الخيام لا تقي من الرياح.. نازحو الشمال السوري على أعتاب مأساة جديدة
الخيام لا تقي من الرياح.. نازحو الشمال السوري على أعتاب مأساة جديدة
● أخبار سورية ١٣ أكتوبر ٢٠٢٥

الخيام لا تقي من الرياح.. نازحو الشمال السوري على أعتاب مأساة جديدة

مع انخفاض درجات الحرارة تدريجياً واقتراب فصل الشتاء، تتصاعد معاناة آلاف العائلات النازحة في مخيمات شمال غربي سوريا، حيث يجد الأهالي أنفسهم في مواجهة مباشرة مع البرد القارس دون وسائل تدفئة كافية، وسط عجز شبه كامل عن تأمين الوقود أو الحطب أو أي بدائل آمنة للتدفئة.

يقول أحد النازحين من ريف إدلب: "لم يعد الأمر متعلقاً بالراحة، بل بالحياة نفسها. نحاول تدفئة أطفالنا بأي وسيلة ممكنة"، بينما تلجأ بعض العائلات إلى قشر الفستق أو الملابس القديمة كوسائل بديلة عن المازوت الذي تجاوزت أسعاره قدرة معظم السكان في المخيمات.

عودة مؤجلة وبيوت مدمرة
رغم مرور سنوات على تحرير كثير من القرى والبلدات في ريفي إدلب وحلب، لا تزال آلاف الأسر عاجزة عن العودة إلى منازلها التي دمرها قصف نظام الأسد البائد، ما أبقاها في خيام مهترئة لا تقي من الرياح ولا المطر.
وتُظهر شهادات ميدانية أن معظم هذه الخيام لا تتوافر فيها وسائل عزل حراري أو أرضيات صلبة، ما يجعلها بيئة غير صالحة للعيش خلال أشهر الشتاء، خصوصاً للأطفال وكبار السن.

يقول أبو محمد، أحد سكان مخيم قاح: "منزلي مدمر بالكامل، ولدي سبعة أبناء، بالكاد أؤمّن قوت يومنا. اضطررت هذا العام للاقتراض لتوفير بضع لترات من المازوت حتى لا يموت أطفالي من البرد."

 فقر متزايد وأوضاع اقتصادية خانقة
تشير تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون تحت خط الفقر، بينما يعاني واحد من كل أربعة من البطالة، وهو ما يجعل تأمين الحاجات الأساسية كالتدفئة والغذاء شبه مستحيل.

ويقدّر البرنامج أن تعافي الاقتصاد السوري إلى مستواه ما قبل الحرب قد يستغرق عقداً كاملاً من النمو القوي، ما يعكس حجم التحدي أمام العائلات التي تعيش اليوم بين خيمة باردة وانتظار طويل لمساعدات لا تكفي الجميع.

ذكريات موجعة وتجارب قاسية
تروي أم عمر، نازحة في أحد مخيمات إدلب، تجربتها مع شتاء العام الماضي قائلة: "كان لدينا مدفأة حطب، لكن تشغيلها كان رفاهية نادرة. كنّا نستخدم ما نجده من أقمشة وأحذية قديمة كوقود. كان أولادي يخرجون كل صباح يبحثون في الشوارع عن أي شيء يحترق."

هذه القصص تتكرر في عشرات المخيمات، حيث يتقاسم الأهالي الخوف نفسه من ليالٍ طويلة تتسرب فيها البرودة إلى أجساد أطفالهم قبل خيامهم.

أخطار صحية تهدد الأرواح
تؤكد مصادر طبية أن التعرض المستمر للبرد في المخيمات يؤدي إلى التهابات في الجهاز التنفسي ونزلات برد حادة، فضلاً عن أمراض جلدية ومضاعفات تنفسية قد تكون قاتلة للأطفال وكبار السن، وسُجلت في أعوام سابقة وفيات بين الأطفال بسبب البرد الشديد، في ظل غياب وسائل الحماية والرعاية الصحية الكافية داخل المخيمات.

نداء استغاثة قبل اشتداد العاصفة
مع بداية موسم الأمطار، يناشد أهالي المخيمات المنظمات الإنسانية والجهات الرسمية التدخل العاجل لتأمين مواد التدفئة والخيام المعزولة، قبل أن تتحول معاناتهم إلى مأساة جديدة، ففي مخيمات الشمال، لا يُقاس الشتاء بعدد الأيام الباردة، بل بعدد الأرواح التي تنجو من قسوته.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ