حين تتجمع مآسي الحرب في قصة واحدة.. أم هشام ذاقت مرارة الانتظار والفقدان 
حين تتجمع مآسي الحرب في قصة واحدة.. أم هشام ذاقت مرارة الانتظار والفقدان 
● تقارير إنسانية ٣٠ يونيو ٢٠٢٥

حين تتجمع مآسي الحرب في قصة واحدة.. أم هشام ذاقت مرارة الانتظار والفقدان 

لم يخطر ببال أم هشام يوماً أن أبناءها الثلاثة، الذين حملتهم في رحمها تسعة أشهر، وأنجبتهم وربّتهم حتى أصبحوا شباباً، لن يكونوا إلى جانبها في المستقبل. لم تتوقع أن تفقدهم، فتقضي ما تبقى من عمرها تتحسر على فراقهم، ويلازمها شعور مرير بالانكسار لا يفارق أيامها المقبلة.

من خلال مقطع فيديو، تحدثت أم هشام، واحدة من الأمهات السوريات، بصوت هادئ وملامح طغى عليها الحزن، عن الفقد الذي عاشته خلال الحرب في سوريا التي امتدت لـ 14 عاماً، وكانت سبب بدخول المأساة إلى حياة العوائل السورية.

تقول أم هشام إن ابنها البكر هشام اعتقلته قوات النظام البائد في عام 2012، ظلّتْ تنتظره طويلاً، واقتات على الصبر حالها كحال الآلاف من أمهات المعتقلين، لكن دون أن تُحظى بالنتيجة المرجوة، فبالرغم من تحرير البلاد في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 2024، لم يعد ابنها إلى حضنها ولم تراه، ولم تسمع عنه أي خبر. ومع ذلك ما تزال الأم المكلومة متأملة بعودته حتى الٱن.

ولم تتوقف محنتها عند هذا الحد، إذ استشهد اثنين من أولادها. وعلقت، وهي تجلس على كرسي وحولها صور أبنائها: "كل شيء يُعوض إلا الإنسان لا يعوض، إلا الشباب الذين فقدوا، رحمهم الله وتقبلهم"، أحد شهدائها اسمه محمد وكان يدرس في السنة الثالثة من كلية التجارة والاقتصاد، ووصفت وصول خبر وفاته بالقاسي جداً.

وقالت الأم بحرقة: "تلت شباب ما يضل حدا منهم، واللي ضل مريض بده مين يساعده"، ثم تحدثت عن الظروف القاسية التي تمرُّ بها في الوقت الحالي، والتي تمثلت بعدم قدرتها على إصلاح منزلها ولا حتى تركيب نوافذ له، في حين أنها تعيش في منزل للإيجار وأصحابه يطالبون به، وبالمقابل زوجها مريض يعاني من مشاكل بالقلب، وغير قادر على العمل.

قصة أم هشام تختزل في طياتها أكثر من مأساة، حيث اجتمع فيها وجع الفقد والحزن على من رحل، مع ألم الانتظار الطويل لمن فُقد وانقطعت أخباره. أضيف إلى ذلك الضيق المادي، والحاجة الملحة لإصلاح منزل، واحتمالية فقدان المأوى، فضلًا عن مرض زوجها، وما يرافق ذلك من صعوبة الوضع المعيشي.

تأثرت معظم العائلات السورية بتبعات الحرب التي عصفت بالبلاد، إذ عايشت كل أسرة شكلاً من أشكال المعاناة، سواء بفقدان أحد أفرادها، أو الغرق في الفقر والضيق المعيشي، أو اعتقال أحد أبنائها، فضلًا عن النزوح القسري، ودمار المنازل ونهب ممتلكاتها، وغيرها من الظروف القاسية التي تركت أثرًا عميقًا في حياتهم.

لقد ذاقت العائلات عدة أشكال من تلك المعاناة على مدار سنوات الحرب، ما أدى إلى إنهاكها واستنزاف قواها النفسية والمادية. ورغم سقوط الطاغية، المسؤول الأول عن تلك المآسي، لا يزال الحزن مخيّماً على حياة الأمهات، إذ إن ما فقدنه خلال هذه المحنة الكبرى لا يمكن أن يُعوّض.

الكاتب: سيرين المصطفى
مشاركة: 
الكلمات الدليلية:

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ