دمشق تؤكد انفتاحها على تعاون أمني موسّع مع موسكو وتبادل الخبرات الشرطية
قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، إن بلاده منفتحة على توسيع التعاون الأمني وتبادل الخبرات الشرطية مع روسيا، في إطار شراكة ثنائية تهدف إلى تعزيز الأمن الداخلي ورفع كفاءة قطاع الشرطة.
وفي تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية، أوضح البابا أن "التعاون في قطاعي الأمن والشرطة يتم ضمن اتفاقيات مشتركة عند وجود تهديدات وأولويات متقاطعة"، مؤكداً أن تبادل المعلومات والخبرات والتنسيق التقني بين دمشق وموسكو "يبقى ممكناً ومتدرجاً بما يخدم مصلحة البلدين ويعزز الاستقرار".
وتأتي هذه التصريحات عقب الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو، حيث عقد محادثات وصفها الجانبان بـ"المثمرة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناولت ملفات عدة، من بينها طبيعة الوجود العسكري الروسي في سوريا، ومستوى مشاركة الشركات الروسية في قطاعات إعادة الإعمار والطاقة والبنية التحتية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تواصلت اللقاءات العسكرية والفنية بين الطرفين، شملت اجتماعات لضباط من الجانبين، تمحورت حول رفع الجاهزية، وتطوير برامج التدريب والتأهيل، وتحديث أدوات العمل الأمني في المناطق الحساسة.
وفي سياق متصل، التقى الأمين العام للرئاسة السورية، ماهر الشرع، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، حيث بحثا "تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف في المحافل الدولية"، وفق بيان الخارجية الروسية. وأكد فيرشينين أن الاتصالات بين موسكو ودمشق "مكثفة ومتواصلة"، مشيراً إلى أن اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري عقدت مؤخراً اجتماعاً وصفه بأنه "حدث مهم" في تعزيز الشراكات العملية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن لقاء الرئيسين الشرع وبوتين تناول كل ملفات التعاون دون استثناء، بما في ذلك مستقبل القواعد الروسية في طرطوس وحميميم، موضحاً أن الجانب السوري "يرى في استمرار هذا الوجود جزءاً من منظومة الاستقرار الإقليمي"، مع إمكانية تطوير هذه القواعد لتؤدي أدواراً إنسانية ولوجستية جديدة.
وتشير مؤشرات المرحلة الحالية إلى أن دمشق وموسكو تتحركان نحو صياغة نموذج جديد للعلاقات يتجاوز الطابع العسكري التقليدي، ليشمل الأمن المدني، وإعادة الإعمار، والتكامل الاقتصادي، وتطوير البنية المؤسسية للدولة السورية في مرحلة ما بعد الحرب.
وتملك روسيا قاعدتين في الساحل السوري: الأولى بحرية في طرطوس، التي تأسست كنقطة دعم مادي وفني للأسطول السوفييتي عام 1971، وقامت موسكو بتطويرها في السنوات الأخيرة إلى قاعدة بحرية متكاملة.
أما الثانية فهي جوية في مطار حميميم في محافظة اللاذقية، التي أنشأتها موسكو مع بدء تدخلها العسكري المباشر لدعم نظام الأسد في نهاية سبتمبر 2015. وفي عام 2017، اتفقت موسكو مع نظام الأسد على مرابطة القوات الروسية في هاتين القاعدتين مجانًا لمدة 49 عامًا.
حصيلة الانتهاكات الروسية الموثَّقة (30 أيلول/سبتمبر 2015 – 8 كانون الأول/ديسمبر 2024)
وذكر التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30 أيلول/سبتمبر 2015 حتى سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024؛ إذ وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 6993 مدنياً، بينهم 2061 طفلاً و984 سيدة (أنثى بالغة).
كما وثَّقت الشَّبكة ما لا يقل عن 363 مجزرة ارتكبتها القوات الروسية خلال الفترة ذاتها، وهو ما يدل على اعتمادٍ واسع النطاق على الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، ويؤكد أنَّ التدخل الروسي كان عاملاً أساسياً في تصعيد معاناة المدنيين وارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.
ووثَّقت الشَّبكة أيضاً مقتل ما لا يقل عن 70 من أفراد الطواقم الطبية، بينهم 12 سيدة (أنثى بالغة)، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 24 من أفراد الطواقم الإعلامية على يد القوات الروسية خلال الفترة ذاتها.
وسجَّلت الشَّبكة ما لا يقل عن 1262 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 224 مدرسة، و217 منشأة طبية، و61 سوقاً، على يد القوات الروسية منذ تدخلها وحتى سقوط نظام بشار الأسد. وقد جاءت محافظة إدلب في صدارة المحافظات من حيث عدد حوادث الاعتداء، تلتها حلب ثم حماة، بما يعكس نمطاً ممنهجاً في استهداف المرافق المدنية.
ورصدت الشَّبكة الدور السياسي لروسيا في تعطيل قرارات مجلس الأمن، والتصويت ضد إدانة نظام الأسد، والتلاعب بآليات المساعدات، إضافة إلى حملات التضليل الإعلامي. ورغم ما تعرَّضت له من هجمات وتشويهٍ منظَّمَين، واصلت الشَّبكة إصدار تقارير دقيقة أسهمت في توثيق انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.