المساعدات على نطاق كامل عبر خطوط التماس داخل سوريا، لافتا إلى إصدار مجلس الأمن بهذا الصدد قراره رقم 2585 الذي ينص خصوصا على دعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في البلاد.

وشدد على أن تطبيق هذا القرار تعثر منذ البداية، محملا شركاء روسيا في مجلس الأمن المسؤولية عن التقاعس عن العمل مع الفصائل المسلحة المسيطرة على معظم أراضي محافظة إدلب والتي تحبط عمليات إيصال المساعدات عبر خطوط التماس، وفق زعمه.

وأشار بوليانسكي إلى أن الوضع على الأرض لم يتغير، على الرغم من محاولة أعضاء آخرين في مجلس الأمن إقناع روسيا بوجود نزعات إيجابية هناك، مشددا على أن موسكو "لا ترى جهودا منتظمة" في هذا السبيل.

وقال نائب مندوب روسيا الدائم إن مشاريع إعادة الإعمار المبكر في سوريا لا تتلقى الاستجابة المناسبة من قبل المانحين، مضيفا أن أكبر مشكلة في هذه المسألة تكمن في وضع هؤلاء المانحين شروطا سياسية مسبقة، ما يتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة، وذكّر بأن موسكو كانت قد حذرت غير مرة من إطالة أمد المشاورات بشأن الوضع في إدلب والمواقف أحادية الجانب لبعض أعضاء مجلس الأمن إزاءه.

وسبق أن قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إنه روسيا لاترى أي مسوّغ لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بعد انتهاء مدتها في يوليو المقبل، في سياق المساعي الروسية لوقف المساعدات الإنسانية لمناطق شمال غرب سوريا وتحويلها ليد النظام.

وفي تقرير سابق عقب تجديد آلية إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود في 9 تموز، كانت نشرت شبكة "شام" الإخبارية، تقريراً حمل عنوان "معبر إنساني مع النظام .. أفخاخ روسية في القرار الأممي لتمديد آلية المساعدات فهل تنجح بتمريرها ..!؟".

أوضحت فيه أن الاتفاق على تمديد قرار مجلس الأمن الدولي حول تمديد آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود من معبر باب الهوى الحدودي جاء لمدة عام على مرحلتين، بعد معارضة روسية كبيرة ورفض وتهديد باستخدام الفيتو، قبل أن يعلن المجلس التوافق بالاجتماع على التمديد، في وقت بقيت بعض البنود موضع شك في تحليلها بين الموقف الروسي والجهات الدولية الأخرى.

وفي الوقت الذي لاقى قرار مجلس الأمن حالة ارتياح في عموم المناطق المحررة التي كانت تخشى قطع آخر شريان للمساعدات عن المنطقة بفيتو روسي، إضافة لترحيب دولي من بينها تركيا وأمريكا وعدة جهات وشخصيات أممية، إلا أن حلقة مفقودة لاتزال تحتاج لتوضيح في نص القرار الوارد عن روسيا، والنص الوارد عن واشنطن.

وكانت راجعت شبكة "شام" الإخبارية، في تقرير نشرته سابقاً، تصريحات المندوبين الروسي والأمريكي في مجلس الأمن، واللذان رحبا بتمديد قرار آلية إدخال المساعدات إلى سوريا، ولكن تصريحاتهما كانت متناقضة في بند المدة الزمنية المقررة للقرار، حيث قالت المندوبة الأمريكية، إنها لمدة 12 شهراً بينما قالت روسيا إنها لمدة 6 شهور فقط.

كما ذهبت العديد من الدول بينها "فرنسا وبريطانيا" للترحيب بالقرار الذي قالوا إنه لمدة عام كامل، ولكن هذا الأمر تعارض مع كلام المندوب الروسي والذي قال إنه لـ 6 أشهر فقط، فكيف ذلك؟

وخلافاً لتهديداتها في استخدام الفيتو ضد أي قرار، رحبت روسيا بالقرار الأممي عبر مندوبها "فاسيلي نيبينزيا" في مجلس الأمن وقال إنه وعلى الرغم من كل الصعوبات والخلافات تمكن المجلس من الاتفاق على آلية لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، كما شكر أعضاء المجلس وقدر جهود الأمريكيين للخروج بهذا القرار.

وأشار نيبينزيا، في حديثه، إلى القرار بأنه القرار الأول الذي يسعى لعملية تحسين تسليم المساعدات الإنسانية "عبر الخطوط"، وهذا الأمر "خطير للغاية"، وفق ما أوضح بعض العاملين في المجال الإنساني شمال غرب سوريا.

ومصطلح "عبر الحدود" مختلف تماما عن "عبر الخطوط"، فالأول يعني أن المساعدات تدخل عبر الحدود مع الدول، وهي حدود دولية، منها عبر تركيا من خلال معبر باب الهوى، والثاني أن المساعدات تدخل عبر خطوط السيطرة بين النظام والمناطق المحررة، و ربما يكون معبر سراقب أو أي معبر آخر يتم التوافق عليه بين روسيا وتركيا لاحقا.

وأضاف نيبينزيا، أن أعضاء مجلس الأمن قد أعطوا الضوء الأخضر لاستكمال تدابير بناء الثقة تدريجياً حتى يتم استبدال إيصال المساعدات من الحدود إلى الخطوط، وخلال الستة أشهر القادمة سيتم متابعة هذا الأمر عن كثب ويقوم الأمين العام بتسليم تقرير موضوعي عن سير عمل باب الهوى الحدودي، كما سيعد أيضا تقارير عن إطلاق عمليات تسليم عبر الخطوط.

السيد "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، كان قد وضح هذا الأمر في حديثه لشبكة "شام" بوقت سابق، حيث قال إن "القرار هو لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد التلقائي لستة أشهر أخرى، بعد تقييم يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة لدخول المساعدات، والذي غالبا سيطالب بتمديد القرار ويتم تمديده بدون اجتماع المجلس".

ورأى عبد الغنى" أن القرار الحالي فيه عدة سلبيات، منها المطلب الروسي عبور بعض المساعدات لمناطق سيطرة النظام عبر خطوط التماس، لافتاً إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) هي من تقرر كمية المساعدات التي ستدخل والمناطق التي ستستهدفها، إضافة لسلبية تتعلق بربط موضوع " التعافي المبكر" باللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي تعمل من دمشق ولا تعمل عبر الحدود.

وفي المقابل، يرى متابعون للملف الإنساني، أن روسيا تسعى بشكل تدريجي لتقويض الملف الإنساني وسحبه لصالح النظام ولكن عبر مراحل، بدأت بوقف دخول المساعدات من جميع المعابر وحصرها بمعبر واحد، ثم المطالبة بفتح معابر مع النظام من باب إنساني باسم "خطوط التماس"، وطرح موضوع "التعافي المبكر"، لتحقيق اعتراف جزئي للنظام حالياً، ولاحقاً التمهيد لسحب الملف الإنساني كاملاً.

وهنا لا بد من الإشارة أنه إذا ما نجحت روسيا بنقل المساعدات الانسانية إلى النظام فإن وضع 4.5 ملايين نسمة في المناطق المحررة سيكون في وضع صعب للغاية، خاصة أن النظام سيتلاعب بعملية تسليم المساعدات بالتأكيد، تماما كما يتلاعب بتسليها لمناطق سيطرة قسد، والتي لم تتسلم أي شي نهائيا عبر دمشق منذ إغلاق معبر اليعربية مع العراق.

وفي السياق فقد قال نيبينزيا، خلال تصريح صحفي أدلى به بعد إقرار مجلس الأمن مشروع تمديد عمل آلية نقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود، أن بلاده تخوض محادثات مع الولايات المتحدة حول تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وامتنع نيبينزيا مع ذلك عن الرد على سؤال حول مدى استعداد الولايات المتحدة لهذه الخطوة، مصرحا: "سنرى".

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ