
ترامب يوقّع أمراً تنفيذياً بإنهاء برنامج العقوبات الأميركية على سوريا
وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الإثنين، أمراً تنفيذياً ينهي رسمياً العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، في خطوة وصفها البيت الأبيض بأنها تهدف إلى دعم استقرار البلاد ومسارها نحو السلام، مع الإبقاء على عقوبات محددة تستهدف شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السابق.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال إيجاز صحفي، أن العقوبات ستُرفع عن سوريا كدولة، لكنها ستظل قائمة على بشار الأسد رئيس النظام السابق، وشبكته من المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والاتجار بالمخدرات والأسلحة الكيميائية، إضافة إلى عناصر تنظيم الدولة الإسلامية ووكلاء إيران في البلاد.
وجاء هذا القرار استكمالاً لتعهد أعلنه ترامب في مايو الماضي خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، حيث التقى بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الذي أعلن تشكيل حكومة انتقالية في مارس بعد انهيار نظام الأسد عقب هجوم واسع شنّته فصائل المعارضة على دمشق.
وأشارت ليفيت إلى أن “الرئيس يفي بوعده مجدداً من أجل تعزيز السلام والاستقرار”، مضيفة أن بعض العقوبات لا تزال بحاجة إلى إلغاء رسمي من قبل الكونغرس، خاصة تلك المفروضة منذ عام 1979 عندما صنّفت سوريا كدولة راعية للإرهاب.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد بدأت الشهر الماضي بتخفيف عدد من القيود، عبر إصدار توجيهات تتيح معاملات جديدة تشمل البنوك والطيران ومشاريع البنية التحتية.
كما أوضح وزير الخزانة، سكوت بيسنت، أن هذه التسهيلات تهدف إلى تشجيع الاستثمار في سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
وزير الخارجية السوري: إلغاء العقوبات خطوة تاريخية نحو التعافي والانفتاح
في أول تعليق رسمي سوري، أعرب وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، عن ترحيب الحكومة السورية بإلغاء الجزء الأكبر من العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، واصفاً القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه "نقطة تحول تاريخية" تمهّد الطريق لمرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار، وتعزز انفتاح سوريا على المجتمع الدولي.
وأكد الشيباني أن إزالة هذا العائق الجوهري أمام الاقتصاد السوري "تُمهّد لانطلاق ورشة إعادة الإعمار والتنمية، التي طال انتظارها"، مشيراً إلى أن هذا القرار سيُسهم في تأهيل البُنى التحتية الحيوية، وتهيئة البيئة اللازمة لضمان عودة كريمة وآمنة للمهجرين السوريين إلى بلادهم.
أهمية القرار
ويحمل هذا القرار دلالات سياسية واقتصادية عميقة، من شأنها أن تُعيد رسم ملامح العلاقة بين واشنطن ودمشق، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي على سوريا بعد سنوات من العزلة والحصار.
ويمثل هذا الإجراء نقلة نوعية على المستوى القانوني، حيث يرفع بشكل مباشر القيود المفروضة على التعاملات الاقتصادية والمالية مع سوريا، ويُتيح للشركات الأميركية والأجنبية المرتبطة بها استئناف علاقاتها التجارية والاستثمارية مع دمشق، بما يشمل مجالات الطاقة، والإعمار، والبنية التحتية، والمصارف.
ويُتوقع أن يُعيد هذا القرار الحياة إلى قطاعات اقتصادية حيوية طالما كانت معطّلة بسبب العقوبات، كما أنه يُعيد إلى سوريا إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية وشبكات التمويل الدولية، بعد سنوات من العزل.
من أبرز نتائج القرار، كما يرى محللون، إزالة واحدة من أكبر العقبات أمام مشاريع إعادة الإعمار والتنمية في سوريا، وتهيئة الأرضية الاقتصادية المناسبة لعودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى ديارهم، من خلال تحسين الخدمات العامة، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتنشيط سوق العمل.
وتوقعت مصادر اقتصادية أن يؤدي رفع العقوبات إلى تخفيف الضغط عن الليرة السورية، وتحسين مستوى الواردات، وخفض كلفة المعيشة، ما ينعكس مباشرة على حياة المواطنين.
سياسياً، يشير الأمر التنفيذي إلى تحوّل كبير في موقف الإدارة الأميركية تجاه سوريا. ويأتي في سياق متغيرات دولية متسارعة، يبدو أن واشنطن قررت خلالها إعادة تموضعها في المنطقة، وفتح قنوات دبلوماسية جديدة مع الحكومة السورية.
ورأى مراقبون أن توقيت القرار يتناغم مع الانفتاح الدولي على دمشق، وعودة العديد من الدول إلى علاقات دبلوماسية وتجارية كاملة معها، مما يعزز فرص تطبيع العلاقات بين سوريا والغرب، وهو خطوة سياسية عميقة التأثير، تُمهّد لمرحلة جديدة من الاستقرار والانفتاح، وتضع سوريا أمام فرصة حقيقية لتعافي اقتصادها وإعادة اندماجها في النظام الدولي، في لحظة مفصلية من تاريخ البلاد والمنطقة ككل.