في سياق مواصلة التضييق .. "تحرير. الشام" تُوقف عمل "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين" بإدلب
في سياق مواصلة التضييق .. "تحرير. الشام" تُوقف عمل "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين" بإدلب
● أخبار سورية ١٤ يونيو ٢٠٢٢

في سياق مواصلة التضييق .. "تحرير. الشام" تُوقف عمل "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين" بإدلب

علمت شبكة "شام" من مصادر خاصة، أن الجناح الأمني في "هيئة تحرير الشام"، أوقف عمل "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين"، بعد أيام من تسجيل عدة حالات خطف لـ "مفقودين" تبين لاحقاً أنهم معتقلون لدى الهيئة، في محاولة لإنهاء عمل المكتب التطوعي، وعدم نشر حالات الخطف بالمنطقة والتي تفضح ممارساتها.

وقالت مصادر "شام" إن الفريق التطوعي الذي تأسس عام 2012، من قبل نشطاء في الشمال السوري المحرر، تلق إخطاراً من "جهاز الأمن العام" في إدلب، يطلب فيها التوقف عن نشر أي حالات لمفقودين عبر معرفات المكتب، في حين طلب حضور القائم على المكتب لمراجعة الجهاز الأمني.

و"مكتب شؤون الجرحى والمفقودين" في الشمال السوري، يتمتع بانتشار واسع، كونه يقوم بنشر حالات المفقودين، والتعميم عليهم، بعد طلب عائلاتهم في حال غياب المفقود عن منزله وعائلته، وتلاقي تلك التعميمات انتشاراً واسعاً وغالباً ماتفضي لمعرفة مكان المفقود والوصول إليه.

وتقوم آلية عمل المكتب من خلال "التنسيق مع المشافي والنقاط الطبية والمراصد والشرطة عبر غرف "واتساب" ووسائل التواصل الاجتماعي، ويعمل المكتب على توثيق المفقودين والجثث مفقودة الهوية، إضافة لوجود مكتب طبي يقوم بالتنسيق مع المستشفيات والطبابة الشرعية ومتابعه أمور الجرحى حتى في المشافي التركية.

ويعمل المكتب على تصميم بطاقات باسم "بطاقة مفقود" تتضمن كامل المعلومات الشخصية للمفقود، مع صورة، إضافة لرقم تواصل لعائلة المفقود، ويتم نشرها عبر معرفات رسمية للمكتب، حيث يتم التواصل مع العائلة في حال عرف مكان المفقود، ولاقت تلك التجربة انتشاراً واسعاً وباتت تحقق نتائج إيجابية كبيرة.

ووفق مصادر "شام" فإن سبب وقف عمل المكتب، هو التعميم الذي صدر قبل أيام عن عائلة الدكتور "محمد كلال العبدو"، وهو طبيب أطفال، ينحدر من قرية أبو  مكة بريف إدلب الشرقي، بعد أن فقد خلال خروجه من مشفى الحياة في مدينة الدانا، وقام المكتب بنشر بطاقة مفقود.

ولفتت مصادر "شام" إلى أن الجهاز الأمني التابع لـ "هيئة تحرير الشام" أقر في اليوم الثاني من اختفاء الطبيب والتعميم عنه بأنه معتقل لديهم، وبرر ذلك بأنه متهم بالتواصل مع النظام، حيث قالت المصادر إن نشر بطاقات المفقودين يحرج الهيئة وجهاز أمنها على اعتبار أنها تريد تسويق صورة أن إدلب باتت آمنة كلياً.

ويبدو أن عمل "مكتب شؤون الجرحى والمفقودين"، بات يفضح ممارسات الهيئة، من خلال نشره بطاقات المفقودين، وبالتالي كشف الحالات التي يقوم جهاز الأمن العام باعتقالها وإخفاء مصيرها في سجونه، على غرار عشرات الحالات التي لايزال مصيرها مجهولاً حتى اليوم.

وكانت نشرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريراً يرصد انتهاكات "هيئة تحرير الشام" منذ تأسيس "جبهة النصرة"، وأكدت أنَّ "هيثة تحرير الشام" مستمرة في ارتكاب أنماط متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان، بشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لها.

ووثَّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً على يد الهيئة بينهم 71 طفلاً و77 سيدة، و28 بسبب التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصاً لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى الهيئة.

سجل التقرير منذ مطلع عام 2012 حتى كانون الأول/ 2021 مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً بينهم 71 طفلاً و77 سيدة على يد هيئة تحرير الشام، وبحسب رسم بياني عرضه التقرير فقد توزعت حصيلة القتل هذه بحسب طبيعتها إلى: 371 مدنياً بينهم 69 طفلاً و67 سيدة قتلوا عبر الأعمال القتالية غير المشروعة، فيما قتل 28 بينهم 2 طفلاً بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، وقتل 106 بينهم 10 سيدات عبر الإعدام من خلال إجراءات موجزة وتعسفية.

وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 2327 شخصاً بينهم 43 طفلاً و44 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام منذ الإعلان عن تأسيسها مطلع عام 2012 حتى كانون الأول/ 2021، تحول ما لا يقل عن 2103 منهم، بينهم 19 طفلاً و28 سيدة، إلى مختفين قسرياً.

قال التقرير إن هيئة تحرير الشام تتبع سياسة ماكرة تقوم على استدعاء النشطاء المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة الإنقاذ والأخطاء التي ترتكبها، حيث يجري التحقيق معهم، بهدف احتوائهم عن طريق الترغيب أو التهديد، وهذه المرحلة تعتبر بمثابة إنذار وتهديد، وتتجنب من خلالها الهيئة نهج الاحتجاز المفاجئ، وتكون بمثابة ذريعة أمام المجتمع وأمام ذوي الناشط.

وقد تركَّز هذا التكتيك بحق النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية بشكل أساسي، أما المدنيين العاديين الذين لا يثير اعتقالهم أي رد فعل، فتقوم الهيئة باعتقالهم مباشرة، دون اللجوء إلى هذه المرحلة التمهيدية، التي يتخللها الطلب من الناشط التعهد بعدم تكرار ما قام به، وتقديم اعتذار عنه، وطلب الرحمة، وغالباً ما يرضخ الشخص المستدعى، ويدفع غرامة مالية، قد تترافق مع سجن بضعة أيام، وإيقاف عن مزاولة مهنته، وجميع ذلك مقابل عدم احتجازه/ إخفائه قسرياً لسنوات.

وفي هذا السياق سجل التقرير ما لا يقل عن 273 حالة استدعاء/تهديد وجهت من قبل هيئة تحرير الشام منذ عام 2017 حتى كانون الأول/ 2021، وقد تبين أن هناك تنسيقاً بين مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية والقضائية التي أنشأتها هيئة تحرير الشام (والتي تنكر صلتها بها) لتنفيذ هذه الاستدعاءات/التهديدات.

رصد التقرير ما لا يقل عن 46 مركز احتجاز دائم تابع لهيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، في محافظة إدلب وريف محافظة حلب الغربي وريف اللاذقية، وقدر التقرير أنَّ مراكز الاحتجاز هذه تضمُّ قرابة 2327 محتجزاً/مختفٍ قسرياً، العشرات منهم قضوا مدد احتجاز طويلة قد تصل إلى خمس سنوات، وتحول الغالبية العظمى منهم إلى مختفين قسرياً، كما تتعرض الغالبية العظمى منهم لشكل من أشكال التعذيب. إضافة إلى ما لا يقل عن 116 مركز احتجاز مؤقت، تجري فيها عمليات التحقيق والاستجواب. وقدَّم التقرير عرضاً مفصلاً لأبرز هذه المراكز.

وطبقاً للتقرير فإن هيئة تحرير الشام تستخدم أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتشابهت إلى حدٍّ ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام السوري في مراكز احتجازه، وعرض التقرير 22 أسلوب تعذيب من أبرز الأساليب التي تميزت بها هيئة تحرير الشام، وقام بتوزيعها ضمن ثلاثة أصناف رئيسة وهي: 13 من أساليب التعذيب الجسدي، و8 أساليب تعذيب نفسي، وأعمال السخرة. وعرض رسومات تحاكي أساليب التعذيب هذه.

وكانت سلطت شبكة "شام" الإخبارية، في تقرير سابق الضوء على ملف سجون الهيئة التي تضم آلاف الموقوفين في ظل إجراءات تعسفية دون تحويلهم إلى القضاء للبت في قضاياهم العالقة منذ سنوات دون محاكمة عادلة تذكر وسط مخاوف كبيرة على حياة السجناء التي باتت مهددة وسط تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في عموم المنطقة.

وتتجاهل تحرير الشام الكشف عن مصير السجناء في سجونها ممكن كانوا محتجزين في مواقع احتلتها عصابات الأسد، إلى جانب تجاهلها التام لكشف مصير الموقوفين ضمن سجون تقع في مناطق خاضعة للقصف المكثف وتم تهجير سكانها بالكامل كما الحال في سجن "العقاب" سيء الصيت الذي يقع في جبل الزاوية جنوب إدلب.

يذكر أنّ سياسة هيئة تحرير الشام تقوم على تخويف وإرهاب المجتمع عبر ممارسة سياسة اعتقال تعسفي عنيفة، ثم إنكار وجود هؤلاء المعتقلين لديها ليتحول مصيرهم إلى مختفين قسرياً، فيما تتعمد استهداف النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية بهدف تخويف بقية أفراد المجتمع، بحسب مصادر حقوقية.

هذا وسبق أنّ اعتقلت هيئة تحرير الشام عشرات النشطاء والقيادات العسكرية من الجيش السوري الحر بينهم ضباط منشقين وشخصيات قيادية من الحراك الثوري، لايزال الكثير منهم مغيباً في السجون لايعرف مصيرهم، في وقت كانت تفاوض على مبالغ مالية كبيرة للإفراج عن البعض منهم، بينما نفذت أحكام الإعدام بحق آخرين ورفضت تسليم جثثهم لذويهم، رغم كل الوساطات التي تدخلت والشفاعات التي قدمت للإفراج عنهم وتهدئة الشارع المناهض للهيئة وممارساتها.

 

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ