مع تراجع نسبة الشراء .. تصريحات مثيرة وتبريرات ترافق تزايد تدهور المعيشية بسوريا
مع تراجع نسبة الشراء .. تصريحات مثيرة وتبريرات ترافق تزايد تدهور المعيشية بسوريا
● أخبار سورية ٥ يوليو ٢٠٢٢

مع تراجع نسبة الشراء .. تصريحات مثيرة وتبريرات ترافق تزايد تدهور المعيشية بسوريا

تراجعت حركة الأسواق في مناطق سيطرة النظام بنسبة وصلت إلى 60 بالمئة، فيما دعا إعلام النظام المواطن لإعادة قراءة تفاصيله الحياتية بشكل أعمق مع المتغيّرات المعيشية، تزامنا مع عدة تصريحات وتبريرات مثيرة للجدل من عدة شخصيات بينها وزير التموين، وخبراء واقتصاديين ومسؤولين لدى حماية المستهلك وصناعة دمشق والأسواق المالية وغيرهم التي تصب معظمها في اتجاه تبني رواية نظام الأسد.

واستضاف إعلام النظام الرسمي وزير التجارة الداخلية "عمرو سالم"، ضمن برنامج قال إنه لمناقشة السياسات الاقتصادية في سوريا ما بعد الحرب، وفي بداية المقابلة التلفزيونية قال إنه مواطن قبل وبعد تسلم الوزارة، ثم انطلق لتبرير تدهور الأوضاع الاقتصادية الدولي والمحلي والحرب والعقوبات حيث أثرت على موارد الدولة، وفق تعبيره.

وكذلك برر قلة حجم محصول القمح مع تقديراته بأن سوريا كانت تنتج 5 ملايين قبل 2011، بوقوع سلة الغذاء شمال شرقي سوريا، وأضاف، لم نتجاوز هذا الموسم حتى الآن سوى نحو 400 طن قمح، وذكر أنه ممكن أن نستلم 600 ألف كحد اقصى و"إذا كنا محظوظين"، واعتبر أن نفس الأمر ينطبق على إنتاج النفط، على حد قوله.

وتطرّق وزير التموين، إلى عدة مواضيع مثيرة للجدل حيث اعتبر أن كل دول العالم لا تستطيع ضبط السوق السوداء وكذلك التهريب بما فيها الحدود الأمريكية المكسيكية، وزعم أنه يدخل ليأكل الفلافل في مطعم شعبي دون مرافقة، وكذلك ادعى أن رأس النظام يوجه بأن "الدعم خط أحمر" ولا يمكن أن يرفع عن الجميع.

ونفى "سالم"، وجود احتكار وزعم أن ما يسمى بـ"حيتان المال"، لا وجود لهم إلا في المحاكم، مشيداً بدعم مجاني قال إنه مقدم من الهند والصين، وقال إن "سوريا ليست دولة قليلة ولا تتسول من أحد وتحدث عن دراسة لحساب كم سعرة حرارية للمواطن، من عدة مصادر غذائية"، وأشار إلى دعم دولي بقيمة 14 مليار ليرة بدون شروط لصالح المخابز التابعة للنظام.

في حين نقلت جريدة تابعة لإعلام النظام الرسمي وقائع تكريم وزير التجارة الداخلية لعامل في وحدة تبريد أبي الفداء في المؤسسة السورية للتجارة بحماة لجهوده بإعادة تشغيل "ضاغط هيدروليكي ياباني"، منسق منذ سنوات ويبلغ سعره 450 مليون ليرة سورية، دون ذكر قيمة "المكرمة" المقدمة من تموين النظام.

وبررت مصادر إعلامية موالية ارتفاع الأسعار مع
قرب العيد وتزايد الحاجة لمستلزماته وسط حالة الفوضى والاستغلال من أصحاب التجار و المحال التجارية مع غياب الرقابة الفعلية ورعاية وتسهيل التموين لهذه الفوضى، ورصدت ارتفاع أسعار الألبسة والأحذية والحلويات والشوكولا والسكاكر إذ تراوحت مستلزمات العيد بين 20 إلى 200 ألف ليرة سورية.

وفي ملخص للأسعار بلغ سعر كيلو الحلو بالأسواق الشعبية بين 20 و45 ألف ليرة، وبسوق الميدان بين 85 و150 ألف ليرة، وبالنسبة للشوكولا وصلت لحدود 90 ألف ليرة، وبلغ سعر الطقم الولادي بالشعلان ما بين 85 و200 ألف ليرة وفي الأسواق الشعبية تراوح ما بين 65 و125 ألف ليرة، أما الأحذية الرجالية فكانت مابين 75 و150 ألف ليرة.

ولم يقتصر غلاء الأسعار على مستلزمات العيد حيث أكدت مصادر محلية أن يوما بعد يوم تأخذ أسعار المواد الغذائية في الأسواق السورية مساراً تصاعدياً دون أي رادع، حيث شهدت أسعار بعض أنواع الحبوب ارتفاعات حادة خلال الفترة الأخيرة في الأسواق المحلية بشكل عام، وبلغ سعر الفريكة نحو 14 ألف ليرة سورية، وارتفعت أسعار العدس ليبلغ سعر كيلو العدس الأحمر نحو 7000 ليرة سورية.

من جانبه قدّر نائب رئيس جمعية التموين بدمشق "ماهر الأزعط"، تراجع حركة الأسواق بنسبة تراوحت بين 50 و60 بالمئة وبرر ذلك "نتيجة غلاء أسعار المواد وصعوبة وصول المواطنين من الريف إلى المدينة نتيجة أزمة المواصلات"، وبررت مصادر ارتفاع مستلزمات العيد بارتفاع الأسعار لضعف ما كانت عليه في عيد الفطر الماضي إضافة لارتفاع أسعار حوامل الطاقة.

فيما قال عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق "نور الدين سمحا"، إن الطلب على شراء الألبسة خلال عيد الأضحى المبارك سيكون ضعيفاً جداً، مشيراً إلى أنه خلال عيد الفطر الماضي كان هناك انخفاض في مبيعات الألبسة أما خلال عيد الأضحى القادم فمن المرجح أن يكون هناك انخفاض كبير أو بالأحرى شبه انعدام بالمبيعات.

وأشار إلى وجود ارتفاع بتكاليف إنتاج الألبسة سببه الانقطاع المتواصل للكهرباء إضافة لعدم توافر مادة المازوت منذ أشهر، إذ إنها حتى في السوق السوداء حالياً غير متوافرة وسعر شرائها أصبح مرتفعاً اليوم ووصل إلى مبالغ كبيرة، وقال إن ما سبق أدى إلى مشكلة كبيرة أخرى هي "توقف بعض معامل تصنيع الألبسة عن الإنتاج خلال الشهرين الماضيين".

من جانبها أكدت مصادر إعلامية وجود حالة تضخم هائلة في الأسعار مقابل تدني معظم الأجور والمعاشات لحد غير منطقي، فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أسرة مكونة من خمسة أشخاص فهي تحتاج حسب رأي بعض المهتمين لنحو مليون ليرة في الحد الأدنى كنفقات خاصة بالعيد تتوزع على 200 ألف حلويات 100 ألف لباس قطعة واحدة لكل فرد من أفراد الأسرة ونحو 200 ألف ليرة ألعاب أطفال ومصروف وغيرها.

ورغم تدهور الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار المتصاعد نشرت جريدة تابعة لإعلام النظام الرسمي مقالا يحث المواطن السوري على إعادة قراءة تفاصيله الحياتية بشكل أعمق، وبأسلوب أكثر تفاعلية وقدرة على التجاوب السريع مع المتغيّرات المعيشية، وشددت على الانتباه إلى أن انتظار الحلول الحكومية والاتكال الكليّعلى إمكانياتها، وما تقدمه للمواطن في هذه الأيام الصعبة.

ونقلت عن الاقتصادي "مضر الأحمد"، تصريحه بأنه "بات علينا التدقيق أكثر في  تفاصيل يومياتنا، وتوجيه البوصلة الحياتية المعيشية بشكل عقلاني نحو قراءة المستجدات والحياة بشكل آخر، واتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية التي تدور في فلك الاقتصاد المنزلي بكل أدواته وطرقه ابتداءً من العمل على تحويل منازلنا إلى منشآت إنتاجية صغيرة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي".

ونقلت عن "منير سيف"، بوصفه باحث اجتماعي، قوله إن موضوع الاستهلاك يشكل نقطة تحول في الظروف الحالية، ويجب أن يكون هناك تغيير في النمط الاستهلاكي، وخاصة الاستهلاك العائلي الذي يمثل كل ما تستهلكه العائلة، بغرض تحقيق الاستفادة وإشباع الحاجات والرغبات، ويجب أن يكون هذا الاستهلاك واعياً ويواكب مقدرة الفرد على حسن استخدام واستغلال الموارد المتاحة.

فيما ذكرت جريدة مقربة من نظام الأسد أن حوالات السوريين تسد حيزاً واسعاً من هذه الاحتياجات خاصة في الأعياد حيث ترتفع معدلات الحوالات الواردة من الخارج، ونقلت عن الخبير الاقتصادي "عابد فضلية اعتبر"، قوله إن من الصعب جداً تقدير حجم حوالات السوريين من الخارج رغم أن التقديرات شبه الرسمية كانت دوماً تشير إلى أن المتوسط اليومي للحوالات ما بين 5-7 ملايين دولار.

واعتبر أنه حتى النفقات الخاصة بالعيد التي في حال تقديرها بـ مليون ليرة فإن شريحة واسعة من المواطنين لا تتوفر لديهم هذه النفقات خاصة العاطلين عن العمل وأصحاب الدخل المحدود وغيرهم، وهو ما يفرض عليهم إجراء تغييرات في سلوكهم الاجتماعي، وقدرت مصادر أنه من غير المقبول أن يكون أجر الموظف شهرياً 150 ألف ليرة وحاجته تتجاوز 1.5 مليون ليرة شهرياً وأن تجاهل ذلك يحتم تعويض العجز بالعديد من الأشكال منها الفساد.

هذا وأظهر تقرير اقتصادي أن وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية ارتفع مطلع شهر تموز (يوليو) الحالي بنسبة 48.5% عنه في بداية العام 2022، ليصبح الحد الأدنى للأجور والمحدد عند 92,970 ليرة قادراً على تغطية فقط 3% من التكاليف، وقال إن وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من 5 أفراد، تجاوز حاجز 3 ملايين ليرة سورية، وسط تجاهل النظام لتدهور الأوضاع المعيشية والاستمرار بالتبريرات المثيرة للجدل.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ