
حـ ـزب اللـ ـه يُعلنها : لن نبادر بالهجوم ونتفهم هواجس الدولة اللبنانية
في أعقاب الغارات الجوية الواسعة التي شنّتها إسرائيل فجر الجمعة على مواقع نووية وعسكرية في إيران، كشفت مصادر سياسية رفيعة في بيروت أن الرئاسة اللبنانية أجرت اتصالات مباشرة مع قيادة “حزب الله” لفهم موقفه من التصعيد، وسط مخاوف متصاعدة من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.
ووفق المعلومات المتقاطعة، فقد أبلغ “حزب الله” الدولة اللبنانية، وكذلك قيادة الجيش، أنه لن يبادر بأي هجوم منفرد ضد إسرائيل، وأنه يتفهم “هواجس اللبنانيين والدولة والجيش”، مؤكداً التزامه بقرار الدولة ومؤسساتها في تحديد مسار السلم أو الحرب.
وشددت مصادر رسمية على أن القيادة السياسية والأمنية في لبنان نقلت إلى “حزب الله” موقفاً حازماً بأن أي تورط لبناني في الرد على الغارات الإسرائيلية غير مقبول، وأن تجاوز الدولة في اتخاذ قرار الحرب “بات من الماضي”.
كما تلقى الحزب رسائل مشابهة من أطراف عربية وغربية حذّرت من خطورة الدخول في مواجهة إقليمية من الأراضي اللبنانية.
من جهته، أصدر “حزب الله” بياناً دان فيه الغارات، معرباً عن تضامنه الكامل مع إيران، معتبراً أن الهجوم يهدّد “بإشعال المنطقة”، واتّهم إسرائيل بأنها “تجاوزت الخطوط الحمراء”، واصفاً تصرفاتها بأنها “مغامرات وحماقات” تهدف إلى صرف الأنظار عن أزماتها الداخلية.
وفي تطور لافت، عزز الجيش اللبناني حضوره العسكري على الحدود مع سوريا، كما بدأ بعملية تمشيط واسعة في القرى الواقعة جنوب نهر الليطاني، ورفع مستوى الجاهزية حول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في مناطق الجنوب، تحسباً لأي تطورات غير متوقعة.
موقف رسمي لبناني موحد: لا للحرب من لبنان
الرئيس اللبناني جوزف عون أصدر بياناً دان فيه الهجمات، معتبراً أنها “لا تستهدف الشعب الإيراني فقط، بل تضرب جهود الاستقرار الإقليمي”، ورأى أن التصعيد الأخير يهدد بإفشال كل المبادرات السياسية الجارية لمنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
عون دعا المجتمع الدولي إلى “التحرك العاجل لمنع إسرائيل من تنفيذ أجندتها التصعيدية”، مؤكداً أن استمرار هذا النهج سيقود إلى “نتائج كارثية تتجاوز حدود إيران وإسرائيل”.
بدوره، وصف رئيس الحكومة نواف سلام الغارات بأنها “عدوان خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي ولسيادة إيران”، محذراً من تداعيات واسعة على “استقرار المنطقة والسلم العالمي”.
الغارات الإسرائيلية: أهداف نوعية وخسائر فادحة
وكانت إسرائيل قد نفّذت واحدة من أعنف غاراتها الجوية ضد إيران، حيث استهدفت منشآت حساسة من بينها منشأة “نطنز” النووية، ومقار الحرس الثوري في طهران، ما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس الأركان محمد باقري، وعدد من العلماء من أبرزهم فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي.
وأعلنت إسرائيل أن العملية، التي حملت اسم “الأسد الصاعد”، هي “ضربة افتتاحية” ستتبعها هجمات إضافية إذا اقتضى الأمر، بهدف “إزالة التهديد النووي الإيراني”، وفق تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
في المقابل، تعهدت إيران بـ”ردّ قاسٍ”، متهمةً الولايات المتحدة بالمشاركة الضمنية في العدوان، وأكدت أن “كل من شارك في العملية سيدفع الثمن”.
سوريا تراقب.. ولبنان يُمسك بخيوط التوازن
في ظل هذه الأجواء المشحونة، تبرز سوريا كطرف مراقب بحذر، خاصة بعد أن أكد الرئيس السوري أحمد الشرع التزام بلاده بالاستقرار الإقليمي ورفضه لأي تدخلات تُعيد إشعال الجبهات. بينما يبدو لبنان أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على النأي بالنفس عن صراعات المحاور، منعاً لتكرار سيناريوهات الماضي التي دفعت البلاد ثمنها باهظًا.