الأمومة في مواجهة الإعاقة: نساء سوريات يتحدّين الحرب ويحتفظن بحق الحياة
الأمومة في مواجهة الإعاقة: نساء سوريات يتحدّين الحرب ويحتفظن بحق الحياة
● تقارير إنسانية ٢٨ يونيو ٢٠٢٥

الأمومة في مواجهة الإعاقة: نساء سوريات يتحدّين الحرب ويحتفظن بحق الحياة

خلال سنوات الحرب السورية، أصيبت آلاف النساء بإعاقات دائمة نتيجة القصف، أو الشظايا، أو تحت أنقاض الزلازل التي ضربت البلاد، وأشدها في شباط/فبراير 2023. هذه الإصابات لم تغيّر فقط تفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء النساء، بل أثّرت بشكل مباشر على أدوارهن الاجتماعية، خاصة حين يتعلق الأمر بتجربة الحمل والولادة.

الأمومة رغم الإعاقة: قرارٌ بالحياة
على الرغم من الألم والمحدوديات الجسدية، اختارت العديد من النساء السوريات مواصلة حياتهن والمضي قدمًا نحو تجربة الأمومة، رافضات أن تكون الإعاقة عائقًا أمام غريزة الحياة، وبحسب شهادات طبية ميدانية، يواجهن صعوبات جمّة خلال الحمل، تتضاعف بحسب طبيعة الإعاقة، من إصابات العمود الفقري، إلى بتر الأطراف، أو فقدان القدرة على الحركة.

النساء اللواتي يعانين من إعاقات حركية خاصة في الجزء السفلي، يحتجن إلى متابعة طبية مستمرة، ومساعدة دائمة في الأنشطة اليومية، وتوفير رعاية صحية دقيقة لمواكبة الحمل، أما بعد الولادة، فتتفاقم التحديات، حيث تصبح العناية بالطفل مسؤولية مضاعفة تتطلب جهدًا خاصًا، لا سيما من الأمهات اللواتي فقدن القدرة على استخدام اليدين، أو يفتقرن إلى الدعم العائلي المباشر.

حالات واقعية... من الألم يولد الصبر
في حديث مع شبكة "شام"، نقلت الطبيبة النسائية "دانية معتصم حمدوش"، العاملة في مشفى السامز للأمومة والطفولة في مدينة الدانا، مجموعة من الحالات المؤثرة التي رافقتها طبياً. من بين أبرزها: "أمٌ لـ3 أطفال، حامل في أسبوعها الـ27، مصابة بشلل رباعي كامل نتيجة شظية اخترقت النخاع الشوكي. تُنقل على نقالة ولا تتحرك سوى باستخدام يديها ورقبتها، في حين تتولى والدتها كامل رعايتها.

أيضاً "امرأة فقدت قدرتها على الإنجاب نتيجة إصابة مباشرة في الحوض تسببت في تلف المبايض، وسيدة حامل في شهرها الثالث تعاني من بتر كامل في الطرف السفلي، وتواجه تحديات كبيرة في الحركة والعناية الذاتية.

هذه الحالات، على مأساويتها، تمثّل فقط عيّنة من عشرات بل مئات النساء السوريات اللواتي يعشن تجارب مماثلة في صمت.

دعم الأمهات.. ضرورة لا رفاهية
تشير الطبيبة دانية إلى أن النساء ذوات الإعاقة بحاجة إلى رعاية شاملة، لا تقتصر على المتابعة الطبية، بل تشمل دعمًا نفسيًا، واحتياجات غذائية خاصة، وعلاجًا طويل الأمد لتعزيز الأعصاب والعضلات، كما أن إصابات الحوض والعمود الفقري تعد من أكثر الإعاقات تأثيرًا على تجربة الحمل والولادة.

وتوضح أن توفر الدعم الأسري، وخاصة من الأمهات أو الشركاء، يشكّل عاملاً حاسمًا في تمكين المرأة من تجاوز التحديات، فالكثير من الأمهات نجحن في تربية أطفالهن، رغم إعاقتهن، فقط لأنهن تلقين الدعم الكافي، في المقابل، تغدو الأمومة عبئًا نفسيًا وجسديًا صعبًا على من يعشن في عزلة، أو من فقدن أمهاتهن، أو يعانين من غياب الشريك.

أمهات من رحم الألم
رغم قسوة الحرب والإعاقات التي خلفتها، تواصل نساء سوريات إثبات قدرتهن على الصمود، لا تقف الإعاقة عائقًا أمام حقهن في الحياة والأمومة، بل تكون أحيانًا دافعًا للمضي قدمًا. وتؤكد تجاربهن أن الدعم والرعاية هما مفتاح التغلب على الظروف، وأن إرادة الحياة لدى الأمهات أقوى من الجراح.

الكاتب: فريق العمل - سيرين المصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ