
ما بين الحزن على وفاة أبناء والبحث عن مفقودين.. قصة الأم المكلومة "آمنة"
منذ أكثر من عشر سنوات، وآمنة محيي الدين تبحث عن أطفالها المعتقلين. تحلم بلحظة اللقاء والعناق الدافئ لتضع حدّاً لانتظار طويل أتعبها وسرق من وقتها وجهدها، كيف يسع لقلب تلك السيدة أن يحتمل فراق ستة من أبنائها في عام واحد؟
بدأت معاناة الفقد عند آمنة في اليوم الخامس من شهر كانون الثاني عام 2014، حين فقدت أطفالها الأربعة مع زوجها على حاجز "علي الوحش". كانوا لا يزالون صغاراً جداً: محمد عمره تسع سنوات، فاطمة سبع سنوات، مريم سنتين، وميمونة الشام عشرة أشهر.
لم تتوقع آمنة أن يحصل معها ذلك، فالمكان الذي فقدت فيه أطفالها يُفترض أنه معبر إنساني خُصص للعائلات كي تخرج منه بعد ظروف فقر وجوع وحصار.
توقفت حياة آمنة عند لحظة الفقد، وصارت جميع تفاصيل حياتها مرهونة بالبحث عنهم. تقول في شهادة صوتية نشرتها صحيفة "زمان الوصل": "منذ تلك اللحظة وأنا أبحث عن أولادي، لم أدع مكاناً إلا وبحثت فيه: في دور الأيتام، وزارة الشؤون الاجتماعية، الهلال الأحمر، الصليب الأحمر، السفارات، محكمة الإرهاب، القابون، القضاء العسكري، ولم أعثر عليهم."
ولم تتوقف مأساتها عند هذا الحد، بل فقدت اثنين آخرين من أولادها: شاب يدرس الطب في سنته الأولى استُشهد بقذيفة، وابنة عمرها 19 عاماً كانت مريضة وأُصيبت بحرارة داخلية. حينها كانوا محاصرين، ولا يوجد إمكانية للخروج أو دخول أطباء أو الحصول على علاج.
آمنة، مثلها مثل آلاف الأمهات في سوريا، اجتمعت العديد من المآسي في قصتها. فقدت الاستقرار والشعور بالأمان، ثم فقدت أبناءها بين من تأكدت وفاتهم ومن لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم، مما دفعها للبحث والانتظار والتمسك بالأمل رغم مرور أكثر من عقد.
وبعد أن تحررت سوريا من النظام البائد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، استأنفت آمنة رحلة البحث عن أولادها من جديد. واختصرت معاناتها ومأساتها بعبارة مؤلمة: "عجزت، لا أعرف ماذا أفعل؟"