
استراتيجية سورية جديدة لحماية التراث في مؤتمر دولي بفرنسا: دعوة لتضامن دولي لصون الإرث الإنساني
قدم المدير العام للمديرية العامة للآثار والمتاحف، الدكتور أنس حج زيدان، عرضاً مفصلاً حول استراتيجية سوريا لحماية آثارها وتراثها الثقافي، خلال مشاركته في أعمال المؤتمر الدولي الرابع عشر لآثار الشرق الأدنى القديم، المنعقد في مدينة ليون الفرنسية، مؤكداً أن حماية التراث السوري تتطلب تضامناً دولياً حقيقياً، كونه جزءاً لا يتجزأ من الإرث الإنساني العالمي.
وفي كلمته أمام نخبة من الباحثين والخبراء، شدد الدكتور زيدان على أن الشعب السوري يعتز بتراثه الغني والمتنوع، رغم ما تعرض له من أضرار خلال السنوات الأربع عشرة الماضية، مشيراً إلى أن هذا التراث يعكس التعدد الحضاري والديني، ويشكل ركناً أساسياً من ركائز الهوية الوطنية والوحدة المجتمعية، لاسيما في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد بعد التحرير وسقوط النظام البائد.
وأكد زيدان أهمية دمج التراث الثقافي في الخطط الاقتصادية للحكومة الجديدة، باعتباره محركاً للتنمية المحلية، وأحد دعائم إعادة الإعمار المستدامة. وأوضح أن السياسة الأثرية السورية الراهنة تركّز على تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية، وتنفيذ أعمال الصيانة، وتأهيل البنية التحتية تمهيداً لاستئناف أعمال التنقيب، وفق خطة وطنية شاملة.
وأشار إلى أن الجهود الجارية تشمل حصر الأضرار في المواقع التاريخية والمعمارية، وتوثيق الواقع الحالي، والبدء بإجراءات تدعيم إسعافي للمباني المتضررة، إلى جانب إعداد مخططات توجيهية لتعافي مواقع التراث العالمي، بهدف إخراجها من قائمة اليونسكو للمواقع المعرضة للخطر.
وفي ما يتعلق بالمتاحف السورية، استعرض زيدان التحديات الكبيرة التي تواجهها، مشيراً إلى ضرورة وضع خطة لإعادة تأهيلها، تشمل تصميم سيناريوهات عرض حديثة، وترميم القطع الأثرية، وتدريب الكوادر المحلية، إلى جانب تحسين أنظمة الأمن والتخزين، وتعزيز التعاون مع المجتمع الدولي لاستعادة الآثار المنهوبة.
وختم الدكتور زيدان عرضه بالتأكيد على أن التراث السوري لا يمثل مجرد ذاكرة وطنية، بل يشكل مكوناً أصيلاً من الذاكرة الإنسانية جمعاء، مشدداً على أن حمايته ليست مسؤولية محلية فقط، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضامناً دولياً يعكس التزاماً صادقاً بحماية هذا الإرث الحضاري للأجيال القادمة.
ويُعد المؤتمر الذي افتتح في الثاني من حزيران ويختتم في السابع منه، من أبرز الفعاليات العلمية العالمية المتخصصة بدراسة آثار الشرق الأدنى، ويشهد مشاركة واسعة من باحثين ومؤسسات أثرية من مختلف الدول.