
الأوقاف تفسخ عقود إيجار في جبلة تطال شخصيات من "آل الأسد ومخلوف"
وجّهت وزارة الأوقاف في الحكومة السورية بفسخ عدد من عقود الإيجار في مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية غربي سوريا، وذلك بعد مراجعة قانونية لهذه العقود التي تبيّن أنها استُخدمت لأغراض مخالفة لشروط الإيجار الشرعي والقانوني.
وشمل القرار عقارات تقع على شريط ساحلي بمساحة تقارب 207 دونمات، حيث تبين أن بدلات الإيجار السنوية لا تتناسب مع القيمة الحقيقية للمواقع المؤجرة، إذ بلغت بمجملها نحو 1634 دولاراً فقط، رغم اتساع المساحات وقيمتها الاستثمارية العالية.
وبحسب الوثيقة الرسمية، فإن المستأجرين الذين شملهم قرار الفسخ هم "علي كنج وشركاه، باسل وعلي فاضل، حافظ مخلوف، زهير الأسد وعلي عمار، نجر ميالا إبراهيم، ورثة محمد الأسد، زهير الأسد، وورثة سليم جندلي".
وشددت وزارة الأوقاف على ضرورة اتخاذ الإجراءات الفورية لاسترداد هذه العقارات، وتطبيق القوانين المرعية بما يحفظ الأملاك الوقفية من أي استغلال غير مشروع، مؤكدة أن الخطوة تأتي في إطار حماية الموارد الوقفية وضمان استخدامها بما يحقق المصلحة العامة.
الوثيقة مؤرخة بتاريخ 13 أيلول 2025، وموقعة من المعاون الوزير لشؤون الوقف الدكتور "سامر بيرقدار"، وقد نشرتها محافظة اللاذقية عبر معرفاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أعطاها طابعاً علنياً وأضفى عليها صفة الشفافية في التعاطي مع ملف الأملاك الوقفية.
ويرى محللون أن القرار لا يقتصر على الجانب الإداري فقط، بل يحمل أبعاداً اقتصادية تتعلق بحماية الأملاك الوقفية من الاستغلال بأجور رمزية، ما كان يسبب هدراً في موارد عامة يفترض أن توجه لخدمة المجتمع.
كما أن ورود أسماء بارزة من عائلات الأسد ومخلوف بين المستأجرين يثير تساؤلات حول كيفية منح هذه العقود سابقاً، في عهد نظام الأسد البائد ويشير حاليا إلى وجود توجه رسمي لدى الدولة السورية الجديدة نحو إعادة ضبط ملف الأملاك الوقفية وإخضاعه للقوانين بعيداً عن النفوذ الشخصي.
وخلال السنوات الفائتة، مُنحت شخصيات اقتصادية مقربة من عائلة النظام البائد عقوداً عديدة مكّنتها من السيطرة على تجارة بعض السلع والمواد، فضلاً عن عمليات تهريب مع شركات أجنبية ومستثمرين مرتبطين بالأسد ومخلوف.
ففي حزيران الماضي، أصدرت مديرية أوقاف دمشق قراراً بفسخ عقد إيجار مع أبناء عدنان الأسد، ابن عم رئيس النظام البائد، لعقار تجاري في باب مصلى بمساحة 745 متراً مربعاً كان مؤجراً بمبلغ لا يتجاوز 300 دولار سنوياً، رغم موقعه الحيوي.
وكان كشف معاون وزير الأوقاف لشؤون الوقف "سامر بيرقدار"، في تصريحات سابقة، عن وجود منظومة فساد واسعة كانت تنهب عائدات الوقف عبر شبكة من المقربين من بشار الأسد وزوجته أسماء ورامي مخلوف.
وذكر أن أراضي وقفية في دمشق، بينها قطعة قرب ساحة الأمويين، نُقلت لصالح شركة تابعة لأسماء الأسد بموجب مرسوم رسمي، وأُجرت بعقود زهيدة مقارنة بالقيمة السوقية.
كما أشار إلى مجمع "يلبغا" الذي يُعد مثالاً صارخاً على تقلب العقود بحسب الأسماء النافذة، حيث أُلغي عقد استثماري مع شركة خليجية كانت تدفع 5.5 ملايين دولار سنوياً، ليُعاد لاحقاً لمستثمر مقرب من بشار الأسد بعقد لا يتجاوز 340 ألف دولار سنوياً، بدعم مباشر من وزير الأوقاف السابق محمد عبد الستار السيد.
يأتي قرار فسخ عقود جبلة في سياق أوسع لإعادة ضبط الأملاك الوقفية، وكشف حجم الامتيازات التي حصلت عليها شخصيات نافذة من آل الأسد ومخلوف وهو ما يبرز محاولة الدولة السورية الجديدة لتصحيح الاختلالات التي شهدها ملف الوقف لعقود طويلة، ووضع حد لاستغلاله كإقطاعيات اقتصادية بيد عائلات السلطة السابقة.