الموظف النرجسي… خطر خفي يهدد تماسك فرق العمل
تتنوّع أنماط الموظفين داخل بيئة العمل؛ فهناك من يمدّ يد العون ويخلق جواً من التعاون، ومن يضيف حافزاً إيجابياً يرفع الروح المعنوية. في المقابل، تظهر أنماط أخرى تُسهم في افتعال المشكلات أو تعطيل سير العمل.
ومن بين هذه الأنماط السلبية يبرز نوعٌ يترك تأثيراً عميقاً ومزعجاً على الفريق، إذ يستحوذ على الأضواء ويُقلّل من جهود الآخرين ويحوّل أي إنجاز جماعي إلى مساحة لإبراز ذاته. إنّه الموظف النرجسي الذي يبالغ في تقدير قدراته ويبحث باستمرار عن الإطراء، متجاهلاً انعكاسات سلوكه على زملائه ومسار العمل.
وتوضح خلود مطر، العاملة في المجال الإنساني منذ عدة سنوات في شمالي غربي سوريا، وتنوّعت خبراتها بين العمل الميداني والإداري، في حديثها مع شبكة شام الإخبارية، أنّ الموظف النرجسي «غالباً ما يتميّز بحبٍّ مفرط للظهور، ورغبةٍ مستمرة في نيل الإعجاب والتقدير، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين».
وتضيف أنّه يميل إلى تضخيم إنجازاته والتقليل من جهود زملائه، ويجد صعوبة في تقبّل النقد أو الاعتراف بالخطأ، كما قد يُظهر ميلاً للسيطرة ويستخدم النجاح المهني لإثبات التفوّق الشخصي بدلاً من اعتباره عملاً جماعياً.
في هذا السياق، تروي روعة الأحمد (33 عاماً) من مدينة إدلب تجربتها مع زميل نرجسي في أحد المشاريع قبل نحو عامين. تقول: «كان في الفريق موظف يسعى على الدوام للظهور، ويحرص على أن يبدو أمام الإدارة الأكثر إنجازاً، فيما يقلّل من جهود الآخرين ولا يتعامل بروح الزمالة».
وتتابع أنّها حاولت في البداية تجنّب الخلافات، غير أنّ موقفاً وقع في موقع العمل، تحدّث خلاله ذلك الموظف معها بأسلوب غير لائق أمام زملائها، مما دفعها لتقديم شكوى رسمية إلى قسم الموارد البشرية، مستندةً إلى شهادات الحاضرين، ليُصدر بحقه تنبيه إداري، ومنذ ذلك الوقت توقّفت مضايقاته.
وتؤكد خلود مطر أنّ وجود موظف نرجسي داخل بيئة العمل قد يخلق توتراً دائماً في الفريق، إذ يضعف روح التعاون ويزرع الإحباط بين الزملاء، ولا سيما عندما تُنسب النجاحات إليه وحده أو تُهمَّش مساهمات الآخرين.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يقود هذا السلوك إلى تراجع الدافعية وانخفاض مستوى الثقة، بل وإلى استنزاف نفسي لبعض الموظفين، خصوصاً في البيئات الإنسانية التي تقوم على العمل الجماعي والقيم الأخلاقية.
وتردف أنّ التعامل الأمثل مع الموظف النرجسي يقوم على الاحترافية ووضع حدود واضحة في العمل. فمن الضروري التركيز على المهام والنتائج، وتوثيق كل ما يتعلّق بالعمل بصورة رسمية، مع تجنّب الانخراط في صراعات شخصية أو عاطفية.
كما يُستحسن اعتماد تواصل واضح ومباشر، وعدم الانجرار خلف محاولات الاستفزاز أو التقليل. وفي حال امتد تأثير سلوكه إلى الفريق، يُنصح بإشراك الإدارة بطريقة مهنية قائمة على الوقائع الموثقة لا على الانطباعات.
في المحصلة، لا يشكّل الموظف النرجسي مجرد تحدٍّ شخصي لزملائه، بل عامل خطر على الانسجام والإنتاجية داخل أي فريق. ورغم صعوبة التعامل معه أحياناً، فإن وضوح الأدوار، وتفعيل سياسات الموارد البشرية، وترسيخ ثقافة الاحترام والمساءلة، تبقى أدوات أساسية للحدّ من تأثيره وحماية بيئة العمل.