مقالات مقالات رأي بحوث ودراسات كتاب الثورة
٢٤ مايو ٢٠١٦
هدنة روسيا أشد من الحرب .. فهل نعي !؟

عبثية الحرب التي طالت الفصائل في الغوطة الشرقية، جعلت من الاقتتال الداخلي ذريعة لكل دول العالم وعلى رأسها روسيا، لجعلها حجة أن نظام الأسد هو النظام الاكثر ملائمة في ظل هذا التفاوت والتداخل والصراع ، كما كانت دليلاً قطعياً للدول التي تحمل مسمى "أصدقاء سوريا" والداعمة لتلك الفصائل، كسبب لتخفض في المستقبل القريب من رصيد الدعم المادي والمعنوي على حد سواء لهذه الفصائل

روسيا التي تعرف من أين تأكل الكتف، تفرض هدنة مدتها 72 ساعة في منطقة الغوطة الشرقية وداريا، لتمنح استراحة محارب لقوات النظام بعد سيطرتهم على القطاع الجنوبي للغوطة الشرقية واستيلائهم على معظم الأراضي الزراعية التي تقوت أهالي الغوطة، وتعتبر ذات اهمية كبيرة لاستثماراتهم الزراعية والحيوانية، والتي وصلت الى 40 الف دونم، كانتاج فلاحي الغوطة فقط، ناهيك عن الأراضي الزراعية المستثمرة من قبل المنظمات الاغاثية في تلك المنطقة

ولابد ان روسيا تنظر الى الأفق البعيد لتمنح فرصة للنظام لتحصين المناطق التي سيطر عليها، من خلال استجلاب المؤازرات، و لا سيما بعد الأنباء التي أكدت سحب النظام لمقاتليه من جبهات درعا وصولاً إلى داريا

من المنطقي في هذه الحالة، وبعد سيطرة النظام على حوالي 10 بلدات من القطاع الجنوبي وتغيير خارطة الطريق في الغوطة بين الثوار والنظام، ألا يرضى الثوار بالهدنة، بل على العكس عليهم أن يتجهوا لفكرة غنهاك قوات النظام في فتح النار عليه من عدة جهات، لسترجاع ما خسروه في أقرب وقت ممكن، لكن للأسف فالحقيقة أن الفصائل تهافتت على الهدنة أكثر من النظام نفسه، بعد أن أنهكها الاقتتال الداخلي، و نظرتها لحاجتها أن تلتزم بهدنة لتعيد ترتيب صفوفها من جديد، ولكن ليس لمقاتلة الأسد هذه المرة، بل لمحاربة بعضها بعضاً

لم يكن اقتتال الفصائل بالسلاح ومقتل أكثر من 700 شخص داخل الغوطة، والذين لا يمكن أن نصفهم ب"الشهداء"، هي الحرب الوحيدة على الثورة في الغوطة الشرقية و زعزعة تراصف الصفوف في الجبهات بين الثوار، بل اندلعت حرب اعلامية شرسة، بين كلا الطرفين المتقاتلين، حتى انك تكاد لا ترى صحفياً في داخل الغوطة لم يتحيز لأحد الطرفين، ما أدى الى توجه مواقع الاعلام الثوري و القنوات الفضائية الى الاتجاه الذي يتجه إليه مراسليه، الأمر الذي يبعد الاعلام حتى عن الحيادية و النظر خارج بوتقة الخلافات

روسيا تمنح للفصائل وقتاً اضافياً للاقتتال فيما بينهم، وبينما هي تبحث عن خطة جديدة للتوسع في الغوطتين، تتجه الفصائل للبحث عن وقت اضافي لوضع المزيد من الحواجز بين بلدات الغوطة ومدنها، ويتجهم شرعييها لإصدار فتاوى بشرعية الاقتتال أكثر لفرض سيطرة كل فصيل على نقاط أكثر، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، والذي قد يعتبره شرعي الفصائل حجة زمنية للدفاع عن النفس و استباحة الاقتتال الداخلي، فقد بات الدين صكاً من صكوك شراء الضمائر في هذه الفترة من الثورة

ربما هذه حقيقة المرة للحرب في سوريا التي لازالت تولد في كل يوم من رحم الطعنات، فالحرب في سوريا أمست أكبر من حاربة ضد نظام الأسد، ويبدو أنها تحولت الى تورط الجميع مع الجميع وضد الجميع في الاقتتال، ولم يعد للمخطئ قدرة ان يتراجع عن تجاوزاته التي تزداد يوماً بعد يوم، و بات الشعب يموت كما تموت البهائم حين ينزل بها وباء، ولم يعد في الامكان احصاء أعداد القتلى، وأصبحت مسميات القبور بالأرقام والتارات لا بالأسماء

اقرأ المزيد
٢٤ مايو ٢٠١٦
أعواد الخيزران .. رماح الثورة

إن كنت تزرع بذرة الخيزران، فلن تنمو بعد عام، ولن ترى لها أثرًا بعد عامين أيضًا، بل وستظنها اختفت وذابت تحت الأرض في العام الثالث، حتى تنسى أنك زرعت بذرة الخيزران في العام الرابع، ولكن .. في العام الخامس، تنتفض بذرة الخيزران لتخرج على وجه الأرض وبمقدار 24 سنتيمترًا دفعةً واحدة، ثم تبدأ بالنمو الواثق تحت ضوء الشمس بمقدار متر يوميًا، فتكون بعد هذه السنوات جاهزة لتحدي الجفاف، وللوقوف بوجه أعتى الرياح.

 أعتقد أن أول ما يذهب إليه البال في هذه المعلومة هو "حال الثورة السورية"، والتي واجهت عدوان نظام البراميل وتجويعه وحصاره، وواجهت مؤامرة المجتمع الدولي على أهلها، وواجهات احتلال قوات أجنبية لبلادها، وتواجه اقتتال الأخوة وتشتتهم، بعد أربع سنين من انتظار شجرة الخيزران وبعد أربع مواجهات خاضتها وتخوضها الثورة السورية وغيرها كثير من المواجهات الجانبية، نعلم تمامًا كم أصبحت عميقة هذه الثورة فينا، ولكن هل كان الثوار فيها كشجرة الخيزران، يدقون جذورهم ويحفرون الأنفاق مثلها، فإذا اكتمل لديهم الانغراس والثبات، شقّوا الأرض صاعدين بثقة إلى سمائهم وحريتهم.

يقول العرب عن شجر الخيزران "أعواد الرماح"، لأنها رافقتهم في كل حروبهم، وسبقتهم منغرسة في صدر أعدائهم، وكما أن الثورات لا تنتصر بالكلام، ولا الدول تبنيها التصريحات، فإن الأوطان ترتفع بمقدار ما نقدم لها من تضحيات، لا بمقدار ما ننغمس في وحل المفاوضات والخلافات وتغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة، وبمقدار ما ننغرس في باطن الأرض، ثم نخرج بقوة نحو فضاء أحلامنا، لقد فرضنا وجودنا بقوة صدقنا وحبنا، ونحن جاهزون للعطاء والتضحية.

فلنكن رماح الثورة .. وإلا ذرتْنا الرياح

اقرأ المزيد
٢٣ مايو ٢٠١٦
في "حضرة محاكم الأسد".. القهر و الابتزاز في انتظار ساعة الموت

يعتبر المتهم البريء الذي يتم تحويله من معتقلات الأسد في إلى المحاكم الميدانية أو الارهاب أو حتى المحاكم العسكرية في أحسن تقدير محظوظاً، فبعد أن يمر عليه عامين  أو أكثر، يقف أمام مصطلح يسمى "قاضي" ليمنحه حكماً بالمؤبد أو بـ ١٠ أعوام، ورغم أن هذا الحكم طامة كبرى في الأحوال العادية وفي دول العالم كافة، إلا أنه  قد يكون فرجاً على المعتقلين السوريين الذين سيضمنون على الأقل عيشتهم بعيداً عن شبح الموت من الضرب أو بالربو في الأقبية المتعفنة أو التهاب جرحه و غزو القيح

ما يثير الضحك أو الشفقة هو ما يسميه نظام الأسد بـ"القضاء"، في تعدٍ سافر على هذه الكلمة، ففي "قضاء الأسد" الذي يطلق عليه "محكمة الإرهاب" لا قضاء ولا قانون ، بل هو أقرب إلى لعبة الغميضة، و الحظ ذو الدور الاكبر في  هذه المحاكم، أما في المحاكم العسكرية، قد تكون الرشاوي المتفاوتة التي كان يأخذها القضاة قبل الثورة أو في بدايتها باتت مبالغ تافهة مع هيجان الأسعار، الذي لا أدري ان كان من الممكن أن نسميه "دية" لفك أسر المعتقل من سجونهم وأحكامهم التعسفية.

ما يجعل الأمر بالنسبة لي أكثر سوءً او غرابة ومثيراً للسخط، هو اصدار القضاء أحكامهم بالاعدام الميداني بحق أحد المعتقلين، اضافة لغرامة مالية تفوق المليون ليرة سورية غالباً، وحين تسأل المحكوم عن حاله يخبرك انه سيستمتع بحياة أطول طالما أنه قادر على الدفع لموظفي السجن وضباطه، بالمختصر حين "يكشكشهم"

و يلجأ المحكوم بالإعدام للططعن في قرار المحكمة بعد الصدمة المبدئية بالقرار القضائي، الذي لفق له تهم لم يرتكبها أصلاً، خلال30 يوماً، بالترافق مع دفع المبالغ هنا وهناك تأخيراً لوصول الدور لإضبارته، ليعيش بعض الوقت مع وقف تنفيذ الاعدام، أي أنه يعيش بحكم الميت، تنسى الاضبارة في رفوف الطعن أشهر، وهو يعد الدقائق بانتظار المجهول

والسؤال المطروح هل لجأ النظام للأحكام التعسفية التي تضاعفت عشرات المرات، وتلفيق تهم لشخص بريء تصل الى حد الجنايات، لجمع المال من خلال فرض غرامات اخلاء السبيل، أم انه جعلها ذريعة بيد القضاء ليعثوا فساداً ويملأ القضاء حساباتهم بالأموال، تأميناً لضمان صمت القضاء التام عن جرائم النظام السوري الواضحة، وطبعا لن ننسى مفاتيح القضاة المتمثلين بموظفي المحكمة والمحامين أو بشكل أدق سماسرة النظام في المحاكم

اطلاق سراح معتقل او معتقلة مقابل 15 مليون ليرة، كان هراءً قبل الثورة، لكن اليوم مع انهيار الليرة بات هذا المبلغ طبيعي ولا يسد رمق الغرامة، وما هو الا وسيلة لرفع عائدات المحاكم و ميزانية النظام، وذلك برفع رصيد البنك المركزي المنهار اقتصادياً.

اقرأ المزيد
٢٣ مايو ٢٠١٦
لغة جديد لـ "تنظيم الدولة".. بيان تفجيرات "الساحل" يفتح بوابات جديدة للصراع

قالوا أن من صاغ بيان تبني تنظيم الدولة للتفجيرات التي استهدفت جبلة و طرطوس ، صباح اليوم، أنه كان على عجلة من أمره، و هناك من قال لي أنه عبارة عن شاب حديث العهد في مؤسسة "أعماق"، و همز آخر إلى تفشي الوساطات و المحسوبيات في التنظيم للحد الذي سمح بالمحرر للوصول إلى هذا المنصب الحساس و كتابة بيان كالذي أصدره التنظيم قبل ساعات.

" وكالة أعماق: #عاجل هجمات لمقاتلين من الدولة الإسلامية تضرب تجمعات للعلوية في مدينتي #طرطوس و #جبلة على الساحل السوري"، صياغة محكمة باستخدام لغة أشد توافقاً مع الاعلام العالمي ، و تحسب للوكالة هذه القفزة و الاقتراب من لغة إعلامية رصينة تجعل منها مصدر للخبر و التبني .


بعيداً عن الاستهزاء يسيطر على الذهن فور قراءة بيان تبني تفجيرات جبلة و اللاذقية، أن هناك شيء ما قد حدث في بنية تنظيم الدولة الفكرية و الايدلوجية العامة و الاستراتيجية المركزية العنيدة التي تسير عليها، فتغير المصطلحات بهذا الكم يشي بوجود خط جديد ظهر للعلن، ألا وهو التراجع عن الدولة الإسلامية و العودة إلى المكافحين في سبيل الوصول إليها في مرحلة القادمة.

"العلوية" بلاً عن النصيرية و "الساحل السوري" بدلاً عن ولاية الساحل أو اسم معقل الروافض، هي المصطلحات التي تضرب على الرأس لتفتح الأذهان للتفكير ملياً هل ما يحدث عبارة عن تغيير في استراتيجة التنظيم ، أم كشف حقيقي و فعلي لتماهيه التام مع النظام الذي يصل لحد العمالة و الذراع القذرة التي تعمل على محي التاريخ الاجرامي للنظام.


الشق الأخير من التحليل قد يجد مبرراته القوية، فيومين بعد توّعد المتحدث باسم التنظيم أبي محمد العدناني الذي هدد و أمر بتفجيرات لا تفرق بين مدني و عسكري، و سرعة الماكينة الإعلامية للنظام لرمي التهمة على حركة الأحرار، و استمرارها بهذا النهج رغم تبني التنظيم لها ، تدفع للشكل أن البيان التنظيم الذي صدر عن معرفات رسمية تابعة للتنظيم، مثار شك لحد التأكيد أنه كاشف لخباثة تلعب لوضع الشعب السوري بين مقصلات الموت المتنوع، و المنانع لتوفير أي طريق من طرق الحياة.

توقيت التفجيرات قبل أقل من ٢٤ ساعة من موعد معاودة الطيران الروسي لمواصلة عدوانه على الشعب السوري، و هذه المرة بحجة ضرب رافضي الهدنة و الحل السياسي، يؤكد أنها مدروسة بشكل لا لتنظيم بحجم ما يدعى تنظيم الدولة و لا مخابرات بحجم مخابرات الأسد.

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
حتى أخر سوري

كان جون كيري يقف إلى جانب سيرغي لافروف، وكان واضحًا أن الاجتماع الذي انتهى عصر الثلاثاء في فيينا، لم يحقق أي تفاهم بين واشنطن وموسكو حول الأزمة السورية، التي يبدو أنها ستدخل مرحلة جحيمية جديدة من القتل والتدمير.

لم تكن الصورة السوداء في حاجة إلى دلائل، وجوه المندوبين الأوروبيين الذين حضروا اجتماع فيينا كانت تفيض بالقنوط، إلى درجة أن وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتانماير، لم يلمس أي دليل على أن المباحثات أسفرت عن نتيجة من شأنها أن تعزز وقف إطلاق النار الهش في سوريا وخصوصًا في حلب، ولهذا اكتفى بقول كلمات قليلة لكنها تفيض بالمرارة: «إن النقاشات الدبلوماسية كانت مثيرة للجدل»!

لكنها نقاشات كان يُفترض أن تعالج المشكلات الميدانية الخطيرة التي شهدتها سوريا بعد اتفاق الهدنة في 27 فبراير (شباط) الماضي، التي لم يحترمها النظام وحلفاؤه كما استغلّها الروس لتوفير مظلة جوية قوية دعمت هجومًا كبيرًا ومنسقًا على حلب، شارك فيه الجيش السوري مع إيران العسكرية.

أمام هذا، وفي ظل ما أسفرت عنه هذه «النقاشات الدبلوماسية المثيرة للجدل»، كان من المستغرب فعلاً أن لا يتردد جون كيري في محاولة ترويج الأوهام تكرارًا، إلى درجة أن الدبلوماسيين الواقفين إلى جانبه أصيبوا بالدهشة عندما قال حرفيًا وفي إشارة إلى بشار الأسد: «لقد انتهك القرار الدولي الخاص بسوريا، ولا يمكن له أن يهاجم حلب ويبرم صفقات مع (داعش)، ولدينا خيارات كثيرة للتعامل مع الأسد إذا لم يلتزم الحل السياسي»!

كان هذا الكلام مستغربًا بالنسبة إلى الذين سمعوه، وخصوصًا أن سيرغي لافروف كان قد نجح خلال هذه «المناقشات الدبلوماسية المثيرة للجدل»، في أن يدفع كيري نحو نوع جديد من الرمال المتحركة، وقبل الحديث عن هذه الرمال، من الضروري أن نتذكر أنه قبل ستة أشهر، وتحديدًا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، أطلق مسار جنيف حول الأزمة السورية على أساس القرار الدولي رقم 2254 الذي نصّ صراحة على ضرورة حصول عملية الانتقال السياسي في سوريا.

ويومها لوّح كيري بأنه إذا لم يتم السير حسب هذا القرار، فإن لدى أميركا «الخطة - ب»، بما يعني أو على الأقل يوحي ضمنًا، بأنها تملك ردًا مناسبًا على عدم التزام النظام السوري وحلفائه القرار الدولي المشار إليه، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم ثبت أنه ليس لدى الإدارة الأميركية لا «خطة ب» ولا أي موقف واضح حيال التفرّد الروسي الإيراني المستفحل في سوريا، فما معنى عودة كيري إلى الحديث عن «الخيارات الكثيرة التي تملكها واشنطن للتعامل مع الأسد، إذا لم يلتزم الحل السياسي»؟!

كان واضحًا تمامًا أمام وزراء الدول الـ17 التي حضرت نقاشات فيينا، أن لافروف يتمادى في اللعب على الوقت الأميركي الضائع، أولاً بسبب سياسة التردد التي اعتمدتها الإدارة الأميركية منذ تراجعها عن تنفيذ تهديدها ردًا على استعمال السلاح الكيميائي في الغوطتين عام 2013، وثانيًا لأن الوضع الراهن يصادف مرحلة السبات الانتخابي في أميركا، ولهذا لم يكن مستغربًا أن يسجّل كيري على نفسه تراجعًا نافرًا عندما قال بعد الاجتماع وبالحرف: «إن موعد الأول من أغسطس (آب) الذي تم تحديده أساسًا للأطراف المتحاربة في سوريا، والذي يهدف إلى الاتفاق على إطار عمل حول مسألة الانتقال السياسي، هو هدف وليس موعدًا»!

هدف وليس موعدًا؟
إذن هل من الكثير عندما تسارع المعارضة السورية، إلى نعي عملية إيجاد تسوية سلمية للأزمة الدامية التي دمرت سويا، وأودت بأكثر من 300 ألف قتيل، وأغرقت المنطقة وأوروبا بملايين اللاجئين، باعتبار أن الموعد يكون عادة محددًا أما الهدف فليس من المضمون أنه يمكن الوصول إليه، وليس سرًا أن روسيا تحاول إفراغ «جنيف 1» الذي نصّ على قيام هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، واستبدال بها تشكيل حكومة وحدة وطنية تُعطي حقائب هامشية إلى معارضة الداخل، بما يعني بقاء الأسد في السلطة، ودائمًا على قاعدة فلاديمير بوتين أن «كل من يعادي الأسد إرهابي»!

لا بد من أن يكون لافروف قد لاحظ الوجوم على وجوه زملائه الأوروبيين الذين حضروا اجتماع فيينا، وخصوصًا أن التقارير تتحدث عن إحباط واستياء متزايدين في أوساط مجموعة أصدقاء سوريا المكونة من 17 دولة، ولهذا تعمّد التخفيف من دور روسيا في إفشال لقاء فيينا والعملية السلمية عندما قال: «إن موسكو لا تدعم الرئيس بشار الأسد، بل تدعم الجيش السوري في مواجهة (داعش).. نحن لا ندعم الأسد بل ندعم القتال ضد الإرهاب، وعلى الأرض لا نرى أي قوة حقيقية أكثر فعالية من الجيش السوري»، لكن كل هذا الكلام لم ينسِ سامعيه قول بوتين سابقًا، إنه تدخل لأن الجيش السوري كان منهارًا، ولا ينسيهم أيضًا أن القصف الروسي لم يستهدف «داعش» بل المعارضة.

وفي عودة إلى الرمال المتحركة التي دفع لافروف كيري للوقوع فيها، قوله إن على أميركا وأصدقاء المعارضة السورية، العمل جديًا للتنصل من تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» جغرافيًا وآيديولوجيًا، وهو ما دفع أوساط المعارضة إلى الرد بالقول أولاً إن المعارضة هي التي تقاتل «داعش» بينما الأسد يتعاون معه، وثانيًا إذا لم يكن في وسع اجتماع فيينا ضمان وقف النار، مما استدعى إلقاء المساعدات جوًا، كما يقول كيري، فهل من الممكن أن يقتنع الروس بأنه لا علاقة جغرافيًا وآيديولوجيًا بين الفصائل المعارضة و«داعش» و«النصرة»، ثم على من يعتمد الطيران الروسي في قصفه؛ أوليس على إحداثيات النظام الذي يختار مواقع المعارضة؟

لم يفشل لقاء فيينا، الذي فشل عمليًا هو الحل السلمي وسوريا من جحيم إلى جحيم، وكيري من وهم إلى أوهام، ولا معنى قط للحديث عن «خيارات أميركية كثيرة للتعامل مع الأسد إن لم يلتزم الحل السياسي»، فهو لم ولن يلتزم والروس والإيرانيون يمنعونه من أن يلتزم، وها هو السفير الأميركي السابق جيمس جيفري يقول: «في الواقع ليست هناك (خطة ب) لسوريا، والأسوأ أننا نتفرج على الروس والإيرانيين يحققون انتصاراتهم باسم سوريا»! كذلك ها هو الدبلوماسي فيليب غوردن الذي ترك مهامه في البيت الأبيض مستشارًا للشرق الأوسط يقول حرفيًا: «إن مقارباتنا منذ أعوام غير مجدية، ولن تكون مجدية على الأرجح»، وها هو أحد الدبلوماسيين الذين شاركوا في لقاء فيينا يقول لوكالة «رويترز»: «لا يملك الضامنان الروسي والأميركي ما يقنع المعارضة السورية بأن التفاوض يستحق العناء، ومن المحزن أن يحاول كيري إظهار تفاؤل لا يمكن تنفيذه»!

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
حزب الله المدافع عن إسرائيل!

حين اغتيل الرئيس رفيق الحريري، تفتّق ذهن حزب الله عن فرضيات عجيبة تجعل من إسرائيل المتورط الأول بالجريمة، نذكر الخرائط والفيديوهات التي عرضها نصر الله على الناس، مع أن الحيثيات والوقائع التي عرضت تتناقض ومسببات الأحداث ومساراتها آنذاك.


أراد نصر الله أن يبرئ الحزب والنظام السوري من المسؤولية، وأن يذهب بأذهان الناس بعيداً، محاولاً إنهاء الجدل حول السيارة التي جاءت من الضاحية كما قال آنذاك المحقق الدولي ديتليف ميليس.


لكن حين تعلّق الأمر باغتيال بعض قادته فإنه يبرئ ساحة إسرائيل، في ظهوره الأخير أصرّ نصر الله على كون مصطفى بدر الدين ضحية ما أسماها بـ«الجماعات التكفيرية»، جاعلاً إسرائيل خارج قصة اغتيال بدر الدين، كان الحزب أثناء اغتيال الحريري يسأل مع فلكه الإعلامي ومراوحه الصحافية: «من المستفيد؟» لكنه مع مصطفى بدر الدين سأل السؤال الآخر: «من هو العدو؟!».


بالطبع، ميليشيا حزب الله تقاتل الشعب السوري، والمعارضة المعتدلة، وهي في صراعٍ ضد حقوق الشعب السوري، لكن الغريب أن يبرئ الحزب إسرائيل من حادثة مصطفى بدر الدين، ويصرّ على توريطها باغتيال الحريري، هنا تأتي الفضيحة الكبرى لمنطق الحزب الميلشيوي، كما في قصة «أبو عدس» وسواها من الفبركات الإعلامية العقيمة.


ثم دارت الأيام، وصدر القرار الظني، وعلم الناس أن حزب الله بقادته مع النظام السوري هم المسؤولون عن دماء سالت فقط لاختلافها السياسي معهم، وشاءت الأقدار أن يذوق قادة الحزب من نفس كأس جبران وسمير قصير ورفيق الحريري، فما هو أخطر من إسرائيل الميليشيات التي تبرئها أو تحملها المسؤولية حسب الظروف والمصالح.

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
«حزب الله»: الخسائر.. والمراجعة!

«حزب الله»، حزب مقفل، عصيّ على المصارحة والمكاشفة. كل ما يدور فيه وحوله، أسرار مقفلة. ولادته ونشأته وصعوده، فرضت هذا التشكل المعقد. مرحلة المقاومة ضد إسرائيل حتى التحرير، رفدت هذه السرية بألف سبب وسبب لتعميقها. التثقيف السياسي والديني المذهبي، جعل ويجعل من كل عضو و«مجاهد»، «علبة سوداء»، لا يمكن فتحها إلا بتوجيه قيادي. «كلمة السر» في الحزب واحدة لا يقولها إلا السيد حسن نصرالله.

عملية قتل أو اغتيال القيادي مصطفى بدر الدين تؤكد هذه السرية. سيمضي الكثير من الزمن لمعرفة الحقيقة. قبل هذه العملية، اغتيل «القائد« عماد مغنية. اتهام إسرائيل باغتياله رغم عقدة الزمان والمكان، أنهى النقاش حول العملية. في حالة مصطفى بدر الدين يبدو الأمر أكثر تعقيداً وربما أخطر. اتهام «التكفيريين» باغتياله، رفع منسوب الأسئلة حول حقيقة مَن قتله، ومن حرّض وخطّط ونفّذ. من الصعب وضع اجابة أو أكثر حاسمة ترسم الحقيقة، خصوصاً أن سوريا «ملعب مفتوح» لقوى عديدة اقليمية ودولية متحالفة متنافسة، التنافس يولّد أحياناً التصادم. في «الملعب» السوري اليوم، يوجد الأميركيون والروسي والاسرائيلي والايراني والنظام الأسدي ومعارضات سورية وأخرى «تكفيرية».

غموض عملية الاغتيال ومن قام بها، ويوميات الحرب الاستنزافية الطويلة في سوريا، طرحت لأول مرة أسئلة كثيرة في وسط «جمهور» الحزب، حول وقائعها وانعكاساتها وتردداتها القيادية. ليس من السهل في حزب مثل «حزب الله« وآلته العسكرية أن يخسر اثنين من قيادييه العسكريين والأمنيين المؤسسين ولا يتأثر «الحزب» بذلك قيادة وقاعدة. ما أضاف الى الترددات الانعكاسية، ان العملية جاءت في مسار ارتفاع ضحايا الحزب في سوريا، وعدم ظهور أفق للخروج من النفق.

بحسب جميع التقديرات خسر الحزب في سوريا بين 1200 و1500 مقاتل عدا آلاف الجرحى والمعوّقين وعدة أسرى. من البداية عندما لم يكن أحد يقدّر أن الحرب في سوريا ستطول سنوات من الاستنزاف اليومي، قيل إن «الحزب« وجمهوره يستطيعان تحمّل خسارة 1500 مقاتل كحد أقصى، أي أكثر بمئات من الشهداء ضد اسرائيل. الآن وقد وصل الى «الخط الأحمر« هل يستطيع كسره والذهاب بعيداً في «تضحياته»؟ يمكن للحزب أن يبادل «تضحيات» جمهوره بتقديم «سلة« من الأرباح له. ولكن ماذا لو كانت الحرب لن تنتهي في سنوات وخسائرها الى ازدياد والأخطر أن أي حل سياسي لن يكون له مكان إلا بالواسطة أي عبر إيران التي ستكون هي الحاضرة في المفاوضات والتي تبقى مصالحها الوطنية والقومية والسياسية أكثر أهمية من تكبيلها بما يريده أو يفكر به «حزب الله» حتى لو كان «الابن الشرعي الوحيد» للثورة ولها؟

الأخطر بالنسبة للحزب، أن المفاوضات طويلة، والمصالح الايرانية تتقاطع وتتنافر وتتزاحم مع الحليف الروسي. «القيصر» فلاديمير بوتين لا يهمه إلا مصلحة روسيا، وفي النهاية تفاهمه مع الرئيس أوباما أو خليفته هو الأساس والباقي تفاصيل.

هذه الحالة تضع «حزب الله« بين «سندان» ايران و»مطرقة» روسيا، ومن وقت لآخر الحركة الاضافية للرئيس بشار الأسد ونظامه، الذي يئن من «السطوة» الايرانية إن لم يكن مباشرة فمن أركانه وضباطه. (وهذا له حديث آخر).

مهما كابر «حزب الله»، ومهما تكتم وتحفّظ، فإنه «مأزوم». أزمته أنه يريد الخلاص وغير قادر على الإقدام عليه، لأنه يتطلب الانسحاب من سوريا وتغيير «خطابه» اللبناني. مهما كان الحزب قوياً في طهران، لا يمكنه أن يقول «سأنسحب» وسأنفتح على الداخل اللبناني، في مرحلة مفاوضات بالكاد بدأت سراً أو علانية. الانسحاب يساوي الاغتيال، والحزب ملزم بالفتوى الشرعية للمرشد آية الله علي خامنئي ولن يتحلل منها. في قلب هذه الأزمة المتعددة الطبقات، تتصاعد أصوات لصيقة أو من أجواء الحزب وجمهوره تطرح أسئلة كثيرة ومكثفة. تطالب أو تعرض «ضرورة البحث في كيفية الخروج من الأزمات المتزايدة» التي تحيط بالحزب من سوريا الى اليمن مروراً بالعراق، من دون أن يتم تناسي تحوّل التعطيل في لبنان «سباحة في الفراغ»، ثم جاءت القيود المصرفية الأميركية لترفع خطر استمراره في هذه «السباحة».

ما يعمّق النقاش، «أن موقع الحزب ودوره في مواجهة إسرائيل» قد تراجعا مهما تعددت الخُطَب، ولا شك في أن «الغرق في صراعات المنطقة» لا يمكن أن يمر من دون «تداعيات مستقبلية خطيرة». علماً أن هذا الانكفاء أو هذه البرودة في المواجهة، تشرّع الأبواب نحو مواجهات داخلية لم تكن يوماً رابحة لأحد.

إذا كان الانسحاب من الحرب في سوريا في هذه المرحلة مستحيلاً فما العمل؟

يقال ولا شيء يؤكد ذلك سوى التطورات الميدانية، إن الحزب يتجه أو توجه نحو إعادة تموضع قواته في سوريا وعدم تركها منتشرة حيث يجب ولا يجب. لذلك سيتوجه الحزب في حركة لتخفيف خسائره نحو التموضع في المواقع التي تعنيه مباشرة (بمعنى خطابه السياسي والمذهبي) والتي يمكن رفدها بضرورات الحرب ضد «التكفيريين»، أي في حمص وصولاً الى دمشق مروراً بالقصَير، أما الباقي خصوصاً جبهة حلب التي أصبح من الواضح أنها تحولت الى «جبهة حرب دولية صغيرة»، فتُترك للكبار، خصوصاً بعد أن أكدت إيران أنها فتحت الباب نحو «تصعيد التطوع للدفاع عن المقامات».

التسليم بأن الصيف سيكون «بركانياً» قائم. لذلك وسط النار والدماء سيتم تحديد ما إذا كان الحزب قادراً فعلاً على صياغة وتنفيذ سياسة تتناسب مع حجمه وجمهوره. في النهاية ماذا ينفع الحزب إذا ربح معركة في سوريا وخسر شعبه ولبنان؟!

اقرأ المزيد
٢٢ مايو ٢٠١٦
الـ ٤٨ ساعة الأخيرة قبل الانفجار العام .. سوريا على شفى "النار"

تعيش سوريا بكامل أرجائها حالة من التحضير المستعر للانفجار التام ، الذي سيأتي على كل المناطق و الجبهات و بمشاركة الجميع، بحيث ستختلط الرايات أجمعها، مما يجعل الوضع أقرب لصحوة الموت لبعض الأطراف، و مخاض الولادة من جديد لأطراف أخرى.

في الوقت التي تتسارع الخطى تحضيراً للمواجهة الفعلية بين تنظيم الدولة و التحالف بمشاركة القوات الكردية الانفصالية، في معركة سيكون عنوانها العام "الرقة"، و الحقيقة تدمير كل ما تبقى من قوة للتنظيم بضرب قلبه النابض، و إن كان هناك من يتحدث عن دخول القوات المهاجمة إلى المحرقة الفعلية التي ستتسبب بانفجارات تتردد صداها في دول عدة .

فيما أتمت روسيا كامل استعداداتها لمعاودة الهجوم على الفصائل التي رفضت وضع يدها بيد الأسد، بالتنسيق التام مع ايران و ميليشياتها التي بدورها باتت في جهوزية تامة لدخول معركة مصيرية في عدة جبهات و لا سيما في ريفي حلب و اللاذقية و الهدف الرسمي هو قطع كل طرق الامداد عن حلب تماماً و عزلها عن محيطها، إضافة لإغلاق الحدود السورية التركية.

 وحلب و ريفها سيكونان في صلب شق من المعارك و ستأخذ مسمى "تحرير منبج" التي سيتكفل بها التحالف الدولي بحضور تركي أكثر فاعلية، و الهدف المعلن تأمين هذه المنطقة من قبل الأتراك لحماية للقرى و البلدات التركية، في حين يخفي في طياته الرغبة التركية و الموافقة الأمريكية على حضور تركي بواسطة فصائل تدعمها، بغية قطع أوصال الفيدرالية "الكردية" في شمال سوريا، و منع اتصال المناطق المتوزعة التي دخلت في قائمة الفيدرالية في نسختها المبدئية.

و في الانتقال إلى المنطقة الوسطى سيكون الدور الأبرز للميليشيات ذات اللون "العلوي" للحضور في معارك ريف حمص الشرقي، حاملة معها ثأر "الزارة" التي وظفت على أنها مذبحة، و إن كانت في الحقيقة عبارة عن كذبة لعب التهويل و الماكينة الإعلامية التابعة للنظام دور المجيّش و الحاشد لمن تبقى من أبناء الطائفة العلوية بعيداً عن الحرب.

و في دمشق التي تعتبر لب الصراع باتت على صفيح أكثر حماوة بعد تشتت قدرات الفصائل في الغوطة الشرقية و انشغالها في اقتتال لا طائل منه، إلا تعجيل الانهاء و الانتقال من ثوار الأرض إلى قتلى في بطنها، و أخطر النتائج كانت خسارة غالبية القطاع الجنوبي، الذي تعتبر خسارته إضافة للناحية الاستراتيجية خسارة فادحة من الناحية الزراعية سيما أن التقديرات تشير لرقم مرعب من الكم الهائل من المزروعات و لاسيما الاستراتيجي منها "القمح".

أما داريا فإن العيون فُتحت عليها بشكل أكبر ، و تعتبر بيضة القبان، و الهجوم الجديد عليها دفع بأبرز الفصائل العسكرية في سوريا لإعلان النفير نصرة لها، مع التهديد و الوعيد بالتراجع عن كل الاتفاقات السابقة مع المجتمع الدولي من هدنة و السير في طريق الحل السياسي، ما نحين مهلة ٤٨ ساعة للتراجع عن الهجوم عليها، و تنتهي هذه المهلة بنفس الوقت الذي أعلنت فيه روسيا عودتها للعدوان على الشعب السوري ، في ٢٥ الشهر الجاري.

وأخيراً يبدو أن القضاء في الجنوب قد بات قدراً واقعاً، بأن تبقى هذه الجبهة ساكنة وهادئة، لأسباب لاتزال مجهولة، فتارة تتوجه أصابع الاتهام إلى "الموك"، و أخريات إلى الانشغال بقتال تنظيم الدولة، و في أغلبها تعتبر الأمر خذلان من قيادات الفصائل التي قررت الركون بانتظار الحل الموعود.

اقرأ المزيد
٢٠ مايو ٢٠١٦
رسالة إلى الصديق "عادل الجبير" : بشار الأسد يتجاهلك و ايران تتحضر للقضاء عليك .. فما أنت بفاعل !؟

إلى الصديق عادل الجبير تحية عربية ذات نكهة إسلامية و بعد ....

في خضم ما تمر به سوريا من مشكلات جمّة و معقدة، احتلال يزحف على الأرض و عدو يقصف من الجو، وسلاح نرفعه في وجه بعض، يعيش الشعب السوري بحالة من الشتات الزماني و المكاني و النفسي ووصل لحد الانفصام عن كل شيء، الحالة التي تتيح لي أن أكتب لك رسالة بدون أي ضغوط أو وجود أي مطلب في طياتها و إنما مجرد ثرثرة لا أكثر.

الصديق عادل الجبير  ..

للمرة العشرين بعد المئتين ، تعيد الحديث عن أن الأسد شيء لا يجب أن يكون له وجود، و رحيله محتوم، بأي آلية كانت سواء السياسية التي تطحن المتحدثين في القاعات المتوزعة في البلدان، أو بالعسكرية التي تطحن الشعب السوري بأسره، المهم أنه راحل راحل لا محال، هذا التأكيد يعطيك ميزة لا مثيل لها في أنك تملك إصرار لامثيل له، وصفة مساند حقيقي للشعب السوري، وناقل أمين لمعاناته و محارب عنه في جبهات الاجتماعات.. و لكن أود أن أوضح لك بعض النقاط :

الحديث المكرر الخالي من الفعل ، يُفرغ صاحبه من قيمته المعنوية و يشكك بقدراته الفعلية، و بشار الأسد أؤكد لك أنه يضحك عندما يسمع "وجوب الرحيل بالسياسية أو بالقوة"، و هو واثق ثقة عمياء أن لا رحيل بالأولى "السياسة"، الثانية لا يمكن أن تكون إلا بعد مشقة كبيرة تتمثل بكسر ظهره الذي يظن أنه متين روسيا كجزء و الحقيقة أن ايران هي الكل.

صديقي العزيز عادل الجبير ..

استعداداتكم بالتدخل البري في سوريا هي أهزوجة جيدة، و خطة ممتازة و لكنه آنية تحولت لنقطة سوداء في تاريخ قائليها، و الحديث الجديد عن تزويد الثوار بأسلحة "أشد فتكاً" سيكون أثرها أشد على ما تبقى لكم من وجود فالقادم الذي تتهربون منه بات قريب جداً.

الأخ عادل الجبير المحترم..

أتابع الشأن الايراني بشكل جيد نسبياً، فهناك أناس يتحضرون لكم بشكل جيد، و باتوا في مراحل متقدمة من التعبئة الشعبية ضدكم، وأؤكد لك يا عزيزي أن مشكلتكم مع ايران لم تعد تلك الغائرة في الزمن بين عرب و عجم ، و لا تلك التي تعود لـ ١٤٠٠ عاماً بين السنة و الشيعة، فيا صديقي قضيتك اليوم مع ايران باتت بين الإسلام الذي تمثله ايران المقبول عالمياً، و الإرهاب الكافر الذي تمثله السعودية و المحارب عالمياً، و بالتالي قبولك بعدو ملاصق لك والحديث عن إمكانية التعايش معه "الحوثيين" و بمعنى واضح الايرانيون، و خشيتك من القاعدة و داعش ووجود قتالهم و استئصالهم، سيجعلك تقتل قلة قليلة ستنهكك حتماً، و تجعلك فريسة سهلة لإيران و شيعتها، فاختر الجبهة الأصح و اترك بعض الوحوش الضارية الهائمة بلا منزل ولا ديار تعبث قليلاً ، ريثما تنتهي من قطيع الجراد التي يتحضر لاجتياحك.

الصديق عادل ...

تكلمت بألغاز كثيرة و هراء أكثر و عبثية بتوصيف دقيق، و لكن هو واجب الصداقة يحتم علي كتابة هذه السطور قبل أن يقع المحظور، و تتحول إلى أمثالي كمطارد في بقاع الأرض تبحث عن خيمة تأويك، أو بلد تقول لك اجلس بضع دقائق قبل أن يتم الترحيل، أو تصل للمرحلة التي تكون فيها في بلدك هائم باحث عن عشبة تفك مخالب الموت عن ابنك، أو أن تمارس طقوس الوداع الأخير مع محيطيك كل يوم و كل ساعة، تحضيراً لموت أكيد بصاروخ أو برميل و في أحسن الأحوال بغاز السارين.

دمتم بخير .. من مواطن كان يظن أن هناك من يستمع و لايزال باحث عن شيء اسمه "نخوة" في الحقيقة لا في أبيات الشعر البالية ...

اقرأ المزيد
١٩ مايو ٢٠١٦
لبنان الرافض و الخائف من توطين السوريين .. والصامت بـ"وقاحة" عن قتلهم بيد حزب الله الارهابي

تحولت لبنان إلى كتلة متعاظمة من الرفض التام لفكرة تحولت على شكل قرار حول اللاجئين السوريين المتواجدين في بلدان الشتات نتيجة الحرب التي يشنها الأسد و حلفاءه على الشعب السوري، و التي تسببت بتهجير ١٢ مليون سوري قرابة ٥ مليون منهم خارج سوريا.

المنتمين و الموالين لحزب الله الإرهابي و الداعمين له ، اتفقوا على أن ما تم عبارة عن مؤامرة يحيكها المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة تتمثل بإعادة توطين السوريين المتواجدين في لبنان و المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين ، في الوقت الذي يصمتون صمت "الجدران" عن مشاركة حزب الله الإرهابي في عمليات القتل و التدمير التي تشمل سوريا حجر و بشر منذ انطلاق الثورة السورية قبل خمسة أعوام ماضية.

جبران باسيل وزير الخارجية في حكومة لبنان، صهر ميشال عون و الحليف المتين للحزب الإرهابي، لا يترك مناسبة و لا منبر يخرج به إلا و يندد و يحذر و يتخوف من "التوطين"، مع المطالبة بإعادة السوريين المتواجدين في لبنان إلى سوريا و لو حتى لو تسبب ذلك برميهم في أتون النار،و يتغنى بلبنان الفريد المتميز الذي يجعل منه السوريين مستنقعاً، في حين لا يستطيع أن يشير أو ينوه أو يتحدث بألغاز عن سبب هروب السورين إلى لبنان.

و أبدى عضو اللجنة الوزارية المكلّفة متابعةَ ملفّ اللاجئين السوريين الوزير سجعان قزي أن بعد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لقاء فيينا الدولي، قبل أيام، أنّ موضوع التوطين لم يعد "فزّاعة" وهو ليس مجرّد أمرٍ واقع سيفرض نفسَه على اللبنانيين. وأنّ الخطير في ما أظهرَه تقرير بان الذي يقع في 26 صفحة هو أنّه مخطّط وقرار دولي، وفق وصفه.

أما رئيس الوزراء اللبناني تمام سلامو أحد الصامتين على القتل الذي يمارسه شريكه في الحكومة، فقد تعهد بـ" الضرب على الطاولة"، تعبيراً عن الغضب، خلال قمة "الانسانية العالمية" المقرر عقدها قريباً في مدينة اسطنبول التركية.

في حين تتناقل وسائل الاعلام الأمر بكثير من الجدية و التصميم على جعل "إعادة التوطين" هو "أرجمدون" الذي سيضرب لبنان ، و لكن في نفس الوقت يتابعون أخبار القتل التي يقوم بها الحزب الإرهابي على أنه أمر اعتيادي، و يتابعون تفاصيل الارهابيون القتلى من عناصر الحزب و قياداته باهتمام بالغ على أنهم عادوا من جبهات محاربة الشر.

يبدو أن مشكلات لبنان الحالية تلخصت في قضية "إعادة التوطين"، و هي مبرر إضافي لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين من خلال مواصلة تكثيف حملات الاعتقال التي تطالهم لأي سبب و التهمة دائماً حاضرة إن لم تكن الإرهاب ، فالتجوال بدون وثائق رسمية، و الأخيرة تحولت إلى من شدة التعقيد إلى حلم يصعب المنال على أصحاب الدخل المحدود، و أؤلائك المنتمين للطرف المعارض للأسد، ففي لبنان حزب الله لا مكان إلآ لمؤيدي الأسد، سيتم رميهم في السجون أو تحولهم لسلعة تجارية في سوق البشر أو ملاحقين في الجرود و الغابات.

اذا تقف لبنان بكامل سلطاتها و تكرر بشكل دائم "النأي بالنفس"، لكن باستثناء قتل الشعب السوري في أرضه، و تشريده، و التضيق عليه في لبنان، محاربته بلقمة عيشه، و ما تبقى فلا علاقة للبنان "حكومة وجيش و أمن" بسوريا...!؟

 

اقرأ المزيد
١٩ مايو ٢٠١٦
أيها "الشرعي" لاتخف فدمك بـ"الغوطة" بأسرها .. ويا متهمون افرحوا ستُحمَون بـ"دماء" الأبرياء

يبدو أننا اليوم بحاجة ماسة لاتباع سلسلة من الدورات الشرعية المكثفة علّنا نحظى بلقب "شرعي"، ونجد لنا موطئ قدم في أي تشكيل، حتى نحظى بالرعاية والاهتمام والحمية اتجاه كل ما نتعرض له، و لو كان نزلة برد، فالمتطلبات الحالية لا تقبل اعتبارنا كبشر أو رعية أو مستضعفين حتى نحظى برمقة عين من أحد.

اليوم ، ووفق الظاهر و أؤكد الظاهر، أن كل ما يحدث في الغوطة الشرقية مرده إلى محاولة اغتيال الشرعي الأبرز التابع لفيلق الرحمن "خالد طفور"، في ٢٨ شباط الفائت، و اتهام خليه تابعة لجيش الإسلام بأنها وراء العملية، فتمت التحقيقات و أطلقت الاتهامات تصدت لها تصريحات النفي، تصاعدت للمطالبة بتسليم المتهمين وفق المدعين، قابلها رفض عنيد بأن المطلوب غير ممكن، دخلت على الخط  القوى "الناصرة للدين" و تعهدت بإبادة رافضي الشرع فهم من "حافظيه".

عذراً شيخ أبو سليمان، على تلك المغالطة التي قام بها جيش الإسلام، فدمك من "الغلاء" ما يعادل الغوطة بأسرها بأرضها و حجرها و شجرها و بشرها، و الأخيرين "البشر" ليسوا من الأهمية بمكان ولا حتى لأرقام شهدائهم و جرحاهم و ثكلاهم و أيتامهم، وزن أو قيمة لتثور الحمية لأجلهم طوال خمس سنوات من المجازر المتنقلة و المتعاقبة و المتصاعدة، لكن أن يصل الأمر لمحاولة اغتيالك فهذا يعني أن "الطامة" الكبرى قد حدثت، ووجب تسليم الغوطة للأسد و الايرانيين ليمارسوا طقوسهم، تبريداً لحرارة دمك المسال.

في المقابل بضع عناصر حملوا صفة المتهمين في خلية قيل أنها للاغتيالات، قامت و يتوقع أن تقوم بالمزيد، يستحقون هم بالمقابل أن يحظوا بالحماية الكاملة، و تدمير الغوطة بأسرها حتى لا يتم عرضهم على القضاء، فهم ليسوا بمتهمين وفق نظر الحامين، و بالتالي لا يجوز تعريضهم للتحقيق فهذا إهانة لراية مبجلة قرروا أن يكونوا تحتها.

 ماذا لو كانوا بريئين حقاً فهل القضاء سيجبرهم على الاعتراف، فسيعرف أنهم على حق و لا دليل حقيقي ضدهم، لكن لا علينا، فهؤلاء يستحقون أن تداس الغوطة لأجلهم، و يموت المئات دفاعاً عن شخوصهم، فـ"الهيبة" لا يجب أن تلمس أو يقترب من "حياضها" أحد، و إن كلفت فقدان الأرض التي تستتبع فقدان "الأمر" برمته.

و ليس ببعيد عنهما هناك جبهة النصرة التي تقول "لا عودة حتى احقاق الدين" و "إقامة الشرع الرشيد"، لكن وفق منهج "الشرعيين"، فهم ولاة الأمر القائمين بالقسط، العدل السائر على الأرض، و لكن هم وحدهم من يملكون هذا الفضل، وإن لم تصدق ذلك فعليك مطالبتهم عند "البغي" أو مجرد" الخطأ الفردي" بالتحاكم للشرع، فهنا تحدث "المصادمة" فلا شرع غير شرعهم، و لا قضاء غير "قاضيهم".

في الغوطة التي رويت أرضها الطاهرة بآولوف مؤلفة من الشهداء، وتحمل اسم مبارك حظي بذكر مهيب من الطاهر الأمين (صل الله عليه و سلم)، و لكن كل ذلك لم يشفع لها، بل منح دم الشرعي و حماية المتهمين، أفضلية جعلت منها تلقي السلام على قطرات الدم و حصون الحماية، و تفتح أبوابها لمحتل، تطبيقاً لقانون الله في "الاستبدال".

اقرأ المزيد
١٨ مايو ٢٠١٦
الغوطة لا نصرة لـ"الدين" و إنما بغي آثم "مبين"

شعار عريض وواسع "نصرة الدين" ممزوج بدعوات لضرب المعتدين و البغاة، فلا نصروا الدين وتحولوا لبغاة معتدين، و لوثوا أيديهم بدماء المسالمين الذين قالوا لهم في يوم من الأيام أنهم أتوا و رفعوا السلاح دفاعاً عنهم، فبقي على هذا النهج من بقي و خرج من خرج .

القضية بدأت ببضع مقرات تمادت لاختلاق خلاف حول مبايعات، و انتهت بتهمة اغتيال، ليأتي دور العابثين في الهفوات و تحويلها لهوائل يبنى عليها واجب المواجهة والقتل و الإبادة، فهنا الشعار الواسع "نصرة الدين" يلمع في العين و يبحث عن ماسح للدموع.

الصراع في الغوطة لا يمكن إخراجه، وفق رأي شخصي بحت، عن صراع بين سلطات الشيوخ، لمن الغلبة منهم و من هو على حق ، و من هو حامي الحمى، و القادر على مجابهة الكفار المرتدين الغلاة الباغين، و هو على الشرع المستقيم و ما سواه إلا أفاك أثيم، فالخلاف ليس بين ثوار أو مدافعين عن الدين و الأرض و العرض، و إنما خلاف سلاطين الدين.

يذهب الفكر بعيداً جداً، الجميع رفع ذات الشعار و ذات التهم للطرف الآخر و توعد بذات الوعود، فهل هم من ذات الدين أو الدين يتجزأ بينهم تبعاً لخزعبلات اللحى و تطبيق أفكار من خارج الحدود على شعب لم يطالب بأكثر أن يعيش بعيد عن الاستبداد و من ثم القتل و التدمير.

في الغوطة أحلاف مشبوهة مبطنة بغايات غاية في الخطورة و يظن البعض أنهم في الجانب الصحيح و لكنهم يسيرون بأيديهم و أرجلهم و رجالهم و عتادهم و سلاحهم نحو الفناء في المرحلة القادمة فهم من "العوام" الذين بحاجة لشرعي أو قاضي قدير على القيادة.

في المقابل تشكيل كبير و ضخم بني على دماء الشهداء و اتخذ أفضل الأماكن ليدافع عنها، يغتر و يحاول "المغالبة" عندما يفشل بالمفاوضة، أخطئ و يخطئ، لكن للأسف لم يعي أن العابث ينتظر لحظة اكتمال الكأس من كثرة تركم الأخطاء.

في الغوطة مئات الآلاف من الثكلى و اليتامى و الأرامل و المشردين، لا ينتظرون من العابثين الباحثين عن عباءة الإفتاء، و استلام رأس حربة "الجهاد" الذي وجد لهم و ليس لغيرهم، في الغوطة سيسأل كل "رجل دين" أضعاف مضاعفة عن كل حامل سلاح رضى و شارك موافقاً أو مسايراً أم مرغماً، في صرخة طفل رعب من رصاص تاهت جبهتها و اتجهت لصدورنا جميعاً.

اقرأ المزيد

مقالات

عرض المزيد >
● مقالات رأي
٢٠ أغسطس ٢٠٢٥
المفاوضات السورية – الإسرائيلية: أداة لاحتواء التصعيد لا بوابة للتطبيع
فريق العمل
● مقالات رأي
١٣ أغسطس ٢٠٢٥
ازدواجية الصراخ والصمت: استهداف مسجد السويداء لم يُغضب منتقدي مشهد الإعدام في المستشفى
أحمد ابازيد
● مقالات رأي
٣١ يوليو ٢٠٢٥
تغير موازين القوى في سوريا: ما بعد الأسد وبداية مرحلة السيادة الوطنية
ربيع الشاطر
● مقالات رأي
١٨ يوليو ٢٠٢٥
دعوة لتصحيح مسار الانتقال السياسي في سوريا عبر تعزيز الجبهة الداخلية
فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان
● مقالات رأي
٣٠ يونيو ٢٠٢٥
أبناء بلا وطن: متى تعترف سوريا بحق الأم في نقل الجنسية..؟
سيرين المصطفى
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
محاسبة مجرمي سوريا ودرس من فرانكفورت
فضل عبد الغني
● مقالات رأي
٢٥ يونيو ٢٠٢٥
استهداف دور العبادة في الحرب السورية: الأثر العميق في الذاكرة والوجدان
سيرين المصطفى