يتصرف بعض المتابعين لمجريات المعارك في سورية على أنها متجهة نحو التقسيم، تارة إلى خمسة أقاليم، أو «دويلات»، تشمل الأكراد في الشمال الشرقي، ومناطق «داعش»، والساحل السوري موصولاً بمدينة حمص ودمشق تحت سيطرة النظام وحلفائه، ومناطق أخرى تحت سيطرة جيش «الفتح» في الشمال والوسط، وخامسة في الجنوب، وتارة أخرى إلى 3 مناطق نفوذ بين النظام و «داعش» و «الجيش السوري الحر» بالاشتراك مع «جبهة النصرة».
يحتار قارئو الخرائط في تحديد مناطق ما يجزمون بأنه «تقسيم» لسوريا لا مناص من أن تصل إليه في المرحلة المقبلة. بعضهم يرى أنه «الحل» للأزمة السورية بحجة أن «سوريا القديمة التي نعرفها لن تعود كما كانت قبل 15 آذار (مارس) 2011»، وبعضهم الآخر يعتبر أن ثمة مناطق نفوذ مؤقتة، نشأت أو آخذة في التبلور تمهيداً للتفاوض على سوريا فيديرالية، شبيهة بالعراق الذي تتوزع أراضيه بين كردستان والجنوب ذي الأكثرية الشيعية، وبين مناطق الشمال والغرب ذات الأكثرية السنّية.
إلا أن نظريات توزيع المناطق في سوريا بين هذا وذاك سرعان ما يضعف حججها أمام الأسئلة عن العوائق الكثيرة، التي لا أجوبة منطقية أو حاسمة عند قارئي الخرائط عنها: هل تقبل تركيا ومعها إيران المتعارضتا المصالح في سوريا بنشوء إقليم كردي فيها؟
ماذا عن مصير دمشق وضواحيها كعاصمة شبيهة بالمناطق المختلطة طائفياً وسياسياً في الأرياف والمدن الأخرى وضواحيها؟ هل يتطلب تثبيت الخرائط المزيد من التطهير الطائفي والعرقي فيها، في وقت تبدلت ديموغرافيا مناطق عدة بفعل نزوح فئات كثيرة إما طوعاً أو قسراً طلباً للأمان؟ (بات السنّة أكثر من العلويين في بعض تجمعات الساحل السوري السكنية نتيجة التهجير).
وإذا كانت واشنطن جاهرت بمشروع نائب الرئيس جوزف بايدن لتقسيم العراق، لماذا يصر الأمريكيون على وحدة سوريا في بحثهم عن الحلول، وترفض الدول المتحاربة في الميدان السوري، أي الدول العربية الرئيسية، وخصمها في الإقليم أي إيران، تقسيم سوريا؟
كل الأجوبة لا تأتي لمصلحة تكريس الخرائط المتداولة، في شكل يدل على أن التعاطي مع توزع مناطق النفوذ في سوريا، يختار الأجوبة السهلة عن الغموض الذي يكتنف مصير الحرب التي يزيد من تعقيدها أنها داخلية وإقليمية ودولية، تدور على أرضها.
وعندما تبدو الخرائط التي يجري الحديث عنها متحركة - متغيّرة، فلأنه يصعب التسليم بثباتها لأسباب كثيرة، أبرزها أن أياً من «الدويلات» السورية التي يبشر بها البعض غير قابلة للحياة والصمود؛ لأن كلاً منها تنقصه مقومات البقاء الاقتصادي والأمني؛ لذلك، فإنها خرائط قد يصلح عليها وصف مناطق النفوذ بين قوى متحاربة.
إنها وصفة لإدامة الحرب داخل سوريا أكثر مما هي وصفة للحل، وفي أفضل الحالات هي وسيلة لضمان استمرار الرئيس بشار الأسد في السلطة، تحت عنوان تفادي انتصار فئة على أخرى، أو تجنب انهيار الدولة السورية. وإذا كانت مقولة «سوريا لن تعود كما كانت» صحيحة، فإن اعتبار هذا قاعدة لتكريس توزع مناطق النفوذ الواقعي الحالي على حمايات إقليمية ودولية، وليس في سياق السعي إلى حل الأزمة، لا يستقيم.
وبالنسبة إلى إيران، يعني التغيير في سوريا أنها ممسكة بالقرار في دمشق في أفضل الحالات، وبـ «الشرعية» المفترضة للأسد في أسوأ الأحوال إذا اضطر للانكفاء إلى الساحل السوري..
استمرار الحرب الدائرة والتعديلات الحاصلة في ميزان القوى الميداني، قد يسمح بإطلاق إعادة رسم خطوط مناطق النفوذ الداخلي والإقليمي والدولي، تمهيداً للتفاوض على الحل في سوريا، وفق ما يتوقعه كثير عن أن القتال الشرس الدائر حالياً في الشمال والشمال الشرقي وفي ريف دمشق، يستبق البحث في الأزمة السورية بعد الانتهاء من الاتفاق مع طهران على ملفها النووي.
المعضلة تبقى، طالما أن مناطق النفوذ هذه تشمل «إقليماً» لـ «داعش»، في أن ذريعة محاربة الأخيرة من جانب إيران و«حزب الله» في كل من العراق وسوريا، تقابلها حقيقة أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يحارب «الجيش الحر» و «النصرة» وليس النظام.
فهل رسم خطوط مناطق النفوذ يعني تعايشاً من جانب إيران مع «داعش» في سوريا والحرب ضده في العراق؛ لأن هدفها بقاء الأسد في السلطة مهما كان الثمن؟
في القلمون تقتصر معارك «حزب الله» على مهاجمة مواقع «النصرة» و «الجيش الحر»، من دون «داعش» الذي يقاتل أيضاً هذين التشكيلين في أثناء حربهما مع النظام.
في كل يوم تظهر لنا احصائية من منظمة أو دولة أو هيئة ما تتحدث عن أدق التفاصيل المتعلقة بداعش ، وكل ما يتعلق بهذا التنظيم من مأكل و مشرب و ملبس و تحرك و زواج و طلاق و نسبة العنوسة و آلية الزواج و كيفية تحضير المأكولات و أشهر المواقع السياحية ، و أخيراً ظهر بيانات عن صور لـ4000 مقاتل انضم للتنظيم مع كافة التفاصيل المتعلقة بكل شخص و عائلته منبته و مرباه .... .
هذا الكم الهائل من التدقيق و الإرتعاش مع كل تفصيل مهما كان ساذجاً و غبياً ، يجعل الحنق يُصلّب شرايينا حول ذلك التعامي السوداوي اتجاه ما يحدث مع المدنيين الذين يعيشون على الرض السورية التي تدور على رحاها كافة المعاركة و بجميع أنواعها ، و تمر أخبار الموت و القصف و البراميل كخبر رقمي بأن قتل هذا العدد هنا و أصيب عدد آخر هناك ، مع دخول مصطلحات تعيد للأذهان مرحلة انتهت منذ أربع سنوات كـ"الحكومة السورية – الرئيس السوري – الجيش النظامي ..... " .
بالأمس قصة الطفل "يوسف حايك" و البرميل الذي أتى على جسده الغض و حشره في سقف المنزل ، مر يوسف كرقم في دوران معمل الموت الأسد ، فيما لو كان يوسف على فرض قُصف من داعش ، أم أي فصيل معارض ، لقفزت كل المعمورة و نددت و شجبت و هاجمت ، و تألمت و بكت و حمّلت الإرهاب و دول الجوار و الأحوال الجوية و سوء الطالع ... حملتهم المسؤولية و بدأت البحث عن آلية العقوبة .
يوسف ليس رقم ، و بكاء أبيه بالأمس لازال يحفر في أروحنا ، و يخنق أنفاسنا ، يوسف ليس الطفل الوحيد الذي كُسِرنا لأجله ، و إنما يوسف هو مثال مؤلم لوضعنا في قائمة الإهتمام الدولي ، و قائمة الإهتمام الصداقاتي ، قائمة الإهتمام المعاراضاتي ، و قائمة كل المصطلحات .
ليتك يا يوسف كنت "داعشي" و ذبحت منهم أو ظهرت بتسجيل هنا أو هناك .. كنت حظيت بسمعة و صيت و كان لشهادتك مكانها في صدر الإعلام العالمي و المحافل الدولية ، لكن يا يوسف أنت قررت الرحيل بلا ضجيج ، و اقتصر الحضور على الأهل و المقربين ..
بعد تصريح وزيرالدفاع الإسرائيلي بأن اسرائيل تتدخل في سورية عسكرياً واستخباراتياً وخصوصاً قي الشمال وفي الجنوب واشار الى تكثيف الاهتمام والرصد لما يجري في سورية مع اصراره على ان هناك ثلاث خطوط حمراء لايمكن ان تسمح بتجاوزها "أولها يُحظر نقل أسلحة متطورة إلى أيادي أي تنظيم إرهابي والثاني يُحظر نقل مواد كيميائية أو أسلحة كيميائية لأيادي أي تنظيم إرهابي والثالث يحظر كل انتهاك لسيادتنا، خصوصاً في هضبة الجولان وقد توجه بكلامه للادارة الامريكية قائلاً ان اسرائيل ...لن تسمح ..للجهاديين بالسيطرة على سوريا.
وأما فيما يخص الايرانيين وتواجدهم لحماية النظام فقد أصبح معروفاً للاستخبارات الاسرائيلية أن قاسم سليماني هو من يقود المعركة ويتولى إصدار الأوامر للمليشيات الايرانية خصوصاً ولذلك فإن إيران تواصل ضغطها بتواجدها في حماية دمشق ونشر مقاتليها من أجل الملف النووي الخاص بها الذي لايغطي اسرائيل فقط بل يتجاوز الى المنطقة بأكملها مما يجعلها أكثر إستعدادً لاستثمار المزيد من الأموال من أجل زعزعة الأنظمة السنية المعتدلة في المنطقة وتعتبر تصريحاته دعوة للوقوف في وجه إيران.
فإن لإسرائيل مصلحة مشتركة ضد إيران مع الدول السنية في الشرق الأوسط "فإذا كنا نتقاسم عدواً مشتركاً، إلى جانب مصالح مشتركة، فهناك مجال للتعاون وهنا دعوة صريحة لتقاسم المصالح المشتركة فهل نصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.
الجميع يعلم من إستخبارات العالمية التي تعبث داخل سورية أن الجيش السوري قد إنتهى وأن من يقود القتال هم الإيرانين والروسيين بشكل عام وتبقى أحجار الشطرنج من البيادق السورية هي فقط لإشعال نار الحقد بين السوريين فقد كان تصريح النظام وإقراره أنه هناك الاف من الايرانيين لحماية مدينة دمشق فلماذا يسكت العالم على إختلال ايران السافر من سمع تصريح أوباما في لقائه مع المتزعمين للعروبة ( السنية ) حول رؤيته وأنه لا يرى شعوب المنطقة إلا كسنة وشيعة ويرى أن الشيعة هناك من يمثلهم ويتحدث بإسمهم بشكل واضح ولهذا يمكن التفاهم معهم .. في حين لا يرى من يمثل السنة أو يتحدث بإسمهم ...فلماذا كانت السعودية تحديداً كل هذه السنين تحشد الرأي المعاكس ضد الشيعة وتعتبر هي المنبر المزعوم للدفاع عن السنة.
ماتجاهله الاسرائيليين منذ البداية الوجود الايراني وبتنسيق مع الامريكيين وذلك لمزيد من الضغوط على بعض الدول والتلويح لها بعصا مشروع التقسيم الذي لن يطال الارض السورية وإنما دول المنطقة جميعها.
لم يفتأ حزب البعث في منطلقاته الفكرية من تمجيد العرب والعروبة والتغني بها بل إقصاء كل من ليس عروبي من بلاد العرب , نظرية تمادى بها البعثيون حتى وجدت رأس النظام السوري منذ سنوات يجعل من الأكراد عرباً معللاً ذلك بانتهالهم من معين الثقافة العربية والتغذي عليها .
وفي الحقيقة هو لم يأت بما يخالف المنطلقات النظرية لمنظري البعث العربي الذي جعل من برابرة المغرب وهكسوس مصر وأبناء العرق الآري ممن يستوطنون هذه البلاد عرباً لكي يضمن استقامة أهدافه في وطن قومي عربي يكون مطمح الآمال لهذه الأمة ,
في هذه العجالة لن أناقش ذلك الفكر الذي أثبت التاريخ فشله فبعد أن كانت لهم دفة البلاد لما يزيد عن خمسين عاما يجربون في معظم الأقطار العربية منهجهم لم نجد نموذجا واحدا نستطيع أن نقول أنه ناجح وعيار النجاح عندنا ان تكون حسناته تزيد على سيئاته ولو بدرجة واحدة ,
ولكن دعونا نناقش السلوك الذي انتهجه القائمون على هذا الفكر في ضوء فكرهم ولتأطير كلامنا سنحصره في سورية ,
فالثالوث المقدس الذي بنى حزب البعث عليه فكره هو ( وحدة حرية اشتراكية ) ولتحقيقه يتعين عليه تسخير طاقات الجماهير الكادحة للوصول إلى هذه الغاية ,
فبالنسبة للوحدة : ورث الفكر القومي العربي البلاد في خمسينيات القرن الماضي متربعا حاكما على عرش البلاد وقد كانت الحدود أقل عمقا مما نحن عليه الآن , لا ينظر العربي في بلد إلى العربي في بلد آخر إلا كنظير له وليست تلك الحدود أكثر من خطوط وهمية لا توجد إلا على الورق إلا أنه وبعد وصول البعث كرس تلك الحدود وساهم في فصل الشعوب عن بعضها وفرزها بحسب بلدانها ( البعث العراقي والسوري نموذجا ) ,
وأصبحت الحرية في عهدهم لا تتعدى شعارا معظم الصادحين به لا يعرفون حتى معناه , ليست أكثر من كلمة خشبية لا روح فيها , فالبعث صمم هيكلا للحرية وعلى الجميع أن يكونون على مقاسه ولن يجد البعثيون غصاصة فيما لو زاد المرء عن الهيكل الموجود أن يقص الزائد منه حتى يلائم بناءه الحجري ,
والاشتراكية في أساسها لها أصل شرعي مستنبط من مذهب الصحابي ابي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما نعني بها أن نأخذ من الأغنياء ما فضل عندهم لنرده على الفقراء فلا يكون بين أفراد هذه الأمة فاضل ومفضول من الناحية المادية
فلقد كان رضي الله عنه يفسر الآية ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) التوبة 34 ويحملها على مطلق الكنز لا على الزكاة فحسب ,
الا أن البعث في ممارساته جمع تلك الإمكانات الهائلة وأخفاها عن العيون لتكون في يد أمينة على حد قوله ليتضح فيما بعد أنها كانت نهبا للمتنفذين .
و عندما تراقب التناقض الواضح بين منطلقات البعث وسوكيات القائمين عليه في سوريا فحزب يعتبر العرب والعروبة أس مقوماته يتحالف وبشكل استراتيجي مع من ينظرون إلى العرب والعروبة أنهم أعداؤهم الحقيقيون كايران , و عندما ترى الفرق الشاسع بين فكر البعث وسلوكياته كما بينا لن تتردد في الحكم على أن الأشخاص القائمين على البعث السوري أرادوا أن يأخذوه مطية لتغطية النسبة الضئيلة التي ينحدرون منها في مواجهة الأغلبية التي يصعب تهميشها بدون مثل هذه الألاعيب الشيطانية
الكاتب :صلاح الدين
تعيش ايران هذه الأيام حالة من الهياج العاطفي و الجنون الحزني على مؤسس دولتهم الإسلامية ، التي بناها و أسسها الخميني قبل 36 عاماً ، و مات بعد تأسسيها بثمان سنوات ، تاركاً إرثاً سلبياً على كاهل الإسلام و كل ما يحيط بالمنطقة .
الخميني الذي يعتبره الشيعة مرسال الإمام المهدي المختفي ، و صاحب القرار و الأمر و النهي ، فهو في مرتبة الرسول الأعظم لما يقولون عنه "صاحب الزمان" و بلغتهم "ولي العصر" ، خاض سلسلة من الاتفاقيات و الصفقات حتى وصل إلى سدة الحكم و أنهى حكم "الشاهنشاهي" .
الخميني الذي نظّم و أسس لدولة بوليسية غاية في التعقيد وضعها في قالب اسلامي ليضمن الهالة لها ، و نشر الرعب و الخشية ، أن أي مخالفة لها هي مخالفة لإرادة الله و"بقية" آل البيت على الأرض ، ألا وهو "المهدي" ، دولة قامت على أهداف و مشاريع استعادة أمجاد الفارسية ، بصبغة دينية ، و لباس شرعي ، و تأييد إلهي ، فهو مندوب المهدي .. ولي أمر المسلمين ، مؤسس جيش محمد ، مساند فعال لمواجهة الظلم ، و لكن على أن يكون تحت هذه الراية و الشعارات والخطب ، ما يعيد أمجاد الإمبراطورية الفارسية و الإنتقام من الحضارات أجمع و على رأسهم الحضارة العربية الإسلامية .
فالمشكلة التي تعيش إيران لإنهائها هي مشكلة حضارية بحتة ، و من عاش و عايش الفرس عموماً و الإيرانيين على وجه الخصوص ، سيلمس بشكل جلّي الحقد الدفين على العرب في أشعارهم و أقوالهم و مبادئهم ، فالعرب هم "آكلي الجراد" لا يحق لهم السيطرة أو التفرد أو التطور ، فكيف و حطموا أمجادهم و أنهموا أساطيرهم .
هذه الرؤية التي جمعت و تحجمع إيران مع الغرب و كل من يعادي العرب ...
ايران التي تقوم على نظام "ثيوقراطي" تعمل بكل ما أوتيت لكي تعيد وجودها المنفرد بالمنطقة ، و التفرد فعلته من خلال تعزيز المذهب الشيعي الإثني عشري ، و تفردها بدعمه و إدارة شؤونه ، كونه مذهب يقوم على أسس الطاعة و الولاء المطلق للمراجع الدينية ، و يرفض أي اختلاف أو تخالف مع الغير ، و يجعل من رجال الدين (تجار الدين) هم همزة الوصل بين العبد و الله على مبدأ "درجة درجة حتى تلتقي مع الله " و هم أولى و اهم هذه الدرجات .
الخميني هو لغز و عنصر فعال في التمدد الإيراني الحالي ، لذا يدأب الإيرانيون على إضفاء كامل هالات القدسية و التقديس ، و اعطاء قيمة لمحبته و السير على خُطاه كتلك التي يتعرض لها الإنسان يوم القيامة فهو "روح الله" ، و يملك مفاتيح الجنة ، و يرسم طرق الخلاص .
إيران القائمة على مبادئ التأليه و الرسولية المستمرة بعد سيد الخلق "محمد صل الله عليه و سلم" لم و لن تصل إلى مبتغاها ، فما قام على باطل فالبطلان مصيره .
علينا الاعتراف أنه لا يمكن إعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل أربع سنوات، فالأمور تغيرت والدولة باتت بابا لكل الاحتمالات، ويبدو أمر إنقاذ ما تبقى الشغل الشاغل للمعنيين بالشأن السوري، وعلى عكس ما تروج له وسائل إعلامه وتصريحات مسؤوليه ومناصريه من محور الممانعة، فإن نظام دمشق، بمساعدة داعميه في طهران وموسكو، يبدو أكثر المرحبين بتقسيم سوريا إلى دويلات أو أقاليم دون أن يكون مهتما بالعدد النهائي لتلك الدويلات، فالمهم بالنسبة إليه البقاء حاكماً حتى ولو على مجموعة من القرى، وهو يقدم دلائل كافية على أنه يسعى لتحقيق ذلك بأسرع وقت لتخفيف الضغط وتقليل الخسائر عن حاضنته الشعبية ومواليه اللذين بدأت علامات التململ تظهر بشكل جلي عليهما، وباتا غير قادرين على رفد آلته العسكرية بالمزيد من المقاتلين، وقد سلم طائعاً مناطق واسعة في الآونة الأخيرة فتمكنت فصائل الثوار المنضوية تحت لواء جيش الفتح من تحرير منطقة أريحا في ريف إدلب دون مقاومة، وقبلها لم يجد داعش قوات النظام بانتظاره على أبواب تدمر، فأحكم سيطرته عليها.
وإن كانت الدول المعنية بالملف السوري الشائك قد أبدت قلقها من التطورات الميدانية الأخيرة، فإنها بالمقابل لم تبذل جهداً للحد من تدهور الأوضاع، ووقفت موقف المتفرج. الولايات المتحدة التي تترأس التحالف الدولي لمحاربة داعش، لم تتمكن من تحديد أهداف لطلعاتها الجوية وغاراتها، وظلت طائراتها تلقي حمولاتها دون أن تحدث فرقاً جوهرياً، لكنها بالمقابل كانت قادرة على تنفيذ عملية كوماندوس تمكنت من خلالها من قتل “أبو سياف” وهو أحد قادة داعش واعتقال زوجته، واحتفت بهذه العملية واعتبرتها نصراً.
واشنطن، في ظل الإدارة الحالية التي توصف بالرخوة، تبدو غير مستعدة لحسم أي شيء، بل إنها حريصة على ترك الملفات معلقة، والسماح لكرة النار بأن تتدحرج دون تدخل، وانتظار نتائجها الطبيعية، التي لن تقتصر بالضرورة على المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم، بل ستصل إلى أبعد من ذلك.
تصريحات قادة المعارضة السورية تميل إلى الرومانسية والأحلام ببناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها، وهو الكلام الذي لا تنفك هذه المعارضة على اختلاف توجهاتها عن ترديده منذ الأيام الأولى للثورة، دون مراعاة التغيرات التي حصلت على الأرض، إذ لا تمتلك المعارضة أية قراءة واقعية للحدث، وهي على ما يبدو تنتظر معجزة ما، وإلى أن تتحقق تلك المعجزة تواصل عقد اجتماعاتها التي تنتهي دائماً بمزيد من الخلافات.
تبدي المملكة السعودية توجساً من حالة الفوضى المفزعة في سوريا، ومن أحلام إيران التوسعية في المنطقة وهي تسعى للحد من هذا التوسع، وقد تنبأ متابعون إلى أن الرياض قد تطبق ما فعلته في اليمن على الحالة السورية، إلا أنها تتريث لحسم الملف اليمني أولاً، وهو ليس بالملف السهل.
يبدو كل شيء مؤجلاً، ولا تحمل الأروقة الدبلوماسية أي أمل بحسم قريب، أو بحل سياسي يجنب سوريا مزيداً من التمزق، كما أن المعارك لم تصل إلى نقطة الحسم النهائي، وقد تأخذ زمناً قبل أن تصل إليها، فاللاعبون كثر وقد اختلطت الأوراق بطريقة لا توحي بأن ثمة من يقدر على فرزها وإعادة ترتيبها، أخيراً يبدو أن المعجزة التي تعول المعارضة على حدوثها هي خيار نهائي للجميع.
العنوان أعلاه هو اتهام وجهته الولايات المتحدة الأميركية عبر موقع سفارتها الرسمي في دمشق، والمغلقة بالطبع عمليا على الأرض، تقول فيه إن قوات نظام المجرم بشار الأسد تقوم بتنفيذ غارات جوية لمساعدة تنظيم داعش على التقدم حول مدينة حلب.
وتقول السفارة الأميركية إن «التقارير تشير إلى أن النظام يشن غارات جوية دعما لتقدم تنظيم داعش إلى حلب ويساعد المتطرفين ضد السكان السوريين»! وتأتي هذه التصريحات الأميركية المتهمة للأسد بدعم «داعش» في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس حسن روحاني أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومة وشعبا ستقف حتى النهاية إلى جانب الحكومة السورية وشعبها». وفي الوقت الذي يشكو فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من نقص الدعم الدولي لبلاده بمواجهة «داعش»، وقوله إن تدفق المقاتلين الأجانب لبلاده لم يتوقف، ومتهما بعض «دول الجوار» بالتساهل حيال ذلك، وفوق هذا وذاك يأتي الاتهام الأميركي لنظام الأسد بدعم «داعش»، متزامنًا مع تصريحات مهمة لوزير خارجية فرنسا فحواها أن الحل بالعراق ضد «داعش»، يجب أن يبدأ عبر الحل السياسي في سوريا.
والحقيقة أن دعم الأسد لـ«داعش» غير مستغرب، حيث فعلها الأسد من قبل في العراق وذلك باستغلال مقاتلي تنظيم «القاعدة» بعد الغزو الأميركي، وكلنا يتذكر التهديدات العراقية قبل أعوام بشكوى النظام الأسدي دوليا على خلفية سلسلة تفجيرات إرهابية هزت بغداد حينها، وعليه فإن دعم الأسد لـ«داعش» متوقع، خصوصا وأن قيادات التنظيم الإرهابي قد أطلق سراحهم من سجون الأسد كما أطلق سراح آخرين محسوبين على «داعش» من سجون العراق إبان فترة نوري المالكي الذي قرر دعم الأسد بعد الثورة السورية لأسباب طائفية. ولذا فإنه لا جديد، ولا استغراب، من اتهام الأميركيين للأسد بدعم «داعش»، التي تخدم الأسد بمناطق عدة، ولذلك فإن الحل الأمثل للتعامل مع «داعش» وخطرها ليس في توجيه ضربات عسكرية فقط، بل ضرورة الشروع بالعمل السياسي والعسكري المتكامل في سوريا، والعراق. المفروض أن يصار إلى ضغط دولي على حكومة العبادي لإتمام مصالحة سياسية داخلية، وعدم إقصاء أي مكون عراقي، وضرورة تسليح العشائر السنية لتتمكن من التصدي لـ«داعش»، وفي الوقت الذي يجب أن يصار فيه إلى الشروع سياسيا، وعسكريا، بسوريا لدعم المعارضة، وإسقاط الأسد، أو تسريع نقل السلطة في سوريا.
دون ذلك فإن كل ما يتم، ويقال، عن محاربة «داعش» ما هو إلا إجراءات صورية ستكون لها عواقب وخيمة على كل المنطقة، فـ«داعش» والأسد واحد، وإقصاء الحكومة العراقية لسنة العراق لا يقل أبدا عن طائفية النظام الإيراني المؤجج للفتنة بالمنطقة من سوريا إلى لبنان، ومن العراق إلى اليمن.
عندما يقوم حزب الله اللبناني بإعلان حرب ضد عرسال وأهلها ويصدر تصريحاته النارية ضد تلك البلدة اللبنانية التي تعتبر من أهم الركائز السنية في منطقة البقاع.
ومن ثم يستعين بتجار المخدرات والحشيش لتعميم تجربة الحشد الشعبي في العراق و من ثم يقوم أولئك التجار بالاعتداء على الحي السني الموجود في بعلبك فما هذا كله سوا شرارة حرب طائفية يريد حزب الله زج لبنان الجريح على مر أعوام طويلة منها أو هي سياسة تهجير يتبعها في تلك المنطقة لأهالي ذاك الحي و بلدة عرسال
خياران أحلاهما مرّ بالنسبة للبنان والمنطقة، حيث إن أشعلت تلك الشرارة ستؤدي إلى معارك قد تعيد لبنان إلى ذاكرة ليست ببعيدة المدى حاول شعب لبنان نسياها ونسيان آلامها.
لكن تعود الشارع اللبناني والسوري على مر الأعوام الأربعة الماضية إلى أن حزب الله والنظام السوري عندما يقعان في مأزق وتراجع على الأرض نتيجة خسارتهم المتتالية والتي دائما تترافق بغضب شعبي من حاضنتهم الشعبية، يحاولان نقل وإشعال الفتن في المناطق المجاورة واللعب على وتر الطائفية للقيام بحشد جديد، و الحصول على تعاطف طائفي لكي يستمرا في القتل والإجرام ضد شعب سوريا وثورته، لكن ما لا يعلمه البعض إلى الأن هو انه سياسة ذاك الحزب و النظام لم تعد بيده إنما هي مؤتمرة بأمر إيران التي لا تلقي بالا إلى الشيعة العرب، والتي تعتبرهم وسيلة لتنفيذ مشروعها الفارسي في المنطقة و أنها جاهزة للتضحية بالجميع في سبيل وصولها لرفع العقوبات وانجاز ملفها النووي مع أمريكا، حينها سوف تبيع الجميع من مسانديها ومؤيديها وأدواتها المستخدمة في المنطقة بغمضة عين، حينها سوف يصحو حزب الله ومؤيدوه إلى أين ذهب بنفسه.
وقد لمسوا هذا الشيء سابقا عندما خفضت مخصصاتهم المالية إيران مما أدى إلى أزمات مالية داخل حزب الله، بالإضافة إلى انه لا زالوا يلمسوه عبر الأراضي السورية حيث إن اغلب من يسقط من قتلى هي من مؤيدي النظام السوري ومن عناصر حزب الله التي تعتبر مجرد أرقام لإيران.
لينظر حزب الله إلى عدد قتلى إيران وأسرى إيران في يد ثوار سوريا حين وقوعهم في الأسر فإنها تفاوض بالغالي والنفيس لاستعادة الجثث أو الأسرى، ولكم في الصفقة القطرية التي اخرج مقابل الأسرى الإيرانيين (11) أسير، ما يقارب 2600 معتقل من سجون نظام الأسد بينما جثث قتلى النظام مرتمية في شوارع إدلب وقرها وجثث عناصر حزب الله ترتمي في جرود القلمون وشمال سوريا دون أن تلقي إيران بالا لها.
أما الآن فالسياسة النووية واتفاقها يفرضا على إيران أن تمسك ورقة تفاوض قوية لأجل الضغط على المنطقة وأمريكا وباقي الدول التي يهددها نووي إيران، لذلك تجد أن حزب الله بتصرفاته يهدد عرسال وأحياء السنة في بعلبك يتبع سياسة تهجير وتغير ديموغرافي للمنطقة كما التي اتبعوها في القصير وبعض مناطق حمص المدينة في سبيل مسك تلك الورقة في التفاوض بإنشاء دويلة انطلاقا من بعلبك باتجاه القصير وحمص المدينة لتصل إلى طرطوس لتكون تلك المنطقة دويلتهم الطائفية التي تضم شيعة حزب الله و علويين سوريا وبعض من الأقليات الذين وقفوا مع نظام الأسد في أجرامه والسنة الذين اشتركوا بجرائم ضد شعبهم.
وهذا ما بدأ يلمس على الأرض في الآونة الأخيرة عبر تسريبات بدأت تقول أن حزب الله بدأ بشراء عقارات بأسعار خيالية في الطفيل اللبنانية وفي مدينة القصير مستغلا حاجة أهالي القصير المرشدون في مخيمات عرسال ولبنان رغم أن تلك المدينة الثائرة التي شهد لها في الثورة السورية بأنها أسطورة الثورة قد حولها حزب الله وإيران إلى معسكرات تدريب وملاذ للمطلوبين للسلطات اللبنانية.
في النهاية نحن أمام سياسة تغير ديموغرافي وتقسيم لأجزاء من لبنان وسوريا إن لم يتم تدارك الأمر فسنجد المنطقة قد تحولت إلى أمارات طائفية بأيدي إيران في المنطقة والحل المفترض في تلك المنطقة فتح المعارك باتجاه حمص المدينة لضرب تلك المخططات و فتح معارك القصير غير ذلك فكله سيكون هو عبارة عن ترسيم حدود جديدة لشرق أوسط جديد.
أكثر ما لفت انتباهنا أن وزير الخارجية السعودي الجديد عادل الجبير كان واضحا في التعبير عن الموقف من سوريا، ما يعكس ما دار في أول نشاط له بعد تقلده منصبه في القاهرة. قال إنه اتفق مع نظيره المصري على أنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد، ولا بد من «إخراجه» من أجل التوصل إلى حل سياسي، وأن الحل السياسي يقوم على المحافظة على المؤسسات العسكرية والمدنية هناك.
وهذا دفع وزير إعلام الحكومة السورية إلى تغيير لغة الشتائم البذيئة هذه المرة باتجاه الجبير!
فإذا كانت السعودية ومصر فعلا اتفقتا على إخراج الأسد، فإنه في نظري تطور نوعي ومهم، لأن الحكومة المصرية كانت دائما لا تحبذ الحديث عن تغيير في سوريا، بِما يوحي أنّها ضد الثورة هناك. كما أن حكومة دمشق تبرعت مرات كثيرة في السابق بالتعبير عن موقف مصر، مؤكدة أنها ضد التغيير ومع نظام الأسد، وضد الموقف الخليجي.
وقد ظل الموضوع السوري محل اختلاف هادئ بين الرياض والقاهرة حتى سمعنا ما نقله الوزير الجبير عن اتفاق حول سوريا دون الأسد، وفوق هذا اتفاق الجانبين على ضرورة إقناع روسيا بتغيير موقفها، كونها لاعبا مهما في الإقليم، وسببا رئيسيا في بقاء الحكم الأسدي كما هو حتى الآن.
لماذا التغيير؟ هناك ثلاثة تطورات خطيرة وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية تفرض على الجميع تعديل مواقفهم. «داعش» نفذ عمليتين إرهابيتين كبيرتين لأول مرة داخل السعودية، وفرع «داعش» في ليبيا استولى على مدينة سرت النفطية، وقبل ذلك استولى التنظيم الإرهابي نَفْسُه على عاصمة محافظة الأنبار العراقية.
التشاور المصري السعودي، مع التصريحات الغربية المشابهة، المؤيدة لحل سياسي وسط، قد تعني أن الجميع باتوا مستعدين لتنازلات متبادلة، وأن هناك حلا معقولا قد يرضى به معظم الأطراف المختلفة.
الاتجاه هو نحو بلورة نظام هجين لسوريا، حكومة من النظام الحالي مع المعارضة، دون الأسد، والمحافظة على هيكل الدولة، والمحفز للفرقاء المختلفين أن يتفقوا نحو تنظيم «داعش» الذي صار يحكم معظم سوريا، في حين بقي للنظام والمعارضة المعتدلة معًا نصف سوريا.
وخطر تنظيم داعش بقدراته التي استولى عليها، وتمددّه إلى العراق، وأقرب امتحان لهذا الاختيار مؤتمر المعارضة السورية الذي تبنته القاهرة، ويعقد على أرضها بعد أيام، ويشارك فيه مئتا شخصية، والذي لا يزال محل جدل كبير، خشية أن يكون مجرد فصل آخر من مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد قبل أسابيع في العاصمة الروسية، وفشل فشلا ذريعا؛ لأنه كان مجرد مسرحية لتلميع النظام والمعارضة المحسوبة عليه.
إذا نجح المصريون في جلب معارضة الداخل، متعهدين بتأييد الحل الوسط، نظام هجين دون الأسد، سيُصبِح خطوة كبيرة ونجاحا كبيرا للسياسة المصرية. لكن من قوائم المدعوين الأولى تبدو أنها وجوه منتدبة من نظام الأسد، وستعمل بجهد كبير من أجل إفشال المؤتمر. هذه المعارضات محسوبة على النظامين السوري والإيراني، ولم يصدق أحد منذ البداية أنها أصلا معارضة، بل واجهات للحكم.
مع هذا، يبقى لدى مصر قدرة على تنظيم مؤتمر ينسجم مع التوجه الدولي الجديد، وقد يمكنها إقناع روسيا بالقبول بحل النظام الهجين.
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.
وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".
ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".
وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.
لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.
ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.
وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".
أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.
البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول، فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.
في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.
ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟
حسين عبد الحسين
لا يمكن وقف حرب الأسد.. هل يمكن وقف براميله؟ الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته بالبراميل المتفجرة
بعدما كثفت مؤخرا المنظمات غير الحكومية، وفي طليعتها "العفو الدولية"، حملتها في واشنطن وفي عواصم العالم ضد البراميل المتفجرة التي تلقيها مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد عشوائياً فوق رؤوس السوريين، نجح قياديون في هذه المنظمات - بمساعدة عاملين في الكونغرس- بحمل مسؤولين داخل إدارة الرئيس باراك أوباما على تداول الأمر بجدية أكبر ومحاولة إيجاد حلول له.
وقال ناشطون إنهم سمعوا من مسؤول اميركي كبير، بعد لقائهم به، قوله: "ربما لا يمكننا وقف حرب الأسد ضد شعبه، ولكن هل يمكننا على الأقل وقف براميله المتفجرة؟".
ويبدو أن المسؤولين الاميركيين تداولوا عددا من السيناريوهات لحمل الأسد على وقف رمي البراميل المتفجرة العشوائية، وتصدر الحلول الاميركية "ضرورة اقناع الروس ان استخدام قوات الأسد لبراميل متفجرة ترقى لان تكون جرائم حرب، وان في مصلحة النظام السوري وقف هذه البراميل عاجلاً، وقبل فوات الأوان".
وليس سراً أن مجموعات من المعارضين السوريين في الولايات المتحدة نجحت في جمع دلائل وقرائن متنوعة تدين الأسد ونظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية، كان أبرزها مجموعة الوثائق والصور التي قدمها المنشق المعروف باسم "قيصر"، مطلع العام الماضي، والتي دفعت عدداً كبيراً من المسؤولين الأميركيين -في الكونغرس والحكومة- إلى تبني الموضوع، والعمل منذ ذلك الحين على جمع الادلة وترتيبها بشكل يمكن تقديمها امام محكمة دولية لملاحقة.
لكن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة مفادها أنها من الدول غير الموقعة على معاهدة الانضمام للمحكمة الجزائية الدولية.
ويقول المسؤولون الاميركيون، والناشطون السوريون الذين يعملون بالتنسيق معهم، إن "البدائل كثيرة" وإن الحقوقيين الذين يتولون الملف أعدوا لائحة بالهيئات الدولية التي يمكن للولايات المتحدة وحلفاءها اللجوء اليها لملاحقة الأسد وافراد نظامه ومقاتليه الذين نفذوا اوامرهم.
وينقل معارضون سوريون في واشنطن عن مسؤولين اميركيين انهم أثاروا في لقاءاتهم الاخيرة مع المسؤولين الروس موضوع البراميل، وان الاميركيين "طالبوا الروس، باسم الانسانية، اجبار الأسد على وقف هذه البراميل". لكن الرد الروسي جاء كما كان متوقعاً، ومفاده أن "قوات الأسد لا تستهدف مجمعات مدنية عمداً"، وأن "الارهابيين يختبؤون بين المدنيين"، وأن "الاعلام يعمد الى تضخيم الأمر حتى تكسب المعارضة تعاطفاً عالمياً ضد الأسد".
أمام الرفض الروسي الذي نقله المسؤولون الاميركيون الى واشنطن، طالب معارضون سوريون بتسليح المعارضة المعتدلة بأسلحة مضادة للمروحيات، لكن هذا الطلب اصطدم، كما على مدى السنوات الاربعة الماضية، برفض قاطع من الحكومة الاميركية.
البديل الثالث لحمل الروس على وقف براميل الأسد او تسليح المعارضين بدفاعات جوية ضد المروحيات هو الطلب الى دول محاذية لسوريا، مثل تركيا الأردن، بالايعاز الى قواتها بفرض حظر جوي في المناطق السورية المحاذية لحدود هاتين الدولتين. لكن الأردن لم يبد حماسة للتدخل بالنزاع السوري المسلح، منذ يومه الاول، فيما تعتقد تركيا ان دخول جيشها في مواجهة مع جيش الأسد هو بمثابة اعلان حرب، وان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو قيام "حلف شمال الأطلسي"، وتركيا عضو فيه، بهذه المهمة.
في ظل الخيارات الثلاثة، التي تبدو متعذرة حتى الآن، مازال الناشطون السوريون وحلفاؤهم من المسؤولين الاميركيين يسعون الى استنباط حلول لوقف "ارهاب البراميل المتفجرة"، حسب تعبيرهم. وعلى الرغم ان ادارة أوباما لم تقدم وعودا واضحة لكيفية معالجة الموضوع، عدا الطلب غير المجدي من الروس الضغط على الأسد، الا ان الجمعيات غير الحكومية تشير الى انها رصدت مؤخراً حماسة أكبر في العاصمة الأميركية لوقف البراميل.
ويختم القيمون على حملة وقف براميل الأسد أن الموضوع صار متداولاً على مستوى عال جداً داخل الإدارة، وأن الوكالات الحكومية صارت تعمل بجهد أكبر في محاولة لثني الأسد عن المضي في حملته هذه، حتى لو جاء سعيهم من ضمن "القيود السياسية الكثيرة" التي يفرضها الرئيس باراك أوباما على أي "تورط" أميركي في الحرب السورية.
ترزح سورية في عامها الخامس تحت وطأة حرب شعواء اجتمع القاصي والداني على تسعير لهيبها صباح مساء , فمن نظام لم يفتأ يستجدي كل من هب ودب ليذبح بها شعباً لم يطلب أكثر من حياة لا ظلم فيها , يعيش فيها المواطن كريما إلى متسلقين رأوا في هذه الثورة بقرة حلوب تدر عليهم ما لم يحلموا في تحقيقه يوما , إلى مرضى أصبحت السلطة عندهم أكبر همهم ومبلغ أملهم , إلى أشقاء رأوا في هذه الثورة خطراً بشكل أو بآخر على ملكهم وسلطانهم , إلى صهاينة ارتضت بالعدو القديم الجميل على أعداء جدد لا تعرف ما يدور في رأسهم ولا قدرة لهم على ضبطهم في المستقبل , إلى روافض رأوا في هذه البلاد مرتعاً لحلم قديم يستعيدون فيها من العرب ملكهم الذي طاح تحت أقدام دولة الإسلام.
ولا تفتأ هذه البلد في تقديم الشهداء تلو الشهداء إبراماً لقرار اتخذته قبلاً وهي لا تكل ولا تمل , تأبى إلا الابتسام وهي تعطي , ترفض إلا أن تضع قدمها في فم الموت غير آبهة بما سيكلفها ذلك من قرابين بشرية في سبيل تحقيق غايتها المنشودة.
فتحولت بيوت العزاء إلى أعراس للشهداء , يلتقي السوري أخاه بعد طول انتظار فيبادئه مبتهلا ( أما زلت حيا إلى الآن ).
بلد أصبح فيه الشهيد محل تنافس بين العائلات فالبيت الذي لا شهيد فيه ينظر أهله إلى أنفسهم أنهم أقل منزلة من بيت الشهداء , و كذا ينظر أصحاب الشهيد الواحد إلى أبي الشهيدين وهكذا دواليك.
تذهب إلى بيت العزاء لتعزي في شهيد لم يجف دمه بعد، فينبري أبو الشهيد الطاعن الذي أكل من عقود عمره سادسها أو سابعها قائلاً بين الناس ضعوني مكان ابني أؤدي عمله فلا أريد لآل الشهيد أن يقفوا عنده.
بلد يُكبّر فيه ويُقدّم أبو الخمسة شهداء على أبي الأربعة وأبو الأربعة على أبي الثلاثة في حين يسود وجه من لا شهيد له وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما لم يحل به.
بعد أن تقف أمام هذا الصرح العظيم لن تألو جهدا في تفسير سر ذاك الصمود الذي حير العقول , يطارد فيه اللحمُ النارَ , وتلحق المقلُ فيه فلول المخارز.
إيران، تلك الدولة التي ظفر بها الشيعة الصفوية على شيعة علي “كرّم الله وجهه” وذلك بعد صراع كبير. رُسِمت وتشكّلت من خلالها السياسة الخارجية للبلاد، مما أوقع إيران في فخ الطائفية.
في الزمن القريب أعلنت إيران ضم بغداد ودمشق وصنعاء ولبنان إلى جانب طهران عواصمَ لبلاد فارس. ظنّت إيران أنها قادرة على استرجاع امبراطوريتها السابقة، لكنها لم تكن تعي أنها فتحت أربع جبهات وأقحمت نفسها في مستنقع حروب لا خروج منها.
وهي تتبع هذه السياسة التوسّعية نوعا ما، لتحقيق ما بات يُعرف بالهلال الشيعي وتسعى للتمدّد في المنطقة، لكنها تناست وتجاهلت الأزمات الداخلية لها، والمتمثلة بالأقليات الموجودة لديها مثل البلوشستان والأكراد والآذريين والأقلية السنية. ولقد شاهدنا احتجاجات الأقلية العربية في الأحواز وبلوشستان وأخيرا الأكراد في مهاباد. وهذا الوضع يُنذر إيران باحتجاجات واسعة في البلاد تكون أكثر من مماثلتها عام 2009.
تفتخر إيران بالسياسة التي انتجتها الثقافة الفارسية على مدى خمسة آلاف سنة، لكنها لا ترغب في إغلاق حساباتها القديمة. فهي لا تتوارى عن تذكيرنا بالاتفاقية التي حصلت بين السلطان سليم الأول والأكراد، والتي أغلقت أمام الفرس باب البحر الأبيض المتوسط. ولذلك نرى أن لديها حسابات قديمة مع الأكراد.
بعد الثورة الإيرانية، سعت إيران جاهدة في نشر التشيّع عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج، ويمكن القول أنها نجحت إلى حد كبير في سياستها هذه. وتركيا كانت من بين دول كثيرة حاولت إيران ولا تزال تصدير التشيّع إليها، ومن الجائز أن نقول أنها تأثّرت إلى حد بسياسة إيران.
تأثّر تركيا بالتشيع الذي تصدّره إيران إلى الخارج، جاء عبر الجعفريين التركمان في تركيا، حيث دخلت إيران وانتسبت إلى حزب الحركة القومية من خلالهم. ومن جهة أخرى لعبت إيران على وتر آخر وهو اليسارية، حيث نرى أفراد موالين لها في صفوف حزب الشعب الجمهوري. وعلاقتها الجيدة مع حزب العمال الكردستاني تبسط لها اليد على الداخل التركي. ذلك التغلغل الإيراني في تركيا وإن كان غير مباشر فهو يهدّد بزرع المزيد من الفتنة والتفرقة بين المسلمين عامة.
صراع المذاهب والطائفية هو أكبر تحد أمام العالم الإسلامي. نعم ! لابد من إطفاء حريق الطائفية بين المسلمين، لكن إذا لم نعي جيدا المشكلة الأساسية التي أشعلت الطائفية بين المسلمين سيتعذّر إطفاؤها، والتي أشعلتها إيران. وأول قطرة ماء لإطفاء هذا الحريق تبدأ بزرع مفهوم شيعة علي “كرم الله وجهه” في إيران بدل شيعة الصفوية. وعلى إيران أن تقدّم مصلحة الأمة الإسلامية على طائفيتها الصفوية.
المصدر: صحيفة دريليش بوستاسي