
تحديات الطلاب السوريين العائدين ودور اللغة العربية في دعم تحصيلهم الدراسي
بعد سقوط نظام الأسد، أُتيحت لآلاف النازحين السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، فرصة العودة إلى موطنهم بعد سنوات طويلة من النزوح والغربة، وسط مرحلة جديدة طالما انتظروها. ومع عودة الحياة تدريجياً إلى مسارها الطبيعي، شرع كثير من العائدين في استعادة تفاصيل حياتهم اليومية، وعلى رأسها متابعة تعليم أبنائهم.
إلا أن الطلاب السوريين العائدين من دول المهجر، لا سيما من تركيا وأوروبا، يواجهون تحديات كبيرة في الاندماج ضمن المنظومة التعليمية المحلية، وأبرزها ضعف إتقان اللغة العربية. فقد قضى العديد منهم سنوات دراستهم في مدارس لا تعتمد العربية لغة أساسية، ما أحدث فجوة لغوية أثرت مباشرة على مستواهم الأكاديمي وأعاقت قدرتهم على التفاعل مع المناهج السورية.
أهمية اللغة العربية في نظام التعليم السوري
تُعتبر اللغة العربية مادة أساسية في النظام التعليمي السوري، إذ تشكّل العمود الفقري لفهم باقي المواد الدراسية وتعزيز التحصيل الأكاديمي. وتشمل هذه المادة مهارات القراءة والكتابة والقواعد النحوية والبلاغة، ما يجعل إتقانها ضرورياً للنجاح الدراسي. كما أنّ لها وزناً كبيراً في تقييم الطلاب، سواء في شهادة التعليم الأساسي أو الثانوية العامة، ما يجعلها مفتاحًا للتميز الأكاديمي وبناء قاعدة صلبة لمستقبل الطالب التعليمي.
جهود فردية
وبحسب عدد من الأمهات اللواتي تحدثنا إليهن، فقد بذلن جهوداً كبيرة خلال سنوات النزوح لدعم أبنائهن في تعلم اللغة العربية. فبعضهن قام بتعليم أطفالهن بأنفسهن، مستعينةً بالمعرفة التي يمتلكنها، فيما لجأت أخريات إلى الاستفادة من قنوات اليوتيوب والمنصات التعليمية الإلكترونية التي تقدم دروسًا في اللغة العربية، لتعويض الفجوة اللغوية الناتجة عن سنوات الدراسة خارج المدارس العربية.
استراتيجيات الأهالي بعد العودة لمواجهة ضعف اللغة العربية
بعد العودة إلى الوطن وبدء الالتحاق الفعلي بالمدارس، واجه الطلاب العائدون تحدياً كبيراً يتمثل في ضعفهم في مادة اللغة العربية. لمواجهة هذه المشكلة، لجأ بعض الأهالي إلى التعاقد مع مدرسين لتقديم دروس خصوصية لأبنائهم، وكانت هذه الخطوة غالباً حكراً على العائلات الميسورة.
في المقابل، اعتمد بعض الأهالي على تسجيل أبنائهم في دورات ومعاهد تعليمية خاصة، فيما فضّل آخرون المدارس أو البرامج التي تقدّم أنشطة تعليمية مجانية، سعياً لتعزيز مهارات أبنائهم اللغوية رغم محدودية الإمكانيات المالية.
"مبادرة جذوري"
هناك مبادرات عديدة انطلقت لدعم الطلاب العائدين، ومن أبرزها مبادرة "جزوري"، التي تهدف إلى تعزيز مهارات اللغة العربية لدى الطلاب السوريين العائدين من دول الاغتراب. وفي تصريح خاص لشبكة شام، أوضحت سوسن السعيد، المديرة التنفيذية لمنظمة "بارقة أمل"، أن البرنامج شمل ٢٢٠ طالباً تتراوح أعمارهم بين ٦ و١٨ عاماً، تم توزيعهم على ١٠ صفوف في ٣ مدارس، بعد إجراء تقييم مبدئي لكل طالب لتحديد مستواه وإلحاقه بالبرنامج المناسب له.
وتشير السعيد إلى أن المشروع يهدف إلى سد الفجوة اللغوية الناتجة عن سنوات الدراسة في مدارس غير عربية، وتقليل انعزال الطلاب عن زملائهم ومحيطهم الاجتماعي، وتخفيف الضغط النفسي والمالي عن الأهالي، حيث يُقدّم البرنامج مجاناً، بما في ذلك الكتب والمواد التعليمية.
واجه الطلاب العائدون تحديات كبيرة بسبب ضعفهم في مادة اللغة العربية، وقد دفع هذا الواقع الأهالي للتحرك بشكل عاجل لسد الفجوة اللغوية، خاصة أن اللغة العربية تعد حجر الأساس في النظام التعليمي السوري. ولضمان تحصيل علمي متكامل وتمكين أبنائهم من الاندماج في بيئتهم المدرسية الجديدة، لجأ الأهالي إلى تنظيم دورات تعليمية ودروس خصوصية، بما يعزز مستوى الطلاب ويوازي ما يحققه أقرانهم في الداخل.