
المعتقلون السوريون في لبنان يناشدون بحل إنساني شامل لملف السجون
أصدر معتقلون سوريون في لبنان، على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية، بياناً من داخل سجن رومية يوم الخميس 21 آب 2025، رحبوا فيه بما تردد عن نية الرئيس السوري أحمد الشرع تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة الملفات العالقة بين دمشق وبيروت، وفي مقدمتها ملف الموقوفين السوريين.
وأكد المعتقلون أن أوضاع السجون اللبنانية بلغت مرحلة كارثية مع تزايد الوفيات بين الموقوفين، داعين الحكومة اللبنانية إلى التعاون الجاد مع الوفد السوري وتجاوز الحسابات السياسية لصالح حلول إنسانية عاجلة تفتح صفحة جديدة بين البلدين.
كما شدد البيان على ضرورة عدم إغفال المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين وغيرهم ممن شاركوا السوريين رحلة الثورة وتقاسموا معهم عذابات السجون، معتبرين أن التضامن معهم واجب وطني وأخلاقي، خاصة بعد التضحيات التي قدموها في مواجهة نظام الأسد البائد.
وختم المعتقلون مناشدتهم بالتأكيد على أملهم أن تسفر زيارة الوفد السوري إلى لبنان عن نتائج ملموسة تنهي معاناتهم، وتعيد الاعتبار لمسار العدالة، قبل أن يلفّهم الموت واحداً تلو الآخر ويصبحوا مجرد أرقام في الأخبار.
ولا تزال قضية المعتقلين ومعاناة عائلاتهم مستمرة في سوريا، تُدخل المآسي إلى حياتهم وتمنعهم من العيش بصورة طبيعية. ورغم سقوط نظام آل الأسد بعد عقود من الظلم والطغيان، الذي كان السبب الرئيسي لهذه الأزمة، لا يزال هناك سجناء عالقون خلف القضبان في لبنان، يعانون من ظروف احتجاز قاسية، بانتظار الحرية.
نظّم مؤخراً عدد من الأهالي السوريين اعتصامًا في ساحة الساعة بمدينة حمص للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجن رومية بلبنان. وأكد المحتجون عزمهم على مواصلة المطالبة بأبنائهم، لا سيما أن معظم المساجين من منطقة القصير في حمص، مشيرين إلى أن مطالبهم مستمرة منذ التحرير وحتى الآن.
كذلك، اعتصم أهالي المعتقلين السوريين (أطفال ونساء ورجال) في لبنان أمام معبر جوسية الحدودي، رافعين أصواتهم للمطالبة بتسليم أبنائهم المعتقلين في لبنان إلى السلطات السورية. ورفعوا أعلام الثورة، وهتفوا: "بدنا المعتقلين، بدنا المعتقلين".
يعيش أهالي المعتقلين ظروفا قاسية في ظلّ الاختفاء القسري الذي يعاني منه أبنائهم، وحاولوا مراراً المطالبة بهم لكن دون جدوى، وصاروا يخافون على أولادهم من أن يلحق بهم الأذى، لاسيما أن سجن رومية معروف بسمعته السيئة.
فسبق وقام أحد المحتجزين الشاب السوري محمد فواز الأشرف (40 عاماً) بإنهاء حياته شنقاً داخل سجن رومية في لبنان، وفق ما أفادت به مصادر من داخل السجن. الأشرف، الذي ينحدر من محافظة حمص، كان موقوفاً منذ أكثر من عامين ونصف دون أن تُعقد له جلسات محاكمة، ما أدى إلى تدهور حالته النفسية تدريجياً.
وأوضحت المصادر أن الأشرف كان يعاني من مرض الصدفية، ولم يُسمح له بإدخال الأدوية اللازمة للعلاج، الأمر الذي فاقم من حالته الصحية والنفسية، وانتهى بالحادثة المؤلمة.
في السياق ذاته، دعت لجنة أهالي السجناء في لبنان الجهات المعنية إلى فتح تحقيق جاد ومحاسبة المقصرين في إدارة السجن، كما ناشدت الحكومة السورية للتدخل الرسمي للاطلاع على مجريات التحقيق وحقوق مواطنيها المحتجزين.
يشهد سجن رومية في لبنان أوضاعًا صحية كارثية تهدد حياة المعتقلين السوريين، ولا سيما من شاركوا في الثورة السورية، في ظل تفشي أوبئة خطيرة داخل وحدات الاعتقال، أبرزها الكوليرا، التيفوئيد، وإنفلونزا الخنازير، إلى جانب التهابات جلدية حادة ناجمة عن الإهمال الطبي المزمن.
وأكدت مصادر حقوقية أن المرافق الصحية داخل السجن تشهد انهيارًا شبه كامل في شروط النظافة والتعقيم، وسط اكتظاظ كبير في الزنازين، وانعدام الرعاية الطبية الأساسية، ما حول أقسامًا كاملة من السجن إلى بؤر وبائية مغلقة.
ويُخشى على حياة مئات المعتقلين السوريين – معظمهم من معارضي نظام الأسد الذين فروا من سوريا ثم اعتُقلوا لاحقًا في لبنان – من التدهور الصحي الحاد، خصوصًا في ظل تجاهل تام من إدارة السجن، وغياب أي تحرك فعّال من الجهات القضائية اللبنانية، أو حتى استجابة من المنظمات الإنسانية الدولية المعنية بحماية المعتقلين.
يُذكر أن سجن رومية يعاني من اكتظاظ شديد، حيث يضم أكثر من 6300 سجين، رغم أن قدرته الاستيعابية لا تتجاوز 1500 سجين، مما يفاقم من معاناة السجناء وظروف احتجازهم، وتأتي هذه التحركات في إطار جهود مشتركة بين الحكومتين السورية واللبنانية لمعالجة القضايا الإنسانية العالقة وتعزيز التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة الشعبين.