
في الذكرى الـ13 لمجزرة الحولة: لا عدالة بلا محاسبة.. والحق لا يسقط بالتقادم
تحلّ الذكرى الثالثة عشرة لمجزرة الحولة، في لحظة سياسية فارقة يشهد فيها السوريون نهاية حقبة النظام البائد، وتسلم الدولة السورية الجديدة زمام السلطة على معظم أراضي الجمهورية. هذا التحول التاريخي يفتح لأول مرة المجال أمام ملاحقة قانونية فعالة لمرتكبي الجرائم، وعلى رأسها واحدة من أبشع المجازر المرتكبة بحق مدنيين عُزّل، وثقتها جهات دولية ومحلية بموثوقية عالية.
وقد شهدت الأسابيع الأخيرة إلقاء القبض على عدد من المتورطين في المجزرة، في خطوة أولى نحو تفعيل مسار العدالة الانتقالية، بما يُعيد الاعتبار لضحايا المجزرة، ويمهّد لإنصاف ذويهم ضمن إطار قضائي يحترم المعايير الوطنية والدولية.
وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، أكد أهالي الحولة أن الجرائم الجسيمة لا تُسوّى سياسيًا، ولا تخضع للتقادم أو النسيان، وأن العدالة ليست خيارًا انتقائيًا، بل التزام راسخ لا يجوز التراجع عنه. حقوق الضحايا لا تسقط، ودماء الأبرياء لا تُطوى بمرور الوقت، بل تبقى أمانة في أعناق الجميع، تستوجب استكمال مسار المحاسبة حتى نهايته.
إن ما جرى في الحولة يوم 25 أيار/مايو 2012 لم يكن حدثًا عابرًا، بل انتهاكًا صارخًا لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني، وجريمة لا تسقط بالتقادم، تُجسّد الوجه الحقيقي لمنظومة القمع التي حكمت سوريا لعقود، وستظل محفورة في وجدان السوريين، ومنارة على طريق بناء دولة تقوم على الحق والمساءلة والكرامة.
وإذ نستحضر في هذه الذكرى أصوات الأطفال والنساء والشيوخ الذين قضوا في تلك الليلة الدامية، فإننا نتمسك بالعدالة الكاملة كشرط لا بديل عنه لتأسيس سوريا المستقبل، سوريا الدولة والقانون والإنسان.
لن يكون هناك استقرار أو مصالحة حقيقية دون إنصاف للضحايا، ومحاسبة للجلادين، وضمان لعدم تكرار المأساة. فالمجزرة التي فتحت جرحاً في القلب السوري، ستظل حاضرة كنداء دائم للعدالة… والعدالة لا تُؤجَّل.
وفي تقرير سابق، قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إن مجزرة الحولة هي المجزرة الأكثر وحشية منذ دخول المراقبين الدوليين إلى سوريا، حدثت في سهول الحولة بريف مدينة حمص في الخامس والعشرين من شهر أيار، حيث بدأت بقصف عشوائي طال قرى وسهول الحولة، تركز على مدينة تلدو بشكل كبير، التي هي مدخل الحولة من الجهة الغربية والمحاطة بقرى موالية للنظام.
وأوضحت أن القصف الذي استمر 14 ساعة خلف 11 شهيداً وعشرات الجرحى، تبعه اقتحام عناصر القوات الحكومية (الجيش والأمن والميليشيات المحلية والشيعية الأجنبية) مدعومة بعناصر من الشبيحة من قرى فلة والقبو لعدد كبير من المنازل الواقعة على أطراف تلدو.
وتحدثت عن اقتحامات وإعدامات ميدانية قامت بها الشبيحة وعناصر الأمن بحق كل من وجدوه ساكناً على أطراف المدينة، حيث تم تكبيل أيدي الأطفال وتجميع النساء والرجال ومن ثم الذبح بحراب البنادق والسكاكين ورميهم بالرصاص بعد ذبحهم في أفعال تعود في وحشيتها إلى عصور الظلام وشريعة الغاب.
وأشارت إالى أن 107 من القتلى هي الحصيلة الأولية لمجزرة الحولة 107 هم ما تمكنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان من توثيقهم بالاسم الثلاثي والصور، من بين الضحايا 49 طفلاً دون العاشرة من العمر، و32 امرأة، وما تزال هناك جثث لم نتمكن من الوصول إليها وتوثيقها.