الأطفال في حقول الزيتون: بين الغياب عن المدرسة والمخاطر الجسدية والصحية
الأطفال في حقول الزيتون: بين الغياب عن المدرسة والمخاطر الجسدية والصحية
● أخبار سورية ١٦ أكتوبر ٢٠٢٥

الأطفال في حقول الزيتون: بين الغياب عن المدرسة والمخاطر الجسدية والصحية

في كل موسمٍ للزيتون، تظهر على أطراف الحقول مشاهد مألوفة لأطفالٍ صغارٍ يحملون أكياسهم البالية، ويرتدون ثياباً قديمة ورثة، يجوبون الأراضي التي انتهى فيها موسم القطاف بخطى متعبة وعيونٍ مترقّبة، يبحثون بين أغصان الأشجار وتحتها عن حبات الزيتون التي أفلتت من أيدي القاطفين ليجمعوها، في مشهدٍ يتكرر كل عام ويُعرف في اللهجة المحلية باسم "العفّارة".

ظروف معيشية قاسية
تعاني معظم أسر هؤلاء الأطفال من ظروفٍ اقتصادية صعبة تحول بينها وبين تلبية احتياجاتها الأساسية، ما يضطرها إلى إرسال أبنائها للعمل في سنٍّ مبكرة، علّهم يساعدونها في تأمين نفقات المعيشة. ورغم صغر سنّهم، إلا أن الأعمال التي يزاولونها غالباً ما تكون شاقة ومجهدة، وتتجاوز قدراتهم الجسدية والنفسية.

فقدان المعيل  
وخلال الحرب، فقدت آلاف الأسر معيلها الوحيد إما نتيجة القصف أو الاختفاء القسري، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والدوائية أضعاف ما كانت عليه، ما زاد من معاناتها الاقتصادية على مدى السنوات الماضية. وفي ظل هذه الظروف القاسية، تزايدت ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا، لتصبح مشهداً مألوفاً في العديد من المناطق التي تضررت بفعل الحرب والنزوح.

العفارة وتداعياتها 
وتعد العفارة واحدة من المهن التي يلجأ إليها هؤلاء الأطفال خلال موسم الزينون، إلا أنها تعرضهم لمخاطر متعددة، تتمثل بإمكانية تعرض الطفل للتعنيف الجسدي أو اللفظي من أصحاب الأراضي، الذين يرفضون دخول أي شخص غير معروف إلى أراضيهم خشية السرقة، خصوصاً في الحقول التي تحتوي في الوقت نفسه على أشجارٍ تم الانتهاء من قطف ثمارها وأخرى لم يتم البدء بها بعد.

مخاطر جسدية
إلى جانب التعنيف أو المواجهات مع أصحاب الأراضي، يواجه الأطفال خطر السقوط من على الأشجار أثناء البحث عن الثمار المتبقية. وقد سجلت سابقاً حالات أدت إلى كسور في اليد أو القدم، أو رضوض، وأحياناً إصابات أخطر، ما يسبب أذى جسدياً للطفل ويضيف معاناة إضافية لعائلته، سواء من الناحية النفسية أو المالية نتيجة تكاليف العلاج.

التغييب عن الدروس والحصص
إلى جانب المخاطر الجسدية، يضطر بعض الأطفال الباحثين عن الزيتون إلى الغياب عن مدارسهم، ما يؤدي إلى تفويت حصص مهمة أو التقصير في متابعة دروسهم، نتيجة انشغالهم بجمع الثمار خلال موسم الزيتون. وقد أكدت المعلمة فاطمة المصطفى تكرار هذا الأمر في كل موسم، مشيرةً إلى تأثيره السلبي على تحصيل الأطفال الدراسي.

ضرورة دعم الأسر الفقيرة
يشير مراقبون إلى أن ظاهرة عمل الأطفال في العفارة موسمية ومتكررة، ويمكن الحد منها من خلال تحسين الوضع المعيشي للأسر. ويشددون على أهمية قيام الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية بتقديم الدعم للأسر الأكثر ضعفاً، سواء كان غذائياً أو مالياً أو دوائياً، بما يساهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية ويحد من لجوء الأطفال إلى العمل في سن مبكرة.

ختاماً، يواجه الأطفال العاملون في جمع ثمار الزيتون المتبقية مخاطر صحية جسيمة، إلى جانب التعب والإرهاق البدني المستمر. ويبرز من ذلك أهمية تقديم الدعم والمساعدة للأسر الفقيرة، لحماية الأطفال من التداعيات الخطيرة لهذه المهنة الموسمية وضمان حقوقهم الأساسية في الصحة والتعليم والحياة الكريمة.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ