"الخوذ البيضاء" ... 11 عاماً على توقيع الميثاق التأسيسي للدفاع المدني السوري
"الخوذ البيضاء" ... 11 عاماً على توقيع الميثاق التأسيسي للدفاع المدني السوري
● أخبار سورية ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٥

"الخوذ البيضاء" ... 11 عاماً على توقيع الميثاق التأسيسي للدفاع المدني السوري

تحتفل مؤسسة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، اليوم، بمرور 11 عاماً على توقيع الميثاق التأسيسي للمؤسسة السورية الرائدة، سنوات كانت فيها ومازالت بجانب السوريين، تنقذ الأرواح وتعمل لنبني مستقبل آمن يعمه السلام. 

برزت مؤسسة الدفاع المدني السوري كأول منظمة إنسانية انبثقت من رحم الثورة السورية، لتصبح رمزاً عالمياً لحماية الأرواح وتقديم المساعدة، نالت المؤسسة أكثر من 40 جائزة دولية تقديراً لجهودها في إنقاذ السوريين، وباتت اسماً متداولاً في كل بيت، حاملة أمانة الدفاع عن حق السوريين في الحياة.

25 تشرين الأول 2014
في 25 تشرين الأول عام 2014 انطلقت مؤسسة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" لمساعدة جميع السوريين بكل أطيافهم بحيادية وشفافية ودون أي تحيز، واجهت المؤسسة تحديات كبيرة في سبيل إنقاذ السوريين، وقدمت التضحيات، لتكون المنظمة الرائدة إنسانياً في عموم المناطق السورية، حملت شعار "ومن أحياها" ونالت محبة السوريين بكل أطيافهم.

وكانت فرضت الظروف التي مرَّ بها السوريون مع بدء الحراك السلمي في عام 2011، تغيراً كبيراً في جميع مناحي الحياة، وكانت السمة الأبرز لتلك المرحلة هي الفراغ الحاصل بعدة مناحي هامة من حياة المدنيين نتيجة انسحاب الأجسام الحكومية الخدمية وغيرها بعملية ممنهجة من قبل النظام السوري، وفي أواخر عام 2012، بدأ النظام باستخدام القصف شكلاً من أشكال العقاب على الأحياء والمناطق التي انسحب منها.

كيف كانت البداية؟
نشأت عدة مبادرات مدنية مدفوعة بشغف إنجاح حلم التغيير الجذري الذي دعت إليه شعارات الحراك السلمي في سوريا، و لم يبدأ الدفاع المدني السوري بالصورة المنظمة التي هو عليها اليوم، إنما جاء نتاج طبيعي لتجمع العشرات من المبادرات التطوعية في مناطق مختلفة في جميع سوريا، وتجمع المئات من المتطوعين معاً، الذين كانوا من مختلف المشارب والاتجاهات والاختصاصات، بينهم المعلمون والمهندسون والنجارون والخياطون والتجار وأصحاب المهن الحرة.

 فعل هؤلاء المتطوعون ما بوسعهم لمساعدة مجتمعاتهم في الاستجابة لعمليات القصف وحالات الطوارئ الأخرى بدءاً من أحيائهم وجيرانهم، ولم يربط تلك الفرق أو المتطوعين أي رابط مؤسساتي بل عمل الجميع في الحيز الجغرافي الموجود به دون أن يعرف حتى بالمجموعات التطوعية الأخرى التي كانت تعمل بالأحياء المجاورة، مدفوعا بهدف إنساني بحت، لاسيما أن تلك المرحلة كانت بدأت تظهر فيها ملامح الحصار كسلاح عقاب موجه ضد المدنيين، لم تقل بشاعة عن القصف وسحب الخدمات.

وكانت حادثة منع قوات النظام عام 2012 لأحد فرق الإطفاء في مدينة حلب من الاستجابة لحريق في حي سكني بحجة أنه خارج عن سيطرتها، البذرة الأولى للظهور بشكل علني لأول فريق منظم تحدوا قرار قيادتهم وذهبوا و أطفئوا الحريق، لقد كانت تلك نقطة تحول بالنسبة لمنير المصطفى (الذي أصبح مؤخراً مدير الدفاع المدني) وأعضاء فريقه الآخرين، فقد كانوا يعلمون أنهم برفضهم لأوامر رؤسائهم قد صاروا أعداءً للنظام، وأن حياتهم أصبحت في خطر، وفي اليوم نفسه، أنشأوا مركزاً للاستجابة لحالات الطوارئ لخدمة جميع السوريين، بالرغم من قلة معداتهم، إلّا أنّ خبرتهم ومهاراتهم مكنتهم من الشروع في الاستجابة لعمليات القصف وإنقاذ حياة الناس العالقين تحت الأنقاض وهكذا كانت بذرة إنشاء أحد مراكز الدفاع المدني الأولى في حلب.

في المناطق السورية الأخرى لم يختلف الوضع كثيراً فالقصف والنزوح كان على أشده وحاجة السكان لفرق تساعدهم بات أمراً ملحاً، وهذا ما دفع رائد الصالح (والذي أصبح لاحقاً مدير الدفاع المدني ومن ثم وزيراً للطوارئ في الحكومة السورية الجديدة) للمساعد في تأمين مأوى للنازحين داخليًا ونقل المدنيين المصابين لتلقي العلاج في تركيا، وسمع رائد عن التدريب الذي قُدِّم في مجال الدفاع المدني وحضر إحدى الدورات التدريبية الأولى المقدمة في تركيا في عام 2013، وأنشأ رائد أول مركز للدفاع المدني في بلدة اليعقوبية غربي إدلب.

وفي دمشق وريفها ودرعا وحمص كانت تسير على نفس الطريق مجموعة من المتطوعين الشباب يجتمعون وينشئون مراكز للدفاع المدني لمساعدة السكان وإنقاذهم من تحت القصف بما يتوفر لديهم من معدات بسيطة ولكن كان أثرهم كبيراً وما قدموه كان جباراً في ظل الظروف على الأرض.

الانتقال للعمل كمؤسسة واحدة في 25 تشرين الأول 2014
بحلول عام 2013، بدأت أخبار أعمال الفرق المتطوعة بالانتشار، وسمعت هذه المجموعات ببعضها البعض لأول مرة، نتج عنها إنشاء قنوات اتصال للتنسيق بين الفرق وتبادل الموارد المحدودة، كما بدأت بعض الفرق في تلقي دورات تدريبية في أساليب البحث والإنقاذ من خبراء، وبهذه المرحلة ذاع صيت هذه المجموعات المتطوعة البطلة وعمل على دعمها العديد من المنظمات الدولية والمانحين الدوليين من خلال تقديم معدات الإنقاذ والإسعاف.

وفي عام 2014 بدأت مناقشة موضوع توحيد هذه الجهود بطريقة رسمية أكثر لتصير المنظمة منظمة واحدة تكرس عملها في إنقاذ حياة الناس في سوريا، وأثناء السعي للتنظيم والتنسيق بصورة أفضل، حاصرت قوات النظام عدة مناطق في سوريا وباتت معزولة عن بعضها بسبب تغيير خطوط السيطرة، ولم تتمكن الفرق الموجودة في الشمال من الوصول إلى تلك الموجودة في دمشق وريف دمشق وحمص ودرعا والقنيطرة.

وفي 25 تشرين الأول عام 2014، كان الاجتماع التأسيسي الأول في مدينة أضنة التركية، وحضره نحو 70 من قادة الفرق في سوريا، ووضع المجتمعون ميثاقاً للمبادئ الخاصة بالمنظمة لتعمل تحت القانون الإنساني الدولي، وتم الاتفاق على تأسيس مظلة وطنية لخدمة السوريين، وإطلاق اسم "الدفاع المدني السوري" عليها، وشعاره من الآية في القرآن الكريم، وهي: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً"، لمساعدة جميع السوريين بكل أطيافهم بحيادية وشفافية ودون أي تحيز.

ومع بداية عام 2015، أطلق اسم "الخوذ البيضاء" على "الدفاع المدني السوري، بعد اشتهار الخوذ التي يرتديها المتطوعون أثناء عمليات البحث والإنقاذ، ووصل عدد المتطوعين عام 2017، إلى 4300 متطوع من بينهم 450 متطوعة.

مصادر التمويل
يحصل الدفاع المدني السوري على التمويل عبر عدة مصادر أهمها الحملات الشعبية والتمويل القادم من الدول والمؤسسات الإغاثية والإنسانية والأشخاص، إضافة للحملات الشعبية التي يتم من خلالها جمع تبرعات عبر الإنترنت، وهذا الجانب من التبرعات كان له دور مهم في تطوير عمل المنظمة، وفي حالات الطوارئ.

وتلقت منظمة الخوذ البيضاء تمويلاً من مؤسسات إنسانية وإغاثية مختلفة، منها الهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، ومن مؤسسة قطر الخيرية، وعدة مؤسسات خيرية تعمل في كندا وأوروبا.

وعلى صعيد التمويل من الدول لا يمانع الدفاع المدني السوري تلقي التمويل من أي دولة أو جهة، لكن دون أي إملاءات أو شروط سياسية، ومن بين الدول التي تمول الدفاع المدني السوري، كندا والدنمارك وبريطانيا والولايات المتحدة وهولندا وقطر وألمانيا، وفرنسا، وفيما يخص التمويل الشخصي يتلقى الدفاع المدني السوري التمويل من أي شخص يريد أن يساعد السوريين، دون أن قيد أو شرط.

أعمال الدفاع المدني السوري
يقوم الدفاع المدني السوري بعمليات البحث والإنقاذ، ويتجاوز عدد المدنيين الذين تم إنقاذهم بسبب قصف النظام وروسيا مئات آلاف المدنيين، ويستجيب أيضاً للحوادث بأنواعها ويسعف المصابين، والتعامل مع الهجمات الكيماوية لحماية المدنيين، إضافة لخدمة الراصد والتي تحذر المدنيين من الهجمات الجوية وتساهم بإنقاذ أرواحهم.

لم تكن مهمة متطوعي الدفاع المدني فقط إنقاذ المدنيين من بين ركام قصف النظام وروسيا، فخلف خطوط الموت أو حتى بينها، يحتاج المدنيون لخدمات تبقيهم على قيد الحياة في ظل البنية التحتية التي باتت شبه مدمرة، ويسعى الدفاع المدني بما يتوفر من إمكانات للمساهمة بتأهيلها وصيانتها، والمشاركة في تقديم الخدمات، مثل إعادة الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وإزالة جبال من ركام المنازل التي انهارت بسبب قصف النظام وحليفه الروسي، كما يقدم الدفاع المدني الخدمات للمدنيين المهجرين والنازحين عبر تجهيز المخيمات وفتح طرقات لها وفرش أرضياتها والمساعدة بتحسين بنيتها التحتية.

إزالة الذخائر الغير منفجرة:
تقوم كوادر مختصة بإزالة مخلفات الحرب والتخلص من الذخائر غير المنفجرة وتحديد أماكن وجودها، هو أحد أخطر الخدمات وأصعبها التي يقدمها الدفاع المدني السوري، تضم عدة نشاطات مختلفة منها المسح لتحديد المناطق الموبوءة وعمليات التوعية، وعمليات التخلص بشكل نهائيً من أخطارها.

وبدأت فرق الذخائر غير المنفجرة العمل على إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري بداية عام 2016 لمجابهة هذا التحدي الذي يهدد حياة آلاف المدنيين يومياً في ظل عدم وجود أي جهة تعمل في هذا المجال، وخلّف قصف النظام وحليفه الروسي آلاف الذخائر غير المنفجرة و تواصل الفرق المختصة بالدفاع المدني عملها لمسح أكبر عدد ممكن من المواقع وإزالتها وحماية المدنيين من المخاطر.

المراكز النسائية
تشكل المراكز النسائية في الدفاع المدني السوري ركيزة أساسية من عمل المنظمة الإنساني، وكانت الانطلاقة الأولى للمراكز النسائية في الشهر الأول من عام 2017، وصل عدد المراكز إلى 33 مركزاً نسائياً، موزعة سابقاً على مناطق العمل في إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية، وتعمل بها 230 متطوعة، تقدم مساعداتها لأهالي تلك المنطقة".

وتقدم المراكز مجموعة من الخدمات الأساسية، وهي الخدمات الطبية وحملات التوعية عن الأمن والسلامة للمدنيين في المناطق التي تتعرض للقصف، ودورات التمريض والتوعية الصحية للأهالي، شاركت المتطوعات في استقبال المهجرين من مناطق سوريا المختلفة، حيث عملن على مساعدتهم في الاستقرار وتقديم الخدمات المختلفة التي يحتاجونها بشكل عاجل.

التضحيات
كان عمل الدفاع المدني في إنقاذ الأرواح ومساعدة المدنيين الذين يتعرضون لقصف النظام وحليفه الروسي وتوثيقهم الهجمات، أهم الأسباب التي جعلتهم هدفاً للنظام وروسيا، عبر استهداف المراكز أو استهداف المتطوعين بغارات مزدوجة أثناء انقاذهم الأرواح، ويبلغ عدد المتطوعين الذين فقدهم الدفاع المدني منذ عام 2013 أكثر من 290 متطوعاً، أغلبهم قتلوا بالاستهداف المباشر أو الغارات المزدوجة أثناء عملهم الإنساني.

ولم يقتصر هجوم النظام وروسيا على الجانب المادي بل تعداه بشن هجمات إعلامية ممنهجة وحملات تضليل إعلامي مهندسة من روسيا لاستهداف سمعة الدفاع المدني وتصوير متطوعيه كـ "إرهابيين" أو "عملاء للغرب" والهدف من هذه الهجمات الإعلامية هو تقويض مصداقية الأدلة التي جمعها عن بعض أبشع جرائم الحرب في القرن الحالي مثل الهجمات بالأسلحة الكيميائية على المدنيين أو قصف قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة.

وقدمت روسيا هذه المزاعم مراراً وتكراراً، حتى أنها قدمتها في الأمم المتحدة، حيث رفضتها الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة رفضاً قاطعاً، ومع ذلك فإن معظم هذه الجهود تركز على الإنترنت حيث ثبت أن هنالك جيشاً من الذباب الإلكتروني البرمجي والبشري ينشر عمداً أدلة زائفة عن عمل الدفاع المدني، وتتناسب هذه الهجمات مع الاستراتيجية الروسية الشاملة التي تسعى لتقويض الثقة في المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من هذه الهجمات العسكرية المباشرة أو الإعلامية إلا أنها لم تثبّط من معنويات المتطوعين، ولن تمنعهم من مواصلة عملهم الانساني وإنقاذ الأرواح وكشف الحقيقة والمطالبة بمحاسبة كل من ارتكب جرائم بحق السوريين وواصلوا تقديم التضحيات دون أي تردد.

الجوائز والتكريم
كانت الخدمات والروح البطولية للدفاع المدني السوري محط إعجاب وتقدير في المحافل الدولية ما مكن الدفاع المدني السوري من إيصال صوت السوريين للعالم أجمع، ورُشح الدفاع المدني السوري منذ تأسيسه للعديد من الجوائز الدولية وحصل على أكثر من 20 جائزة قدمت من قبل العديد من المنظمات والمؤسسات الإنسانية الدولية حول العالم، وأهم تلك الترشيحات كان لجائزة نوبل لثلاثة أعوام متتالية، في عام 2015 و2016 و2017، ومن بين الجوائز التي حصل عليها جائزة الأوسكار عن فيلم "الخوذ البيضاء" على منصة نتفلكس وجائزة نوبل البديلة عام 2017، وجائزة السلام العالمي عام 2016، وغيرها من الجوائز.

نالت المؤسسة اعترافاً عالمياً، وحصلت على جوائز مرموقة تقديراً لجهودها الإنسانية في إنقاذ المدنيين السوريين، من أبرزها (جائزة نوبل البديلة (Right Livelihood Award) في عام 2016، جائزة الأوسكار (Academy Award) في فبراير 2017، جائزة إيلي فيزل (Elie Wiesel Award) في 1 مايو 2019، جائزة غاندي للسلام (Gandhi Peace Award) في 28 مارس 2020، جائزة تيبراري الإيرلندية الدولية للسلام (Tipperary International Peace Award) في 9 يونيو 2017، جائزة نساء العام (Women of the Year Award) في 16 نوفمبر 2017"، جائزة أيبر البلجيكية (Ypres Peace Prize) في 11 نوفمبر 2017، جائزة مكين للقيادة (McCain Leadership Award) في 30 أبريل 2018، جائزة ديزموند توتو الخاصة بالسلام (Desmond Tutu Peace Prize) في نوفمبر 2016).

الحلم والأمل
لطالما كام يحلم متطوعو الدفاع المدني السوري باليوم الذي ينتهي فيه عملهم في سحب الجثث من تحت ركام القصف وألا يروا الدماء والأشلاء للأبد، وأن يتحولوا لزراعة الأمل وتكريس جهودهم كلها لإعادة بناء سوريا، الوطن والمجتمع، والتي لا يمكن أن تنعم بسلام دائم إلا عندما يقدم جميع مرتكبي الهجمات ضد المدنيين إلى العدالة.

لن يتخلى الدفاع المدني عن التزامه تجاه المدنيين وتأمين الاستقرار لهم، ومواصلة العمل على تقديم الأدلة والشهادات حول جرائم الحرب إلى أن تصل كل أسرة سورية عانت من الظلم إلى العدالة وعندها فقط سيكون باب الأمل مفتوحا للتغلب على جروح الحرب والانتقال للعيش بسلام.

الهيئة العامة لـ "الخوذ البيضاء" تتخذ قراراً بالإجماع للانضمام لـ "وزارة الطوارئ والكوارث"
اتخذت الهيئة العامة للدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، قراراً بالإجماع خلال الاجتماع السنوي الذي عقد في دمشق بتاريخ 1 حزيران 2025، بانضمام الدفاع المدني السوري إلى الحكومة السورية ضمن "وزارة الطوارئ والكوارث"، تأتي هذه الخطوة انسجامًا مع الميثاق التأسيسي لعام 2014، وتهدف إلى تعزيز التنسيق وتحسين الاستجابة الطارئة على المستوى الوطني.

وعقدت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) اجتماعها السنوي العاشر في العاصمة دمشق خلال يومي السبت 31 أيار والأحد 1 حزيران، في حدث تاريخي يُعد الأول من نوعه منذ تأسيس المنظمة، حيث اجتمعت الهيئة العامة، أعلى هيئة تشريعية في المنظمة، لمناقشة تقييم المرحلة الحالية ودور المنظمة ومستقبلها.

وبعد مداولات مكثفة، وبالتفويض القانوني الممنوح لها، اتخذت الهيئة العامة قرارًا تاريخيًا بأغلبية الأعضاء لدمج منظمة الدفاع المدني السوري بالكامل ضمن الحكومة السورية. بموجب هذا القرار، سيتم نقل برامج الاستجابة الطارئة إلى وزارة الطوارئ والكوارث السورية، بهدف توحيد الجهود وتطوير الاستجابة الوطنية للطوارئ ضمن إطار حكومي مؤسساتي. كما ستنتقل باقي برامج المنظمة وملفات عملها، بما في ذلك ملفات العدالة والمحاسبة والمناصرة، إلى الوزارات والهيئات المختصة.

جاء هذا القرار ضمن تحقيق المصلحة العليا للسوريين، ويجسد الالتزام العميق بميثاق المبادئ الذي وقّعته المنظمة قبل عشر سنوات، والذي يؤكد أن مهمة الخوذ البيضاء الإنسانية لا تقتصر على إنقاذ الأرواح في زمن الحرب، بل تمتد لتشمل المساهمة في بناء سوريا مستقرة، مزدهرة، وحرة، تحقق تطلعات شعبها في الحرية والعدالة والتنمية ودولة المؤسسات.

وكانت أعلنت مؤسسة الدفاع المدني السوري في بيان رسمي، أن رئيسها "رائد الصالح" قدّم استقالته من منصبه ومن جميع المناصب التي يشغلها في مجالس إدارة المنظمة، بعد سنوات من قيادة منظمة "الخوذ البيضاء"، وذلك عقب قبوله تولي منصب وزير في وزارة "الطوارئ والكوارث والبيئة" المستحدثة في إطار حكومة وطنية جديدة متعددة الأطياف، تهدف لخدمة جميع السوريين وتحقيق تطلعاتهم.

وانضمام مؤسسة الدفاع المدني السوري إلى وزارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية الجديدة يعني دمج هذه المؤسسة ضمن الهيكل الرسمي للدولة السورية، مما يعني توحيد جهود الدفاع المدني مع خطط الطوارئ والكوارث الحكومية، ما يسهل التنسيق بين مختلف الجهات الرسمية في مواجهة الأزمات والكوارث بشكل أكثر تنظيمًا وفعالية.

تتبنى المؤسسة مبدأ العدالة الانتقالية، وتمتلك آلاف الأدلة على جرائم الحرب المرتكبة من النظام وميليشياته، مع التزام بتقديمها للجهات الحقوقية بعد سقوط النظام، ومع نهاية القصف، تواجه "الخوذ البيضاء" تحديات جديدة منها التعامل مع آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة، والمشاركة في إعادة البناء والتعافي، وتدريب السكان المحليين على بناء حياة مستدامة، والاستجابة للكوارث الطبيعية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، لا سيما الأطفال.

تظل مؤسسة الدفاع المدني السوري دعامة وطنية أساسية في إعادة الحياة للمناطق المدمرة، وتواصل مسيرتها البطولية، معتمدة على ثقة السوريين وحبهم، لتكون سنداً لهم في رحلة العودة والبناء.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ