
"الشبكة السورية" تُطالب الحكومة بإصلاح عاجل لرسوم جوازات السفر السورية
دعت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان"، الحكومة السورية الجديدة إلى خفض تكاليف إصدار جوازات السفر السورية إلى مستويات معقولة تتناسب مع الواقع الاقتصادي المحلي والمعايير الدولية، وينبغي ألا تتجاوز رسوم الجواز العادي 50 دولاراً أمريكياً، مع تحديد سقف قدره 100 دولار للخدمات العاجلة.
وقالت "الشبكة السورية"، إن سقوط نظام الأسد يُشكّل فرصة تاريخية أمام الحكومة السورية الجديدة لمعالجة إحدى أكثر القضايا إلحاحاً التي تؤثر على السوريين في الداخل والخارج، وهي التكاليف الباهظة للحصول على جوازات السفر، لافتة إلى أن النظام الحالي لرسوم الجوازات يُعد عائقاً جسيماً أمام أحد أبسط الحقوق الإنسانية، وهو حرية التنقل، كما يُلقي بعبء مالي ثقيل على كاهل العائلات السورية التي تعاني أساساً من ضائقة اقتصادية حادة.
يكشف نظام رسوم جوازات السفر عن انفصال حاد عن الواقع الاقتصادي في سوريا. إذ تبلغ تكلفة إصدار جواز السفر العادي للمقيمين في الخارج 300 دولار أمريكي، ويستغرق إنجازه قرابة 40 يوم عمل، في حين ترتفع تكلفة الخدمات المُعجلة إلى 800 دولار. وتُعد هذه الرسوم فلكية مقارنة بمستوى دخل السوريين وظروفهم المعيشية الصعبة.
أما داخل سوريا، فالوضع لا يقل صعوبة. إذ تُكلّف خدمة الحصول على جواز سفر فوري حوالي 2.1 مليون ليرة سورية (نحو 200 دولار أمريكي)، بينما تبلغ رسوم جواز السفر العاجل 432,700 ليرة. ولتقدير هذه التكاليف ضمن السياق المحلي، فقد تراوحت متوسطات الرواتب الشهرية في شباط/ فبراير 2025 بين 580,000 ليرة لموظفي الجامعات الحكومية و2.16 مليون ليرة لموظفي القطاع المدني. وهذا يعني أنَّ إصدار جواز سفر فوري قد يستهلك كامل راتب أحد موظفي الدولة، أو حتى أكثر، مما يُشكّل عبئاً هائلاً.
ووفق الشبكة، تُبرز خطوط الفقر في سوريا فداحة هذه الأزمة. إذ يبلغ خط الفقر المطلق 2.54 مليون ليرة سورية، بينما يصل خط الفقر الأعلى إلى 5.5 مليون ليرة. بالنسبة للعائلات التي تعيش تحت هذه الخطوط، تُعد رسوم جوازات السفر عائقاً شبه مستحيل، يحرم أفرادها من الحق في التنقل أو لمّ الشمل الأسري.
كما يتجاوز الحد الأدنى لتكلفة المعيشة لأسرة مكوّنة من خمسة أفراد 9.1 مليون ليرة سورية، مع تقديرات تصل في بعض الحالات إلى 14.5 مليون ليرة. وفي ظل هذه الأرقام، فإنَّ إنفاق جزء كبير من دخل الأسرة على رسوم الجوازات يُعد انتقاصاً مباشراً من حقِّ المواطن في البحث عن فرص حياة أفضل.
وتُشير منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى ضرورة ألا تتجاوز رسوم جوازات السفر السورية 20 دولاراً أمريكياً، وفقاً للمعايير العالمية، وأن تتراوح صلاحيتها بين 6 إلى 10 سنوات كما هو معتمد في معظم دول العالم. ويُصنَّف جواز السفر السوري حالياً كثاني أغلى جواز على مستوى العالم، وفي الوقت ذاته، يُعد من بين الأسوأ عالمياً من حيث حرية التنقل، إذ لا يُخوّل حامله بدخول سوى 28 دولة.
وطالبت الشبكة برفع مدة صلاحية الجواز إلى 10 سنوات للبالغين و5 سنوات للقاصرين، ما يقلل من الحاجة إلى التكرار المتكرر لطلب التجديد والنفقات المصاحبة لذلك، وضرورة إنهاء ظاهرة السماسرة عبر إنشاء بوابة إلكترونية شفافة وفعالة تتيح حجز المواعيد مباشرة، دون الحاجة إلى وسطاء.
وشددت على ضرورة إعفاء الفئات الضعيفة عبر تقديم جوازات سفر مجانية أو مدعومة بشكل كبير للاجئين، والنازحين، والطلاب، والعائلات التي تعيش تحت خط الفقر، وتحسين أوقات المعالجة من خلال توحيد مدة إنجاز الجوازات والقضاء على التأخيرات المصطنعة التي تُجبر المواطنين على اللجوء إلى الخيارات الأسرع والأكثر تكلفة.