
عائدون في ريف إدلب الجنوبي يواجهون قسوة الحياة داخل خيام وكرفانات فوق أنقاض منازلهم
يواجه العائدون إلى بعض القرى في ريف إدلب الجنوبي مشهداً قاسياً، إذ ما تزال الأنقاض والركام تملأ المكان وتحجب ملامح القرى والبلدات التي هُجرت لسنوات طويلة. هذا الواقع لا يضاعف معاناة من عادوا فقط، بل يمنع الكثير من النازحين من اتخاذ قرار العودة إلى ديارهم.
اضطر عدد كبير من الأهالي إلى نصب خيامهم أو إعادة استخدام الكرفانات التي لجؤوا إليها خلال النزوح، فوق أنقاض منازلهم المدمرة، بعدما عجزوا عن إعادة الإعمار نتيجة أوضاعهم المعيشية الصعبة. بات من المألوف اليوم رؤية عائلات تعيش في خيام أو كرفانات أو داخل منازل مدمرة جزئياً، متحملة الأعباء النفسية والأمنية لهذا الوضع.
أوضح بعض السكان أن ضعف الإمكانات المادية وغياب المعيل أو فقدان الأبناء والأقارب القادرين على المساعدة حالت دون الشروع في إعادة البناء. كما أن سنوات الحرب والنزوح قضت على الموارد التي كانوا يملكونها، ما جعل إعادة ترميم منازلهم شبه مستحيلة. ووسط غياب الدعم المالي واللوجستي، يجدون أنفسهم عالقين في ظروف لا تتيح لهم سوى العيش في مأوى مؤقت.
خلال جولة ميدانية في بعض القرى، ظهرت معاناة الأهالي بوضوح، إذ اشتكى كثيرون من الحرارة المرتفعة داخل الخيام في فصل الصيف، حيث يصبح النوم والاستراحة أمراً بالغ الصعوبة، وتزداد المخاوف من الإصابة بضربة شمس أو أمراض أخرى. أما في الشتاء، فتتحول الخيام إلى مأوى هشّ أمام البرد القارس والأمطار.
إلى جانب المشقة المعيشية، تحدث الأهالي عن آثار نفسية عميقة، أبرزها فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، والخوف على الأطفال وكبار السن من الأمراض. كما عبّروا عن شعورهم بعدم السيطرة على تفاصيل حياتهم اليومية وسط هذا الواقع الهش. ومع ذلك، يتمسكون بالبقاء في قراهم، معتبرين أن العودة إلى أرضهم أفضل من البقاء بعيدين عنها مرة أخرى.
تضاف إلى هذه المعاناة مشاكل أخرى مرتبطة بانعدام الخدمات الأساسية، إذ تغيب المراكز الصحية عن المنطقة، بينما تبقى مياه الشرب سلعة يشترونها بثمن، في حين لا تتوفر الكهرباء نهائياً. ويؤكد العائدون أن وجود الأنقاض والركام يزيد من صعوبة الحياة اليومية ويجعل العودة الحقيقية إلى بيوتهم حلماً بعيد المنال.
رغم كل ذلك، يواصل أهالي ريف إدلب الجنوبي تمسكهم بأرضهم وحقهم في الحياة الكريمة، متحدين الظروف القاسية بالصبر والإصرار، على أمل أن يأتي اليوم الذي يزيلون فيه الأنقاض ويعيدون بناء بيوتهم ليستعيدوا شعورهم المفقود بالاستقرار.