
نيويورك تايمز: تقارب ترمب مع سوريا يُربك حسابات إسرائيل العسكرية
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً مفصلاً كشفت فيه أن الانفتاح المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترمب على الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، أدّى إلى إرباك كبير في حسابات الحكومة الإسرائيلية، التي كانت تراهن على هشاشة الوضع في سوريا لتعزيز استراتيجيتها العسكرية.
وقالت الصحيفة إن ترمب، من خلال احتضانه المفاجئ للشرع، لم يمنح الزعيم السوري الجديد شريان حياة سياسياً غير متوقع فحسب، بل وضع إسرائيل أمام واقع جديد معقّد، يقوّض جهودها الرامية لاستغلال حالة عدم الاستقرار في سوريا ومنع ظهور جار جديد معادٍ لها على حدودها الشمالية.
ونقلت *نيويورك تايمز* عن كارميت فالنسي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قولها إن الحكومة الإسرائيلية بدأت حالياً بإعادة تقييم نهجها، وتسعى على ما يبدو لتفادي الانجرار إلى مواجهة مباشرة، في ظل تغيّرات إقليمية متسارعة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة السورية الجديدة لم تصدر أي تصريحات عدائية تجاه إسرائيل منذ استلامها السلطة، بل أكدت عبر قنوات رسمية رغبتها في السلام، مشددة على أن الشعب السوري "سئم الحرب ويتطلع لحياة مستقرة".
غير أن هذا "غصن الزيتون" الذي قدمه ترمب للشرع، وفق التقرير، يعقّد الحسابات الإسرائيلية، في ظل تصاعد قلق تل أبيب من التحولات السياسية في واشنطن وتأثيرها على ميزان القوى الإقليمي.
ورغم المواقف التطمينية من دمشق، نقل التقرير عن مصادر إسرائيلية قولها إن الشك لا يزال يخيّم على المؤسسة الأمنية في إسرائيل. ويعتقد كثيرون في محيط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الإدارة السورية الجديدة قد تتجه نحو التشدد، وربما تتحوّل إلى حكومة ذات ميول إسلامية مناوئة لإسرائيل.
وتُضاف هذه الهواجس إلى سلسلة من الانتقادات الإسرائيلية المتزايدة بشأن استراتيجيتها في سوريا، خصوصاً بعد تعليقات أوروبية، أبرزها من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تنتقد الغارات المتكررة التي تنفذها تل أبيب على الأراضي السورية.
وفي هذا السياق، حذر تامير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أن تكرار الضربات الجوية قد يؤدي إلى نتائج عكسية، عبر تغذية بيئة التطرف التي تسعى إسرائيل لردعها أصلاً، مضيفاً: "يجب أن نعيد النظر في كل المهام التي نقوم بها".
كما كشف مسؤولون عسكريون ومحللون إسرائيليون سابقون أن لإسرائيل أهدافاً إضافية في سوريا، من بينها كبح النفوذ التركي المتصاعد، وهو ما عبر عنه يعقوب أميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الذي أشار إلى إمكانية اندلاع صراع إذا حاولت تركيا تعزيز وجودها العسكري في سوريا أو دعم قدرات النظام الجديد بشكل يهدد أمن إسرائيل.
واختتمت نيويورك تايمز تقريرها بالإشارة إلى أن تقارب ترمب مع سوريا هو مجرد مثال جديد على الكيفية التي تُعيد بها السياسة الخارجية الأميركية رسم خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، مشددة على أن ما يحدث في دمشق اليوم ستكون له ارتدادات بعيدة على أمن إسرائيل واستقرار المنطقة بأكملها.