تأثير البيئة الأسرية على تحصيل الطلاب: بين الدعم النفسي والخلافات المنزلية
تأثير البيئة الأسرية على تحصيل الطلاب: بين الدعم النفسي والخلافات المنزلية
● تقارير إنسانية ١ ديسمبر ٢٠٢٥

تأثير البيئة الأسرية على تحصيل الطلاب: بين الدعم النفسي والخلافات المنزلية

تلعب البيئة الأسرية دوراً حاسماً في تشكيل المسار الدراسي للطالب، سواء بدفعه نحو التفوق والنجاح، أو إلى التراجع والرسوب. فالمكان الذي يقضي فيه الطالب معظم ساعات يومه ليس مجرد فضاء للعيش، بل هو الحاضنة الأولى التي يستمد منها الأمان النفسي، والدعم العاطفي، ونمط الحياة الذي ينعكس مباشرة على جهده الأكاديمي وقدرته على التركيز والاستيعاب.

البيئة الإيجابية والأخرى السلبية

وتبرز في هذا السياق صورتان متناقضتان للبيئة الأسرية التي يعيش فيها الطالب: إحداهما إيجابية داعمة، والأخرى سلبية ومُرهِقة. ففي النموذج الأول، يسود الهدوء داخل الأسرة، وتتوافر فيها قدرة واضحة على تنظيم الوقت وإدارة شؤون اليوم. 

كما يقدّم الأبوان دعماً أكاديمياً وعاطفياً لأبنائهم، ويحرصان على ألا تنعكس خلافاتهما – إن وُجدت – على الطالب. هذه العناصر مجتمعة تُوفّر للابن شعوراً بالأمان النفسي، وتُساعده على التركيز في دراسته والارتقاء بمستواه التعليمي.

أما البيئة الأسرية السلبية، فغالباً ما تتسم بأجواء مشحونة بالخلافات، يطغى عليها التوتر، والصراخ، والمشاحنات المتكررة. يغيب عنها التنظيم، وتختفي فيها المسؤولية المشتركة تجاه الواجبات الأسرية، الأمر الذي ينعكس بقوة على الطالب، ويؤثر على استقراره النفسي، ويدفعه إلى التراجع في دراسته.

تأثير الخلافات الأسرية على الدراسة

وتروي رحاب مصطفى، مدرسة لغة عربية، لشبكة شام الإخبارية، جانباً من خبرتها اليومية مع الطالبات، مشيرة إلى أنها غالباً ما تصادف طالبات غير قادرات على متابعة دروسهن بالشكل المطلوب؛ دفاترهن غير مرتّبة، ويواجهن صعوبة في الحفظ والمذاكرة، وتغيب عنهن روح المبادرة داخل الصف. 

وتوضح أنها حين تتحدث معهن بشكل فردي بعيداً عن ضغط الحصة، يتبيّن لها في الغالب أن هؤلاء الطالبات يعشن في بيوت مضطربة، مليئة بالخلافات والمشاحنات، أو يعانين من تبعات انفصال الوالدين.

وتضيف رحاب أن هذه الخلفيات الأسرية تترك أثراً مباشراً على نفسية الطلبة واستعدادهم للتعلّم، مؤكدة أن “الطالب لا يأتي إلى المدرسة وحده، بل يأتي محمّلاً بأعباء البيت كلّها”.

تراجع التركيز وضعف الثقة 

كما تؤكد الدراسات أن الحالة النفسية للطالب تؤثر بشكل مباشر على تحصيله التعليمي. فالتوتر والخلافات الأسرية تؤدي إلى تراجع تركيز الطالب أثناء الدراسة، وضعف مشاركته في الصف. ويعاني من شعور مستمر بعدم الأمان، ما ينعكس سلباً على ثقته بنفسه ويجعله يشعر بالخجل أمام زملائه، خاصة في حال علمهم بخلافات والديه المستمرة.

حلول ما بين الدعم النفسي والتواصل الهادئ

ختاماً، قدمت الدراسات عدة توصيات عملية لمعالجة آثار البيئة الأسرية السلبية على الطلاب، منها تعزيز الدعم النفسي داخل الأسرة عبر التواصل الهادئ والحوار المفتوح، وإشراك الأسرة في متابعة الدراسة والواجبات، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للطلاب عند الحاجة، بالإضافة إلى أهمية وجود مستشارين نفسيين في المدارس لمتابعة الطلاب وتقديم الدعم المناسب لهم.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ