
بين الركام والمخيمات: أبناء اللطامنة ينتظرون إعادة الإعمار
تعرّضت مدينة اللّطامنة، الواقعة في ريف حماة الشمالي، لحملة قصف ممنهجة طالتها كسائر المدن والبلدات السورية، وذلك منذ اندلاع الثورة في عام 2011 وحتى سيطرة قوات النظام البائد عليها. وقد أسفر هذا القصف المتواصل عن دمار واسع، طال البنية التحتية والأحياء السكنية والمرافق الحيوية في المدينة.
العودة محفوفة بالتحديات
وبعد سقوط النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، فُتحت أبواب العودة أمام السوريين في الداخل والخارج للرجوع إلى مدنهم وقراهم، بعد سنوات من التهجير. وكان من بين العائدين أهالي مدينة اللّطامنة، الذين اصطدموا بواقع مرير: دمار واسع النطاق، وضعف حاد في الخدمات.
هذه التحديات دفعت عشرات الأسر التي كانت تخطط للعودة إلى التريث، في انتظار تحسّن الأوضاع أو وجود ضمانات حقيقية لإعادة الإعمار وتوفير الحدّ الأدنى من مقومات الحياة.
دمار المنازل عقبة أمام العودة
وبحسب أبناء المنطقة الذين تحدثنا معهم، يشكّل دمار المنازل واحداً من أبرز التحديات التي تواجه الأهالي العائدين إلى مدينة اللطامنة، خاصة أولئك الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة ولا يملكون القدرة على إعادة إعمار بيوتهم المدمرة.
فلجأ بعض سكان اللطامنة إلى ترميم منازلهم بجهود فردية، مستفيدين من إمكانياتهم المالية المحدودة. وتمكّن آخرون من إعادة تأهيل منازلهم بشكل جزئي، بينما اكتفى عدد منهم بترميم غرفة ومطبخ لتأمين الحد الأدنى من المعيشة، على أمل الحصول على دعم في المستقبل.
أما من لم يكن يملك شيئاً، فقد عاد بخيمته التي قضى فيها سنوات النزوح، ونصبها فوق أنقاض بيته، ليبدأ حياة جديدة وسط الركام، في مشهد يعكس قسوة الواقع وعزيمة الإنسان في آنٍ معاً.
خدمات غائبة
وأكد الأهالي أن التحديات التي تواجه أهالي اللطامنة لا تتوقف عند حدود الدمار الواسع في البنية السكنية فقط، بل تمتد لتشمل واقعاً خدمياً هشاً يجعل من عودة الحياة إلى المدينة أمراً بالغ الصعوبة.
فشبكة الصرف الصحي لا تزال بحاجة إلى تأهيل وتنظيف شامل، نتيجة ما تعرضت له من دمار، كما أن التيار الكهربائي غير متوفر بشكل كافٍ لتغطية احتياجات البلدة، ما يدفع السكان للاعتماد على بدائل مكلفة وغير مستقرّة.
أما المدارس، فهي غير كافية لاستيعاب جميع الطلاب في المدينة، في حين أن شبكة المياه ما تزال بحاجة إلى مزيد من الإصلاحات وتعزيز ضغط الضخ، لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر العائدة.
أوضاع مأساوية في المخيمات.. وغياب شبه تام للدعم
يعاني النازحون من اللطامنة، والمقيمون في المخيمات، من ظروف معيشية قاسية، تفاقمت بشكل ملحوظ خلال الفترات الأخيرة نتيجة تراجع الدعم الإنساني. وتتمثل بـ انقطاع الدعم المخصص لتوفير المياه، وتوقف توزيع السلال الغذائية، عدم الاهتمام بترحيل القمامة، ما زاد من معاناة السكان.
أهالي اللطامنة بين خيارين صعبين.. ونداء عاجل لإعادة الإعمار
يواجه أهالي مدينة اللطامنة واقعاً مأساوياً بين خيارين صعبين: العودة إلى مدينتهم المدمرة، مع عجز العديد منهم عن إعادة بناء منازلهم وتحمل الخدمات المتردية، أو البقاء في المخيمات التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة.
في ظل هذه الظروف القاسية، يطلق السكان نداءً عاجلاً إلى الحكومة والمنظمات الإنسانية، داعين إلى التدخل السريع وإطلاق مشاريع إعادة إعمار تهدف إلى تحسين واقع الحياة في المدينة، بما يمكّنهم من العودة إليها بأمان وكرامة.