
طفولة بين الأنقاض: تحديات الأطفال العائدين في إدلب وحماة
يصطدم الأطفال العائدون إلى قراهم ومدنهم في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي بسلسلة تحديات تسلبهم شعور الاستقرار وتؤثر على حياتهم اليومية. فهؤلاء الصغار يشاركون أسرهم معاناة العيش في واقع يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ويتأثرون بالظروف المحيطة بهم كما يتأثر الكبار.
سوء الخدمات يثقل حياة الأطفال
ضمن هذا التقرير نستعرض بعض العقبات التي تفوق أعمار الأطفال العائدين، وأبرزها سوء الخدمات في قراهم، مثل انعدام الكهرباء، شحّ المياه، مشاكل الصرف الصحي وسوء البنية التحتية. ويتحدث الآباء عن هذه المشاكل يومياً، لتتسرب تلك المعاناة إلى مسامع الصغار، فيشعرون بالعجز أمام واقع لا يستطيعون تغييره.
كبرت هموم هؤلاء الأطفال قبل أوانها، في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون همّهم فيه اللعب والمرح. يضطرون لتحمل مسؤوليات تفوق أعمارهم، ويواجهون واقعاً قاسياً يسرق منهم براءة الطفولة ويجعلهم يختبرون صعوبات الحياة قبل أن يكونوا مستعدين لذلك.
مخلفات الحرب تهدد حياة الأطفال
إلى جانب الظروف المعيشية الصعبة، يواجه الأطفال خطراً إضافياً يتمثل في مخلّفات الحرب المنتشرة في تلك المناطق. تسببت انفجارات هذه الذخائر في مقتل أشخاص وإصابة آخرين بأضرار بالغة، وكان من بين الضحايا أطفال صغار لم يدركوا خطورة الذخائر غير المنفجرة ولم يستطيعوا تمييزها.
التعليم في بيئة غير مجهزة
يواجه أغلب هؤلاء الأطفال واقعاً تعليمياً صعباً، إذ يدرسون في مدارس غير مجهزة ولا توفر بيئة آمنة للتعلّم. الكثير منها يحتاج إلى ترميم، وتفتقر إلى المقاعد والسبورات والوسائل التعليمية الأساسية، في مشهد يعكس الفارق الكبير بين الواقع التعليمي وما يجب أن يكون عليه.
التأثير النفسي للظروف على الأطفال
يؤكد أخصائيون نفسيون أن العقبات اليومية التي يواجهها الأطفال تترك أثراً عميقاً على صحتهم النفسية، فتشعرهم بالخوف الدائم وتزعزع إحساسهم بالأمان في المناطق التي يعيشون فيها. كما يضطر كثير منهم لتحمل مسؤوليات تفوق أعمارهم، ما يحرمهم من طفولتهم الطبيعية.
وقد ينعكس هذا التوتر على سلوكياتهم، فبعض الأطفال يعبر عن ضغوطه بالغضب أو الانطواء، فيما يفقد آخرون الدافعية ويضعف لديهم الأمل بالمستقبل، خاصة أولئك الذين يعيشون في بيئة تحكمها ظروف الحرمان.
مساندة الأطفال في مواجهة التحديات
يشير الأخصائيون النفسيون إلى أن دعم الأطفال في هذه الظروف يمكن أن يكون عبر البقاء إلى جانبهم، الاستماع لهم، وتشجيعهم على مواجهة الصعوبات. كما يمكن إشعارهم بالأمان، ومشاركتهم في تفاصيل حياتهم اليومية. هذه الإجراءات البسيطة توفر للأطفال دعماً نفسياً يساعدهم على التكيف مع تحديات الحياة اليومية.
تُظهر معاناة الأطفال العائدين إلى ديارهم حجم التحديات التي ما زالت تعيق استقرار الحياة في تلك المناطق. فبين ضعف الخدمات، وغياب بيئات التعليم الآمنة، تبرز الحاجة إلى جهود حكومية وإنسانية تضمن لهؤلاء الأطفال الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، وتعيد لهم حقهم في بيئة آمنة ومستقبل مستقر.