
دمشق وأنقرة توقّعان اتفاقاً استراتيجياً في قطاع الطاقة: الغاز والكهرباء لتعزيز البنية التحتية
وقّع وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، ونظيره التركي، ألب أرسلان بيرقدار، اليوم 22 أيار/مايو، اتفاقاً مشتركاً لتوسيع التعاون في قطاعَي الغاز والكهرباء، وذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة دمشق، بحضور عدد من المسؤولين من الجانبين.
وبحسب ما أُعلن في المؤتمر، ينص الاتفاق على مدّ خط أنابيب غاز جديد يربط بين البلدين، إلى جانب استكمال ربط شبكة الكهرباء السورية بالشبكة التركية عبر خط بجهد 400 ك.ف.، في خطوة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الطاقية في سوريا، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين.
تزويد أولي بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز... و1300 ميغاواط إنتاج كهربائي متوقع
وأكد الوزير التركي ألب بيرقدار خلال المؤتمر، أن بلاده بدأت فعلياً بتزويد سوريا بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، يُخصص لاستخدامه في تشغيل محطات توليد الكهرباء، ما يسهم في إنتاج نحو 1300 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، لتلبية جزء من الاحتياجات العاجلة للبلاد في هذا القطاع الحيوي.
وأضاف بيرقدار أن هذه المشاريع تُعد ركيزة أساسية في جهود إعادة الاستقرار إلى سوريا، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستركّز على جذب الاستثمارات المباشرة في قطاع الطاقة، لاسيما من الشركات الكبرى التي سبق أن عملت في السوق السورية، وأبدت استعدادها للعودة في ضوء تحسّن المناخ الاقتصادي ورفع العقوبات الأوروبية.
امتداد لمسار التقارب السياسي والاقتصادي بين أنقرة ودمشق
ويأتي هذا الاتفاق تتويجاً للقاءات متكررة بين الطرفين، كان آخرها في إسطنبول خلال قمة الموارد الطبيعية، في سياق ما وصفه مراقبون بـ"المسار المتسارع للتقارب السوري–التركي"، الذي يشمل ملفات متعددة أبرزها الاقتصاد والطاقة.
وفي خطوة لافتة، أعلنت وكالة "الأناضول" أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيستقبل الوزير التركي بيرقدار في لقاء رسمي، في مؤشر إضافي على تطوّر العلاقات الثنائية بين البلدين، وانتقالها من مرحلة التنسيق التقني إلى الشراكة الاستراتيجية في ملفات إعادة الإعمار والتنمية.
تركيا تعلن عن موعد بدء إمدادات الغاز إلى سوريا: مليارا متر مكعب سنوياً لتوليد الكهرباء
أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن تركيا ستبدأ في تصدير الغاز إلى سوريا بكمية تصل إلى ملياري متر مكعب سنوياً، أي بمعدل 6 ملايين متر مكعب يومياً.
وفي تصريح له خلال مقابلة مع قناة "سي إن إن ترك"، أوضح الوزير أن الغاز المصدّر سيخصص بشكل أساسي لتوليد الكهرباء في سوريا. وأشار إلى أن أعمال بناء البنية التحتية لخط أنابيب الغاز الطبيعي قد بدأت على الأراضي السورية، معتبراً أن الغاز سيُنقل من ولاية كليس التركية إلى مدينة حلب السورية.
بيرقدار أضاف قائلاً: "الغاز سيكون مخصصًا لمحطة الكهرباء في حلب، ونهدف إلى بدء تدفق الغاز خلال الأشهر الثلاثة المقبلة". وأوضح أن تقدم المشروع كان سريعًا، حيث وصل خط الغاز إلى الحدود السورية في منطقة كليس، مما يسهم في تأمين الوقود الضروري لمحطات الكهرباء في حلب.
وفي السياق ذاته، كشف بيرقدار أن تركيا بدأت أيضًا في تزويد سوريا بالكهرباء، حيث يتم حالياً إمداد مدينة حلب بـ200 ميغاواط من الطاقة الكهربائية المولدة في الأراضي التركية.
لتأمين إمدادات الغاز والكهرباء: اتفاقيات استراتيجية مع تركيا لضمان استقرار الطاقة في سوريا
وسبق أن أعلن وزير الطاقة السوري، محمد البشير، عن خطوات حيوية لتعزيز واقع الطاقة في البلاد، تشمل توقيع اتفاقيات استراتيجية لاستيراد الكهرباء من تركيا ومد خط غاز طبيعي لضمان استقرار القطاع، في إطار سعي الحكومة السورية لتحسين قطاع الطاقة الحيوي في البلاد.
تأتي هذه الخطوات في وقت حساس حيث يشهد القطاع الطاقي تحديات ضخمة على مستوى البنية التحتية والموارد المتاحة، مما يهدد استمرارية الخدمات الأساسية في سوريا.
اتفاقيات استراتيجية مع تركيا
خلال مشاركته في قمة إسطنبول للموارد الطبيعية، كشف الوزير محمد البشير عن اقتراب توقيع اتفاقية لاستيراد الكهرباء من تركيا عبر خط بجهد 400 كيلو فولت، يمتد من تركيا إلى سوريا، بالإضافة إلى إنشاء خط غاز طبيعي بين كيليس التركية ومدينة حلب السورية. هذا الخط الجديد سيتيح توريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا لمحطات توليد الكهرباء في سوريا، مما يسهم في تحسين وضع الطاقة في البلاد.
وأضاف الوزير أنه سيتم ربط خط آخر بين الريحانية التركية ومنطقة حارم في إدلب لتوريد نحو 80 ميغاوات من الكهرباء إلى شمال سوريا عبر مركز التحويل الموجود على الجانب التركي. تعتبر هذه الاتفاقيات جزءًا من الجهود الحثيثة لضمان استقرار الطاقة في سوريا عبر تعزيز البنية التحتية وإعادة تأهيل محطات التوليد لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
أزمة الطاقة والتحديات البنية التحتية:
لا يزال قطاع الطاقة في سوريا يعاني من أزمة خانقة نتيجة تدهور البنية التحتية بعد سنوات من الحرب، حيث تمثل الفجوة بين القدرة الإنتاجية والطلب على الكهرباء تحديًا رئيسيًا. ويعاني القطاع من نقص حاد في الوقود وأضرار جسيمة تعرضت لها محطات التوليد وخطوط النقل، مما دفع إلى فرض تقنين صارم للكهرباء.
وتشير التقارير إلى أن سوريا بحاجة إلى 6500 ميغاوات من الكهرباء لتلبية احتياجاتها، في حين لا يتجاوز الإنتاج الحالي 1500 ميغاوات. ويقدّر الخبراء تكلفة إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية بنحو 40 مليار دولار.
الآثار الاقتصادية والتحسينات المنتظرة:
من المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقيات إلى تحسين الوضع الطاقي في سوريا بشكل ملموس. في حديثه لوسائل الإعلام، أكد الباحث الاقتصادي الدكتور خالد تركاوي أن توريد الغاز الطبيعي من تركيا إلى شمال سوريا سيحسن بشكل كبير أداء قطاع الطاقة، ما سيمكن من زيادة ساعات تغذية الكهرباء في العديد من المناطق. كما أن تزويد الكهرباء للمناطق الصناعية والزراعية سيكون له أثر إيجابي في تعزيز الإنتاج وتوفير فرص العمل.
تعد الكهرباء اليوم عصب الحياة في سوريا، حيث تعتمد عليها جميع القطاعات الأساسية، مثل الري والصناعة. لذا، فإن توفير الكهرباء بشكل مستمر سيؤثر بشكل مباشر على تحسين جودة الحياة للمواطنين السوريين ويدعم استقرار الاقتصاد المحلي.
التعاون الإقليمي والفرص المستقبلية:
تعكس هذه الخطوات اهتمام سوريا بتحسين العلاقات الاقتصادية مع جيرانها، وتعتبر زيادة التبادل التجاري مع تركيا الذي يُقدّر بحوالي 1.2 مليار دولار سنويًا نتيجة مباشرة لهذه الاتفاقيات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحسين البنية التحتية للطاقة سيحفز استثمارات أخرى في مشاريع مشتركة بين البلدين، ما يساعد في بناء شبكة اقتصادية إقليمية مستقرة.
ويُعد التعاون بين سوريا وتركيا في مجال الطاقة خطوة هامة نحو استقرار قطاع الطاقة السوري، والذي يُعتبر من الركائز الأساسية في مسار إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي. في ضوء هذه الاتفاقيات، من المنتظر أن تحقق سوريا تقدماً ملحوظاً في تحسين بنية القطاع، ما يعزز قدرة الدولة على تلبية احتياجات مواطنيها من الكهرباء، ويمهد الطريق لمزيد من التعاون الإقليمي والدولي في المستقبل.