أطفال على مقود الدراجات النارية: بين ضرورات الحياة اليومية ومخاطر الحوادث المميتة
أطفال على مقود الدراجات النارية: بين ضرورات الحياة اليومية ومخاطر الحوادث المميتة
● أخبار سورية ١٦ أغسطس ٢٠٢٥

أطفال على مقود الدراجات النارية: بين ضرورات الحياة اليومية ومخاطر الحوادث المميتة

في العديد من المناطق السورية، لاسيما الريفية، لم يعد أمراً مستغرباً رؤية صغارٍ تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة وهم يقودون الدراجات النارية، لقد تحوّل هذا المشهد إلى ظاهرة مألوفة، يتعايش معها المجتمع كواقع يومي، رغم ما تنطوي عليه من مخاطر أمنية وتجاوزات قانونية وسلوكية.

الدوافع الاجتماعية والعملية
يسارع كثير من الأهالي في المناطق الريفية إلى تعليم أبنائهم قيادة الدراجات النارية في أعمار مبكرة، وذلك لاعتبارات عملية واجتماعية عدة، يأتي في مقدمتها رغبة الوالدين في غرس قيم المسؤولية والاعتماد على الذات لدى أبنائهم، إدراكاً منهم أن إتقان هذه المهارة سيمكن الطفل من المشاركة الفاعلة في تحمل أعباء الأسرة، خاصة في المجتمعات الريفية التي تتسم ظروفها الحياتية بالصعوبة والتحدي.

إضافة إلى ذلك، كي يساعد الطفل أسرته في المهام اليومية بسبب نقص المواصلات أو صعوبة التنقل، فيُكلف بمهام مثل شراء المستلزمات أو نقل أفراد الأسرة، مما يجعل الدراجة النارية ضرورة حيوية. 


وتزداد المشكلة عندما تفتقد الأسر للمعيل، فيتحمل الابن الأكبر مسؤولية إدارة المنزل، فتتحول الدراجة إلى وسيلة للبقاء وقضاء الحاجات، رغم مخاطرها على هؤلاء الصغار غير المؤهلين.

في الوقت ذاته، تحوّلت قيادة الأطفال للدراجات النارية إلى عادة اجتماعية مقبولة في بعض المناطق، حيث صار الآباء يقدمون الدراجات كهدايا لأبنائهم مكافأة على التفوق أو حسن السلوك. هذا القبول المجتمعي ساهم في انتشار الظاهرة وتعميم فكرة أنها أمر طبيعي، رغم ما تحمله من مخاطر على هؤلاء الصغار غير المؤهلين للتعامل مع الطرقات.

المخاطر الجسدية والسلوكية لقيادة الصغار
رغم وجود بعض المبررات، فإن قيادة الأطفال للدراجات النارية تنطوي على مخاطر جسيمة، يأتي في مقدمتها الحوادث المرورية، خاصةً مع نقص خبرة الطفل بالقيادة وطبيعة الطرقات في المكان أو ميوله للتهور، مما قد يؤدي إلى حوادث مأساوية تهدد حياته  وحياة الآخرين.

كما أن قيادة الدراجة في سن مبكرة قد تعرّض الطفل لتأثيرات سلبية، خصوصاً عند مصاحبة رفاق أكبر سناً أو غير منضبطين، مما قد يدفع به إلى تبني سلوكيات خاطئة مثل ارتكاب المخالفات خلال القيادة أو الاستهتار بقوانين المرور.

ضرورة تعزيز التوعية
يدعو ناشطون إلى تنفيذ حملات توعوية مكثفة تستهدف الأسر عبر المدارس والمراكز المجتمعية، مع تفعيل الرقابة الأسرية والمجتمعية، والتشديد على ضرورة توفير بدائل آمنة مثل وسائل النقل الجماعي والمشاريع الخدمية التي تضمن تنقل آمن للأطفال، خاصة في المناطق التي تفتقر لوسائل المواصلات الآمنة، وذلك للحد من المخاطر الجسيمة التي تترتب على هذه الظاهرة.

على الرغم من انتشار ظاهرة قيادة الأطفال للدراجات النارية في بعض المناطق لأسباب اجتماعية واقتصادية، إلا أن مخاطرها الجسيمة تظل قائمةً تهدد حياتهم وحياة الآخرين. مما يستدعي تحركاً عاجلاً لتعزيز الوعي الأسري والمجتمعي، وتبني حلول عملية تحمي الأطفال من هذه الممارسات الخطرة، وتضمن سلامتهم وسلامة المجتمع.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ