عيد العمال في سوريا.. بين شقاء الكدح وتهميش الحقوق
عيد العمال في سوريا.. بين شقاء الكدح وتهميش الحقوق
● أخبار سورية ١ مايو ٢٠٢٥

عيد العمال في سوريا.. بين شقاء الكدح وتهميش الحقوق

يحلّ الأول من أيار/مايو، عيد العمال، كمناسبة عالمية لتكريم اليد العاملة التي تبني الأوطان وتحرك اقتصادها، إلا أنه يمرّ على العمال السوريين هذا العام بطابع شاحب ومثقل بالهموم، حيث لا يتعدى كونه عطلة رسمية شكلية في مؤسسات الدولة، فيما الواقع يزداد قسوة، والحقوق تتآكل، والمصير يزداد غموضاً وسط ظروف اقتصادية متردية وسوق عمل يفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة والحماية.

 أجور زهيدة وأعمال شاقة
يعمل مئات الآلاف من السوريين في مهن تتطلب جهداً بدنياً قاسياً، كإكساء الجدران والدهان وتصليح السيارات والأعمال الزراعية، وتشغيل مكابس البلوك وغيرها من المهن الشاقة، إلا أن أجورهم لا تتناسب مطلقاً مع الجهد المبذول، بل بالكاد تكفي لتأمين لقمة العيش. 


ويتفاقم هذا العبء حين تطرأ حالات طارئة كالحاجة للدواء أو مصاريف مفاجئة. وإلى جانب تدني الأجور، يواجه هؤلاء إرهاقاً بدنياً مستمراً دون أي تعويض أو رعاية صحية، في ظل غياب منظومة الأمان الوظيفي أو التأمين الاجتماعي.

استغلال ممنهج للفقر
تزايدت في السنوات الأخيرة شكاوى العمال من تعرضهم لعدة أنماط من الاستغلال، من أبرزها حجب الأجور أو تقليصها، عدم دفع مستحقات الساعات الإضافية، وحرمانهم من المكافآت رغم جودة العمل. ويتفاقم هذا الاستغلال في غياب العقود الرسمية، ما يمنح أرباب العمل سلطة مطلقة على مصير العمال، خصوصاً في المشاريع الخاصة. وفي ظل الواقع الاقتصادي المنهار، يضطر كثيرون للقبول بأبخس الأجور مقابل الحد الأدنى من الدخل، ولو على حساب الكرامة والحقوق.

العمال في موقع الهشاشة القصوى
تُعد الفئة العاملة اليوم الحلقة الأضعف في الاقتصاد السوري. فمع تدهور الليرة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب الدعم الاجتماعي، أصبحت حياة العامل اليومي كفاحاً مفتوحاً دون ضمانات. ولا توجد سياسات فاعلة تحمي هذه الشريحة، ما يجعلها عرضة للابتزاز والاستغلال تحت ضغط الحاجة.

 شعارات عقيمة وأمل متجدد
رغم أن الأنظمة المتعاقبة في سوريا، منذ حكم حافظ الأسد وصولاً إلى عهد بشار الأسد، ملأت ساحات الخطاب الرسمي بشعارات تمجيد "الطبقة العاملة"، فإن الواقع كان مغايراً تماماً. فقد حُوّلت النقابات إلى أدوات للسلطة، وتحوّل الحديث عن العدالة إلى ديكور لا يلامس جوهر المعاناة اليومية للعمال.

وتحت غطاء "اقتصاد السوق الاجتماعي"، اتّسعت الهوة بين الطبقات، وتراجع موقع العمال في المجتمع والدولة. واليوم، بعد مرحلة التغيير السياسي، يحدو كثير من السوريين الأمل بأن تعيد الإدارة السورية الجديدة الاعتبار لهذه الطبقة المنهكة، وأن تشرع فعلياً ببناء منظومة تحترم الحقوق وتصون الكرامة.

عيد للتذكير.. لا للاحتفال
تحوّل عيد العمال في سوريا من مناسبة احتفالية إلى لحظة تذكير مريرة بحجم المأساة التي تعيشها الطبقة العاملة. فالحاجة أصبحت ماسة إلى مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، تتضمن رفع الأجور بما يضمن الحد الأدنى من الكرامة، وتوفير الرعاية الصحية، وسن قوانين فاعلة تكافح الاستغلال، وتضع العامل السوري في مكانه الطبيعي: لبنة أساسية في مشروع النهوض الوطني.

إن إنصاف العامل السوري اليوم لم يعد ترفاً أو شعاراً، بل ضرورة وطنية وأخلاقية، لا يمكن لأي عملية إعادة إعمار أو تحول ديمقراطي أن تكتمل دونها.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ