أهالي مفقودي مجزرة حماة: أربعة عقود من الانتظار وسط الخوف والصمت
أهالي مفقودي مجزرة حماة: أربعة عقود من الانتظار وسط الخوف والصمت
● أخبار سورية ١٣ أغسطس ٢٠٢٥

أهالي مفقودي مجزرة حماة: أربعة عقود من الانتظار وسط الخوف والصمت

عانت آلاف العائلات السورية من ويلات تغييب أحبائها قسراً خلال حكم النظام البائد، مما ترك ندوباً إنسانية ومادية ونفسية عميقة. حياتهم اليومية تحولت إلى رحلة بحث مؤلمة عن المختفين، وسط تعتيم متعمد من نظام الأسد حول مصير المعتقلين.

بدأت هذه المعاناة في عهد الديكتاتور الأب، حيث شكّل التغييب والاعتقال أدوات قمع مستترة، ظلت محاطة بالصمت لعقود. لكن مع اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 ضد نظام الابن، انكشفت هذه الانتهاكات. انتفض الشعب السوري رافضاً سياسة القمع، مطالباً بكرامته وحقوقه المسلوبة.

مع هذا التحول التاريخي في حياة السوريين، واجه نظام الأسد مطالبهم بالقمع العنيف، مكثفاً سياسة الاعتقال الممنهج ضد المدنيين والنشطاء والمعارضين. امتلأت السجون بآلاف المعتقلين، وبرزت قضية المفقودين والمغيبين قسراً كإحدى القضايا الإنسانية الرئيسية للثورة، التي طالبت بكشف مصيرهم ومحاسبة المتورطين في انتهاكاتهم.

عانت عائلات سورية مرارة الفقد والتغييب القسري منذ عقود، قبل الثورة بسنوات، وبالأخص في ثمانينيات القرن الماضي. ففي عام 1982، ارتكب حافظ الأسد وشقيقه رفعت مجزرة حماة البشعة، التي خلّفت آلاف القتلى والمفقودين، ودمّرت أحياء بأكملها. أُجبرت العائلات على الصمت خوفاً من بطش النظام البائد، فدُفنت الحقيقة مع الضحايا، وطُويت فصول الألم تحت ركام القهر والاستبداد.

كشفت عائلات التقتها الجهات الحقوقية والإعلامية أنها لم تجرؤ على البوح بمعاناتها، عاشت الألم بصمت، تبكي في الخفاء، متمسكة بأمل ضئيل. كثيرون خشوا حتى الهمس باختفاء أبنائهم في سجون النظام البائد، خوفاً من التقارير الأمنية أو امتداد الأذى لباقي أفراد العائلة. حالة الترهيب التي فرضها النظام جعلت الصمت درعاً للبقاء، والخوف رفيقاً دائماً لحياتهم.

من بين المنتظرين، أطفال نشأوا دون رؤية آبائهم، ترعرعوا في غيابهم، متمسكين بخيط الأمل. مرّت عقود حتى بلغ بعضهم الأربعين، دون إجابة عن مصير أحبائهم. مع الزمن، انضم إليهم آلاف آخرون، يتقاسمون نفس الألم والترقب، لتتحول المعاناة إلى جرح جماعي يعكس عمق الانتهاكات التي خلّفها التغييب القسري في سجون النظام.

أكدت لجنة البحث عن المفقودين في سوريا، في تصريحات إعلامية، أن ملف مفقودي الثمانينيات من أعقد القضايا بسبب تراكم السنوات، صعوبة الوصول إلى أرشيف النظام المخلوع، وطمس الأدلة، مما يعرقل كشف مصير المغيبين.

لم تختلف مطالب أهالي مفقودي الثمانينيات عن آمال ذوي المعتقلين والمغيبين خلال الحرب السورية؛ جميعهم يتوقون لمعرفة مصير أحبائهم، وأماكن دفنهم إن قضوا، وكشف هوية المتورطين في اعتقالهم وقتلهم لمحاسبتهم. لا يريدون سوى العدالة، وإنصاف ذويهم بعد عقود من الصمت والخذلان.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ