
تقرير شام الاقتصادي | 14 تموز 2025
استقرت الليرة السورية في افتتاح تعاملات اليوم الإثنين 14 تموز 2025، وسط حالة من الترقب الحذر تسود الأوساط التجارية والمالية، مع استمرار الضغوط الاقتصادية والمعيشية التي تلقي بظلالها على السوق المحلية.
هذا الاستقرار النسبي يأتي في ظل تجاذبات مستمرة بين سعر الصرف في السوق السوداء والسعر الرسمي المعلن من قبل مصرف سوريا المركزي، ما يخلق فجوة سعرية تلقي بثقلها على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية في البلاد.
وسجل الدولار الأميركي في السوق السوداء سعراً موحداً تقريباً في دمشق وحلب وإدلب عند 10,075 ليرة للشراء و10,125 ليرة للمبيع، في حين ارتفع بشكل ملحوظ في مدينة الحسكة حيث بلغ 10,275 ليرة للشراء و10,350 ليرة للمبيع، وفقاً لمنصة "الليرة اليوم".
ويعكس هذا التباين بين المناطق عوامل متعددة، أبرزها تفاوت حجم التداول، وطرق التهريب، ودرجة الاعتماد على الحوالات الخارجية، إضافة إلى الظروف الأمنية والإدارية المختلفة في المحافظات.
وأما السعر الرسمي الذي حدده مصرف سوريا المركزي، فقد بلغ 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرة للمبيع، وهو سعر لا يُعتمد عليه فعلياً في العمليات التجارية اليومية، لكنه يستخدم في بعض المعاملات الرسمية والحوالات الواردة عبر قنوات التحويل النظامية.
في موازاة ذلك، يستمر سوق الذهب السوري في التحرك بتأثير مباشر من سعر الصرف العالمي والمحلي، إلى جانب عوامل داخلية أبرزها تراجع ثقة المواطنين بالعملة المحلية، وارتفاع الطلب على الذهب كمخزن للقيمة.
وخلال النصف الأول من عام 2025، ارتفعت أسعار الذهب في سوريا بنسبة قاربت 8%، حيث بدأ غرام الذهب عيار 21 العام عند 860 ألف ليرة، ليغلق شهر حزيران عند 930 ألف ليرة، في مؤشر واضح على تصاعد الطلب المحلي على المعدن الأصفر.
هذا الارتفاع لم يكن مفاجئاً، إذ جاءت الأشهر الستة الأولى من العام محملة بتقلبات اقتصادية حادة. وسُجل ارتفاع تدريجي لأسعار الذهب خلال شهري كانون الثاني وشباط، متأثراً بصعود الأونصة عالمياً إلى مستويات تجاوزت أحياناً 3300 دولار، وبالإقبال الشعبي على شراء الذهب في الداخل السوري كوسيلة للتحوط من تدهور سعر صرف الليرة.
وقد تراوحت أسعار الأونصة المحلية بين 31 مليون و33.5 مليون ليرة، ما يعكس أيضاً الفروقات في التسعير بين الصاغة والمناطق المختلفة.
شهر نيسان شهد بعض التراجع النسبي بأسعار الذهب، قبل أن تعود إلى الارتفاع مع نهاية حزيران، ويُتوقع أن تستمر هذه التذبذبات خلال النصف الثاني من العام. عوامل التأثير الرئيسية على السوق تتمثل في ثلاثة محاور أساسية تقلبات سعر الأونصة العالمية، تدهور قيمة الليرة، وزيادة الطلب المحلي على الذهب.
وفي سياق اقتصادي متصل، شهدت العاصمة الأردنية عمّان انطلاق الجلسات التخصصية للاجتماعات الفنية الاقتصادية بين سوريا والأردن، بحضور وفود رسمية من كلا البلدين. ترأس الجانب السوري نائب وزير الاقتصاد والصناعة المهندس باسل عبد الحنان، فيما ترأست الجانب الأردني الأمين العام لوزارة الصناعة والتجارة والتموين، الدكتورة دانا الزعبي.
وتتمحور المباحثات حول تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية السابقة، وتسهيل التبادل التجاري عبر المعابر الحدودية، بالإضافة إلى بحث معوقات العمل الجمركي واللوجستي. كما ناقش المشاركون فرص تطوير المناطق الحرة والمشاريع الزراعية والصناعية المشتركة، في ظل تطلعات لتحسين العلاقات الاقتصادية الثنائية وفتح آفاق جديدة للاستثمار، بما يعزز من التكامل بين القطاعين العام والخاص في البلدين.
وتأتي هذه الجلسات التحضيرية تمهيداً لاجتماع اللجنة العليا السورية الأردنية، والذي من المتوقع أن يتوَّج بتوقيع محضر مشترك يتضمن أبرز التفاهمات الاقتصادية، وآليات المتابعة المستقبلية، بهدف تطوير مسار التعاون الإقليمي وتعزيز المصالح المشتركة بين دمشق وعمّان.
وفي إطار القطاع الصناعي، أعلنت الشركة العامة للأسمدة في حمص عن حاجتها لتوريد كميات من مادة خامس أوكسيد الفاناديوم، في خطوة تستهدف تحسين الإنتاجية ومواكبة متطلبات التشغيل، فيما أجرى مدير الشركة مصطفى علي جولة ميدانية على أقسام ومعامل المنشأة لمتابعة واقع العمل والتأكد من جاهزية الكوادر الفنية والبشرية لمواجهة التحديات.
على صعيد آخر، نفذ فريق من مديرية التجارة الداخلية بمحافظة اللاذقية، برئاسة عبد الوهاب السفر، جولة تفقدية إلى عدد من القرى المتضررة من الحرائق، وذلك للاطلاع على واقع الأهالي وتقييم احتياجاتهم الخدمية والمعيشية. وشارك في الجولة مدير المنطقة الشمالية مصطفى جولحي، حيث تم الاستماع لشكاوى السكان، تمهيداً لمعالجتها بالتعاون مع الجهات المعنية.
وكان أصدر البنك الدولي تقريراً جديداً تضمن مراجعة إيجابية لتوقعات النمو الاقتصادي في ثماني دول عربية، من بينها سوريا، التي ظهرت مجدداً في بيانات البنك للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.
يشار أن خلال الفترة الماضية أصدرت القيادة السورية الجديدة قرارات عدة لصالح الاقتصاد السوري، أبرزها السماح بتداول العملات الأجنبية، والدولار في التعاملات التجارية والبيع والشراء، وحتى الأمس القريب، وكان النظام البائد يجرّم التعامل بغير الليرة ويفرض غرامات وعقوبات قاسية تصل إلى السجن سبع سنوات.