من مدرجات الهتاف إلى صمت الخراب.. ملعب العباسيين شاهد على جراح دمشق
من مدرجات الهتاف إلى صمت الخراب.. ملعب العباسيين شاهد على جراح دمشق
● أخبار سورية ٢٩ يونيو ٢٠٢٥

من مدرجات الهتاف إلى صمت الخراب.. ملعب العباسيين شاهد على جراح دمشق


لم يكن ملعب العباسيين في دمشق مجرد منشأة رياضية، بل شكل لعقود قلباً نابضاً للحياة الرياضية والاجتماعية في سوريا، وذاكرة جماعية تختزن لحظات من الفرح والانتصار، قبل أن تحوله الحرب إلى صرح مهجور يعلو فوقه غبار الدمار، وتحاصر أرضيته حكايات من الألم.

واستضاف الملعب الذي شُيّد عام 1957، أهم المباريات والبطولات الوطنية والدولية، وكان ملتقى للجماهير ومصدر فخر للرياضة السورية إلا أن موقعه الجغرافي، الذي يربط قلب دمشق بأحياء شهدت احتجاجات مبكرة في الثورة السورية مثل جوبر والقابون وزملكا، جعله هدفاً مباشراً للنظام البائد.

مع تصاعد العمليات العسكرية، تحول الملعب من ساحة تنافس رياضي إلى ثكنة عسكرية حيث نصبت قوات النظام البائد داخله بطاريات مدفعية استُخدمت لقصف أحياء في الغوطة الشرقية، وفق شهادات سكان مجاورين كما استُخدم كمركز احتجاز مؤقت.

اليوم، وبعد سقوط النظام البائد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدا الملعب وكأنه ينهض ليحكي قصته من جديد ومدرجاته التي احتضنت صيحات الفرح أصبحت مهدّمة، وأرضيته التي كانت خضراء تحولت إلى ساحة قاحلة مليئة بالحفر ومخلفات الحرب أما المستودعات فباتت تحمل بقايا ذخائر بدلاً من المعدات الرياضية.

ونقلت وسائل إعلامية عن "إياد الأسعد"، أحد سكان المنطقة المجاورة، وصف التغيير بقوله: "كنا نسمع هتافات الجماهير، ثم صار صوت القصف هو الغالب. الملعب الذي كان مقصداً للفرح، صار مصدر خوف دائم، مكتظاً بالآليات والعناصر الأمنية".

ورغم هذا الإرث الثقيل، تبقى محاولات إحياء الملعب حاضرة، حيث تحدث "إسماعيل مصطفى"، نائب رئيس الاتحاد الرياضي العام، عن بدء إعادة تنظيم الهياكل الرياضية، في إطار سعي أوسع لإعادة الروح للرياضة السورية، عبر ترميم البنية التحتية واستئناف الأنشطة المتوقفة.

بدوره، عبّر اللاعب السابق نبيل السخني عن حزنه على ما آلت إليه حال العباسيين، مستذكراً المباريات النهائية التي خاضها على أرضه. وقال: "كان الملعب يمتلك روحاً خاصة، لكنه خرج من الخدمة منذ 2012 بعدما حُوّل إلى موقع عسكري، ولا أحد يعلم كم من الضحايا سقطوا بداخله أو بسبب نيران القصف الذي كان مصدره.

وفي آذار/مارس الماضي، وثقت وسائل إعلام رسمية حجم التخريب الذي طال أرضية ملعب العباسيين ومرافقه وصالاته الرياضية، والتقت بعدد من الكوادر المشرفة على الملعب وأهالي الجوار.

وأوضح مدير الملعب، "إياد سلطان"، أن ملعب العباسيين يُعتبر من أقدم الملاعب في سوريا، وتم تحديثه مرتين، كانت آخرها عام 2011، قبيل اندلاع الثورة بقليل ويتسع الملعب لحوالي 40 ألف متفرج، وهو الملعب الوحيد القادر على استضافة المباريات الدولية في البلاد.

وأشار سلطان إلى أن النظام البائد حوّل الملعب، بحقده، إلى أرض جرداء غير صالحة لأي نشاط رياضي، حيث تم تحويله إلى ثكنة عسكرية، وأضاف أن هذا العمل طمس تاريخ الملعب العريق وأحلام عشاق الرياضة، وحوّله من مصدر فرح لمحبّي كرة القدم إلى كابوس يعصف بسكان دمشق وغوطتها.

وأضاف، أن الملعب بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة، تتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية، والتنسيق مع خبرات رياضية متخصصة، حتى يعود إلى وضعه الطبيعي الذي عرفه الجمهور السوري.

يُذكر أن على أرض ملعب العباسيين دفن النظام البائد أحلام آلاف عشاق كرة القدم السورية، بعدما حول هذا الصرح الرياضي إلى نقطة عسكرية تستهدف المدنيين في معظم أحياء دمشق، ما تسبب بمعاناة كبيرة للسكان والحجر على مدى سنوات الحرب الطويلة، واليوم، وعقب تحرير سوريا، ينتظر جمهور كرة القدم عودة الملعب ليعود إلى نشاطه الرياضي الذي اعتاد عليه.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ