
"الأسد الصاعد".. ضربة إسرائيلية تهز العمق الإيراني وتفتح أبواب الشرق الأوسط على احتمالات مفتوحة
فجّرت إسرائيل فجر الجمعة تطوراً غير مسبوق في مسار المواجهة مع إيران، عبر تنفيذ عملية عسكرية جوية معقّدة حملت اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت مواقع عسكرية ونووية حساسة داخل الأراضي الإيرانية.
الهجوم الذي نفذته عشرات المقاتلات تركز على منشآت عسكرية استراتيجية، أبرزها مفاعل نطنز الرئيسي لتخصيب اليورانيوم، وأسفر عن مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين، بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، وقائد مقر خاتم الأنبياء غلام علي رشيد، إلى جانب اغتيال علماء ذرة بارزين من بينهم فريدون عباسي، ومحمد مهدي طهرانجي، وأستاذ الهندسة النووية أحمد رضا ذو الفقاري.
توقيت محسوب ورسائل متعددة
اختيار التوقيت ليس تفصيلاً عابراً، إذ جاءت الضربة عقب تصاعد نفوذ طهران إقليمياً، ومحاولاتها توسيع علاقاتها الاستراتيجية مع أنقرة والرياض. ويبدو أن إسرائيل أرادت عبر هذه الضربة إعادة فرض شروط الردع في المنطقة، وقطع الطريق على أي ترتيبات أمنية أو سياسية قد تُعيد إيران إلى دائرة التأثير الفاعل.
الرسالة الإسرائيلية كانت مزدوجة؛ طمأنة الداخل الإسرائيلي عبر استعادة زمام المبادرة، وإعادة ضبط الإيقاع الإقليمي عبر تحجيم التهديد الإيراني قبل أن يتحول إلى واقع يصعب احتواؤه.
أبعاد استخباراتية وعسكرية غير مسبوقة
الضربة الإسرائيلية لم تكن فقط عملية عسكرية، بل تجسيد لاختراق استخباراتي عميق لبنية القرار الإيراني، والدليل هو استهداف قادة الصف الأول في الحرس الثوري وهيئة الأركان، وهي سابقة لم تشهدها إيران حتى في أصعب لحظات الصراع.
ووصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير العملية بأنها "حملة تاريخية لا مثيل لها"، مع إقراره بأنها لن تكون بلا كلفة، في إشارة إلى توقعات برد إيراني قد يتجاوز الحدود التقليدية للمواجهة.
رد إيراني.. متى وكيف؟
ورغم الصدمة التي خلفتها الضربة، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي أن "خلفاء الشهداء سيواصلون المسيرة"، بينما أعلنت القوات المسلحة الإيرانية خوض معارك جوية في سماء البلاد سيُكشف عن نتائجها لاحقاً. وتشير التقديرات إلى أن الرد الإيراني قد لا يكون سريعًا أو مباشراً، لكنه سيكون محسوبًا على الأرجح عبر أذرعها المنتشرة في المنطقة، من العراق ولبنان إلى سوريا واليمن، ما يُنذر بموجة تصعيد عابر للحدود.
الولايات المتحدة.. دعم ضمني ونأي معلن
في موازاة الضربة، سارعت واشنطن إلى إعلان موقف حذر، حيث أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن بلاده "لم تشارك في الضربة"، مع تحذير طهران من استهداف المصالح الأميركية. هذا الموقف يعكس رغبة الإدارة الأميركية في تجنّب الانزلاق إلى مواجهة شاملة، مع منح إسرائيل حرية الحركة، وضبط إيقاع التصعيد دون تحمل تبعاته الكاملة، في لحظة سياسية حرجة قبيل الانتخابات الأميركية.
إعادة تعريف المشهد الإقليمي
تفتح الضربة الإسرائيلية مرحلة جديدة في ميزان القوى الإقليمي، وتكسر قواعد الاشتباك المعهودة منذ سنوات. هي ليست فقط تصفية جسدية لقيادات، بل انقلاب في معادلات الردع، وتحول في طبيعة الصراع، من حرب ظلّ وصراع بالوكالة، إلى مواجهة مفتوحة بين دولتين تمتلكان قدرات عسكرية متطورة وشبكات نفوذ متداخلة. ويبقى السؤال المركزي: هل تُشكل "الأسد الصاعد" ضربة رادعة تؤسس لهدنة طويلة، أم تمهيداً لحرب كبرى ستعيد رسم خرائط الشرق الأوسط من جديد؟
خاتمة: شرق أوسط على حافة النار
سواء اختارت طهران الرد المباشر أو عبر الوكلاء، فإن ما بعد هذه الضربة لن يشبه ما قبلها. لقد تم تجاوز خط أحمر إيراني تاريخي، والعين الآن على الخليج وسوريا ولبنان، حيث تتقاطع المصالح والحسابات. ومع استمرار العمليات، تبقى المنطقة مفتوحة على كافة السيناريوهات، من التصعيد إلى الانفجار… في معركة قررت إسرائيل أن تكتب فصولها الأولى، بينما لم تقل طهران بعد كلمتها الأخيرة.