وزارة العدل تدعو المواطنين إلى تسليم الوثائق الصادرة عن الأفرع الأمنية وأبنية الدولة
دعت وزارة العدل في تعميم رسمي، المواطنين إلى ضرورة تسليم جميع الوثائق والملفات التي جرى الحصول عليها من الأفرع الأمنية أو من أبنية ومؤسسات الدولة، مؤكدةً حظر نشر أو تداول أي من تلك الوثائق خارج الأطر القانونية وتحت أي ذريعة كانت.
وجاء التعميم في إطار تنظيم ملف الوثائق الحساسة التي ظهرت إلى العلن عقب سقوط نظام الأسد البائد، وما رافق ذلك من استحواذ بعض المواطنين أو الجهات على ملفات ووثائق رسمية تتضمن بيانات أمنية أو إدارية أو معلومات مصنفة، ترى وزارة العدل أنها تشكّل مادة قانونية وقضائية بالغة الأهمية.
وأكدت الوزارة أن نشر أو تسريب أو تداول هذه الوثائق من شأنه أن يهدد سلامة الأدلة المطلوبة لتحقيق العدالة الانتقالية، ويؤثر على المسارات القضائية المرتبطة بمحاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات، مشددةً على أن الاحتفاظ بهذه الملفات أو استخدامها خارج السياق القانوني قد يعرّض أصحابها للمساءلة.
وحذّر التعميم بشكل واضح كل من تسوّل له نفسه استغلال تلك الوثائق لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية أو إعلامية، أو استخدامها كوسيلة ابتزاز أو تشهير، مؤكداً أن الوزارة ستتخذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق المخالفين، وفقاً لأحكام قانون العقوبات وقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، إضافة إلى القوانين ذات الصلة.
وأوضح التعميم أن تسليم الوثائق يتم ضمن آلية رسمية تضمن الحفاظ على محتواها وسلامتها، بما يسمح للجهات القضائية المختصة بدراستها وتوظيفها في سياق قانوني يراعي حقوق الضحايا ويضمن عدم العبث بالأدلة أو تشويهها، ويخدم مسار العدالة والمساءلة.
ويأتي هذا الإجراء في ظل تزايد تداول صور ومستندات منسوبة إلى الأفرع الأمنية السابقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع وزارة العدل إلى التدخل لضبط هذا الملف، ومنع الفوضى في التعامل مع وثائق تعتبر من صلب القضايا الجنائية والحقوقية الكبرى في البلاد.
وشددت وزارة العدل في ختام تعميمها على ضرورة تعاون المواطنين مع الجهات المختصة، داعيةً إلى الالتزام بالمسؤولية الوطنية والقانونية، وعدم الانجرار وراء نشر أو تداول وثائق قد تترتب عليها تبعات قانونية جسيمة، مشيرةً إلى أن تحقيق العدالة يتطلب التعامل المنضبط مع الأدلة بعيداً عن الاستخدام العشوائي أو غير القانوني.
وأكدت وزارة العدل يوم الاثنين 8 كانون الأول/ ديسمبر، أنها تمكنت من حفظ الأرشيف القضائي المرتبط بانتهاكات النظام البائد، بما في ذلك الوثائق التي تحتوي على أدلة واضحة على جرائم القتل والتعذيب.
وعقب تحرير دمشق، بادرت الوزارة إلى حماية هذه الملفات من الإتلاف، وضمان بقاء الأدلة التي توثّق الجرائم محفوظة دون تشويه أو طمس.
وأوضح وزير العدل، الدكتور مظهر الويس، أن الوزارة وضعت هذا الملف ضمن أولوياتها باعتباره خطوة أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، مؤكداً حرصها على حفظ كرامة الضحايا ومنع استخدام هذه الوثائق لأي أغراض غير مشروعة.
وأعلنت وزارة العدل السورية عن إطلاق سلسلة وثائقية تهدف إلى توضيح الجهود المبذولة في متابعة الملفات الحساسة المتعلقة بالمفقودين والضحايا خلال السنوات الماضية.
وأوضح وزير العدل "مظهر الويس"، في منشور عبر منصة إكس أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من عمل متواصل يقوم به فريق من القضاة والخبراء والعاملين في الوزارة، حيث يواجهون الحالات الأكثر حساسية في تاريخ سوريا الحديث بصمت والتزام كامل.
وأشار الوزير إلى أن السلسلة الوثائقية تهدف إلى توضيح الإجراءات التي تتخذها الوزارة لتوثيق الانتهاكات الجسيمة، بما فيها أحكام الإعدام غير القانونية وحالات الوفاة تحت التعذيب في ما عرف بمحاكم الميدان.
ولفت إلى أن الهدف من هذه الجهود هو الوصول إلى الحقيقة الكاملة، وضمان حقوق الضحايا، وتحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من انتهك حق السوري في الحياة والكرامة وفق القانون ومعايير العدالة.
وأكد على أن القضية ليست مجرد ملفات وأوراق، بل قضية إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون قانونية، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع هيئة المفقودين على بناء آليات عملية للتواصل المباشر مع العائلات وإطلاعهم على المستجدات بشكل منظم يحترم مشاعرهم ويضمن التعامل مع كل معلومة بأعلى درجات المهنية والمسؤولية.
هذا وحذر الوزير من محاولات استغلال معاناة الضحايا لأغراض سياسية أو شخصية، مؤكدًا أن الملف محصّن عن أي استغلال وأن إدارة القضايا تتم من منطلق العدالة والإنصاف، بعيدًا عن أي مزايدات أو تصفيات حسابات.
وأضاف أن المسار القانوني واضح وأن الحقوق لن تسقط بالتقادم، وأن الوزارة ماضية في جهودها حتى تتجلى الحقيقة كاملة ويأخذ كل ذي حق حقه، بما يضمن أن تكون سوريا دولة عادلة تحمي أبناءها وتحفظ حقوقهم.