في الذكرى الـ12 لمجزرة الكيماوي.. دعوات جديدة لمحاسبة المشاركين بمسلسل كونتاك
في الذكرى الـ12 لمجزرة الكيماوي.. دعوات جديدة لمحاسبة المشاركين بمسلسل كونتاك
● أخبار سورية ٢١ أغسطس ٢٠٢٥

في الذكرى الـ12 لمجزرة الكيماوي.. دعوات جديدة لمحاسبة المشاركين بمسلسل كونتاك

مع حلول الذكرى الثانية عشرة لمجزرة الكيماوي في الغوطتين، أعاد ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الواجهة إحدى اللوحات التي عرضها مسلسل "كونتاك"، والتي أثارت جدلاً واسعاً حينها. اللوحة حملت سخرية واضحة من مجازر الكيماوي التي شهدتها البلاد خلال الحرب، في محاولة لتكذيب تلك الأحداث كما كان يدعي النظام البائد.

تضمنت اللوحة مشهداً يظهر أشخاصاً ترتدي ملابس توحي بانتمائهم للدفاع المدني، وهم يجبرون مدنيين على البكاء أمام الكاميرا، محاولين محاكاة وقوع مجزرة كيماوي. وشمل المشهد سيدة يُطلب منها البكاء على ابنها، وآخرون يُأمرون بإظهار الحزن والمأساة.

عُرضت هذه الحلقة في رمضان 2019، وأثارت حينها ردود فعل غاضبة من السوريين، الذين اعتبروها استهزاءً بدماء الأبرياء وتحقيراً للأرواح التي فقدت، ما دفع لاحقاً إلى حذفها من منصة "يوتيوب". واليوم بُجدد ناشطون مطالبهم بمحاسبة الفنانين المشاركين في تلك الحلقة.

ويعرف عن النظام المخلوع، خلال سنوات حكمه، التدخل الواسع في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، سعياً لتوظيفها في خدمة مصالحه وتعزيز صورته. ومن بين أساليب هذا التدخل استخدام الدراما السورية كأداة لتشكيل الرأي العام، وتمرير أفكاره، وتشويه صورة الثورة والمعارضة عبر الأعمال التلفزيونية التي يتابعها المواطنون.

الذكرى الثانية عشرة لمجزرة الكيماوي في الغوطتين: جريمة معلّقة بلا محاسبة

يصادف اليوم 21 آب الذكرى السنوية الحادية عشرة لاستخدام نظام الأسد للأسلحة الكيميائية في الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق عام 2013، حيث يحيي السوريون هذا اليوم بذاكرة دامية وحالة حداد جماعية، مستحضرين صور الضحايا وآثار الجريمة التي ما تزال تترك بصمتها القاسية على الناجين، لاسيما الأطفال، في ظل غياب أي مساءلة حقيقية للمسؤولين عنها.

تفاصيل الهجوم

شنّت قوات النظام ليلة 21 آب 2013 أربع هجمات كيميائية متزامنة على مناطق مأهولة في الغوطتين، مستخدمة ما لا يقل عن عشرة صواريخ محمّلة بغاز السارين السام بقدرة إجمالية تصل إلى 200 ليتر، وجرى إطلاقها بعد منتصف الليل في توقيت مقصود تزامن مع انخفاض درجات الحرارة وسكون الهواء، ما أدى إلى بقاء الغازات الثقيلة قريبة من الأرض، وبالتالي وقوع أكبر عدد من الضحايا وهم نيام.

الحصار الذي فرضته قوات النظام منذ نهاية 2012 على الغوطتين، ومنع دخول الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، أسهم في مضاعفة الخسائر البشرية وعجز المستشفيات الميدانية عن إنقاذ المصابين.

حصيلة الضحايا

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 1144 شخصاً اختناقاً، بينهم 1119 مدنياً من ضمنهم 99 طفلاً و194 سيدة، إضافة إلى 25 من مقاتلي المعارضة. كما أصيب نحو 5935 شخصاً بحالات اختناق وأعراض تنفسية مختلفة، لتكون هذه المجزرة وحدها مسؤولة عن 76% من إجمالي ضحايا الهجمات الكيميائية في سوريا منذ 2012 وحتى آخر هجوم مسجل في أيار 2019 بريف اللاذقية.

أثر مستمر في الذاكرة والواقع

أكدت تقارير حقوقية أن تداعيات المجزرة لم تقتصر على لحظة وقوعها، بل امتدت إلى آثار جسدية ونفسية طويلة الأمد. فالعديد من الناجين ما زالوا يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي والعصبي، واضطرابات في الذاكرة والإدراك، فضلاً عن حالات الصدمة والاضطراب النفسي لدى الناجين وأطفالهم. كما أُبلغ عن ظهور عيوب خلقية ومشكلات نمو لدى مواليد لآباء وأمهات تعرضوا للهجوم.

مسؤولية مباشرة للنظام

بحسب بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن 222 هجوماً كيميائياً تم توثيقه في سوريا بين 2012 و2024، نفذ النظام السوري 217 منها، فيما نفذ تنظيم داعش 5 هجمات فقط. وقد تسببت هجمات النظام في مقتل 1514 شخصاً وإصابة أكثر من 11 ألفاً، فيما اعتُبرت قرارات مجلس الأمن الخاصة (2118، 2209، 2235) خروقات واضحة ارتكبها النظام دون أي رادع.

تورط قيادات عسكرية وأمنية

تشير قاعدة بيانات الشبكة إلى تورط ما لا يقل عن 387 شخصية عسكرية وأمنية ومدنية من الصف الأول في المؤسسة العسكرية والأمنية التابعة للنظام، وعلى رأسهم المخلوع بشار الأسد بصفته القائد الأعلى للجيش. وأكدت أن تنفيذ هجمات كيميائية بهذا المستوى لا يمكن أن يتم دون قرار مركزي عالي المستوى، ما يثبت أنها سياسة ممنهجة وليست حوادث فردية.

ذاكرة لا تمحى

بعد اثني عشر عاماً، لا يزال السوريون يستحضرون مجزرة الغوطتين كأحد أكثر فصول الحرب دموية وجرماً، فيما يظل غياب العدالة والمحاسبة وصمة عار على المجتمع الدولي. وتؤكد ذكرى هذه الجريمة أن الذاكرة السورية لم ولن تنسى، وأن المطالبة بالعدالة تبقى واجباً مستمراً تجاه الضحايا والناجين.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ