أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو لبذل كل الجهود الممكنة للحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، مشيراً إلى أهمية استقرار سوريا كعامل محوري في الأمن الإقليمي والدولي.
وجاءت تصريحات بوتين خلال لقائه مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الخميس في الكرملين، حيث ناقش الجانبان تطورات الأوضاع في سوريا وسبل التعاون في تقديم الدعم الإنساني والسياسي للشعب السوري.
وقال الرئيس الروسي: "ناقشنا تطورات الوضع في سوريا، وهو ملف يحظى بأهمية خاصة لدينا، وسنقوم بكل ما بوسعنا لضمان بقاء سوريا دولة ذات سيادة، مستقلة، وموحدة الأراضي". وأعرب بوتين عن رغبته في التباحث مع الجانب القطري حول آليات تقديم المساعدة للشعب السوري، لافتاً إلى أن "المشكلات في سوريا لا تزال كبيرة على الصعيدين السياسي والأمني، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الملحة".
من جانبه، أشار أمير قطر إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع زار الدوحة قبل أيام، وأن لقاءه معه تناول ملفات متعددة أبرزها "العلاقة التاريخية والاستراتيجية بين سوريا وروسيا". وأكد الشيخ تميم أن الرئيس الشرع "يولي أهمية كبرى لتأسيس علاقات قائمة على الاحترام المتبادل ومصالح الشعبين".
وأضاف أمير قطر أن سوريا تمر حالياً بمرحلة دقيقة وحساسة، مشدداً على أن "دعم استقرارها والحفاظ على وحدتها يصب في مصلحة الجميع". وأعرب عن تطلع بلاده إلى تنسيق المواقف مع موسكو دعماً لهذه المرحلة الانتقالية في سوريا، وتعزيزاً للسلم الأهلي فيها.
شهدت دائرة الامتحانات في مدينة حلب ازدحاماً خانقاً خلال الأيام الماضية، مع توافد آلاف الطلاب من حاملي شهادتي التعليم الأساسي والثانوي، القادمين من مختلف مناطق الريف للتسجيل في الامتحانات، وسط ظروف خدمية وتنظيمية بالغة الصعوبة.
وفي التفاصيل أفادت مصادر إعلامية بأن الطلاب القادمون من مناطق بعيدة مثل منبج وجرابلس اضطروا للانتظار لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، دون وجود تنظيم واضح أو آلية مرنة تُسهم في تخفيف العبء عنهم.
هذا المشهد الفوضوي دفع بالكثيرين إلى التعبير عن شعورهم بالإحباط والإرهاق، في وقت وصفوا فيه الإجراءات بالمعقدة والعشوائية وقال أحد الطلاب "أحاول منذ أكثر من ستة أيام أن أتسجل من دون جدوى".
وأضاف أن "الازدحام شديد، والانتظار طويل، ولم أستطع إنجاز معاملتي حتى الآن" ويؤكد أن مئات الطلاب الذين افترشوا الأرصفة، بعضهم قدموا من مناطق نائية، واستيقظوا قبل الفجر على أمل إنجاز معاملاتهم، ليصطدموا بمشهد لا يقل تعقيداً عن رحلتهم الطويلة.
و وصف أحد الطلاب الإجراءات بأنها "معقدة جداً"، مشيراً إلى أن اليوم هو آخر موعد للتسجيل، وقال: "أنا هنا منذ السابعة صباحاً، ولا يزال مئات الطلاب بحاجة إلى تدخل عاجل من وزارة التربية لتبسيط العملية".
و دعا طلاب إلى حلول أكثر واقعية، وأكدوا على ضرورة "فتح مراكز تسجيل إضافية في الريف أو تفعيل نظام التسجيل الإلكتروني، بحيث تتم الإجراءات المبدئية عن بُعد، ثم يأتي الطالب فقط لدفع الرسوم".
الشكاوى لم تتوقف عند سوء التنظيم، بل طالت أيضاً ما وُصف بتجاوزات واضحة، إذ تحدث عدد من الطلاب عن اضطرارهم لدفع رشاوى من أجل تسريع دورهم في ظل غياب الرقابة، ما فاقم شعورهم بالتمييز والظلم.
هذا وتُسلّط هذه الأزمة الضوء على الحاجة العاجلة لإصلاح آلية تسجيل الطلاب في مدينة حلب، وضرورة إعادة توزيع الجهد الإداري بشكل عادل يضمن وصول الطلاب من مختلف المناطق إلى حقهم في التعليم دون مشقة التنقل أو عناء الانتظار.
في سابقة قضائية أثارت موجة غضب واسعة بين أهالي ضحايا الاعتقال والتعذيب في سوريا، كشف موقع "زمان الوصل" عن إفراج قاضية في دمشق عن اللواء المتقاعد محمود يونس عمار، رغم وجود اعترافات صريحة بتورطه في عمليات نصب على عائلات معتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري السابق.
اللواء السابق استغل معاناة أهالي المعتقلين في واحدة من أكثر القضايا حساسية في الذاكرة السورية. وبحسب التفاصيل، فإن عائلة الشقيقين حسن وأنس صعب، من بلدة السماقيات في ريف حمص، كانت من بين ضحاياه، حيث وعدهم بإطلاق سراح ولديهم مقابل مبالغ مالية ضخمة، مقدماً أوراقاً رسمية موقعة من جهات عسكرية. ليتبيّن لاحقاً أن الشقيقين كانا قد فارقا الحياة منذ سنوات داخل المعتقلات.
ورغم نجاح الأمن العام السوري في القبض على محمود عمار، فإن القاضية هناء علي الأغا أصدرت قراراً مفاجئاً بالإفراج عنه في 17 نيسان/ أبريل، تحت ذريعة "تقدمه في السن"، متجاهلة الكم الكبير من الشكاوى ضده، واعترافه المباشر بالوقائع.
"المال لا يهم، بل وجع القلوب"
في سياق متصل، نشرت "أم عبد الله السعود"، والدة أحد المعتقلين من مدينة معرة النعمان، شهادة مؤلمة وثّقت فيها تفاصيل تعرضها للنصب من قبل اللواء عمار، واصفة ما جرى بـ"الاستهانة بآلام الأمهات والتلاعب بمشاعر من ينتظرون أبناءهم في ظلمة الفقد".
تقول أم عبد الله إنّ القصة تعود إلى شهر رمضان عام 2014، حين أخبر أحد أبناء مدينتها زوجها، الطبيب مازن السعود، أنه على صلة بضابط في القصر الجمهوري يمكنه المساعدة في إطلاق سراح ابنهما المعتقل عبدالله، مقابل مبلغ مالي.
"بدأ زوجي يتسلّق تلال كفرنبل بحثاً عن إشارة هاتف ليتواصل مع المجرم أبو حيدر، الضابط محمود عمار، الذي طلب دفعات مالية متتالية، أرسلناها عبر مكاتب تحويل في الغدفة... وكل مرة كنا نتلقى وثائق رسمية تؤكد انتقال ملف ابننا من محكمة الإرهاب إلى المصالحة، ثم إلى العفو، وأخيراً إلى البراءة"، تروي الأم.
مع كل وثيقة، كانت العائلة تستعد لاستقبال عبدالله. "اشتريت له ملابس جديدة، نظّفنا المنزل، وانتظرناه أيام العيد على أمل أن يطرق الباب في أية لحظة"، تقول أم عبدالله بصوت متكسر، قبل أن تضيف: "لكن الأمل تلاشى. بدأ الضابط بالمماطلة، ثم انقطع التواصل. مرت شهور ونحن على هذا الحال، إلى أن وصلتنا شهادة وفاة عبدالله بتاريخ 15 نيسان 2014، أي قبل 4 أشهر من بداية عملية النصب".
قضاء متواطئ ومتهمون بلا محاسبة
قضية اللواء محمود يونس عمار فتحت مجدداً ملف العدالة في سوريا، ومدى تورط بعض القضاة في حماية المتهمين وتبرئتهم رغم الأدلة. القاضية هناء علي الأغا، بحسب نشطاء حقوقيين، معروفة بسجلّها المثير للجدل في ملفات تتعلق بمعتقلين سياسيين، وقد وُجهت إليها اتهامات سابقة بالتغاضي عن قضايا فساد وتجاوزات أمنية.
وفي تعليق لأهالي الضحايا، قال الطبيب أسعد حسن الشيباني، أحد ذوي المعتقلين: "نحن لا نطالب فقط بمحاكمة الضابط محمود عمار، بل نطالب أيضاً بمحاسبة القاضية التي أخلت سبيله، وكل من تستر على جرائمه".
ويطالب أهالي الضحايا الحكومة السورية الجديدة بإعادة النظر بشكل جذري في بنية القضاء، وتطهيره من "القضاة الشبيحة"، الذين كانوا جزءاً من منظومة الاستبداد والفساد، مؤكدين أن أي عملية عدالة انتقالية لا يمكن أن تكتمل دون محاسبة عادلة لكل من تورط، ولو بطريقة غير مباشرة، في تعذيب المعتقلين أو المتاجرة بآلام أهاليهم.
تأتي هذه القضية لتعيد إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في مسار العدالة السورية، وهي استغلال المأساة الإنسانية من قبل عناصر أمنية سابقة ومسؤولين سابقين في مؤسسات الدولة، لتحويل معاناة المعتقلين إلى مصدر كسب غير مشروع، تحت أنظار قضاء وُصف طويلاً بأنه أداة بيد النظام السابق.
ورغم صدور تقارير وشهادات متعددة من ضحايا وشهود حول انتهاكات عمار، لا يزال هذا الملف بحاجة إلى تحقيق جنائي شفاف وشامل، يكشف شبكة الفساد التي امتدت لعقود تحت مظلة النظام الأمني، والتي لم تنتهِ بزواله، بل تتطلب تفكيكاً ومساءلة قانونية شاملة.
تلقى الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الخميس، عدداً من برقيات التهنئة من قادة وزعماء عرب، بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين ليوم الجلاء، الذي يصادف السابع عشر من نيسان/أبريل، والذي يرمز إلى جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية في عام 1946.
وعبّر الزعماء العرب في رسائلهم عن خالص تهانيهم للشعب السوري وقيادته، متمنين لسوريا مزيداً من الأمن والاستقرار والوحدة، بعد سنوات من الحرب والمعاناة التي عاشها السوريون، مؤكدين على وقوف دولهم إلى جانب سوريا في مرحلة إعادة البناء وترسيخ السيادة الوطنية.
وأكدت البرقيات على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين سوريا والدول العربية، مشددين على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك، ودعم تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يسوده السلام والعدالة والكرامة.
وفي مقدمة المهنئين، بعث أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، برقية تهنئة إلى الرئيس أحمد الشرع، أشاد فيها بثبات الشعب السوري وتضحياته من أجل نيل الحرية والاستقلال، مشيراً إلى أن "ذكرى الجلاء هذا العام تحمل بُعداً جديداً بعد زوال حقبة الظلم والطغيان".
كما وجّه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة تهنئة عبّر فيها عن "اعتزاز الإمارات بعلاقات الأخوة والتاريخ المشترك مع سوريا"، مؤكداً على دعم بلاده لكل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والازدهار في سوريا الجديدة.
من جانبه، بعث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني برسالة مماثلة، هنّأ فيها الشعب السوري بالتحول السياسي التاريخي الذي تعيشه البلاد، مؤكداً على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية المبنية على المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية.
كما وردت برقيات تهنئة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إلى جانب رسائل من عدد من قادة الدول العربية الأخرى.
السابع عشر من نيسان.. عيد الجلاء السوري ذاكرة نضال وتجديد للسيادة
في السابع عشر من نيسان من كل عام، تحيي الجمهورية العربية السورية ذكرى "عيد الجلاء"، الذي يرمز إلى مغادرة آخر جندي فرنسي أراضي سوريا عام 1946، معلنًا انتهاء عهد الانتداب الفرنسي، وبداية مرحلة الاستقلال الوطني الكامل. لم يكن ذلك اليوم مجرد حدث عابر في تاريخ البلاد، بل لحظة مفصلية تجسد إرادة السوريين في التحرر والسيادة، وتُجدد كل عام معاني العزة والانتماء والوفاء لتضحيات الأجداد.
الجلاء: خلاصة نضال شعب وكرامة وطن
يُجسّد عيد الجلاء ثمرة كفاح طويل خاضه السوريون ضد الاستعمار الفرنسي، نضال امتد لعقود تخلله العمل المسلح والمقاومة الشعبية والمواقف السياسية الصلبة. وكانت الثورة السورية الكبرى عام 1925، بقيادة القائد العام سلطان باشا الأطرش، ذروة هذا الكفاح الوطني، حين خرج السوريون من مختلف المناطق في مواجهة الاحتلال، متحدين في راية واحدة من أجل الحرية والكرامة.
إلى جانب الكفاح المسلح، برزت شخصيات وطنية قادت العمل السياسي والدبلوماسي، مثل إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي وفارس الخوري، وقد شكّل هؤلاء رموزًا خالدة للنضال الوطني. وعلى أكتاف هذه الأسماء، ومن خلفهم شعب صامد، تحقق الاستقلال الذي يُكرَّم اليوم في كل بقعة سورية.
عيد الجلاء اليوم هو تأكيد على أن الاستقلال لا يُقاس فقط بخروج المستعمر، بل بقياس قدرة الشعوب على صون سيادتها، وحماية مكتسباتها الوطنية، وترسيخ مبادئ المواطنة الفاعلة، وبناء مؤسسات دولة تحترم القانون وتنهض على أسس الحرية والحقوق.
يُحيي الشعب الفلسطيني والعالم العربي في السابع عشر من نيسان/أبريل من كل عام، "يوم الأسير الفلسطيني"، كمناسبة وطنية تجدد التذكير بمأساة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتفتح في ذات الوقت جراحاً نازفة لم تُندمل بعد، تتمثل بآلاف الفلسطينيين الذين غيبهم نظام الأسد البائد في زنازينه لسنوات طويلة، دون محاكمة أو تهمة واضحة، ودون معرفة مصيرهم حتى سقوط ذلك النظام.
وأكدت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" أن الذاكرة الجمعية، الفلسطينية والسورية معاً، لن تنسى أولئك الذين اعتقلوا قسرياً واختفوا في معتقلات النظام السابق، حيث باتت قضيتهم وصمة على جبين العدالة الصامتة، وجراحاً مفتوحة في قلوب أمهات وآباء لا يعرفون إن كان أبناؤهم أحياء أم قضوا تحت التعذيب.
وقالت: "لقد كان اللاجئون الفلسطينيون في سوريا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والوطني السوري لعقود، إلا أن سنوات الصراع الدامي الذي تفجّر منذ عام 2011، وضعتهم في مهب العنف السياسي والبطش الأمني، فوجدوا أنفسهم مستهدفين بحملات اعتقال ممنهجة واختفاء قسري، دون أن يكون لهم يد أو خيار في ذلك الصراع".
ولفتت إلى أن آلاف من الفلسطينيين، بينهم رجال ونساء وأطفال، اختفوا فجأة من مخيماتهم وبيوتهم، وتركت ملفاتهم مفتوحة دون إجابات، فيما تعيش عائلاتهم في دائرة الانتظار المؤلم، معلقة على بصيص أمل بعودة أو حتى خبر يُطمئن القلب. خلفت هذه المأساة آثاراً نفسية واجتماعية واقتصادية مدمرة، ودفعت بالعشرات من الأسر إلى هوامش الحياة في بلدان اللجوء والشتات.
وذكرت المجموعة أنه يتزامن هذا اليوم مع مشاهد الألم المتواصلة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فإن *مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية* تشدد على وحدة القضية الإنسانية للأسرى الفلسطينيين، سواء في سجون الاحتلال أو خلف جدران الأنظمة القمعية. فالمعاناة واحدة، والألم لا يعرف لون السجّان، بل يعرف فقط حجم الظلم.
وطالبت المجموعة، مجلس الأمن الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه الفلسطينيين المختفين قسرياً في معتقلات النظام السوري البائد، والكشف عن مصيرهم، وضمان الإفراج عنهم، بالتوازي مع الضغط من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وناشدت الدول المانحة والمنظمات الدولية بتخصيص برامج إغاثة عاجلة ومستدامة لعائلات المفقودين، تشمل تأمين احتياجاتهم المعيشية الأساسية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي المتخصص، في ظل ما يعانونه من آثار قاسية.
وطالبت بتشكيل لجان تحقيق دولية مستقلة ومحايدة لكشف جرائم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي مورست بحق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة الدولية وفق القانون الدولي الإنساني.
ودعت المجموعة المؤسسات القانونية والحقوقية إلى تقديم الدعم القانوني اللازم لعائلات المفقودين، لتمكينهم من توثيق قضاياهم وملاحقة الجناة أمام المحاكم المختصة، وحفظ حقوقهم وكرامتهم.
و "يوم الأسير الفلسطيني"، ليس مجرد مناسبة رمزية، بل محطة نضالية يجب أن تتحول إلى صرخة حرة تطالب بالعدالة لكل من غيّب قسراً، ورسالة للمجتمع الدولي بأن حرية الإنسان الفلسطيني لا تتجزأ، سواء في وجه الاحتلال أو في مواجهة الطغيان، وبأن العدالة لا تسقط بالتقادم.
شهدت أسعار الذهب في سوريا، اليوم الأربعاء 16 نيسان، ارتفاعاً ملحوظاً، حيث وصل سعر غرام الذهب عيار 21 قيراط إلى 1,025,000 ليرة سورية في دمشق.
وهو ما اعتبرته نقابة الصاغة في دمشق وريفها تسعيرة "استثنائية"، نتيجة التقلبات المستمرة في سعر الصرف المحلي إلى جانب التغييرات في أسعار الأونصة عالمياً.
وفي التفاصيل ارتفع سعر غرام الذهب عيار 21 بمقدار 30 ألف ليرة مقارنةً بسعر يوم أمس، فيما بلغ سعر الغرام من عيار 18 قيراط نحو 878,000 ليرة سورية، ما يعكس حدة التغيرات في السوق المحلي.
امتد تأثير هذا الارتفاع ليشمل أسعار الليرات الذهبية، حيث بلغ سعر الليرة الذهبية عيار 21 قيراط 8,200,000 ليرة سورية، في حين سجلت الليرة الذهبية من عيار 22 قيراط سعراً قدره 8,500,000 ليرة.
أما على الصعيد العالمي، فقد سجلت الأونصة الذهبية سعراً وصل إلى 3,314 دولاراً، ما يعادل محلياً نحو 36,500,000 ليرة سورية، وذلك وفقاً لسعر الصرف الرائج.
ويُعزى هذا الارتفاع العالمي في أسعار الذهب إلى تصاعد التوترات التجارية وتأثيراتها المباشرة على الأسواق، مع اعتبار الذهب الملاذ الآمن في أوقات الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية.
وحذرت جمعية الصاغة بدمشق أصحاب المحال من شراء أي قطعة ذهبية غير مسجلة ضمن دفاتر المشتريات الرسمية، كما دعت إلى الامتناع التام عن تداول أو اقتناء الليرات البيزنطية والأثرية، مؤكدة أن ذلك يعرض المخالفين للمساءلة القانونية تحت طائلة المحاسبة.
وكانت شهدت أسعار الذهب في سوريا، ارتفاعاً ملحوظاً لتقترب من أعلى مستوياتها القياسية، مدفوعة بارتفاع أسعار الأونصة عالمياً وتذبذب سعر الصرف محلياً.
ويرى محللون أن هذا الارتفاع العالمي يأتي في ظل تراجع الدولار وتصاعد القلق من ركود اقتصادي، خصوصاً مع استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما عزز توجه المستثمرين نحو الذهب كأداة تحوّط آمنة.
هذا ومن العوامل المؤثرة في الارتفاع المفاجئ ارتفاع الأسعار في السوق المحلية جاء متزامنًا مع زيادة في أسعار الذهب العالمية، التي سجلت صعودًا بسبب المخاوف من الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دفع المستثمرين نحو الذهب كأداة استثمارية آمنة.
يُظهر هذا الارتفاع المستمر في أسعار الذهب تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين في سوريا، ويُعزى هذا التراجع الحاد في الليرة السورية إلى مجموعة من العوامل.
وتشهد الأسواق السورية شُحًّا حادًا في السيولة، حيث يحتفظ مصرف سوريا المركزي باحتياطيات كبيرة من العملة المحلية لتغطية التزامات الدولة، مثل الرواتب، دون ضخ كميات كافية في السوق.
ويُذكر أن الكثير من آراء الخبراء الاقتصاديين طُرحت حول سُبل زيادة المعروض النقدي مع الحفاظ على استقرار الليرة ومنع التضخم.
ويرى الخبراء أن تراجع العرض النقدي مقابل ارتفاع الطلب، إلى جانب انفتاح سوريا خارجيًا وتخفيف العقوبات الغربية، عوامل رئيسية وراء الأزمة، لكن هناك تفسيرات أخرى تستحق التوقف عندها.
في أعقاب تصاعد الحراك الشعبي السوري في عام 2011، سارع نظام بشار الأسد إلى تعديل أدواته القمعية، مُبدّلاً الأسماء ومُحافظاً على الوظيفة. فجاء تأسيس "محكمة قضايا الإرهاب" عام 2012 كأداة جديدة بلبوس قانوني، استُخدمت بفعالية خلال أكثر من عقد لسحق المعارضة وملاحقة النشطاء وتصفية خصوم النظام، تحت مظلة "مكافحة الإرهاب".
التأسيس: من محكمة أمن الدولة إلى "محكمة الإرهاب"
صدر المرسوم التشريعي رقم 22 بتاريخ 26 تموز/يوليو 2012، معلناً إحداث محكمة تختص بالنظر في "قضايا الإرهاب"، لتحلّ محل محكمة أمن الدولة العليا التي أُلغيت ظاهرياً في سياق ما زعمه النظام من إصلاحات دستورية. لكن الواقع كشف سريعاً أن هذه المحكمة لم تكن إلا استمراراً لمحاكم الطوارئ الاستثنائية، تمّت هندستها لتكون أكثر مرونة في خدمة الأجهزة الأمنية.
ورغم تسميتها القانونية، لم تكن المحكمة معنية بالإرهاب كما يُفهم دولياً، بل صُمّمت لتجريم الحراك الشعبي، وشرعنة الاعتقال السياسي، وإضفاء غطاء قانوني على ممارسات الأجهزة الأمنية.
مهامها القانونية... والمخفية
تبدو مهام المحكمة، بحسب المرسوم التأسيسي، واضحة: النظر في الجرائم التي تُهدد أمن الدولة والمجتمع. لكنها، منذ إنشائها، تحولت إلى مسرح لمحاكمة كل من تجرأ على معارضة النظام، سواء بالمظاهرة أو الكلمة أو حتى تقديم المساعدة الإنسانية.
لم تكن المحاكمة عادلة بأي حال: غابت فيها الضمانات القانونية، واُستُخدمت الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة إدانة، وسُلب المعتقلون من حق الدفاع. آلاف المعتقلين نُقلوا إلى هذه المحكمة بعد سنوات من الاحتجاز، دون محامين، ودون لوائح اتهام واضحة.
أداة قمع بيد الأجهزة الأمنية
تحوّلت المحكمة إلى ما يشبه ملحقاً لدوائر الأمن، حيث تلعب النيابة فيها دور "السكرتارية" للأفرع الأمنية، التي تُحيل إليها الملفات بعد انتزاع الاعترافات بالقوة. عمل القضاة أشبه بالمصادقة على تقارير التعذيب، لا النظر في أدلة أو استجواب شهود.
ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن المحكمة كانت الأداة الرئيسة لملاحقة عشرات آلاف السوريين، بما فيهم طلاب جامعات، إعلاميون، أطباء، عاملون في منظمات إغاثية، وحتى قُصّر. كما استُخدمت المحكمة لإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد بناء على تقارير أمنية أو نشاط إعلامي، وسط تجاهل تام لقواعد المحاكمة العادلة.
محكمة تصادر الحقوق والممتلكات
لم تكتف المحكمة بحرمان المواطنين من حرياتهم، بل تجاوزت ذلك إلى مصادرة ممتلكاتهم. فبموجب المرسوم رقم 63 لعام 2012، أُعطيت المحكمة صلاحية الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأي شخص تُوجه له تهمة الإرهاب، حتى وإن كانت غيابية.
المراحل التي مرّت بها المحكمة||
12012–2014: التأسيس والانفجار القمعي
شهدت المحكمة في سنواتها الأولى تدفقاً غير مسبوق من القضايا القادمة من أجهزة الأمن، وكانت محاكمات المتظاهرين السلميين عنوان هذه المرحلة. آلاف السوريين أدينوا بتهم فضفاضة مثل "إضعاف الشعور القومي" أو "التحريض على أعمال إرهابية".
2015 - 2018: استهداف المجتمع المدني
انتقلت المحكمة لتجريم العمل المدني، حيث شملت قائمة المتهمين نشطاء إعلاميين، عمال إغاثة، محامين، وأكاديميين. تصاعد عدد الأحكام الطويلة بالسجن، وبرزت تقارير عن ابتزاز مالي ممنهج مقابل تخفيف الأحكام أو تسريع الإجراءات.
2019–2021: تغييرات شكلية وتجميل الواجهة
أُعلن نظام الأسد عن تغييرات في بنية المحكمة شملت تعيينات جديدة، لكن التقارير أكدت أن سلوكها القمعي لم يتغير. تغييرات صورية لم تطل البنية الأمنية العميقة التي تديرها، بل زادت من طابعها الأمني من خلال تعيين ضباط أمنيين كقضاة تحقيق.
في تقريرها الصادر بتاريخ 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، كشفت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" عن الممارسات القمعية التي اتخذت من "محكمة قضايا الإرهاب" غطاءً قانونياً لإسكات المعارضين والمطالبين بالتغيير السياسي في سوريا، معتبرة أن هذه المحكمة تحولت إلى فرع أمني بغطاء قضائي يخدم مصالح النظام البائد في مواجهة الحراك الشعبي.
محكمة سياسية بامتياز
وصف التقرير المحكمة بأنها "كيان أمني/سياسي"، هدفه الأساسي ليس مكافحة الإرهاب، بل القضاء على المطالبين بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان. ووفق بيانات الشبكة، لا يزال ما لا يقل عن 10,767 شخصاً يخضعون لإجراءات هذه المحكمة، التي نظرت منذ تأسيسها في نحو 91 ألف قضية، إضافة إلى إصدارها قرارات بحجز ممتلكات في 3,970 حالة على الأقل.
أدوات التصفية: من الاعتقال إلى المصادرة
أوضح التقرير أن المحكمة اعتمدت على شبكة من الإجراءات القمعية شملت الاعتقال التعسفي، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، واعتماد الضبوط الأمنية كأدلة وحيدة، ليتم تحويل الملفات لاحقاً إلى المحكمة دون أي التزام بأصول المحاكمات أو قواعد الإثبات القانونية.
كما لفت التقرير إلى أن النص القانوني الذي تستند إليه المحكمة صيغ بطريقة فضفاضة، ما يتيح توجيه التهم لأي شخص، وتحويل النشاط السياسي أو الإعلامي أو حتى المساعدات الإنسانية إلى "جرائم إرهابية" يعاقب عليها بأشد الأحكام، والتي قد تصل إلى الإعدام.
قضاء خاضع للسلطة التنفيذية
أكدت الشبكة أن المحكمة لا تتمتع بأي قدر من الاستقلالية، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية السابق كان يعيّن قضاة المحكمة بمن فيهم قضاة التحقيق وقضاة النقض، في مخالفة صريحة لمبدأ فصل السلطات. ورأى التقرير أن هذه الممارسات تجعل من المحكمة امتداداً طبيعياً للأفرع الأمنية، وليست هيئة قضائية مستقلة.
كما بيّن أن رئيس النيابة العامة في المحكمة لعب دور الوسيط بين الأجهزة الأمنية والقضاة، وأن قاضي التحقيق غالباً ما كان يرفض التصديق على إفادات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب، مكتفياً بتسجيل الضبط الأمني بوصفه "دليلاً" قانونياً.
تغوّل على الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة
انتقد التقرير بشدة غياب الحق في الدفاع، متهماً المحكمة بانتهاك "الحق المقدس" في المحاكمة العادلة. وأوضح أن جلسات محكمة الجنايات غالباً ما كانت تستند إلى سطور معدودة من الضبوط الأمنية، وقد تنتهي بالحكم بالإعدام لمجرد المشاركة في مظاهرة أو إبداء رأي معارض.
وأشار إلى أن الطعون في الأحكام لا تُجدي نفعاً أمام منظومة تعتمد على التعذيب كوسيلة إثبات، وذكر حالات اختفاء معتقلين بعد مثولهم أمام المحكمة، إضافة إلى إعادة اعتقال مفرج عنهم، ما يؤكد تغوّل السلطة الأمنية على المسار القضائي.
غطاء قانوني لمصادرة ممتلكات المعارضين
توقّف التقرير مطوّلاً عند البعد الاقتصادي للمحكمة، كاشفاً عن استخدامها كأداة لتجريد المعارضين من ممتلكاتهم. ووفقاً للمرسوم رقم 63 لعام 2012، بات بإمكان المحكمة، ووزارة المالية، والأجهزة الأمنية، إصدار قرارات بمصادرة جماعية تستهدف آلاف المواطنين المحالين إلى المحكمة غيابياً أو حضورياً.
وأشار التقرير إلى أن أوامر الحجز لا تقتصر على المتهمين، بل تشمل أفراد أسرهم، بما في ذلك الآباء والأمهات والأبناء والزوجات. وسجلت الشبكة ما لا يقل عن 3,970 حالة حجز منذ عام 2014 وحتى تشرين الأول/ أكتوبر 2020، شملت 57 طفلاً على الأقل.
استثنائية في دولة لا تحترم القانون
رأت الشبكة أن محكمة قضايا الإرهاب تنتهك أحكام القانون الدولي العرفي والمادة الثالثة من اتفاقيات جنيف، إذ لا تتمتع بشرعية قانونية، ولا تخضع لمبدأ الحياد أو الاستقلال. وأكد التقرير أن حرمان المتهمين من الحق في محاكمة عادلة يُصنّف ضمن جرائم الحرب، وفق النظم الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف التقرير أن النظام السوري وظّف خطاب "مكافحة الإرهاب" لتشويه صورة المعارضة، حيث جرى وصف كل من طالب بتغيير النظام بـ"الإرهابي"، ما أتاح تبرير استخدام العنف والقتل والمصادرة ضدهم، وتمرير ذلك من خلال محكمة سُمّيت بـ"محكمة الإرهاب"، في حين أن النظام نفسه هو من صاغ قانونها، وعيّن قُضاتها، وحدد إجراءاتها.
2022–2024: استمرار القمع وتغييب الملفات
مع تصاعد الحراك المعارض مجدداً، عادت المحكمة لتنشط في إصدار أحكام جماعية، رغم محاولة النظام التعتيم على نشاطها. واستخدمت مجدداً لتصفية نشطاء وتصفية حسابات سياسية داخل بنية النظام نفسه.
بعد سقوط النظام: تفكيك المحكمة وفتح ملفاتها
في شباط/فبراير 2025، وبعد انهيار نظام الأسد، أصدرت وزارة العدل السورية قراراً بإحالة 87 قاضياً من محكمة الإرهاب إلى التحقيق، لفتح ملفات التجاوزات التي ارتكبوها بحق المعتقلين. وقد بدأت بالفعل عمليات جمع شهادات ناجين وتدقيق الملفات القانونية، تمهيداً لمحاكمات قضاة ثبت تورطهم بأحكام تعسفية وبالفساد القضائي.
أرقام وحقائق صادمة
- أكثر من 91 ألف قضية نظرت بها المحكمة خلال عقد، وفق تقديرات حقوقية.
- نحو 10,767 شخصاً لا يزالون قيد المحاكمة أو الاحتجاز ضمن ملفات المحكمة.
- 177,021 شخصاً موثقين كمختفين قسرياً منذ عام 2011، معظمهم أُحيلت ملفاتهم إلى محكمة الإرهاب دون محاكمة.
- ما لا يقل عن 45,332 شخصاً قُتلوا تحت التعذيب في مراكز احتجاز، كثير منهم مرّ بمحكمة الإرهاب ولم تُسلّم جثامينهم لذويهم.
محكمة الإرهاب... بين القانون الدولي وجرائم الحرب
بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن المحكمة تُمثل انتهاكاً صريحاً لأبسط معايير المحاكمة العادلة المنصوص عليها في القانون الدولي. إذ إن قضاة المحكمة عُيّنوا من قبل رأس النظام مباشرة، وأحكامهم لا تستند إلى أدلة قانونية، بل إلى تقارير فروع الأمن.
كما أن المحكمة حاكمت مدنيين وعسكريين وأحداثاً ضمن بنية قضائية واحدة، خلافاً للقواعد الدولية التي تفصل بين هذه الفئات من المتهمين، وقد أدرجت الشبكة السورية هذه المحكمة كأداة رئيسية ارتكب النظام من خلالها جرائم ضد الإنسانية، ما يجعل القضاة العاملين فيها عرضة للمساءلة في المحاكم الدولية.
ضرورة تفكيك المحكمة وبناء قضاء نزيه
أثبتت محكمة قضايا الإرهاب أنها لم تكن يوماً مؤسسة عدلية، بل سيفاً بيد النظام لتصفية خصومه. واليوم، بعد سقوط هذا النظام، تُطرح الأسئلة الملحة حول مصير هذه المحكمة، وضرورة تفكيكها، ومحاسبة كل من أسهم في أعمالها، سواء كانوا قضاة أو محققين أو موظفين قضائيين.
في المقابل، يؤكد حقوقيون أن بناء قضاء سوري جديد لا يمكن أن يتم دون الكشف الكامل عن الجرائم التي ارتُكبت تحت عباءة "العدالة"، ووضع إطار قانوني يضمن استقلال القضاء ويحمي حقوق الإنسان، ويعيد الاعتبار لمفهوم الدولة القانونية بعد سنوات من التلاعب به باسم مكافحة الإرهاب.
بالرغم من سنوات الاصطفاف مع النظام السابق ومواقفه القمعية، يحاول عدد من الفنانين السوريين اليوم إعادة رسم صورتهم الشعبية والتقرب من الشارع الثوري، في تحوّل لافت أثار ردود فعل متباينة، اتخذ بعضها طابع السخرية والرفض القاطع.
ويأتي هذا الحراك المتأخر بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، وبدء مرحلة جديدة في سوريا تقوم على الحرية والمحاسبة، وهو ما يبدو أن بعض الوجوه الفنية تسعى لمواكبته لتجنب السقوط في ذاكرة السوريين.
إدلب بين الإنكار والتغنّي بها
لطالما كانت محافظة إدلب مهمشة ومغيّبة عن الحضور الرسمي والإعلامي في عهد آل الأسد، الأب والابن، وكانت صورتها ترتبط في ذهن النظام بأنها بعيدة عن "مراكز النفوذ"، رغم كونها مهداً من مهود الثورة السورية.
وفي واقعة شهيرة، حين سُئلت الممثلة شكران مرتجى عن محافظة تبدأ بحرف "الباء"، أجابت إحدى المشاركات في البرنامج "إدلب"، فما كان من مرتجى إلا أن طالبت باسم آخر، لترد المتسابقة بـ"حلب"، في مشهد بدا انعكاساً للاستخفاف الرسمي بالمحافظة الثائرة.
لكن اليوم، وفي مشهد مقلوب تماماً، بات بعض الفنانين المعروفين سابقاً بولائهم المطلق لبشار الأسد، يتغنون بإدلب وأهلها في محاولة –وصفها كثيرون– بأنها "تكويع" سياسي وفني للتماشي مع التحولات الجديدة.
نعيم الشيخ: من سميرة إلى إدلب
المطرب الشعبي نعيم الشيخ، الذي ارتبط اسمه سابقاً بأغانٍ عاطفية تتغزل بحبيبته المتخيلة "سميرة"، ظهر مؤخراً في تسجيل مصور يقول فيه: "ياريتني من إدلب، وأخد واحدة إدلبية، وأم عيون السود وساع ما خلت عكل بيا"، في لحن ساخر بدا أقرب لطلب الغفران منه إلى التغني بحب.
موجة من التعليقات الساخرة هاجمت الشيخ على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتبت إحدى المتابعات: "الله يرحم أيام زمان كيف كنتو، حبيت التكويع"، وأضاف آخر: "كان الله ورجال الأسد، شقد من غنيت لادلب رح تبقى طبل"، فيما قال ثالث: "لك هلق صرتو تحبوا إدلب؟ الله يعز إدلب وكل شريف".
حسام جنيد: "أنا من بنش" بعد إنكار طويل
وفي ذات السياق، ظهر المغني حسام جنيد في فيديو آخر يردد كلمات أغنية تقول: "ألي الشرف أني كون... يا ابن الأسعد ألي الشرف أني كون إدلبي، أنا من بنش وأرضي حلب". مقطع لم يمر مرور الكرام، إذ سرعان ما أعاد الجمهور التذكير بإنكاره السابق لأصله، وادعائه مراراً الانحدار من الساحل السوري، نكاية بانتمائه الإدلبي.
وتداول المتابعون تعليقات لاذعة منها: "شو عم يصير؟ نعيم الشيخ، وأنت صرتو تمجدو أهل إدلب شكلا إدلب رح تصير قرداحة نمبر 2"، وكتب آخر: "لاتجيب سيرة إدلب على لسانك. فهمنا إنكم مكوعين بس لهالدرجة تمسيح جوخ؟ مفكرين رح نرضى عنكن إذا تغنوا باسم إدلب؟ والله مارح ننسى مواقفكم السابقة".
ذاكرة الثورة لا تسامح بسهولة
يرى متابعون أن ما يفعله بعض الفنانين من تمجيد متأخر للمناطق الثائرة لا يمكن أن يُمحى به تاريخ طويل من الاصطفاف مع القمع والسكوت عن جرائم النظام. فتاريخ التشبيح العلني الذي مارسه بعضهم لا يُمحى بكلمات غزل أو أغنية عابرة، وهم بذلك يسيرون على خطى من سبقهم من الوجوه المتهاوية مثل دريد لحام وسلاف فواخرجي، الذين خسروا الشارع بعد أن اختاروا صف المستبد.
الثورة السورية التي قدّمت التضحيات الجسيمة، لا تنسى بسهولة من وقف ضدها أو تواطأ بصمته، وتعتبر أن "تبييض الصفحات" لن يمنح أحداً براءة من المواقف السابقة، خاصة حين تكون على حساب الدم والحرية.
أصدرت "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً مفصلاً يستعرض رؤيتها لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، وذلك في ضوء التغير السياسي الجذري الذي شهدته البلاد عقب سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
وأوضح التقرير أنَّ المرحلة الانتقالية الراهنة تشكل منعطفاً تاريخياً يقتضي الانتقال نحو مرحلة جديدة تعالج الإرث الثقيل من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وترسخ مبادئ العدالة والسلم الأهلي. وفي هذا السياق، تُعد العدالة الانتقالية المنهج الأمثل لتحقيق تعافٍ شامل من آثار النزاع، وبناء أسس راسخة لدولة تقوم على سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز المصالحة الوطنية، بما يضمن استقراراً دائماً.
وأشار التقرير إلى أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان عملت على توثيق الانتهاكات بشكل يومي ومنهجي منذ عام 2011 وحتى الآن، وقامت بإنشاء قاعدة بيانات شاملة تحتوي على ملايين الوقائع، وأصدرت أكثر من 1800 تقرير وبيان غطَّت كافة مراحل النزاع. وقد وثَّقت هذه التقارير أبرز الخسائر البشرية والمادية التي خلفت آثاراً عميقة على المجتمع والدولة السورية خلال 14 عاماً، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والوفيات جراء التعذيب، واستخدام الأسلحة المُدمِّرة، والتشريد القسري.
وأكد التقرير أنَّ الخطوة الأولى لتحقيق العدالة الانتقالية تتمثل في تشكيل هيئة وطنية متخصصة، تتمتع بالكفاءة والنزاهة والخبرة، وتضم شخصيات مستقلة تمثل مختلف أطياف المجتمع السوري. وشدد التقرير على أهمية الملكية الوطنية والمشاركة المجتمعية، مؤكداً أنَّ العدالة الانتقالية هي الركيزة الأساسية لعملية الانتقال السياسي.
إنشاء هيئة العدالة الانتقالية
الإطار القانوني لتشكيل هيئة وطنية للعدالة الانتقالية:
يقوم المجلس التشريعي، الذي سيُشكَّل عقب الإعلان الدستوري، بإعداد قانون تأسيسي يُحدِّد مسار العدالة الانتقالية، ويستند القانون التأسيسي إلى التشريعات الوطنية ذات الصلة ويتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مما يعزز مصداقية الهيئة ويكسبها شرعية وطنية ودولية.
يتضمن القانون عدة فصول تنظِّم هيكلية الهيئة، واختصاصاتها، وآليات عملها، ومعايير اختيار أعضائها، وأساليب تعاونها مع المؤسسات القضائية والرسمية، وآليات تقديم التقارير، وتحقيق مبادئ الشفافية والمساءلة.
تتوزع الفصول الرئيسة التي يجب أن يشملها القانون على النحو التالي:
الفصل الأول: التعريفات والمبادئ العامة.
الفصل الثاني: هيكلية الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية.
الفصل الثالث: آليات العدالة الانتقالية.
الفصل الرابع: الإطار القانوني والتنظيمي لإصلاح المؤسسات.
ونوه التقرير إلى أنَّ فصول القانون التأسيسي قد تخضع للتعديل والتطوير وفق المتغيرات والظروف المستجدة في المشهد السوري، وأكد التقرير على أهمية استقلالية الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية استقلالاً كاملاً عن السلطة التنفيذية، مع ضرورة عملها في ظل نظام قضائي مستقل ومحايد، وذلك على النحو التالي:
ينص القانون على استقلال الهيئة عن وزارة العدل، باعتبارها جزءاً من السلطة التنفيذية. تعمل الهيئة في إطار النظام القضائي السوري، الذي يُفترض أن يكون مستقلاً تماماً عن السلطة التنفيذية وتتولى الهيئة مهام الكشف عن الحقيقة، وتوثيق الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وتساهم مع السلطة القضائية في تشكيل محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم الجسيمة، بحيث تكون هذه المحكمة جزءاً من النظام القضائي الوطني.
يُعد استقلال القضاء شرطاً أساسياً لتحقيق العدالة الانتقالية، ويجب تضمين ضمانات دستورية واضحة تؤكد استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وتكون المحكمة الدستورية ومجلس القضاء الأعلى على رأس النظام القضائي، الذي يتولى بدوره إنشاء المحكمة الخاصة بقضايا العدالة الانتقالية، وصياغة القانون الجنائي الذي يختص بمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
أركان العدالة الانتقالية في سوريا
يقول فضل عبد الغني مدير الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان: “لضمان نجاح عملية العدالة الانتقالية في سوريا، من الضروري أن تعمل جميع آليات العدالة الانتقالية، بما في ذلك المساءلة الجنائية، وكشف الحقيقة وتقصي الحقائق، وجبر الضرر والتعويض، والإصلاحات المؤسسية، بصورة متوازية ومتكاملة تحت إدارة موحدة ضمن إطار هيئة العدالة الانتقالية. يتيح هذا النهج الشامل معالجة جميع أوجه الانتهاكات بشكل منسق، مما يعزز فعاليتها واستجابتها لاحتياجات الضحايا والمجتمع السوري ككل.”
وفي ضوء ذلك، حدّد التقرير أربعة أركان أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، وهي:
المحاسبة الجنائية.
● كشف الحقيقة والمصالحة.
● جبر الضرر والتعويض وتخليد الذكرى.
● إصلاح المؤسسات (القضاء، والأمن، والجيش).
أ. المحاسبة الجنائية
على مدار 14 عاماً، قامت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بالتوثيق اليومي الدقيق لانتهاكات نظام الأسد المخلوع، وأنشأت قاعدة بيانات شاملة تضم ملايين الوقائع الموثقة لمختلف أطراف النزاع. كما حددت الشَّبكة هوية الأفراد المتورطين في هذه الانتهاكات، وتمكنت من جمع قائمة موسعة تضم أسماء نحو 16,200 متورط، بينهم:
6,724 فرداً من القوات الرسمية، التي تشمل الجيش وأجهزة الأمن.
9,476 فرداً من القوات الرديفة، التي تضم ميليشيات ومجموعات مساندة قاتلت إلى جانب القوات الرسمية.
ونظراً للتحديات الكبيرة التي تواجه جهود المساءلة والمحاسبة، أكَّد التقرير على ضرورة التركيز على محاسبة القيادات العليا من الصفين الأول والثاني في الجيش وأجهزة الأمن التابعة للنظام السابق، والذين تورطوا بشكل مباشر في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من آذار/مارس 2011 وحتى كانون الأول/ديسمبر 2024.
الإطار القانوني للمحاسبة الجنائية
شدد التقرير على أهمية وضع إطار قانوني واضح ومحدد للمحاسبة الجنائية، يتضمن: تشكيل هيئة العدالة الانتقالية لجاناً قانونية مختصة تضم خبراء محليين ودوليين لوضع هذا الإطار القانوني، وقيام هذه اللجان بمهمة مراجعة وإصلاح القوانين المحلية الحالية، وخاصة تلك التي وُضعت لحماية النظام وأركانه أو التي تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كذلك صياغة قوانين وتشريعات جديدة تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتتكامل مع مبادئ وأحكام القانون الدولي، والتأكيد على ضرورة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية أو قبول اختصاصها بشكل واضح في الإطار القانوني.
تقصي الحقائق
لضمان فعالية المحاسبة الجنائية، أشار التقرير إلى أهمية الاعتماد على لجان تقصي الحقائق التي تؤدي دوراً محورياً في جمع الأدلة الجنائية والوثائق اللازمة وتقديمها إلى المحاكم المختصة بقضايا العدالة الانتقالية، مع التركيز على استرداد الأدلة والوثائق المخزنة في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، مثل:
الفروع الأمنية ومراكز الاحتجاز والسجون.
● دوائر السجل المدني.
● المستشفيات العسكرية والمدنية.
● المحاكم والدوائر القضائية.
● المنشآت والمؤسسات المسؤولة عن سجلات الملكية والعقارات.
● مراكز رعاية الأيتام.
إنشاء محاكم مختلطة متخصصة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (محاكم وطنية بدعم من الخبرات الدولية)
أوضح التقرير أنَّ المحاكم المختلطة تمثل خياراً عملياً وفعالاً في الحالة السورية، بالنظر إلى التحديات التي يعاني منها النظام القضائي الوطني، كضعف الموارد وإرث الفساد المترسخ من العهد السابق. وتقدم هذه المحاكم نموذجاً يجمع بين العناصر الوطنية والدولية في تشكيلها وفي أطرها القانونية والتنظيمية، مما يضمن الحفاظ على سيادة الدولة والملكية الوطنية لعملية المحاسبة، مع التزام كامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأكد التقرير أيضاً أهمية الاستفادة من الآليات الدولية المتاحة لمحاكمة مجرمي الحرب الذين فرّوا خارج البلاد، بما في ذلك استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية والإقليمية لتسليم المطلوبين إلى الجهات القضائية المختصة.
ب. الحقيقة والمصالحة
أكّد التقرير أهمية إنشاء لجان متخصصة لكشف الحقيقة، تتولى مهام توثيق الانتهاكات وتحديد مرتكبيها ودعم جهود العدالة والمساءلة، بهدف ترسيخ أسس المصالحة الوطنية. ويتم ذلك عبر:
اعتماد منهج يركز على الضحايا عبر توثيق شهاداتهم ورواياتهم، بما يسهم في صياغة ذاكرة وطنية مشتركة حول الانتهاكات، وجمع شهادات المتورطين بالانتهاكات بهدف فهم البنية التنظيمية لهذه الجرائم، والكشف عن تفاصيل وآليات تنفيذها، وتحديد مصير المفقودين كخطوة جوهرية في عملية كشف الحقيقة، وإعادة الكرامة للضحايا والتخفيف من معاناة ذويهم.
دور لجان الحقيقة في تحقيق المصالحة
وفقاً للتقرير، تؤدي لجان الحقيقة دوراً محورياً في تحقيق مستوى من العدالة المحلية من خلال معالجة المظالم وتسهيل المصالحة دون الاعتماد الكامل على النظام القضائي الرسمي. يتم ذلك عبر تشكيل مجالس عُرفية ولجان مصالحة في مختلف المحافظات السورية، تضم وجهاء المجتمع من شخصيات قيادية، ووجهاء عشائريين، ورجال دين، مع الاستفادة من تجارب المجتمع السوري التي طوّرت على مدى السنوات الماضية آليات الصلح العشائري، والتي تشمل حلولاً تقوم على الصفح، أو التسامح بموجب اتفاقيات تراضٍ، أو دفع الدية، أو الاعترافات العلنية كبديل للعقوبات التقليدية.
ت. جبر الضرر والتعويض وتخليد الذكرى
أكد التقرير على أهمية إعداد وتنفيذ برامج شاملة لجبر الضرر والتعويض، تتضمن تقديم الدعم المادي والمعنوي للضحايا، وضمان إعادة إدماجهم بشكل فعّال في المجتمع، وذلك من خلال لجان متخصصة تتولى المهام التالية:
تحديد الفئات التي يشملها برنامج التعويض. تحديد طبيعة الأضرار التي يمكن التعويض عنها، سواء كانت اقتصادية أو جسدية أو نفسية، وتصميم هيكل متكامل للتعويضات يشمل التعويضات الفردية، والتعويضات الموجهة للمجتمعات المتضررة، والتعويضات المقدمة على شكل خدمات، إضافة إلى جبر الضرر المعنوي، ووضع آلية واضحة لتوزيع التعويضات مع تحديد إطار زمني مُلزم لإنجاز هذه العملية.
التعويض المادي
أشار التقرير إلى أنَّ التعويض المادي لا يقتصر على المنح المالية المباشرة فقط، بل يمكن أن يشمل أيضاً منح الضحايا خدمات تفضيلية في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، وإعادة حقوق الملكية وتمويل مشاريع الإسكان وتأهيل البنية التحتية، ودعم التأهيل الاقتصادي الفردي والجماعي، إضافةً إلى إنشاء برامج لتعويض خسائر الدخل.
جبر الضرر المعنوي وتخليد الذكرى
سلّط التقرير الضوء على أهمية تقديم مختلف أشكال الدعم المعنوي للضحايا، بما في ذلك برامج إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، والدعم القانوني. ومن الممكن تقديم تعويضات رمزية كاعتراف علني بالتضحيات التي قدّمها الضحايا، وتقديم الاعتذارات العلنية من قِبل مرتكبي الجرائم.
وأوضح التقرير أنَّ طرق تخليد ذكرى الضحايا تشمل إقامة النصب التذكارية، وتخصيص أيام وطنية لإحياء الذكرى، وإنشاء المتاحف والمراكز الأرشيفية التي توثّق الانتهاكات، وإطلاق أسماء الضحايا على الأماكن العامة، وإدماج إرث الثورة والانتهاكات في مناهج التعليم الوطنية، إلى جانب الاعتراف الرسمي بالتضحيات التي قدمها الشعب السوري، وتقديم الاعتذارات العلنية من الأطراف المسؤولة.
ث. إصلاح المؤسسات
أكد التقرير أنَّ إصلاح مؤسسات الدولة كافة يُعد ضرورةً ملحَّة نظراً لما شهدته من فساد وتدهور خلال عهد النظام السابق، لكنه شدَّد على منح الأولوية في المرحلة الانتقالية للمؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية، كونها الأكثر تورطاً في الانتهاكات الجسيمة التي استهدفت الشعب السوري خلال سنوات النزاع.
إصلاح المؤسسة القضائية
اعتبر التقرير أنَّ إصلاح القضاء يمثل أولويةً أساسية في المرحلة الانتقالية، بهدف تعزيز آليات المساءلة، والحد من الإفلات من العقاب، وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي، وقد قدّم التقرير خارطة طريق تفصيلية لإصلاح المؤسسة القضائية، من أبرز محاورها:
إعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى والقوانين الناظمة لاستقلال القضاء.
إلغاء المحاكم الاستثنائية ودمجها في إطار القضاء العادي.
تعزيز الشفافية في آليات تعيين وترقية القضاة، وتحسين ظروفهم المعيشية.
كذلك، أبرز التقرير الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني والجهات الدولية في دعم عملية الإصلاح القضائي، من خلال تقديم الدعم الفني والقانوني، وتنفيذ برامج التدريب المتخصصة، وتفعيل دور النقابات المستقلة وجمعيات القضاة، والاستعانة بخبرات قانونية دولية متخصصة.
إصلاح القطاع الأمني
وضع التقرير إطاراً متكاملاً للإصلاح الأمني في سوريا المستقبل، يرتكز على المحاور التالية: إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتحديد مهامها وصلاحياتها بشكل واضح، وإصلاح العقيدة الأمنية بما يضمن حماية المواطنين واحترام حقوق الإنسان، وتطوير نظام واضح للتجنيد والتوظيف ضمن الأجهزة الأمنية، وتعزيز مبادئ الشفافية وآليات المساءلة والرقابة الداخلية.
ولفت التقرير إلى وجود تحديات كبيرة في عملية إصلاح القطاع الأمني، أهمها: المقاومة السياسية والطائفية الناتجة عن صعوبة تفكيك الولاءات المتجذرة داخل الأجهزة الأمنية، والمقاومة الداخلية التي يبديها بعض أفراد الأجهزة الأمنية خوفاً من فقدان نفوذهم أو امتيازاتهم، كذلك القيود الاقتصادية المرتبطة بصعوبة توفير الموارد المالية اللازمة لتحسين ظروف العاملين في القطاع الأمني دون التأثير سلباً على القطاعات الحيوية الأخرى، كالتعليم والصحة.
إصلاح المؤسسة العسكرية
أشار التقرير إلى أنَّ عملية إصلاح المؤسسة العسكرية السورية في مرحلة ما بعد سقوط الأسد وتفكك الجيش السابق، هي عملية طويلة ومعقدة، لكنَّها تظل ضرورةً حتمية لاستعادة الاستقرار وبناء دولة قوية ومتماسكة، واستعادة الثقة بين المواطنين والقوات المسلحة.
تتطلب هذه العملية إجراءات أساسية تشمل: نزع سلاح المجموعات المسلحة كافة، وتفكيك الهياكل العسكرية الموازية ودمج جميع الفصائل ضمن جيش وطني موحد، وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على نحو يضمن عدم تكرار الانتهاكات السابقة.
خطوات إصلاح المؤسسة العسكرية
وفقاً للتقرير، يتطلب إصلاح المؤسسة العسكرية اعتماد خطة شاملة تتضمن المحاور التالية:
توفير إطار سياسي وقانوني من خلال سن التشريعات الضرورية لعملية الدمج والمساءلة، بما يتوافق مع القانون الدولي، وإحصاء وتقييم الفصائل المسلحة، وتسريح العناصر غير المؤهلة وإعادة إدماجهم في الحياة المدنية، وإعادة توزيع القوى البشرية بشكل متوازن، وتوفير برامج التدريب وإعادة التأهيل.
كذلك إنشاء هيكل تنظيمي جديد يعكس التنوع المجتمعي ويعزز الهوية الوطنية، وتوفير التسليح والتجهيز اللازم للجيش وفق معايير واضحة، وإنشاء هيئة مدنية مستقلة للإشراف والمحاسبة ومراقبة عملية الإصلاح وضمان الشفافية، إضافة إلى تشكيل محاكم عسكرية متخصصة لمحاسبة الأفراد المتورطين في الانتهاكات.
خاتمة: نحو مستقبل سوري قائم على العدالة والكرامة
خلص التقرير إلى أنَّ هذه الرؤية التي تقدّمها الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تمثّل خارطة طريق نحو بناء سوريا الجديدة، وأنَّ الالتزام بمسار العدالة الانتقالية يُعد ضرورة وطنية لضمان عدم تكرار مأساة الماضي، وتحقيق الاستقرار الدائم الذي يطمح إليه السوريون بعد عقود من الاستبداد والنزاع المدمر.
وشدَّد التقرير على أنَّ نجاح هذه الرؤية يتطلب التزاماً جماعياً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الضحايا والناجون، مؤسسات الدولة، منظمات المجتمع المدني، والمجتمع الدولي. فليس بمقدور أي طرف بمفرده أن يحقق العدالة الانتقالية، كما أنَّه لا يمكن لأي ركن من أركانها الأربعة (المحاسبة الجنائية، كشف الحقيقة، التعويض وجبر الضرر، وإصلاح المؤسسات) أن يحقق الفعالية المنشودة بمعزل عن بقية الأركان.
وأكد التقرير أخيراً على أنَّ العدالة الانتقالية ليست نهاية الطريق، بل هي بداية مسار طويل نحو التعافي الوطني الشامل وإعادة بناء سوريا التي يستحقها كل السوريين؛ سوريا الحرية والكرامة، دولة القانون والعدالة.
تواصل العيادة المتنقلة في مدينة صلخد، جنوب محافظة السويداء، أداء دورها الحيوي كجسر إنساني يصل بين سكان القرى النائية والخدمات الصحية الأساسية، في ظل غياب المراكز الطبية في العديد من التجمعات السكانية. وتقوم العيادة بتنفيذ جولات منتظمة بمعدل يومين أسبوعياً، تُخصص كل مرة لقرية مختلفة، بهدف تغطية أوسع شريحة من السكان الذين يعيشون بعيداً عن المنشآت الصحية الثابتة.
إيصال العلاج إلى منازل المحتاجين
وفي تصريح لموقع "السويداء 24"، أوضحت غادة نصر الدين، مسؤولة قسم الإمداد في صلخد وإحدى كوادر العيادة، أن الهدف من المشروع هو تأمين الأدوية الضرورية مباشرة للمرضى، دون تحميلهم أعباء التنقل أو عناء الوصول إلى مراكز صحية بعيدة.
تُوزع ضمن هذه الجولات قائمة متنوعة من الأدوية تشمل مسكنات، وعلاجات للضغط والغدة، وأدوية التهابات، بالإضافة إلى فيتامينات للأطفال والكبار، ومواد خاصة بالإسعافات الأولية. ويتم تأمين هذه المستحضرات من مديرية الصحة العامة ثلاث مرات سنوياً، ما يجعل توفر بعض الأصناف متغيراً بحسب العقود والمناقصات.
دعم الموظفين ودوائر الدولة
ولم تقتصر خدمات العيادة على القرى فقط، بل بادرت فرقها إلى إيصال الأدوية للموظفين العاملين في الدوائر الحكومية في مدينة صلخد، خاصة أولئك الذين لا تسمح طبيعة أعمالهم بمغادرة أماكن عملهم، مثل موظفي الأفران، المحكمة، المالية، المياه، المصرف الزراعي والبلدية. ويتم التنسيق مع هذه الجهات بشكل مباشر لضمان توزيع الأدوية بشكل منظم وفعّال.
برامج تثقيف وتغذية وصحة إنجابية
وبالتوازي مع التوزيع الدوائي، تنفذ العيادة المتنقلة برامج توعوية وصحية، تشمل التثقيف بشأن أهمية اللقاحات، والوقاية من الأمراض المعدية، والتوعية بمخاطر مخلفات الحرب. كما يتضمن عملها برنامجاً مخصصاً للتغذية يُعنى بقياس مؤشرات سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل، مع تقديم نصائح غذائية مناسبة.
كما تقدم العيادة برنامجاً داعماً للصحة الإنجابية يشمل توعية النساء الحوامل وتنظيم الأسرة، إلى جانب برنامج خاص بكبار السن يُعنى بقياس ضغط الدم وإحالة الحالات المرضية التي تتطلب رعاية متخصصة إلى المراكز الصحية المتوفرة.
تقديم اللقاحات وخدمة استشارية
ورغم أن طبيعة عمل العيادة لا تشمل الفحوصات الطبية المباشرة، إلا أنها توفر استشارات أولية وتُخصّص يوم الإثنين أسبوعياً لتقديم اللقاحات ضمن إطار برنامج الرعاية الصحية الدورية.
التزام وجودة رغم التحديات
وأكدت غادة نصر الدين أن الفريق العامل في العيادة ملتزم بتقديم الخدمة الصحية وفق أعلى المعايير الممكنة، ويعمل جاهداً لضمان إيصال الأدوية إلى مستحقيها الحقيقيين، ما يجعل من العيادة المتنقلة نقطة ارتكاز مهمة في منطقة تعاني من ضعف في البنية التحتية الصحية.
تُعد العيادة المتنقلة في صلخد اليوم بمثابة "رئة طبية" للقرى المحرومة، وواحدة من المبادرات التي تعكس جوهر التضامن المجتمعي، في سبيل بناء نظام صحي أكثر عدالة وإنصافاً.
أصدر وزير العدل السوري، الدكتور مظهر الويس، قرارين متتاليين يهدفان إلى تعزيز الشفافية والالتزام بالمعايير القانونية، وسط تصاعد المطالب الشعبية بإعادة تقييم أداء مؤسسات العدالة بعد سقوط النظام السابق، في خطوة لافتة نحو إصلاح المنظومة القضائية في البلاد.
مراجعة شاملة لأحكام محكمة الإرهاب
القرار الأول تمثل في تشكيل لجنة قضائية متخصصة تتولى دراسة ومراجعة الأحكام والإجراءات الصادرة عن محكمة قضايا الإرهاب، إلى جانب باقي المحاكم الاستثنائية التي أُنشئت في عهد النظام المخلوع.
وبحسب ما نشرته وزارة العدل عبر قناتها على تلغرام، تهدف هذه الخطوة إلى تقييم مدى قانونية تلك الأحكام، ومواءمتها مع الضمانات الدستورية التي تكفل حقوق المواطنين، في إطار العدالة الانتقالية التي تشهدها البلاد.
اللجنة القضائية ستُكلّف بإعداد تقارير تحليلية دقيقة لكل حالة، مع رفع تقارير شهرية إلى مجلس القضاء الأعلى تتضمن مقترحات بإلغاء الأحكام التي يتضح أنها فُرضت تعسفاً أو انطوت على انتهاك للحريات العامة.
تعليق الدراسة في المعهد العالي للقضاء بسبب شبهات فساد
في قرار ثانٍ، أعلن وزير العدل تعليق التدريس في المعهد العالي للقضاء، بعد ورود شكاوى تتعلق بوجود مخالفات وتجاوزات في عملية قبول الطلاب ضمن الدورة الرابعة.
ووفقاً لما نشرته الوزارة، تزامن القرار مع تشكيل لجنة تفتيشية مختصة لتقييم الإجراءات التي تم اتباعها في اختيار المقبولين، ومدى مطابقتها للمعايير الأكاديمية والمبادئ الناظمة لنزاهة القضاء.
اللجنة ستقوم بإعداد تقرير مفصل يُرفع إلى مجلس القضاء الأعلى، ليُبنى عليه اتخاذ قرارات تصحيحية تُعيد الاعتبار لمصداقية المؤسسات القضائية، وتمنع تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.
يُذكر أن هذه الإجراءات تأتي في سياق خطوات متصاعدة لإصلاح القضاء، وإعادة الثقة به كأحد أعمدة الدولة السورية الجديدة، بعد سنوات طويلة من التسييس والفساد القضائي الذي مارسه النظام السابق عبر أدواته الأمنية والقضائية.
يستمر فتح ملفات المتورطين بجرائم نظام الأسد، وسط مطالبات متصاعدة بمحاسبة كل من ساهم في تعذيب السوريين وظلمهم خلال سنوات الثورة، وعلى رأسهم شخصيات بارزة في المجال القضائي لعبت أدواراً محورية في تغطية الانتهاكات قانونياً.
القاضية "خلود الحموي"، التي تولّت منصب قاضي التحقيق الخامس في ما كان يُعرف بمحكمة "الإرهاب"، باتت في دائرة الاتهام بعد شهادات توثق أحكامها المجحفة، وتورطها في إرسال معتقلين إلى سجن صيدنايا سيئ السمعة.
لورنس حيدر يفضح.. "خلود الحموي أداة النظام القضائية"
أحد الناجين من الاعتقال، ويدعى لورنس حيدر، خرج بشهادة مصوّرة كشف فيها تفاصيل صادمة عن تجربته في الاعتقال ودور القاضية خلود الحموي في تكريس الظلم بحق المعتقلين.
وقال حيدر إنه اعتُقل في سبتمبر/أيلول 2013 عند حاجز "كشكول" بدمشق، إثر تقرير أمني كتبه أحد معارفه، وجرى تحويله إلى "فرع الدوريات" حيث خضع للتحقيق لدى عنصر يُدعى محمود حمدان. وبعد شهرين، نقل إلى فرع منفردة 93، ثم خضع للتحقيق أمام لجنة أمنية تضم خمسة ممثلين عن أجهزة الاستخبارات السورية.
في شهادته، أشار إلى نقله لاحقاً إلى سجن عدرا، ثم إلى محكمة "الإرهاب" حيث عرض أمام القاضية خلود الحموي. ووفقاً له، تم عرض 23 شخصاً على الحموي في تلك الفترة، ولم يُفرج سوى عن ثلاثة، بينما تم ترحيل الباقين إلى سجن صيدنايا، المعروف بأنه مقبرة الأحياء.
شهادات معتقلين: "أحكام ظالمة وابتزاز مقابل الذهب"
بعد انتشار شهادة حيدر، تفاعل عدد من المعتقلين السابقين مع الفيديو، كاشفين عن تعرضهم لأحكام جائرة على يد الحموي، وكتب أنور بركات، أحد ضحايا القاضية، قائلاً: "حوّلتني إلى الجنايات عام 2013 رغم براءتي.. فقط لأنني من محافظة إدلب. حرمتني من عملي وسُرق منزلي واتُّهمت بالإرهاب ظلماً".
أما عمار العبادي، فقال: "حكمتني القاضية خلود الحموي سبع سنوات بسبب ربطة خبز.. الله لا يسامحها". وأضاف أحمد المحمد: "أوقفتني الحموي وأرسلتني إلى صيدنايا. قضيت ثلاث سنوات بدون محاكمة، وكانت الأضابير تبقى نائمة عندها ما لم يُدفع ذهب. من كان يدفع كان يُفرج عنه، ومن لم يفعل يُترك مصيره بيدها".
مطالبات بالمحاسبة.. فتح ملفات محكمة "الإرهاب"
تأتي هذه الشهادات في وقت يواصل فيه محامون وحقوقيون فتح ملفات محكمة "الإرهاب"، باعتبارها أداة قانونية استخدمها النظام السابق في شرعنة الاعتقال التعسفي وتصفية الخصوم. وتزايدت الدعوات لإجراء تحقيقات قضائية بحق القاضية الحموي، مع تقديم شكاوى ضدها تتضمن اتهامات بالفساد واستغلال السلطة والضلوع في ممارسات تعذيب غير مباشرة من خلال تغطية قانونية لقرارات أمنية.
"لا عدالة دون محاسبة"
ملف القاضية خلود الحموي يمثل نموذجاً صارخاً على مدى تواطؤ المؤسسة القضائية مع الأجهزة الأمنية في عهد النظام المخلوع، ويؤكد أن أي عدالة انتقالية في سوريا لن تكتمل دون محاسبة كل من تورّط في ظلم السوريين، سواء أكانوا جنوداً في الميدان، أم قضاةً في المكاتب.
وأكد المحامي “ميشيل شماس” أن الشكوى جاءت نتيجة ما وصفه بـ”انتهاكات مهنية جسيمة”، حيث اتهم عدد كبير من المحامين القاضية الحموي بإظهار عداء صارخ تجاه المتهمين من المعارضين السياسيين، وبتبني مواقف منحازة للنظام السوري السابق، خلال فترة توليها القضايا الحساسة في المحكمة.
وتُعد الحموي من الشخصيات القضائية المثيرة للجدل في سوريا، بسبب ارتباط اسمها بمحكمة الإرهاب التي وُجّهت لها اتهامات واسعة بانتهاك حقوق المعتقلين السياسيين.
وكانت قد أصدرت وزارة العدل السورية بيانًا توضيحيًا بعد انتشار صورة تُظهر وزير العدل الدكتور مظهر الويس وهو يصافح القاضي عمار بلال، أحد أبرز قضاة محكمة الإرهاب إبان عهد النظام السابق. وأكدت الوزارة أن المصافحة جرت ضمن لقاء بروتوكولي بمناسبة عيد الفطر، ولا تحمل أي دلالة سياسية أو قانونية.
وأضاف البيان أن جميع القضاة الذين شغلوا مناصب في محكمة قضايا الإرهاب يخضعون حاليًا لتحقيقات لدى إدارة التفتيش القضائي، مؤكدة أن أية مخالفات أو تجاوزات سيتم التعامل معها بحزم، وفق مقتضيات القانون.
وشددت الوزارة على التزامها بمبدأ المحاسبة وسيادة القانون، معتبرة أن تطهير المؤسسة القضائية من المتورطين في الانتهاكات يمثل استحقاقًا وطنيًا وأخلاقيًا في إطار مسار العدالة الانتقالية وبناء سوريا الجديدة.
في المقابل، أثارت صورة القاضي بلال مع الوزير موجة من الجدل والاستياء في الأوساط الحقوقية والثورية، التي اعتبرت ظهوره بمثابة “استفزاز” لضحايا القمع، مطالبة بعزله ومحاسبته إلى جانب جميع القضاة المتورطين في انتهاكات سابقة.
وأصدر عدد من المحامين المنشقين ونشطاء الثورة بيانًا طالبوا فيه باتخاذ إجراءات فورية لعزل كل من ساهم في قمع السوريين، مؤكدين أن استمرار هؤلاء في مواقعهم يشكل “صفعة للعدالة وإهانة لذكرى الضحايا”.
كما شدد البيان الحقوقي على ضرورة دعم القضاة الشرفاء والمنشقين الذين أثبتوا نزاهتهم، والذين يجب أن يكونوا في طليعة عملية إصلاح القضاء في سوريا المستقبل.
وعبّر ناشطون عن تطلعهم إلى مرحلة جدية من المحاسبة الشاملة لكل من ارتكب انتهاكات بحق السوريين خلال عهد النظام المخلوع، سواء من الأجهزة الأمنية أو القضائية، مؤكدين أن التغاضي عن هذه الأسماء سيُفقد الدولة الجديدة مصداقيتها في أعين من دفعوا أثمانًا باهظة في سبيل الحرية والكرامة.
وأكدت تعليقات أخرى أن “الكثير من رموز القمع ما زالوا طلقاء، يمارسون وظائفهم، بل ويُمنح بعضهم مناصب جديدة”، وهو ما وصفه ناشطون بأنه “تهديد حقيقي لمسار العدالة الانتقالية”، داعين إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق ومتابعة ملفات القضاة المتورطين بجرائم ضد الإنسانية.