إضراب الكرامة: شهادات المعلمين تكشف ضغوط الواقع المعيشي ومسؤوليات العمل
ما يزال المعلمون في مناطق الشمال السوري متمسكين بمطالبهم الأساسية، مؤكدين استمرار إضرابهم عن التعليم حتى تلبية حقوقهم من قبل الجهات المعنية. ويصرّ المدرسون على أن مطالبهم تمثل الحد الأدنى من حقوقهم المعيشية والمهنية، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وصعوبة الظروف التي يعملون فيها منذ سنوات.
تداولت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية شهادات مؤثرة لمعلمين، تعكس حجم المعاناة التي يعيشونها وثقل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم بسبب تدني الأجور وغياب الدعم الكافي للقطاع التعليمي.
ومن بين تلك الشهادات ما برز خلال اجتماع معاون وزير التربية والتعليم للشؤون التعليمية، أحمد الحسن، مع الكوادر التعليمية في محافظة إدلب، والذي عُقد لمناقشة واقع العملية التعليمية والتحديات التي تواجه المعلمين والطلاب في ظل استمرار الإضراب.
خلال الاجتماع، تحدث أحد المعلمين عن معاناته الشخصية جراء ضعف الأجور وتأخر الرواتب، مشيراً إلى أن فصل الشتاء يقترب وهو لا يمتلك ثمن مواد التدفئة، مما يزيد الأعباء المالية عليه وعلى أسرته. وأضاف أن المسؤولية تتزايد يوماً بعد يوم، إلى درجة أن بعض التجار وباعة الخبز صاروا يرفضون أن يبيعونه بالدين.
وأكد المعلم أن الإضراب مستمر ولن يتراجعوا عنه حتى تتحقق مطالبهم، منوهاً إلى أنه قد يضطر لمغادرة مهنة التعليم والاتجاه إلى عمل آخر، معتبراً أن حتى العاملين في قطاف الزيتون وضعهم أفضل من وضع المعلمين حالياً.
ووقفت معلمة أخرى خلال الاجتماع، لتؤكد أنها تحكي باسمها وباسم مئات الآلاف من المعلمين والمعلمات، مشيرةً إلى أنها تركت أربعة أطفال في المنزل واحدة من بينهم طفلة رضيعة لتشارك في الاجتماع وتوصل صوتها وأصوات زملائها.
وتحدثت عن معاناة المعلمين بسبب تدني الرواتب، مؤكدة أن راتبها لا يكفي لتأمين الطعام ولا لتغطية احتياجات أبنائها، كما لا يمكنها من شراء مواد التدفئة وملابس الشتاء لأولادها. وأكدت أن المعلمين سيستمرون في الإضراب حتى تتحقق مطالبهم المشروعة.
وتعكس هذه الشهادات معاناة آلاف المعلمين في مناطق الشمال السوري، الذين عملوا خلال سنوات الثورة في ظروف قاسية، واجهوا الفقر والنزوح، وكانوا يأملون في الاعتراف بمجهوداتهم وتقدير مكانتهم المهنية وأجورهم بما يليق بها بعد التحرير. غير أن هذه التوقعات لا تزال مجرد وعود لم تتحقق حتى الآن.
وفي ظلّ هذا الواقع، يستمر المعلمون في تنظيم الوقفات الاحتجاجية في مناطق ومدارس مختلفة بالشمال السوري، ويواصلون إضرابهم عن التعليم، مؤكدين أنهم لن يتراجعوا عن موقفهم حتى يحصلوا على حقوقهم الأساسية.