أمهات الشهداء في سوريا: صبر مستمر بين الفقد والمعاناة اليومية
أمهات الشهداء في سوريا: صبر مستمر بين الفقد والمعاناة اليومية
● أخبار سورية ١٢ نوفمبر ٢٠٢٥

أمهات الشهداء في سوريا: صبر مستمر بين الفقد والمعاناة اليومية

تجرعت آلاف النساِء مرارة فقد الأبناء خلال سنوات الثورة السورية، سواء نتيجة القصف الممنهج الذي شنته قوات النظام على المناطق المعارضة، أو بسبب الاعتقالات التي طالت آلاف المدنيين والمعارضين، فامتلأت سجون الأسد بالضحايا الأبرياء.

وأصبح الفقد جزءاً من حياة هذه الأمهات اليومية، حيث يواجهن تحديات نفسية ومعيشية مستمرة، رغم الاحترام الرمزي الذي يُقدَّم لهن من المجتمع، وهو احترام لا يوازي حجم الألم الذي يحملنه في قلوبهن.

قصة من ريف إدلب الجنوبي
في هذا السياق، تروي أم محمود من ريف إدلب الجنوبي قصتها لنا:"اعتُقل ابني قبل عشر سنوات، لم أكن أستطيع أن أسمح لأي أحد أن يقول لي إنه ربما مات. كنت أتمسك بالأمل كل يوم بأنه سيعود. بعد التحرير، كنت أترقب رؤيته بكل شوق، وكل يوم يمر يزيد قلقي، حتى وجدنا اسمه في قائمة المساجين الذين توفوا".

وتضيف:"أنا أتعذب في داخلي، أشتاق إليه في كل مناسبة، وفي كل لحظة، لكنني مجبرة على أن أقوّي نفسي، وأن أستمر في رعاية أبنائي وأولادهم، وأهتم بزوجي، وأكمل واجبات الحياة اليومية، رغم الفراغ الكبير الذي تركه في قلبي".

تعيش أمهات الضحايا والمفقودين ظروفاً نفسية قاسية، بين الحزن على أبنائهن وضرورة الالتزام بواجبات الأسرة والحياة، في ظل ضعف الدعم النفسي والمادي المقدم لهن من قبل المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية.

التقدير ما زال في إطاره الرمزي
تقول الناشطة حنين السيد، في تصريح خاص لشبكة شام الإخبارية: "اليوم، يُنظر إلى أمهات الشهداء بعين الاحترام، لكن هذا التقدير ما يزال في إطاره الرمزي أكثر من كونه عملياً. فالكثير منهن يُواجهن تبعات الفقد وحيدات، دون منظومة دعم حقيقية تراعي احتياجاتهن النفسية والمعيشية".

لقب أم الشهيد بين الفخر والوجع
وتضيف السيد أن لقب "أم شهيد" يحمل معنى مركّباً من الفخر والوجع. فهو يرمز إلى التضحية من جهة، وإلى الخسارة العميقة من جهة أخرى. وعلى المجتمع أن يتعامل مع هذا اللقب كمسؤولية أخلاقية واجتماعية، لا مجرد صفة تُتداول في المناسبات.

وتشير إلى أن الدعم النفسي والاجتماعي المقدم لأمهات الشهداء ما زال محدوداً وغير منتظم، مؤكدة وجود فجوة واضحة بين الخطاب العام الذي يكرّمهن، وواقع الدعم الحقيقي الذي يخفف من معاناتهن اليومية، سواء على مستوى الرعاية أو المتابعة طويلة الأمد.

وتؤكد أن المطلوب من المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية هو الانتقال من المبادرات الرمزية إلى البرامج الممنهجة. ويجب توفير خدمات استشارية نفسية، برامج تمكين اقتصادي، وتأمين صحي ومعيشي يضمن كرامتهن واستقرارهن.

ضرورة الاهتمام بالجانب الاقتصادي والنفسي
وتنوه الناشطة حنين إلى أن الأولوية يجب أن تُمنح للجوانب النفسية والاقتصادية بالتوازي، فالدعم المادي يضمن الحد الأدنى من الحياة الكريمة، فيما يعيد الدعم النفسي التوازن لأمهات عانين من فقدٍ لا يُعوَّض.

وفي ختام حديثها، تشير إلى أن الحفاظ على رمزية تضحيات الشهداء يتطلب رواية إنسانية صادقة تُبرز أمهاتهم كجزء من ذاكرة المجتمع، لا كرمز يُستدعى في المناسبات. رسالتي للناس: "أمهات الشهداء لا يحتجن الرثاء، بل الاحترام المستمر، والاعتراف بأن صبرهن شكلٌ آخر من البطولة".

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ