نقلت وسائل إعلامية ما قالت إنه تصريحات لمسؤول كبير في نظام بشار الأسد يقول فيها إن إيران جلبت مؤخراً سبعة آلاف مقاتل إلى سوريا، من أجل تشكيل طوق حول العاصمة دمشق لحمايتها.
وتسعى إيران لزيادة هذا العدد ليصل إلى عشرة آلاف مقاتل، وبطبيعة الحال سينضم هؤلاء إلى آلاف المقاتلين الذين سبقوهم والذين جيء بهم من العراق، فشكلوا لواء أبي فضل العباس، وبعض الأفغان والباكستانيين في لواء الفاطميين، وهم يشكلون طوقاً أمنياً حول ما تبقى من العاصمة دمشق في قبضة النظام.
النظام السوري، ورغم ادعاءاته المتكررة، لا يستطيع إنكار الحقيقة التي تقول إنه لا يحكم السيطرة على دمشق بالكامل، وإنما ضاقت مساحة العاصمة كثيراً وتحولت إلى مربع أمني تتولى عناصر ميليشيا حزب الله اللبناني الإشراف على الحواجز داخله.
وقد تخلى النظام السوري عن سياسة الإنكار التي كان يتبعها في أوقات سابقة عن استعانته بمرتزقة أجانب للقتال إلى جانب قواته التي منيت بالكثير من الهزائم مؤخراً، وباتت وسائل إعلامه، مؤخرا، لا تتردد في ذكر أولئك «المقاومين» كما تسميهم.
وبالتـزامن مع هـذه التحركات العسكـرية التي تديرها طهران، تواصل فصائل الثوار استعداداتها لخوض المعركة الكبرى الفاصلة، والتي يجمع المراقبون على أنها ستكون في دمشق، وليس في الساحل كما كان يروج في أوقات سابقة، خاصة بعد أن تمكنت هذه الفصائل الثائرة، مؤخراً، من السيطرة على محافظة إدلب بأكملها، وهي ما زالت قادرة على مقاومة جنون حزب الله اللبناني في القلمون، بل إنها تمكنت من تكبيده خسائر كبيرة، ما جعله، هو الآخر، يستنجد ببعض المرتزقة ليشكلوا ما يمكن تسميته خط دفاع أول له في وجه جيش الفتح.
وكانت بعض الفصائل في الجبهة الجنوبية في درعا الخاضعة لسيطرة الجيش الحر قد استعرضت قوتها على الملأ، وقدمت عرضاً عسكرياً لجيش متماسك تلقى تدريبا جيدا على أيدي ضباط منشقين، وهو لا يبعد بطبيعة الحال عن دمشق سوى مئة كيلومتر، تضاف إلى ذلك بكل تأكيد الكتائب والفصائل المختلفة في غوطة دمشق، والتي ينضوي بعضها تحت لواء جيش الإسلام.
كل هذه التطورات تجري على الأرض السورية، بينما توقفت عجلة الجهود الدبلوماسية تقريبا، ولم تعد ثمة في الأفق مبادرات من أي نوع لتقديم حل إسعافي أو ربما جراحي سريع لإنقاذ ما تبقى من سوريا.
وفيما كانت الأنظار تتجه إلى العاصمة السعودية الرياض على أمل رؤية دخان أبيض يبشر بالبدء جدياً بعمل عسكري على غرار ما حدث في اليمن، فإن المنتظر، بعد مؤتمر القاهرة الذي عقد مؤخرا والذي وصف بالخلّبي، أن تستضيف العاصمة السعودية الرياض اجتماعا موسعا للمعارضة السورية يبحث مستقبل سوريا ما بعد الأسد، وهو الإشعار الأول الذي أرسلته المملكة العربية السعودية لتؤكد، من خلاله، أنها تأخذ الأمور على محمل الجد وهي لن تترك إيران تستفرد بسوريا، بعد أن نجحت بالاشتراك مع حلفائها في تقليم أظافرها في اليمن، وتحطيم طموحها التوسعي.
وإن كان التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية قد فشل، حتى الآن، في الحد من خطورة تنظيم الدولة الإسلامية ومنع تمدده، عموديا وأفقيا، داخل الأراضي السورية، ناهيك عن الأراضي العراقية، فإنه بات من شبه المؤكد أن المستفيد الوحيد من تمدّد هذا التنظيم هو نظام دمشق الذي ما زال يبني آمالا على ما يبدو بأن تمتد إليه يد التحالف ليكون شريكا في محاربة تنظيم داعش، ولذلك فإنه لا يفوت الفرصة في منح التنظيم تفوقا على حساب قوات الثوار، وهو يقدم الغطاء الجوي للتنظيم أثناء تمدده، وحتى لو أدى ذلك إلى وصوله إلى دمشق.
وبهذا فإن الأطراف جميعا قد تلتقي في دمشق، حيث ستكون ساحاتها التي شهدت أولى المظاهرات ضد حكم الأسد على موعد مع صدام سيكون، في النهاية، كفيلا بإنهاء ما بات يعرف عالمياً بالمأساة السورية، أو ربما ليزيدها مأساوية وتعقيدا.
انتهى بشار، وجميع العواصم المعنية تبحث عن بدائل لمرحلة ما بعد النظام الذي يلفظ أنفاسه. خرجت ثلاثة أربع سوريا عن سيطرته: قسم كبير منها سلمه الى تنظيم "داعش" في محاولة يائسة لخلط الأوراق، وإعادة إحياء معادلة سقطت منذ مدة، كانت تقول إن النظام يجب ألا يسقط لأن البديل سيكون الإرهاب. وهذا ما أطال عمر النظام بتضافر عاملي الدعم الهائل لإيران وروسيا، ومنع الولايات المتحدة الدعم عن فصائل الثورة. القسم الآخر سقط بالقتال بيد فصائل الثورة المتنوعة التي استطاعت في الأشهر الأخيرة أن تردم جانباً كبيراً من خلافاتها، وأن تتحالف في أطر عسكرية أكثر تنظيماً وفاعلية، مما انعكس على جبهات القتال في الشمال فيم حافظة ادلب وريف اللاذقية، وفي الجنوب في درعا والمعابر الحدودية. أما في الوسط في القلمون فقد تحوّل هجوم "حزب الله" الى حرب استنزاف مكلفة جداً، ولا انتصارات.
لم يعد البحث في المحافل الدولية عن حل مع بشار الأسد، كما كان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يقول قبل عام، على أساس أنه أهون الشرين. أصبح البحث عن حلّ من دون بشار، كما أفادت صحيفة "ديلي تلغراف" في تقرير كتبه كون كوغلين. ففي قمة الدول السبع الكبرى طرح موضوع نفي بشار الأسد الى الخارج بجدية، وأن إمكان تحقيق حل سياسي بات أكبر مما كان قبل أشهر. وأن التوصل الى تفاهم بين الغرب وروسيا يقوم على مبدأ إخراج بشار من الحكم قد يكون أفضل سبيل لمواجهة "داعش" في المرحلة المقبلة. وبحسب الكاتب عينه، فإن تقديرات يتم تداولها في العواصم الكبرى تفيد أن النظام يوشك على الانهيار التام في كل مكان، وأن الايرانيين الذين يقاتلون بكل ما يملكون من امكانات لحماية خطوط امداد "حزب الله" في لبنان، قد يكونون مستعدين لترك بشار لمصيره اذا جرى ضمهم الى تفاهمات يحفظون من خلالها مصالحهم في لبنان. بمعنى آخر، ما يهمّ الايرانيين هو مصير "حزب الله" قبل أي شيء آخر.
في مطلق الأحوال، فإن التطورات المتسارعة من الشمال السوري الى جنوبه تشي بعلامات انهيار وشيك للنظام، وخصوصاً أن الأخير ما عاد يملك من خيارات سوى فتح معابر آمنة لتنظيم "داعش" نحو كل المناطق الحساسة في سوريا لوضعه في مواجهة الثوار من ناحية، ولإشاعة فوضى شاملة. ولعل الوضع الحساس لمحافظة السويداء الذي يقوم النظام بإفراغها من القسم الأكبر من قواته وفتح طريق لـ"داعش" أملاً في دفع الدروز الى حسم القتال في صفوفه، يكشف لأبناء جبل العرب حقيقة الفخ الذي ينصبه لهم النظام لتوريطهم في حرب سبق أن خسرها مع الثوار.
انتهى بشار، ولو تأخر رحيله بعضاً من الوقت، ولذلك فإن كل الحروب التي تخاض لمنع السقوط المحتوم لن ينتج منها سوى مزيد من الموت والدمار. هذا ما ينبغي ان يدركه "حزب الله" الذي يخوض حرباً بلحم الطائفة العاري ولا يرف لقادته جفن أمام هذا السيل من النعوش العائدة من ساحات الانتصارات الوهمية. استيقظوا.
قبل أن يذهب الفكر بعيداً تعتبر الجريمة التي ارتكبت من بعض عناصر جبهة النصرة في بلدة "قلب لوزة" في ريف ادلب هي جريمة نكراء و مستهجنة و غير مقبولة و يجب أن يتم حساب مرتكبيها أمام الجميع و أن ينالوا قصاصاً عادلاً ، و أن يكونوا عبرة لغيرهم لعدم التمادي على المدنيين من كل الطوائف و الملل و الأعراق .
بعد هذا التأكيد أستطيع أن ألج إلى الموضوع بشكل مباشر ، هو سرعة الإدانة التي تلقتها هذه الجريمة النكراء من قبل الجميع ، و لا سيما من قبل الائتلاف الذي يعتبر الممثل الأكثر ظهوراً للثورة السورية ، ظهوراً و ليس حضوراً ، ظهوراً و ليس فعلياً ، ظاهرياً و ليس واقعياً .
السرعة في الإدانة و الشجب و التأكيد على مساواة كافة مكونات الشعب و ضرورة رص الصفوف و نبذ التطرف و الكره و العداء ، كما اعتاد على هذه المصطلحات اتجاه كل عمل يرتكبه فصيل بعينه ، و كأنه ينتظره ليسقط حتى يوجه له سهام االنقد .
ليس دفاعاً عن النصرة ، و ليس تمجيداً بها ، و ليس مهاجمة للائتلاف ، و إنما التصرفات التي يقدم عليها الائتلاف ، و يعمل من خلالها تجعل الحنق يركب الجميع ، و يحوله لكافر بالسياسة و الساسة و يفقد أي أمل مهما كان صغيراً بأن يكون هناك سياسيين قادرين على إدارة دفة سوريا الحرة في المستقبل.
ففي الوقت التي تحتاج تصرفات بعض الفصائل التي تملك أذرع لها في الائتلاف آلاف الحسابات و الدراسات حتى يظهر بيان إدانة أو شجب أو مجرد تذكير أن ما يحدث فيه شبه الخطأ ، نجد الائتلاف بكامل هيئته يصب جام غضبه على النصرة للجريمة التي حدثت ، و ليست المرة الأولى ، ففي كل مرة تخطئ النصرة يكون الائتلاف لها بالمرصاد ليدين و يشجب و ينّفر ، وكأنها رجس لا يجب الإقتراب منه أو الحديث عنه إلا بالسلبي .
الائتلاف الذي يسعى لكسب ود العالم من خلال إدانة النصرة كونها ذراع القاعدة في سوريا ، فشل و يفشل و مستمر في الفشل في كسب لو واحد بالألف من شعبيتها ، و فشل في أن يكون ممثل للثورة و السوريين ، وفشل في الدفاع عن حقوقهم و مكتسباتهم ، بل دائماً يهتم بآراء العالم أجمع إلا الشعب السوري ، دائم يلهث وراء الرضا العالم و لو كلفه ذلك سخط كل السوريين .
ليس الهجوم دفاعاً عن النصرة أو أي فصيل آخر ، و إنما هو إشارة إضافية للائتلاف بأعضائه و هيئاته التي رغم كل التنازلات و الصمت على التجاوزات بحق الشعب السوري ، لم يحصل على أي اعتراف من أي دولة بشكل رسمي و فعلي ، و إنما عبارة عن كلام على ورق ، و لا يحق له أن يمثل سوريا ولا داخل اجتماع متعلق بالمخيمات ، و غير قادر على مساعدة أي سوري بأي مكان .
لازالت قضايا السوريين في مختلف بقاع الأرض عالقة و معلقة بنظام قاتل و فاسد بسب عجز الجهاز العام للمعارضة بكل أصنافها بمافيها الشكل الائتلافي ، و لا تستطيع أن تزود عن أي سوريا و لو داخل مكاتبها ، و لا يمكنها أنة تزوده و لو بكسرة خبز ، فالمصاريف التي تحتاجها لموظفيها و مؤتمراتها ، هي أهم حتى تظهر بمظهر الدولة الفارغة .
و صدق من قال أن الائتلاف هو كالنظم العربية لاتتحرك مالم يتم تحريكها من الخارج ، و إن تحركت يكون سكوتها و صمتها أوجب.
في ظل التطورات الميدانية الأخيرة التي أظهرت تراجعاً كبيراً في قدرة جيش بشار الأسد على الصمود، وارتفاعاً في مستوى التنسيق بين قوى معارضة متنوعة، وكشفت الترابط المباشر وغير المباشر بين نظام دمشق و»داعش»، وزادت من ضغوط مطالبي الإدارة الأميركية بالتحرك للتعجيل بسقوط النظام، سارعت إسرائيل إلى تكرار «كلمة السر» في الأزمة السورية: الوضع الحالي مريح بالنسبة إلينا واستمرار القتال سنوات أخرى يريحنا أكثر.
وفي الواقع، لم يكن باراك أوباما بحاجة إلى هذا التذكير بأن استمرار الحرب في سورية مصلحة إسرائيلية بحتة، لأنه مقتنع أصلاً بأنه مصلحة أميركية. وهذا يعني انه سيخيب أمل المتفائلين بدور أميركي أكبر بعد اشتداد الخناق على بشار الأسد، ولن يطلق «رصاصة الرحمة» على نظامه، بل سيحرص على بقائه معلقاً بين الحياة والموت، إلى أن تحين فرصة قطف فوائد رحيله.
وتبدى هذا الهروب الأميركي المتواصل من «الاستحقاق السوري» جلياً خلال قمة «مجموعة السبع» في ألمانيا قبل أيام، عندما سرب الأميركيون معلومات عن سيناريو خيالي يقوم على منح الروس اللجوء إلى الرئيس السوري والإتيان بشخصية علوية (لا أحد يعرف من هي ولا من أين ستأتي ولماذا يجب أن تكون علوية)، لتشكيل حكومة جديدة تلقى قبول موسكو وواشنطن وتشكل غطاء سياسياً وعسكرياً للحرب على الإرهاب.
لكن الذين استفسروا عن «الجديد» في الموقف الأميركي، اكتشفوا بأنه ليس سوى حلقة في سلسلة الهروب وإلقاء المسؤولية على الآخرين لتبرير عدم القيام بأي خطوات جدية، وخصوصاً أن روسيا لم تدع أصلاً إلى قمة ألمانيا التي انتهت بتقريعها على دورها في أوكرانيا، وتهديدها بمزيد من العقوبات. ويعرف الأميركيون تماماً أن الروس لا يفصلون بين ملفات السياسة الخارجية وخصوصاً ملفات سورية وأوكرنيا والإرهاب، فكيف ينتظرون أن توافق موسكو على خطتهم، إذا كان هذا ما يسعون إليه فعلاً، ولماذا «تبرئة» أطراف أخرى، مثل إيران، من المسؤولية؟
وكان ضباط أميركيون طالبوا معارضين سوريين بدأ تدريبهم على الأراضي التركية قبل أسابيع قليلة، بتوقيع وثائق يتعهدون فيها عدم محاربة الجيش النظامي، وقصر عملياتهم على مواجهة «داعش»، وإلا حرموا من الدعم اللوجستي والتغطية الجوية التي لم يتحدث عنها سوى الأتراك، فيما تؤكد واشنطن أنها لا تزال تعارض بشدة اقامة أي منطقة حظر جوي في شمال سورية لحماية المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة.
ويكرر المسؤولون الأميركيون أن بلادهم لا تريد أن يكون لها أي دور مباشر في الإطاحة بالنظام، وان هذه المهمة يجب أن تكون «سورية مئة في المئة»، متناسين أن الأسد ما كان ليصمد لولا الدعم الروسي والإيراني غير المحدود عسكرياً واقتصادياً، ولولا مشاركة ميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية وإيرانية في الدفاع عنه. أي أن الحياد الذي يدافعون عنه معمول به من جانب واحد فقط.
وترد واشنطن على منتقديها بالقول إن نظام الأسد لا يشكل أي تهديد أمني للولايات المتحدة، على عكس القسم الأكبر من معارضيه، وأن الحرب في سورية، على ضراوتها وبشاعتها، لم تشهد منذ اتفاق تسليم الأسلحة الكيماوية، تطوراً يدفع أميركا والمجتمع الدولي إلى التدخل، وانه ليس هناك بعد أي تهديد بحصول مجازر جماعية بحق أقليات أو حشر مجموعات طائفية أو اتنية في مناطق معزولة بهدف الإجهاز عليها.
وفي ذلك إنكار غير منطقي لدور النظام السوري في اختراع «داعش» ودعمه وتعزيز قدراته، سواء بالتسليح أو التمويل غير المباشر (شراء النفط) أو بإطلاق مئات المتطرفين من السجون للالتحاق بصفوفه.
ومع أن تهديد التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق قائم ويتزايد، إلا أن أوباما نفسه اعترف بعد لقائه رئيس وزراء العراق حيدر العبادي الاثنين الماضي بأنه ليس لدى إدارته «استراتيجية متكاملة» لمحاربة «داعش»، ما يعني أن الكلام المسرب عن احتمال التغيير في سورية للتفرغ لمحاربة التطرف لا أساس له، وان نظام الأسد باق بحماية إسرائيلية – أميركية مشتركة، حتى إشعار آخر.
بعد سنوات من غيابها عن الساحة الإعلامية تعود بلدات جبل السماق في شمال إدلب الى واجهة الأحداث بقوة على خبر مفاده إرتكاب جبهة النصرة مجزرة بحق العشرات من أبناء بلدة " قلب لوزة " أحد قرى الطائفة الدرزية في جبل السماق وتهافت إعلام النظام والأعلام المحسوب على الثورة المناهض لجبهة النصرة لتضخيم الحدث ونشر الأخبار التي تفيد بمجازر ومذابح ترتكب بحق الطائفة الدرزية في شمال سوريا.
وحسب ما أفاد ناشطون أن القضية لا تتعدى كونها خلاف بين مجموعة امنية لجبهة النصرة كونها معنية بحماية المنطقة وعائلة من أهالي بلدة قلب لوزة رفضت تسليم منزل لأحد الشبيحة العاملين مع النظام حسب اتفاق مسبق بين النصرة والأهالي لتسليم منازل الشبيحة والعاملين مع النظام من أبناء الطائفة للنازحين الهاربين من مناطقهم الى المناطق الحدودية مع تركيا وأن الخلاف تطور لشجار دفع أحد شباب القرية لحمل السلاح واستهداف الدورية ما أوقع قتيلين من جبهة النصرة والتي ردت بالمثل فوقع عدد من القتلى في صفوف الطرفين تحدثت المصادر العدد النهائي وصل لقتيلين من النصرة وسبعة من أهالي البلدة شاركوا في الاشتباك لتدخل بعدها عدة فصائل كحركة أحرار الشام ووجهاء من الطائفة الدرزية وتحل الخلاف وتتوعد بمحاسبة المسؤولين.
ولكن هذه القضية استغلت من عدة أطراف بالتزامن مع نداءات عدة للطائفة الدرزية ولاسيما في جنوب سوريا لإعادة ترتيب اوراقها واتباع سياسة التصالح مع أهل حوران بعد سقوط اللواء 52 بيد ثوار درعا وإدراك النظام استحالة بقائه في السويداء المركز الرئيسي للطائفة الدرزية فعمل على نقل قطعاته العسكرية منها وهذا ما تحفظت عليه الطائفة وحاولت منع النظام من اخراج السلاح من المحافظة وسط حالة توتر بين الأطراف ودعوات من قيادات معروفة برمزيتها بين أبناء الطائفة لترك النظام والتحرك ضده كان على رأسها رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وليد جنبلاط الذي استنكر في بيان صادر عنه الحادثة متهماً أطراف عدة بتضخيمها وأن" المعلومات التي تم الترويج لها مغايرة للحقيقة خصوصاً لناحية ما تم تداوله عن ذبح تعرض لها الموحدون الدروز، ويوضح الحزب أن ما حصل هو إشكال وقع بين عدد من الأهالي في بلدة قلب لوزة في جبل السماق وعناصر من جبهة النصرة حاولوا دخول منزل أحد العناصر الذي يعتبرونه مواليا للنظام السوري، وقد تطور الإشكال إلى إطلاق نار أوقع عددا من الشهداء. ولقد تم تطويق هذا الإشكال ووضع حد له في إطار من التواصل والتعاون مع كل الأطراف الفاعلة والمعنية".
وتعتبر منطقة جبل السماق الواقعة في شمال سوريا على الحدود التركية مع محافظة إدلب موطناً لأكثر من عشرين ألف مواطن من أبناء الطائفة الدرزية توزعوا في خمسة عشر قرية صغيرة أهمها " بنابل - قلب لوزة " في منطقة جبلية تمتزج بها حضارات القدامى بالحاضر من خلال عشرات المباني الأثرية والكنائس التي يعود وجودها لعصور بعيدة وقد اتبع أهالي هذه المناطق سياسة الحياد وعدم مساندة النظام أو التعاون معه إلا من كان في مناطق النظام وحافظ على ولائه له فلم تدخل هذه القرى في محاربة الثورة بل كان لها مواقع عدة مؤيدة للثوار والثائرين في الشمال وموطناً لعشرات العائلات من طوائف مختلفة هجرت من مساكنها لتلقى المودة والاستقبال لدى أبناء الطائفة التي فتحت أبوابها لاستقبال النازحين وهذا ما دفع أغلب الفصائل للتواصل مع مشايخ ووجهاء الطائفة وقدموا لهم العطاء والمساعدات الغذائية وبعض المشاريع الخدمية كحفر الأبار لاستجرار الماء وغير ذلك من الخدمات فكانوا جزاً لا يتجزأ من نسيج محافظة إدلب والذي حافظوا عليه رغم كل محاولات النظام لزجهم في الصراع ضد الثورة وضرب النسيج المتنوع في المحافظة ولكن كل محاولاته فشلت ليقين الطائفة الكامل في الشمال أن من يحميهم ويؤمن العون لهم ولأبنائهم هو من يستحق الوقوف معه ولو بالكلمة إذ لم ينخرط شباب الطائفة في الحراك المسلح ضد النظام أبداً واكتفوا بالتأييد للمطالب المشروعة للشعب السوري الثائر.
ويرى متابعون أن إثارة الخلاف بين جبهة النصرة التي تتولى حماية هذه المناطق منذ أكثر من عام بعد أن كانت تحت حماية جبهة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف الذي التقى بوجهاء الطائفة وقدم لهم التطمينات والمساعدات مراراً هدفها زعزعة الوضع المتوتر بين النظام ورأس الطائفة في السويداء وايصال رسالة للطائفة الدرزية أن مصير الأقليات في خطر إن وقفوا ضد النظام الحامي لهم حسب إعلامه وأن الفصائل الإسلامية الزاحفة الى السويداء مع فصائل الجيش الحر ستقتل أبنائهم وتسبي نسائهم في حال سقط النظام فكانت هذه الحادثة والتي نظر إليها البعض أنها بفعل عملاء للنظام عملوا على التعرض للنصرة التي ردت بقوة لاستغلال هذه الحادثة بشكل كبير في إيصال أول رسالة للأقلية الدرزية في سوريا عامة وليس في إدلب وهذا ما حصل وتناوب على ترويجها وتضخيمها الإعلام الحاقد من عدة أطراف.
مع تقليب أوراق و مخرجات مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية ، نجد الغياب التام لأي فكرة أو منطق للمحاسبة وإحالة من قتل و دمر و شرد و هجّر ملايين السوريين ، من اعتقل و غيّب مئات الآلاف ولازال كذلك ، غيابٌ تام لأي حديث عن إنهاء كل الطغمة الموجودة حالياً ، و قطع دابر أي بقايا لها مهما كانت صغيرة أو كبيرة.
في مؤتمر القاهرة لم يتم التطرق إلا لشيء وحيد "لامكان للأسد في شخصه في مستقبل سوريا" ، "إلغاء الوجود" لا يعني أن يتم محاسبته ، أو حتى مسائلته على ما فعله ، إلغاء وجوده في المستقبل كشخص ، لا كهيكل ، لا كنظام ، لا كمجموعة حكم فاسدة و مفسدة ، و الأهم قاتلة و مشردة و مُغيّبة ، مجموعة كانت سبب بإنهاء أي مستقبل للحياة لكافة السوريين ، كل هذا يكون طبيعي إذا ما علمنا أن حتى إدراج "لامكان للأسد في مستقبل سوريا" كان بحاجة لسيل من النقاشات و الخلافات حتى خرج بهذا الشكل وفق المثل : "لايموت الديب و لايفنى الغنم" .
في مؤتمر القاهرة الذي ضم 200 شخصية معارضة كأشخاص لا هيئات ، كأفراد لا جماعات ، كدعاة سلام لا حرب ، كمنادين للحرية تحت أي راية إلا راية الثورة ، كمجتمعين تحت ثوب الدكتاتورية العسكرية ليصلوا إلى الحرية المعسكرة .
في مؤتمر القاهرة دعوا من يريد السلام و الحرية ، للإنضمام لهم و تأييد وجهة نظرهم ، وعليه أن يترك دمه يسال و أخوانه الذين قتلوا في قبورهم دون الإقتصاص من المجرم ، فالحياة التي ينشدون لاتحتمل تلك الترهات ، فالحرية التي ينشدون مقبولة لو شارك بها المستبد ، فالحرية التي يركضون ورائها لا مكان فيها لأي حديث عن ظلم و ظالم و مظلوم ، وكذلك عن دم يسيل و نهر جارٍ من القهر ، فالحرية التي ينشدون مبنية على المسامحة لجميع القتلة ، و منحهم مكافئة بالمشاركة بالحرية الجديدة .
من الينود الـ27 لمؤتمر القاهرة يتم التركيز على سوريا المستقبل ، التعددية ، البرلمانية ، الديمقراطية ، التشاركية ، المساواة التامة بين الجميع ، وحتى المساواة بين القاتل و المقتول ، و مشاركة القاتل في حكم المقتول من جديد ، الحرية المصبوغة بدم المقتول و يحمل رايتها القاتل .
الحرية في مؤتمر القاهرة هي محاربة "التنظيمات الإرهابية " ، من خلال الإنضمام و التوحد بين القاتل و المقتول ، ليعود القاتل ليقتل المقتول مرات و مرات ، يبدو أن المؤتمرون في القاهرة ، لم يعرفوا الإرهاب و لم يحددوه ، لذا سهلوا الأمر على أنفسهم ، و إختاروا تعريف القاتل له ، و ساروا على طريقه .
في مؤتمر القاهرة ، يبرئ الأسد و يمنح جائزة نهاية خدمة ، و يمنح رجالاته البراءة و التقديس ، و العودة من جديد لقيادة الدفة ، بمشاركة رافضي "الإرهاب" ...
في مؤتمر القاهرة لامكان فيه لـ"الإرهاب" ... في مؤتمر القاهرة لم يكن هناك مكان لـ"المقتول" .. في مؤتمر القاهرة قتل و إرهاب و إنهاء أي وجود لقيادة مستقبلية لسوريا مترابطة مع الشعب ، و لن تكون هناك قيادة سياسية مالم تقتنع بأن "المظلوم لم يهنئ مالم يتيقن و يرى عقوبة الظالم ..."
ترسخ في عقول السوريين مصطلح معارضة تماشياً مع المصطلح الغربي للكلمة، فكلمة معارضة تعني أن شخص أو حزب أو عدة أحزاب أو تيارات أو كتل داخل الدولة تعارض الحكومة "الشرعية" الحالية على مبدأ أو قرار معين أو حتى طريقة إدارة للبلاد.
تعمل المعارضة بشكل رسمي داخل الدولة وقد تكون داخل مؤسساتها أحياناً ولها نشاطات داخلية وخارجية تتصرف كحكومة وتطرح لأنصارها بدائل وإصلاحات وتكون أنشطتها داخل البلاد غالباً، وتدخل الانتخابات وتنافس أو تشارك باقي الأحزاب على إدارة البلاد وحكمها، وهو مصطلح شائع طالما ارتبط هذا بحزب بعينه أو مجموعة معينة تطلق على نفسها معارضة. أحياناً هذه المعارضة لاتحصل على مطالبها بالشكل السلمي وتتحول لمعارضة مسلحة ومن ثم حرب "أهلية" داخلية بين أنصار المعارضة وأنصار الحزب الحاكم الحالي للبلاد. أكبر خطأ وقعنا فيه نحن كسوريين أننا تناولنا هذا المصطلح "المعارضة" و اعتمدناه في بعض مؤسسات الثورة السورية.
الثورة بعيدة كل البعد عن المعارضة. الثورة هي حراك شعبي اجتماعي ينتج عن مجموعة من العوامل التي خلفتها حكومة ديكتاتورية لا تعترف بمعارضة ولا بقانون ولا أحزاب سياسية ولا تطلعات شعبية. الثورة هي غضب وهي وليدة الشعب ويقودها الشعب وتلد عنها مؤسسات ثورية، والثورة دائماً تكون خارجة عن سلطة الدولة ولا تخضع لقوانينها بل هي ثارت على هذه القوانين القمعية الديكتاتورية.
خرج الشعب السوري قبل أربعة أعوام بثورة شعبية دون تنسيق وقيادة وليس له هدف سوى التغيير الكلي الجذري من نظام استبدادي استعبادي يحكم البلد لأكثر من 40 عام مع أن الحكم فيها يخضع لقانون الانتخابات إلا أن الانتخابات محرمة على الشعب؛ إلى نظام سياسي جديد يؤمن بحق الجميع وبدولة ديمقراطية تخدم كل الشعب لا لنظام سياسي مختزل لخدمة ومصلحة عائلة الأسد. طوال فترة حكم آل الأسد من حافظ الأب لبشار الإبن لا بديل لـ"حزب البعث العربي الاشتراكي" وهو الحزب الوحيد والذي يخضع له كل السوريين بالقوة وإلا لا مدارس ولا وظائف في الدولة لهم وحتى بعض المؤسسات الخاصة عليك أن تكون "بعثي" لتنال وظيفة فيها، لذا هذا الحزب الوحيد هو من يتحكم بالدولة وكل مؤسساتها العامة وأغلب الخاصة ويدير الجيش والشرطة والتعليم والقضاء ولايمكن أن يشكل ضده أي حزب يعارض سياسته أو طريقة تعامله طالما درس المواطن السوري في كل الكتب والمراحل الدراسية أنه "قائد الدولة والمجتمع" وأنه صاحب التصحيح والحركات النضالية.
لم نكن في سورية كالدول الديمقراطية التي ترسمها الانتخابات ويقودها ويغيرها صوت الشعب كل فترة انتخابية، ولم يكن لدينا العديد من الأحزاب التي تتنافس فيما بينها لكسب أصوات الشعب، كانت سورية عبارة عن مزرعة يحكمها حزب واحد و مالك واحد يستعبد الناس ويسلب طاقاتهم ويسرق مقدراتهم دون أن يجرأ أحد على معارضته حتى داخل منزله بل حفظ السوريون أن "الحيطان لها أذان" ذلك خوفاً من أن يسمعنا أحد ننتقد الحاكم ونصبح طي النسيان في المعتقلات. على هذا خرج السوريين "ثورة" للتغيير بداية بالطرق السلمية وقابلها نظام الأسد بالقوة والقتل وأجبرها على حمل السلاح لحماية نفسها وتحرير أراضيها بالقوة من نظام لا يؤمن بمطالب الشعب.
كل هذه الأمور استدعت تشكيل جسم سياسي لقيادة ثورة الشعب وغضبه وتنظيمه وإيصال صوته للمجتمع الدولي، فبدأنا بالمجلس الوطني ووصلنا للائتلاف الوطني لقوة الثورة والمعارضة، تعرض هذا الإسم لانتقاد الشباب السوري الثائر، فالائتلاف ليس حزب بعينه وهو مجموعة أحزاب وتيارات معترف به أنه ممثل للشعب السوري ومحاور عنه في المحافل الدولية من أكثر من 100 دولة حول العالم. خطأ هذا الإسم كبير حيث أنه حولهم من جسم يقود ثورة الشعب لجسم معارض يقود مطالب بعينها ويجرده من تمثيل كل الشعب ويختزله بطرف من أطراف الأجسام السياسية الأخرى.
حتى على مواقع التواصل الإجتماعي للأسف، ترى بعض الأشخاص من يسمى نفسه أو غيره معارضاً، أو تلاحظ الشبكات الإخبارية "الثورية" تنقل خبر عن تقدم أو تراجع للمعارضة على الأرض أو حوار بين المعارضة والنظام، ناسفين عظمة كلمة "الثوار" وما تحمله من معاني نبيلة وأهداف عظيمة. وتسحب البساط شيئاً فشيئاً عن شرعية ثورة الشعب العظيم.
سنصل في سورية بعد الكفاح والثورة القائمة لدولة مدنية ديمقراطية تؤمن بحقوق الشعب وأنه صاحب الشرعية في البلد، يقود الشعب أحزاب سياسية تعارض وتنافس بعضها بمشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، تصب في خدمة الشعب الذي حرر البلاد من نظام الإستبداد، تعمل هذه الاحزاب ضمن القوانين داخل البلاد ككل الدولة الديمقراطية، وتركيا وأحزابها وانتخاباتها الاخيرة مثالاً.
فما يحصل اليوم في سورية أنها ثورة شعب كامل للتغير والتحرير لا تختزل عظمتها بوصف معارضة ولامؤسساتها بأحزاب معارضة!
عقد وزراء وممثلو 24 دولة من أعضاء «التحالف الدولي ضد الإرهاب» مؤتمراً تقويمياً لعمله مطلعَ الاسبوع الماضي في باريس. مع انعقاد المؤتمر كان طيران «التحالف» قد أنجز اكثر من 4100 غارة على مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية – داعش» ومقاتليه، معظمها في العراق وقلّة منها في سوريا.
مردود الغارات كان محدوداً للغاية، الدليل؟ تمّدد «داعش» في العراق إلى الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، وفي سوريا نحو مدينة تدمر ذات الموقع الإستراتيجي بين حمص في الوسط ودمشق في الجنوب، ثم أخذ بالتمدد نحو ريف حلب الشمالي وإلى مدينة الحسكة في شمال البلاد الشرقي، وإلى محافظة السويداء في طرفها الجنوبي الغربي.
عشية انعقاد مؤتمر باريس حرص رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على كشف هزال فعالية «التحالف الدولي» بقوله «إن الحملة الجوية ليست كثيفة بما يكفي، كما أن مراقبة «داعش» ليست فعالة (…) ونحن لا نحصل من التحالف الدولي لا على أسلحة ولا على ذخائر ولا على معلومات جوية كافية».
كل هذا التشكّي والتنديد لم ينفع. فما جرى الاتفاق عليه في المؤتمر كان المزيد من الشيء نفسه: مواصلة الضربات الجوية المحدودة، والضغط على الحكومة العراقية لتحجيم دور «الحشد الشعبي» في مقاتلة «داعش»، والدعوة إلى توسيع مشاركة القبائل السنّية في القوات المسلحة وفي دوائر السلطة.
بلى، ثمة شيء جديد، فقد تضمّن البيان الصادر عن المؤتمر نصّاً غريباً: «النظام السوري لا قدرة له ولا رغبة لديه في محاربة داعش»! الأغرب من النصّ موافقة العبادي وتوقيعه عليه. هل هذا هو موقف حكومته فعلاً؟ إذا كـان الامر كذلك، ما تفسيره لقيام مسؤول الإعلام في «الحشد الشعبي»، وقد اضحى بحسب قول العبادي نفسه «هيئة رسمية تابعة للحكومة»، بالإعلان عن اعتزام «الحشد» التقدم إلى الحدود العراقية – السورية بعد فراغه من تحرير الرمادي؟ هل تمّ الاتفاق ضمناً بين دول «التحالف» في مؤتمر باريس على اعتبار «داعش» عدواً لها في العراق وحليفاً في سوريا؟
الحقيقة أن سلوكية «التحالف» في العراق، ولاسيما قائده الامريكي، تشي بما هو أخطر من هذا التصنيف المريب لـِ»داعش»، ذلك أن واشنطن هدّدت «الحشد الشعبي»، عشية هجمة «داعش» على الرمادي، بقصف وحداته المقاتلة إذا ما تدخلت في المعركة لمساندة الجيش العراقي.
اكثر من ذلك، طائرات «التحالف» لم تقصف ارتال «داعش» المتجهة لمهاجمة الرمادي، كما احجمت عن قصفها ابّان زحفها الطويل في البادية المكشوفة عند اجتياحها تدمر، ثم ها هي كتائب «داعش» اليوم تهاجم مدينة الحسكة، فلا يقصفها طيران «التحالف»، وتطارد فصائل المعارضة السورية «المعتدلة» شمال حلب وتقصف مواقعها، وتقترب من معبر باب السلامة على الحدود مع تركيا، فلا طيران التحالف يتدخل ولا الجيش التركي يفعل، لماذا؟ هل لذلك علاقة باستراتيجية أمريكية كبرى تتناول المنطقة؟
يبدو أن لسلوكية دول «التحالف الدولي»، ولاسيما الولايات المتحدة، إزاء «داعش» دوافع تتعلق بإيران وأخرى تتعلق بـِ»اسرائيل»، فواشنطن تخوض صراعاً دبلوماسياً مع ايران من اجل اقناع حكومتها بتوقيع اتفاق نووي نهائي قبل آخر الشهر الجاري يستجيب للشروط الامريكية، ولاسيما لجهة القبول بتفتيش منشآتها العسكرية واستجواب علمائها النوويين. لذلك، من المنطقي والممكن جداً أن تتواطأ واشنطن ضمناً مع «داعش» أو تكتفي بغض النظر عن انشطته التوسعية بغية توظيفها في استنزاف حلفاء ايران الاقليميين في العراق وسوريا ولبنان للضغط عليها وحملها على الاستجابة لشروطها الاساسية في «الاتفاق النووي النهائي».
الى ذلك، تنهض شكوك اخرى في احتمال أن تكون واشنطن في صدد تطمين «اسرائيل» لوقف حملتها على الاتفاق النووي المرتقب باختلاق وضع جيوسياسي جديد يصبّ في مصلحة أمنها القومي.. كيف؟ بمباشرة تنفيذ مخطط قديم– جديد يرمي إلى تفكيك العراق وسوريا إلى مجموعة من دويلات هزيلة وهزلية قائمة على أسس قبلية او مذهبية او إثنية وعاجزة تالياً عن تكوين قوة قومية رادعة للكيان الصهيوني.
ايران تنبهّت، على ما يبدو، إلى اغراض الولايات المتحدة القريبة والبعيدة، واستشعرت انعكاساتها السلبية على حلفائها الاقليميين وعلى أمنها القومي ايضاً، فبادرت إلى رفد العراق وسوريا بقوات برية كما بأسلحة متطورة لتمكينهما من صدّ «داعش» واخوته وبالتالي تعطيل مخططاتها الجيوسياسية الماثلة.
غير أن ثمة من يعتقد بين المراقبين أن للولايات المتحدة مخططاً اوسع مدى مما تقدّم بيانه: إنه استدراج ايران نفسها إلى ساحات صراعات طويلة في العراق وسوريا ولبنان بغية إنهاكها لتوافق، تحت الضغط، على اتفاق نووي يرضي واشنطن وحلفاءها.
هل يغيب هذا الاحتمال عن ذهن القيادة في ايران؟
اقتصت درعا من اللواء 52 الذي أذاقها الموت و الدمار خلال ثمان ساعات ، و تمكن ثوار درعا بعد صمت طال قليلاً بالعودة من جديد إلى ساحات الإنتصار ، معلنين العودة من جديد الدخول في المنافسة مع جيش الفتح في الشمال ، للظفر بجائزة من يوجه ضربات أقسى و أسرع لقوات الأسد و مواليه و مسانديه.
معركة اللواء 52 ليست بالمعركة الإعتيادية أو التي كان من المتوقع اطلاقها ، على أكبر مراكز الأسد في جنوب سوريا ، فهو لواء محصن بشكل قوي جداً و مجهز بأن يصمد و يقاتل لسنوات ، لكن لم تكن تلك السنوات إلا ساعات قليلة منّ الله بها على ثوار درعا بالإجهاز على كل ما يحيط به من حواجز و من فيه من عناصر ، لينهوا مركز قتل جديد و يرفع سيطرة الثوار إلى شبه كاملة في محافظة درعا .
درعا احتاجت لفترة من الزمن تخلف فيها الثوار عن المواجهة مع قوات الأسد و المليشيات الشيعية المساندة له ، بعد أن أشغلها داعش بمعاركة جانبية كعادته و عمل على إيقاف أي مخطط أو عملية ، اعتادت درعا و ثوارها توجيهها للأسد كل شهر.
اللواء 52 هي نقطة بارزة و خطوة قوية تحمل في مضمونها أن بقاء أي مركز للأسد و مليشياته داخل محافظة درعا ما هو إلا مسألة وقت ، والوقت هنا قد يكون قريب و قريب جداً فبداية قوية مثل اليوم ، بعد توقف لفترة ، هو دليل عافية اعتدناها في ثوار درعا ، و هو دليل همة كبيرة مخزّنة داخل قلوب و زنود الثوار في درعا ، فالموعد القادم درعا المدينة ، و خربة غزالة التي بدأ التمهيد اتجاهها ، و طبعاً سيكون موعد "قرفا" قريبا ، و الذي سيتناسب ، وفقاً للسباق بين درعا و الفتح ، مع ضرب القرداحة ، ليسقطا معاً كما سقط صاحب مقولة "تسقط القرداحة و لا تسقط قرفا" .
يفرض الثوار سيطرتهم على مزيد من الأراضي السورية ولا سيما في الشمال السوري في محافظة ادلب , فقد اعتاد المراقب أن يرى ميليشيا الأسد ومن معها و هي تفر كقطعان الغنم تاركة مواقعها باتجاه الساحل أمام زئير جيش الفتح , أنباء وصلت إلى مسامع الأسد صاعقة مدوية ما من شأنه إلغاء كل خياراته المتاحة وألاعيبه السياسية في إعادة فرض سيطرته على البقاع التي يخليها ,
وقد تعود على إظهار الوجه الجميل للمجتمع الدولي من وزراء للمصالحة الوطنية إلى دعوات لمحاربة الإرهاب محاولا توسيع مصطلح الإرهاب لكل من يمس من هيبته الشخصية باعتباره هو الدولة والدولة هو ( في نظره ) , وقد تصل في بعض الأحيان أن يتهم شخصاً ما بالإرهاب لأنه نظر من شرفة منزله فوقعت عيناه على مظاهرة مست من هيبته , أو اضطر لتقديم كأس شاي إلى مسلحين نصبوا حاجزا أمام بيته , فهذا العمل بنظره هو إعانة للإرهاب وبالتالي فهو إرهاب
ويخطئ البعض بالاعتقاد أن بشار الأسد لا يقيم وزناً للمجتمع الدولي بل على العكس, فهو عندما يصرف ثمن ذخيرة على حربه المسعورة ضد الشعب ليرة واحدة فإنه يصرف ضعفيها على تجميل صورته أمام العالم الرسمي من تسويقه لنفسه أنه بطل الحرب على الإرهاب , أو رعايته للعلمانية , أو حمايته للأقليات , أو العناية بحقوق المرأة , وهي مفاهيم مقدمة في العقل الجمعي الغربي ,
ويستغل ثغرات وهنات موجودة في القانون الإنساني الدولي لينفس بها عن حقده وحقد من والاه متكئاً على حلفاء يساعدونه في تسويق أكاذيبه ومنها طائرات الموت التي يرسلها لتعصف بأرواح الأبرياء مدعيا بأنه يقصف الإرهابيين فاتحا الباب أمام تأويلات فضفاضة أنه لم يتجاوز المعايير التي تخرجه عن الدفاع المشروع عن دولته ضد متمردين أرادوا أخذ السلطة عنوة لا عن طريق الانتخاب وهو الرئيس الذي قدم بالانتخابات .
ولكن دعنا نكن واقعيين أصبح العالم بأسره عالماً علم اليقين ادعاءاته وأكاذيبه ويعود ذلك إلى جهود الفرق السورية العاملة , التي عرضت نفسها للخطر و دخلت غمار الموت لتخرج للعالم بصورة أو فيديو أو دليل يثبت كذب ادعاءات الأسد وقد لا تخرج لتبقى شهيدة الحقيقة , وما يؤخر تحرك المجتمع الدولي عن إنقاذ سورية هي حقيقة العالم الرسمية والتي كانت وما زالت ترفع شعارات حقوق الإنسان لتتخذها مطية للتدخل في دول أخرى وتتخذ من حقوق المرأة والأقليات ذريعة للتغلغل في الدول وتوجيه سيرورة الحياة فيها لمصالح الدول المتدخلة ,
اذاً نستطيع القول أن الثورة السورية قد كشفت حقيقة العالم واضحة للعيان بعد أن اضطرته للتخلي عن قشرة الأخلاق التي كان ينادي بها ويسوق نفسه أنه قائم عليها ويسعى لنشرها في أرجاء المعمورة .
لكن وبعد صدمتنا بهذه الحقيقة المرة ماذا نحن فاعلون ؟
أمامنا خياران لا أرى لهما ثالثا :
1- أن نتمرد على المجتمع الدولي و ننغلق على أنفسنا ونقضم من نفسنا حتى نتلاشى فلا أحد يستطيع العيش في قوقعة منعزلا عن العالم وإن كان فلمدة محدودة في قياس عمر الأمم والشعوب لا سيما أن المجتمع الدولي أقفل جميع أبواب الاقتصاد والتكنولوجيا والعلوم والإعلام و الأمور الحربية إقفالا موصدا وجعل المفاتيح في أياديه حصراً
2- أن نستفيد من أعدائنا ونقلدهم في هذه الجزئية بمعنى أن نقابل العالم يشيء مما يريد , ونحن نبني ونؤسس لما نريد , ألا ترون كيف يحرص الإيرانيون على عدم قطع شعرة معاوية بينهم وبين الغرب وهم يبنون قنبلتهم النووية , و دعاوى بشار المتكررة إلى الصلح والتفاهم والحوار وأنه رجل الدولة المسؤول عن كل المواطنين بعيدا عن الطائفية وقد استطاع أن يغري الكثير بأنه المسالم المجدد ابن الجامعات الأوروبية الطبيب حتى من السوريين ومنهم سنة أيضا وفي الحقيقة هو ماهو و أصبح الجميع يعرف ما هو ,
الكاتب صلاح الدين
هل حدقتم في صورة الطفل الحلبي الذي تدلى من سقف إسمنتي مهدم، ملتصقا ببرميل متفجر سقط على منزله في حلب فدمر المنزل وقتله..
لا تخافوا!! لا أشلاء في الصورة..
إنها لقطة للجزء العلوي لصبي بالكاد يبلغ الثامنة، مديرا لنا جانبا من وجهه الذي غطته التربة، معلقا عبر سقف إسمنتي هوى بفعل البرميل الذي استقر معانقا إياه. تمعنوا في يده الصغيرة متهدلة قربه.
جسد الصغير ظاهر وغير مشوه، وكذلك البرميل استقر وكأنه يستهدف الصبي ولا أحد غيره. تجمد البرميل قرب جسد الصبي كما هبط من الطائرة فلم تخرقه سوى بعض ثقوب ودماء قليلة امتزجت بالرماد عليه.
قد لا نعثر على صورة تعكس الوضع السوري منذ أربع سنوات قدر هذه الصورة: هناك طفل حلبي هو حكاية السوريين، وهناك برميل متفجر هو يد النظام وآلته.
نحن عالقون هنا، عالقون بين الطفل والبرميل. ولا نبالغ إن اعتبرنا هذه الصورة أشبه بدرس عبثي لمن يريد أن يتعلم ألف باء المأساة السورية. ألم تبدأ الثورة السورية بأطفال رسموا على الجدران فعمد النظام إلى قلع أظافرهم وسجنهم؟ نعم.. نحن بشر نصاب بالإحباط وبالتشبع حتى من الموت ومن الألم ولربما فعلاً ملّ كثيرون من صور الموت السوري التي ما عاد هناك صور غيرها ترد من تلك البلاد. لكن هذه الصورة تعيد المعادلة السورية إلى جوهرها الأول: ماذا فعل نظام البعث بالشعب السوري، بصغاره قبل كباره..
مثل صورة الطفل الحلبي تجعل للموت، قصفا بالبراميل، وللألم الذي يسبق ذاك الموت، مسيرة يمكن مشاهدتها ومعاينتها، وهذا حتما أمر يفوق قدرة البشر على الاحتمال أو العيش معه، حتى ولو كان في مكان بعيد. هذه الصورة خلقت من دون شك معنى وعبرة، فنحن من شاهدها بات بوسعنا أن نصف حكاية الموت الذي عاشه هذا الصبي. فصورته معانقا برميل موته هي صورة البرزخ الذي يفصل الحياة عن الموت. إنها ألم تحول من تجربة طفل صغير إلى شعور عام ومشترك.
اليوم يناقش مثقفون وكتاب سوريون حقيقة أن السنوات الأربع الماضية باتت بمثابة ذاكرة قتل وموت جماعية موثقة بالصور، فبالفعل لا توجد حالة مصورة كما الحالة السورية. وصورة الصبي الحلبي تعني رسالة مباشرة غير ملتبسة لمن كان يشيح وجهه..
براميل النظام تسقط على رؤوس أناس حقيقيين.
إنها صورة جارحة توضح لنا ذاك الرعب الذي لا يستطيع معظمنا حتى تخيله.
قرابة المائة شخص سقطوا في قصف البراميل على حلب الأيام الماضية وحدها، والأخبار عن تلك البراميل وضحاياها لم تعد تغري لتتصدر صفحات الصحف وعناوين نشرات الأخبار وتحليلات الخبراء. لقد اعتدنا الموت وألفنا صوره، حتى تلك التي لا حدود لفظاعتها.
لم يعد الموت بحد ذاته خبرا أو تفصيلا مهما.. فلنواصل غرقنا في فك شفرة تنقلات قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني متنقلا ما بين العراق وسوريا معلنا أنه يحضّر مفاجأة. ولنتابع مسلسل تصريحات زعيم النصرة أبو محمد الجولاني عاكفين على فك شفرة إخفائه لوجهه. أما والد ذاك الطفل الحلبي فقد قبع يبكي وينشج بقهر قرب المبنى المدمر طويلا قابضا بيده على قلبه حيث وجعه الذي لا يطاق..
مع ظهور نتائج الإنتخابات في تركيا و فشل حزب العدالة و التنمية من الوصل إلى نسبة الأغلبية البسيطة أو المطلقة ، تتحول الأنظار إلى دمشق و الأسد القابع في قصره ، فهو سبب تلك الخسارة و هو من دفع بهذا الإتجاه ، له ينسب الفضل في تحقيق جزء من المعارضة التركية الموالية له مكاسبها .
نعم و لم لا فالأسد ، ينتصر و يسحق الأعداء عن بُعد ، يتسبب بإنهيارات السياسة العالمية ، و له تداخلات مع النجوم و الكواكب ، إضافة لإمتدادات في باطن الأرض ، فهو أسد يحكم أقوى سلطة و يضبط الأمور ، و يحرك العالم على أصابعه كـ لعبة .
بغض النظر عن كل شيء ، فـ"أردوغان" الذي خسر الأغلبية التي كان ينشدها ، لم يأذي بلاده بشيء ، و نقلها إلى الدول العشرين الأقوى اقتصادياً ، و رفع مستوى المعيشة و غيّر التركيبة الإنتاجية و حول تركيا لبلاد جذابة للاستثمار و أنشئ أقوى صناعة سياحية في العالم ، أردوغان و طبعاً أقصد حزب "العدالة و التنمية" جاهر بإنسانيته و لم يراعي لعنة السياسة ، جاهر بمواجهة الظلم و الإستبداد و لم ينحن أمام المصالح ، فتركيا قدمت اليوم نموذج متقدم آلاف السنين من الديمقراطية التي تعتبر الوجبة الحلم لمن "فتك " الجوع به لها .
ورغم ذلك تبقى تركيا عصية عن الوصول إلى الأسد و نظامه الأخلاقي و الديمقراطي ، تبقى الإنتخابات التركية متخلفة ، فلا أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية تتصدر المشهد ، و لاصور للرمز الحالي و الصنم السابق ، و لادبكات و لا حتى رقصات ، ولا الأفواه تتشقق من شدة الصراخ للقائد المفدى و لوالده الخالد ، و ليس هناك أي أفكار عن معنى التكنولوجيا في إصدار النتيجة ، التي تصور أنها تتأخر لما بعد الإنتخابات بينما في نظام الأسد معروفة قبل سنوات و لسنوات للأمام .
في تركيا عجز غريب في الإدارة ، و غياب تام لسلطة الدولة و الأمن و الأمان ، في تركيا الحكومة عاجزة عن السير بمركباتها في أكثر 75% من مساحة الأرض و في 25% المتبقية تكون بحاجة إلى حراسات و حراسات و حراسات للحراسات ، و رغم ذلك قد "تتبول" على نفسها من شدة الخوف .
أما في سوريا ، فالأسد قابع في قصره ، و يستطيع أن يتحكم بالعالم و بالديمقراطية ، و يوقد حركات التحرير و التقدم ، و يعطي كتب و مجلدات عن "التحديث و التطوير" ، و يقدم خبرة طويلة من "التصحيح" ، في سوريا الأسد ، شعب لا يمكن إحصاء سعادته ، و لا يمكن إحصاء حجم مكاسبه من النظام الفذ .
فيا حسرتي على تركيا التي لا تملك شيء و تتبجح بأنها تسيطر على كل شيء ، و يبدو أن الأمر يصب في مصلحة أرودغان و حزبه و شعبه أن الأسد لم يعلن عليه الحرب ، فنم يا أردوغان شاكراً للرب بأن "لعنة الأسد" إكتفت بهذا القدر ...
و لله في خلق الأسد و مواليه شؤون ...